800 قاضيا ومحاميا بريطانيا يطالبون بفرض عقوبات على إسرائيل بسبب حرب غزة
في رسالة إلى رئيس الوزراء كير ستارمر، اتهم الموقعون إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مؤكدين أن على بريطانيا واجب التحرك

دعا أكثر من 800 قاضيا ومحاميا وأكاديميا بريطانيا حكومة المملكة المتحدة إلى فرض سلسلة من العقوبات على إسرائيل بسبب النزاع الجاري في غزة، مؤكدين أن “إبادة جماعية تحدث في غزة، أو على الأقل، ثمة خطر جدي من حدوث إبادة جماعية”.
وشملت قائمة الموقعين على الرسالة اثنين من قضاة المحكمة العليا السابقين وثلاثة رؤساء سابقين لمحكمة الاستئناف، وقد استندوا إلى تصريحات لوزراء كبار في الحكومة الإسرائيلية تحدثوا فيها عن تدمير ما تبقى من غزة وتهجير سكانها المدنيين.
ودعا المهنيون القانونيون رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى فرض عقوبات مالية على وزراء في الحكومة الإسرائيلية وعناصر من الجيش “يُشتبه في تورطهم في سلوك غير قانوني”، إضافة إلى فرض عقوبات تجارية على إسرائيل.
في المقابل، صرّحت زعيمة حزب المحافظين المعارض كيمي بادينوك يوم الأحد أن الحرب الإسرائيلية على حماس في غزة هي “حرب بالوكالة نيابة عن المملكة المتحدة”.
وسألت بادينوك خلال مقابلة مع قناة “سكاي نيوز”: “من يمول حماس؟ إيران… عدو لهذا البلد. إسرائيل تخوض حربًا بالوكالة نيابة عن المملكة المتحدة، تمامًا كما تفعل أوكرانيا نيابة عن أوروبا الغربية ضد روسيا. علينا أن نكون جادين”.
وأضافت: “إسرائيل تخوض حربًا. ليس من مسؤوليتي أن أراقب كيف تدير تلك الحرب. ما يجري ليس إبادة جماعية، كما يدّعي البعض”.
وقالت ردا على الادعاء بأنها لا تنتقد أبدا أي تصرف لإسرائيل: “هذا غير صحيح. سبق أن وجهت انتقادات، لكن الآن هناك 58 رهينة لم يعودوا إلى ديارهم بعد”.

اندلع الصراع في أعقاب هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي وخطف 251 رهينة.
وقد تجاوز عدد القتلى في غزة 53 ألف فلسطيني، وفقا لحصيلة وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة، وهو عدد لا يمكن التحقق منه ولا يميز بين المدنيين والمقاتلين. وتقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 20 ألف مقاتل حتى يناير، و1600 مسلح آخر داخل إسرائيل في 7 أكتوبر.
في 2 مارس، أوقفت إسرائيل وصول جميع الإمدادات الإنسانية إلى غزة، ما أثار موجة انتقادات دولية وتقارير عن انتشار علامات سوء التغذية والجوع على نطاق واسع. وأعادت إسرائيل السماح بدخول المساعدات الأسبوع الماضي.
وفي الأسبوع ذاته، أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي تعليق مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل، وقال إن المملكة المتحدة ستراجع اتفاق “خارطة الطريق 2030 للعلاقات البريطانية-الإسرائيلية”، وأعلن فرض عقوبات على عدد من المستوطنين المتطرفين ومنظماتهم.

تنفي إسرائيل بشكل قاطع اتهامات الإبادة الجماعية، وتقول إن عددًا كبيرًا من الضحايا المدنيين ناتج عن استخدام حماس للمدنيين كدروع بشرية من خلال نشر بنيتها التحتية ومقاتليها في المناطق السكنية، وأنها تتابع الوضع الإنساني في غزة لمنع المجاعة والكارثة الإنسانية.
لكن القضاة والحقوقيين، في رسالتهم إلى ستارمر، أكدوا أن “إبادة جماعية تحدث في غزة، أو على الأقل، ثمة خطر جدي من حدوث إبادة جماعية”. وأضافوا أن “المساعدات المحدودة” التي بدأت تدخل القطاع “لا تزال غير كافية بشكل خطير لمواجهة الكارثة الإنسانية المتفاقمة”.
واستشهد الموقعون بإحصاءات صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) تفيد بأن 70% من القتلى هم من النساء والأطفال، رغم أن هذه الأرقام تعرضت لانتقادات باعتبارها لا تعكس بدقة نسبة المدنيين إلى المقاتلين في العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي.
كما أشاروا إلى تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي قال إن غزة “ستُدمّر بالكامل” خلال العملية الجارية، وإنه سيتم تهجير السكان بالكامل.
وأكدت الرسالة أن خطة العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية تهدف إلى “تهجير سكان غزة قسرا وبشكل دائم إلى مناطق صغيرة داخل قطاع غزة، وإجبارهم على الهجرة إلى دول أخرى”، معتبرين أن ذلك يمثل “انتهاكا جسيما للقانون الإنساني الدولي”.

واتهم القضاة والمحامون والأكاديميون إسرائيل بارتكاب “جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي”، في كل من غزة والضفة الغربية، وأشاروا إلى رأي استشاري صادر عن محكمة العدل الدولية العام الماضي خلُص إلى أن سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية غير قانونية.
وفي ظل هذه الادعاءات، دعوا ستارمر إلى فعل كل ما في وسعه “لتأمين وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة”، وضمان إيصال كميات كبيرة من المساعدات إلى القطاع.
وطالبوا أيضا رئيس الوزراء “بفرض عقوبات مالية وقيود على الهجرة” بحق وزراء في الحكومة الإسرائيلية و”موظفين مدنيين وعسكريين آخرين يُشتبه بشكل معقول في تورطهم في سلوك غير قانوني”، كما دعوا إلى مراجعة العلاقات التجارية وفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل.