إسرائيل في حالة حرب - اليوم 646

بحث

44 فلسطينيا قُتلوا قرب مواقع إغاثة في غزة؛ الأمم المتحدة تدين ”تسليح“ توزيع المواد الغذائية

الجيش الإسرائيلي يقول إنه أطلق النار على تجمع ”مجاور“ لقواته في وسط القطاع، وأن الإصابات ”قيد التحقيق“، في حادث هو الأحدث ضمن سلسلة الحوادث التي أسفرت عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى

فلسطينيون يقفون في طابور أمام مركز لتوزيع المواد الغذائية في النصيرات، وسط قطاع غزة، في 23 يونيو 2025.  (Eyad BABA / AFP)
فلسطينيون يقفون في طابور أمام مركز لتوزيع المواد الغذائية في النصيرات، وسط قطاع غزة، في 23 يونيو 2025. (Eyad BABA / AFP)

أفادت وكالة الدفاع المدني التابعة لحركة حماس أن 44 فلسطينيا قُتلوا على يد الجيش الإسرائيلي أثناء انتظارهم المساعدات في حوادث منفصلة في جنوب ووسط غزة في وقت مبكر من يوم الثلاثاء.

وردا على التقارير بشأن القتلى، قال الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق إن تجمعا ليليا تم تحديده في منطقة ”مجاورة“ لقواته في محور نتساريم في وسط غزة، حيث يُعرف أن مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل توزع المواد الغذائية. وأضاف الجيش الإسرائيلي أن التقارير عن إصابة أشخاص بجروح جراء إطلاق النار من قبل الجيش في المنطقة ”قيد التحقيق“.

ولم يتضح بعد متى وقع إطلاق النار بالقرب من مواقع توزيع المساعدات. في وقت سابق من هذا الشهر، حذر الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين من الاقتراب من الطرق المؤدية إلى مواقع مؤسسة غزة الإنسانية بين الساعة السادسة مساء والسادسة صباحا بالتوقيت المحلي، ووصف تلك الطرق بأنها مناطق عسكرية مغلقة. غير أن مؤسسة غزة الإنسانية أشارت إلى أن المواقع قد تكون مفتوحة خلال تلك الساعات.

في وسط غزة، قال ثلاثة شهود لوكالة “أسوشيتد برس” إن الجيش أطلق النار على الناس أثناء تقدمهم شرقا نحو شاحنات المساعدات جنوب وادي غزة.

وقال أحمد حلاوة: ”كانت مذبحة“. وأضاف أن الدبابات والمسيّرات أطلقت النار على الناس ”حتى أثناء فرارنا. سقط العديد من القتلى والجرحى“.

وقال حسام أبو شحادة إن المسيّرات كانت تحلق فوق المنطقة وتراقب الحشود، ثم أطلقت الدبابات والمسيّرات النار على الناس أثناء تحركهم شرقا. ووصف المشهد بـ”الفوضوي والدموي“ بينما كان الناس يحاولون الفرار.

وأضاف أنه شاهد ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص ممددين بلا حراك والعديد من الجرحى.

فلسطينيون يعودون حاملين طروداً جمعوها من نقطة توزيع مساعدات غذائية أقامتها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) في مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة في 24 يونيو 2025. (Eyad BABA / AFP)

وأكد مستشفى العودة في مخيم النصيرات، الذي استقبل الضحايا، مقتل 25 شخصا وإصابة 146 آخرين. وقال إن 62 شخصا في حالة حرجة ونقلوا إلى مستشفيات أخرى.

في بلدة دير البلح الواقعة في وسط القطاع، قال مستشفى شهداء الأقصى إنه استقبل جثث ستة أشخاص من الحادث نفسه.

وفي مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع، قال شهود عيان إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على حشود كانت تحاول الوصول إلى موقع آخر لتوزيع المواد الغذائية تديره مؤسسة غزة الإنسانية.

وقُتل ما لا يقل عن 19 شخصا وأصيب 50 آخرون، وفقا لمستشفى ناصر ووزارة الصحة في غزة.

وقال شاهدان إن القوات الإسرائيلية بدأت بإطلاق النار عندما تجمع آلاف الفلسطينيين في منطقة شاكوش، على بعد عدة مئات من الأمتار من موقع التوزيع.

وأظهرت لقطات مصورة التقطها صحفي من وكالة “فرانس برس” من مكان إطلاق النار في وسط غزة، جرحى يتم نقلهم إلى مستشفى قريب، وبعضهم يبدو فاقدا للوعي وشاحبا.

وقال ربيع القصاص، أحد شهود العيان، لوكالة فرانس برس: ”إلى متى ستستمر هذه الحالة؟ إلى متى سيضطر الناس إلى تحمل هذا؟ نريد حلا لهؤلاء الضحايا الذين يموتون“.

وفقا للأرقام الصادرة يوم السبت عن وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، قُتل ما لا يقل عن 450 شخصا وأصيب ما يقرب من 3500 آخرين بجروح جراء إطلاق النار الإسرائيلي أثناء سعيهم للحصول على المساعدة منذ أواخر مايو. ووفقا لرجال الإنقاذ، وقعت العديد من الحوادث بالقرب من المواقع التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية.

وقدمت المنظمة المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي أنشئت لتجاوز حماس في توزيع المساعدات، شكوى يوم الثلاثاء إلى الجيش الإسرائيلي بشأن ”مضايقات محتملة من قبل الجنود الإسرائيليين موجهة إلى قوافلنا“ المتجهة إلى موقع وادي غزة.

فلسطينيون يتجمعون عند عودتهم من نقطة توزيع المساعدات الغذائية التي أقامتها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) الخاصة على طريق صلاح الدين، في مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة، 24 يونيو 2025. (Eyad BABA / AFP)

وافتتحت مؤسسة غزة الإنسانية ثلاثة مواقع يوم الثلاثاء – اثنان في جنوب غزة وموقع وادي غزة في وسط القطاع – ووزعت 34,500 صندوق من المواد الغذائية، والتي تحتوي على ما يكفي من الطعام لـ 5.5 شخص لمدة 3.5 أيام وفقا لأرقام المنظمة.

وقالت المؤسسة إن المحتويات – التي تتكون من منتجات غذائية جافة – تحتاج إلى تحضير في أماكن أخرى في غزة التي دمرتها الحرب، حيث المطابخ المجتمعية ومستلزمات الطهي محدودة.

وأقرت إسرائيل، التي قالت إن 79 شاحنة مساعدات إنسانية دخلت قطاع غزة يوم الاثنين عبر معبري كيريم شالوم وزيكيم، بإطلاق طلقات تحذيرية على أشخاص مشبوهين بالقرب من مواقع التوزيع، لكنها نفت استهداف المدنيين أو استخدام الجوع كسلاح حرب، واتهمت حماس بالاستيلاء على شحنات المساعدات والتسلل بين المدنيين.

إدانة دولية

في مؤتمر صحفي عُقد في جنيف، انتقد المتحدث باسم مكتب حقوق الانسان في الأمم المتحدة، ثمين الخيطان، ”آلية المساعدة الإنسانية العسكرية الإسرائيلية“، رغم إقراره بأن مكتبه لم يتحقق بعد من الأرقام التي أوردتها حماس والمنظمات غير الحكومية.

وردا على سؤال عما إذا كانت إسرائيل مذنبة بتسليح توزيع المواد الغذائية، قال: ”التصنيف القانوني يجب أن يتم من قبل محكمة قانونية“.

وفي أقوى تصريحات لمكتبه حتى الآن بشأن مؤسسة غزة الإنسانية، قال الخيطان: ”لا يزال الناس اليائسون والجياع في غزة يواجهون خيارا غير إنساني بين الموت جوعا أو المخاطرة بالقتل أثناء محاولتهم الحصول على الطعام“.

وقال ”إن استخدام الأغذية كسلاح ضد المدنيين، بالإضافة إلى تقييد أو منع حصولهم على الخدمات الضرورية للحياة، يشكل جريمة حرب، وقد يشكل في ظروف معينة عناصر لجرائم أخرى بموجب القانون الدولي“.

فلسطينيون يحملون حقائب تحتوي على مواد غذائية ومساعدات إنسانية قدمتها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) في رفح، جنوب قطاع غزة، 15 يونيو 2025. (Abdel Kareem Hana/AP)

وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني في مؤتمر صحفي في برلين: ”إن آلية المساعدة الجديدة المزعومة هي أمر بغيض يهين ويحط من كرامة الناس اليائسين“، مضيفا ”إنها فخ مميت يكلف أرواحا أكثر مما ينقذ“.

وأضاف لازاريني: ”المجتمع الإنساني، بما في ذلك الأونروا، لديه الخبرة ويجب السماح له بالقيام بعمله وتقديم المساعدة باحترام وكرامة. لا يوجد بديل آخر لمواجهة تحديات انتشار الجوع في قطاع غزة“.

واتهمت إسرائيل الأونروا بتوفير غطاء لعناصر حماس، وحظرت في وقت سابق من هذا العام على الوكالة العمل على الأراضي الإسرائيلية أو الاتصال بالمسؤولين.

ورفضت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة كبرى التعاون مع مؤسسة غزة الإنسانية بسبب مخاوف من أنها تهدف إلى خدمة الأهداف العسكرية الإسرائيلية.

بدأت مؤسسة غزة الإنسانية في غزة عملها بعد حصار دام قرابة ثلاثة أشهر فرضته إسرائيل على القطاع عقب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الأخير مع حماس في أوائل مارس.

استأنفت إسرائيل إيصال المساعدات إلى غزة في 19 مايو، بعد توقفه منذ 2 مارس. ومنذ ذلك الحين، دخلت 2033 شاحنة إلى القطاع.

واتهمت إسرائيل حماس بتخزين المساعدات وبيعها بأسعار باهظة وسط الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023، عندما اقتحمت الحركة جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واختطاف 251 آخرين.

ساهم لازار بيرمان وإيمانويل فابيان في هذا التقرير.

اقرأ المزيد عن