إسرائيل في حالة حرب - اليوم 564

بحث

ويتكوف: حماس ليست مستعصية أيديولوجيًا، والصراع في غزة يمكن أن ينتهي من خلال الحوار

في مقابلة بودكاست صريحة، يشير أحد كبار مساعدي ترامب إلى أن تجدد ضربات الجيش الإسرائيلي قد تكون ضرورية بعد تعنت حماس، ويقول إن رئيس الوزراء ”يواجه الرأي العام الإسرائيلي الذي يريد استعادة الرهائن"

مقابلة مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف في بودكاست تاكر كارلسون في 21 مارس،  2025. (Screen capture/X)
مقابلة مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف في بودكاست تاكر كارلسون في 21 مارس، 2025. (Screen capture/X)

قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف يوم الجمعة إنه لا يعتقد أن حماس ”مستعصية أيديولوجيا“، بينما قال إن لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ”دوافع جيدة“، لكنه يعمل في مواجهة الرأي العام الإسرائيلي الذي يعطي الأولوية لتحرير الرهائن المتبقين من غزة على تدمير حماس.

وفي مقابلة استغرقت 90 دقيقة وكانت مليئة بالعناوين الرئيسية، ناقش ويتكوف دوافع إسرائيل وحماس وقطر في حرب غزة الجارية، وقدم دفاعًا حازمًا عن الدوحة ضد المنتقدين الذين يشككون في دوافع الدوحة، وأقر بقلقه من احتمال أن تؤدي حرب غزة إلى زعزعة استقرار دول مثل مصر والسعودية. كما أشار أيضا إلى أن الزعيم السوري الجديد أحمد الشرع قد يكون رجلا مختلفا منذ أيامه في تنظيم ”القاعدة“، وكشف عن تفاصيل جديدة حول وساطته الناجحة في شهر يناير في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة الذي توقف الآن، وأكد على أن التهديد النووي الإيراني يمكن حله دبلوماسيًا.

أجرى ويتكوف المحادثة مع تاكر كارلسون، وهو مقدم برنامج حواري يميني تعرض لانتقادات في الأوساط اليهودية الأمريكية لاستضافته ضيوفا روجوا لمزاعم معادية للسامية وتحريف الهولوكوست. ومن المعروف أيضا أنه يتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة جدا، لا سيما بين مؤيدي ترامب.

بدأت مقابلة البودكاست المصورة مع قيام مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط بتوضيح أن وظيفته تتطلب منه فهم دوافع مختلف اللاعبين الذين يتعامل معهم.

وقال ويتكوف: ”ماذا تريد حماس؟ أعتقد أنهم يريدون البقاء هناك حتى نهاية العالم. إنهم يريدون أن يحكموا غزة، وهذا أمر غير مقبول. كان علينا أن نعرف ذلك… ما يريدونه غير مقبول“.

”ما هو مقبول بالنسبة لنا هو [أنهم] بحاجة إلى نزع السلاح. ثم ربما يمكنهم أن يبقوا هناك قليلاً … وأن يشاركوا سياسيًا“.

وأضاف: ”ولكن… لا يمكن أن يكون لدينا منظمة إرهابية تدير غزة لأن ذلك لن يكون مقبولاً لإسرائيل. عندها سنعيش نفس التجربة بالضبط، أي أننا كل خمس أو 10 أو 15 سنة سنشهد هجوما آخرا مشابه لـ 7 أكتوبر“.

ردا على سؤال حول ماهية التفاوض مع حماس، أقرّ ويتكوف بأنه لا يتحدث مع الحركة الفلسطينية بشكل مباشر وأنه يستخدم قطر كوسيط.

وكان المبعوث الأمريكي قد وافق بالفعل على إجراء مبعوث ترامب لشؤون الرهائن آدم بوهلر محادثات سرية مباشرة مع مسؤولي حماس في وقت سابق من هذا العام. ومع ذلك، تخلت واشنطن عن تلك المحادثات بعد أن سربتها إسرائيل التي علمت بها بعد حدوثها وغضبت من تفاوض بوهلر نيابة عنها، حسبما قال دبلوماسي عربي رفيع المستوى ل”تايمز أوف إسرائيل” في وقت سابق من هذا الشهر.

دوافع حماس

في الوقت الذي عمل فيه على فهم حماس من خلال المفاوضات، قال ويتكوف إنه اطلع أيضًا على مجموعة من اللقطات المصورة لهجوم الحركة في 7 أكتوبر التي عرضتها عليه السلطات الإسرائيلية خلال زيارته الأولى لإسرائيل عند توليه المنصب.

واستذكر قائلا: “كان الأمر مروعا. كان عن عمليات اغتصاب جماعي. كانت هناك صور لأشخاص من حماس يقطعون رأس جندي إسرائيلي… إنه أمر يفوق ما رأيته في حياتي“.

وقال: ”يمكن أن يؤثر ذلك على الطريقة التي ستشعر بها تجاه [حماس]. في بعض الأحيان كمفاوض، عليك أن تكون غير متحيز“، مضيفا: ”ليس من السهل اتخاذ القرارات إذا كنت ستشاهد [الفيلم]، ولكن كان عليّ أن أشاهده [الفيلم]… لا يمكننا تجاهل حقيقة ما حدث في 7 أكتوبر. قد يقولون لك أن لديهم مبررات، ولكن لا يوجد مبرر… لما حدث في ذلك اليوم“.

عناصر الجهاد الإسلامي الفلسطيني في طريقهم لعبور السياج الحدودي بين إسرائيل وغزة من خان يونس خلال الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر، 2023. (Said Khatib/ AFP/ File)

ومع ذلك، عاد ويتكوف إلى أهمية فهم دوافع حماس.

وقال: ”يجب معرفة ما الذي تريده حماس… ومن ثم عليك أن تعرف ما الذي يمكنك أن تقدمه لهم بما يسمح لهم بالخروج لأن هذا هو المطلوب هنا“.

“ما سمعناه في بداية هذا الصراع هو أن حماس أيديولوجية، وأنهم مستعدون للموت لأسباب متنوعة. أنا شخصيا – وقد تحدثت مع الرئيس حول هذا الأمر… قلت له: ’لا أعتقد أنهم منغلقون أيديولوجيا. إنهم ليسوا مستعصيين أيديولوجيًا. لم أصدق ذلك أبدًا”، كما أكد ويتكوف. ”إنهم يقومون بربط الحزام الناسف بأطفال صغار لا يعرفون ماذا يفعلون… يروون لهم قصة”.

وتابع: ”وبمجرد أن تفهم أن [حماس] أرادت أن تعيش، عندها يمكنك التحدث معهم بطريقة أكثر فعالية“.

وردا على سؤال حول كيفية توصله إلى هذا الاستنتاج بشأن حماس، قال ويتكوف إنه قرأ الكثير من المعلومات الاستخباراتية الأمريكية وشعر أيضًا ”بإيقاع ووتيرة المفاوضات“.

التصريحات التي حاولت عقلنة حماس مشابهة إلى حد ما لتلك التي أدلى بها بوهلر في سلسلة من المقابلات مع الصحافة الأمريكية والإسرائيلية في 9 آذار والتي أثارت غضب نتنياهو ودائرته المقربة. وقال مسؤول أمريكي لـ”تايمز أوف إسرائيل“ في وقت سابق من هذا الشهر إن كبير مساعدي رئيس الوزراء، وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ضغط على مسؤولي ترامب لتهميش بوهلر بعد تلك المقابلات.

المبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن آدم بوهلر في مقابلة مع CNN في 9 مارس 2025. (CNN screenshot)

بغض النظر عن ذلك، لم تتزحزح حماس بعد عن موقفها في المفاوضات كما كان يأمل ويتكوف.

فقد رفضت الحركة اقتراح تجسير قدمه الأسبوع الماضي كان من شأنه أن يشهد تمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار حتى عيد الفصح اليهودي الشهر المقبل، إلى جانب إطلاق سراح خمسة رهائن أحياء وعدد كبير من الأسرى الأمنيين الفلسطينيين.

وقد أصرت حماس على التمسك بالشروط الأصلية للاتفاق الذي ساعد ويتكوف في إبرامه في يناير، والذي كان من المفترض أن يشهد بدء المفاوضات حول المرحلة الثانية بعد نحو أسبوعين من وقف إطلاق النار. لكن إسرائيل رفضت المضي قدما في مثل هذه المحادثات، لأن المرحلة الثانية ستلزم الجيش الإسرائيلي بسحب قواته بالكامل من غزة والموافقة على إنهاء الحرب بشكل دائم.

ومع أن نتنياهو وافق على هذه الشروط، إلا أنه أصر أيضا على أنه لن يوافق على إنهاء الحرب قبل تفكيك قدرات حماس العسكرية والحكمية. قبلت الولايات المتحدة بالموقف الإسرائيلي وعملت على تمديد المرحلة الأولى، بدلا من المضي قدما في المرحلة الثانية.

وقال الدبلوماسي العربي الرفيع إن حماس لم تقبل هذا النهج، وعرضت بدلا من ذلك إطلاق سراح الرهينة الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر مع جثث أربعة رهائن آخرين يحملون الجنسية الأمريكية، وهو عرض يستند إلى المناقشات التي أجرتها الحركة مع بوهلر في وقت سابق من هذا الشهر. لكن إدارة ترامب كانت قد انسحبت بالفعل من تلك المحادثات المباشرة، ووصف ويتكوف في 16 مارس اقتراح حماس بأنه ”غير مجد“.

وبعد ذلك بيومين، استأنفت إسرائيل غاراتها الجوية على غزة للمرة الأولى منذ شهرين بأوامر من نتنياهو، الذي أشار إلى ”رفض [حماس] المتكرر“ إطلاق سراح الرهائن.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشير إلى المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف (إلى اليسار) في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض في 3 فبراير، 2025 في واشنطن العاصمة. (Jim WATSON / AFP)

لا يزال من الممكن استعادة وقف إطلاق النار

مع ذلك، أكد ويتكوف يوم الجمعة أنه يأمل في إمكانية استعادة وقف إطلاق النار وقال: ”كانت هناك بوادر”.

”إن دخول الإسرائيليين [إلى غزة] هو أمر مؤسف في بعض النواحي، ويقع في بعض النواحي في سلة ’كان يجب أن يكون’“، على حد قوله.

وأشار ويتكوف إلى قيامه بتحذير القادة العرب خلال اجتماع في الدوحة الأسبوع الماضي من أن رد حماس ”غير المناسب تمامًا“ على اقتراح التجسير ”سيؤدي إلى نوع من العمل العسكري“.

وأوضح قائلا: ”لم أكن أعرف قبل أن يدخل الإسرائيليون“، في ما يبدو أنه يتناقض مع ادعاءات السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت في وقت سابق من هذا الأسبوع بأن إسرائيل استشارت الولايات المتحدة قبل إنهاء وقف إطلاق النار في غزة.

ومع ذلك، أصر ويتكوف على أنه ”قد نكون قادرين على استخدام هذا الأمر لحمل حماس على أن تكون أكثر عقلانية“.

وكشف مبعوث ترامب في وقت لاحق أن الطرفين ”يتحدثان مرة أخرى“ منذ الضربات الإسرائيلية.

وقال: ”نحن في مفاوضات الآن ربما لوقف بعض هذه الضربات الإسرائيلية وربما إنهاء هذا الصراع بالحوار. إذا لم يكن لدي شعور بأننا قادرون على تحقيق ذلك، فلماذا أضيع وقتي؟“.

من جانبه، قال الدبلوماسي العربي الرفيع لـ ”تايمز أوف إسرائيل“ إن المحادثات عالقة منذ أن جدد الجيش الإسرائيلي الغارات الجوية.

فلسطينيون يستخدمون عربة يجرها حمار لنقل أمتعتهم أثناء فرارهم من بيت لاهيا في شمال قطاع غزة في 21 مارس، 2025. (Bashar Taleb/AFP)

نتنياهو في مواجهة الرأي العام بشأن الرهائن

أما السؤال الذي بدا أن ويتكوف واجه صعوبة في الإجابة عليه فقد ركز على خطة الحكومة الإسرائيلية بشأن غزة بعد الحرب.

تحدث كارلسون عن محادثاته مع المسؤولين في جميع أنحاء المنطقة الذين كانوا جميعًا في حيرة من أمرهم حول ما تريده إسرائيل في النهاية، وسأل ويتكوف عما إذا كان هو يفهم ذلك.

وقال المبعوث الأمريكي ”حسنًا، أعتقد أن الأمر معقد“، قبل أن يحول إجابته ليثني على نتنياهو لإنجازات إسرائيل العسكرية ضد حزب الله وحماس وإيران.

”لقد تم القضاء على الهلال الإيراني… الذي اعتقد الجميع أنه سيكون فعالا، تم القضاء عليه إلى حد كبير“، كما قال.

وقد قام نتنياهو ”بعمل استثنائي في ذلك. ولكن التقييم الذي يتلقاه هو أنه مهتم بالقتال أكثر من اهتمامه بالرهائن“، كما يرى ويتكوف.

وقال: ”أتفهم كيف يقوم الناس بهذا التقييم، لكنني لا أتفق معه بالضرورة. إنه يريد بالفعل إعادة الرهائن إلى ديارهم – إذا استطاع – لكنه يعتقد أن الضغط على حماس هو السبيل الوحيد للقيام بذلك“.

المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف (الثاني من اليمين) يلتقي بأربع مجندات إسرائيليات تم تحريرهن من أسر غزة، في مركز رابين الطبي في بيتاح تيكفا، 30 يناير، 2025. (Screenshot/ US Embassy)

وتابع ”أعتقد أن بيبي يشعر أنه يفعل الشيء الصحيح. ولكنني أعتقد أنه يصطدم بالرأي العام… لأن الرأي العام هناك يريد عودة هؤلاء الرهائن إلى ديارهم“.

بالفعل، تشير استطلاعات الرأي المتكررة على مدى الأسابيع الأخيرة إلى أن أغلبية كبيرة من الرأي العام تؤيد إنهاء الحرب مقابل تأمين إطلاق سراح الرهائن الـ59 المتبقين.

واستذكر ويتكوف زيارته لساحة المختطفين في تل أبيب خلال زيارة إلى إسرائيل. ”كان الأمر روحانيا“، على حد تعبيره.

قال ويتكوف إن فقدان ابنه بسبب جرعة زائدة من المخدرات قد منحه ”حساسية أو تعاطفًا“ سمح له بالتواصل مع عائلات الرهائن الذين يتواصل معهم يومياً. ”لقد ساعدهم ذلك كثيرا، ولكن المثير للاهتمام أنه ساعدني أنا أيضا كثيرا”.

وأكد ويتكوف أن أزمة الرهائن قد ”مزقت إسرائيل“، وقال ”إنها مثل شق يشق روح البلاد“.

وقال: ”علينا أن نستعيد هؤلاء الناس. لقد تحدثت مع بيبي بهذا الشأن، وتحدثت مع [وزير الشؤون الاستراتيجية رون] ديرمر حول هذا الموضوع، ولكن لديهما أيضًا وجهة نظر استراتيجية حول حماس“.

وأوضح ويتكوف قائلا: ”هناك أوقات نتفق فيها مع بعضنا البعض، وهناك أوقات نختلف فيها قليلا، لكنني أعتقد أن لديهم دوافع جيدة”.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (وسط الصورة) يلتقي بالمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف (الثالث من اليمين) ومستشار الأمن القومي مايكل والتز (الثالث من اليسار)، برفقة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر (الثاني من اليمين)، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي (الثاني من اليسار)، والسفير لدى الولايات المتحدة يحيئيل ليتر (يمين)، وكبير الموظفين تساحي برافيرمان (يسار) والسكرتير العسكري رومان غوفمان (أسفل الصورة في الوسط) في واشنطن في 4 فبراير، 2025. (Avi Ohayon/GPO)

هل لدى إسرائيل خطة؟

عند الضغط عليه مرة أخرى حول خطة إسرائيل بشأن غزة، بدا أن ويتكوف تجنب الرد مباشرة.

وقال: ”أفهم أن علينا أن نكون موجهين نحو تحقيق النتائج“، قبل أن ينتقل إلى كيف يمكن أن يؤدي حل أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار الإقليمي إلى تعاون إقليمي غير مسبوق.

يحاول كارلسون بعد ذلك تأطير السؤال من حيث الخريطة، متسائلاً عن مساحة الأراضي التي تتطلع إسرائيل إلى احتلالها بعد أن وصلت إلى عمق لبنان وسوريا. ”ويتساءل: ”ما هو الهدف؟”

وأجاب ويتكوف: ”الهدف يبدأ بكيفية التعامل مع إيران. هذه هي المشكلة الكبرى”، مضيفا ”لا يمكننا أبدًا أن نسمح لأحد بامتلاك سلاح نووي وأن يكون له نفوذ كبير”.

حاول كارلسون توجيه الحديث مرة أخرى إلى غزة، متسائلا عما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة أن توضح نهج إسرائيل.

وقال ويتكوف ”أعتقد ذلك“.

عائلات الإسرائيليين المحتجزين كرهائن في غزة يدلون ببيانا صحفيا خارج الكنيست في القدس، 18 مارس، 2025. (Yonatan Sindel/Flash90)

وقال: ”أولا، أثار نهج الرئيس ترامب تجاه غزة الكثير من النقاش الحيوي حول طرق مختلفة للتعامل مع غزة“، في إشارة إلى اقتراح ترامب في فبراير بأن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على القطاع ونقل الفلسطينيين إلى مكان آخر.

وقال ويتكوف: ”نحن نرى الآن خطة مصرية، ونرى السعوديين يضعون وثيقة بيضاء“، فيما بدا أنه أول ذكر رسمي لخطة سعودية منفصلة لغزة قيد الإعداد.

كان الاقتراح المصري مضادًا لدعوة ترامب لنقل سكان غزة، وبدلا من ذلك يتصور أن يتمكن الفلسطينيون من البقاء في القطاع بينما يتم إعادة إعماره وإدارته من قبل لجنة مؤقتة من التكنوقراط الفلسطينيين الذين سيسلمون السيطرة على القطاع إلى السلطة الفلسطينية بعد ستة أشهر.

وفي حين أنها ألمحت إلى ذلك، إلا أن الخطة لم تتطرق صراحةً إلى نزع سلاح حماس، وبناءً على ذلك كان رد واشنطن فاترًا في أحسن الأحوال.

ولم يأتِ ويتكوف على ذكر الخطة الإسرائيلية بشأن غزة، لكنه أصر على أن ”ما سنفعله مع غزة سيصبح أكثر وضوحًا خلال الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة“.

لطالما عرّض عدم وجود خطة إسرائيلية لإدارة غزة بعد الحرب نتنياهو للانتقاد. فمنذ الأسابيع الأولى للحرب، ناشدت الإدارة الأمريكية السابقة رئيس الوزراء أن يضع خطة لإدارة غزة بعد الحرب، بدعوى أن الفشل في تقديم بديل قابل للتطبيق لحماس سيؤدي إلى تعثر الجيش الإسرائيلي في القطاع إلى أجل غير مسمى.

الدخان يتصاعد خلف مقبرة خلال الغارات الإسرائيلية بالقرب من مدينة غزة في 18 مارس، 2025. (Omar AL-QATTAA / AFP)

وقد رد نتنياهو على تلك الدعوات بالقول إن مثل هذا التخطيط غير مجدٍ طالما بقيت حماس في الصورة. وبعد شهور، قال إن حكومته تعمل على وضع خطط لانتزاع السيطرة على المساعدات الإنسانية من حماس، ولكنها لم تنفذها بعد.

وأخيرا، وبعد أن أعلن ترامب عن اقتراحه للسيطرة على غزة، سارع نتنياهو إلى تبنيها كخطة إسرائيل الجديدة لـ”اليوم التالي“ في غزة. ولكن في الوقت الذي انخرطت اسرائيل في محادثات مع إدارة ترامب بهدف تحديد الدول التي ستسقبل سكان غزة، لم يظهر أي متطوعين من هذا القبيل.

وأشار كارلسون يوم الجمعة إلى أنه على الرغم من الانتصارات العسكرية المتزايدة التي حققتها اسرائيل خلال العام الماضي، لا يزال الإسرائيليون الذين يتعامل معهم يعطون الانطباع بأنهم تحت تهديد.

وأجاب ويتكوف: ”هناك شعور لدى البعض: متى سيتوقف العنف؟ في أي مرحلة سنكتفي منه؟ هذه هي المشكلة”.

وقال: ”لا أعتقد أن أي شخص لديه شعور بأنه يمكنك القضاء على حماس. إنها فكرة… [لكن] لا يمكن أن يكون لدينا 7 أكتوبر مرة أخرى أبدًا. كان 7 أكتوبر مثل أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة”.

إسرائيليون يشاركون في مظاهرة ضد خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، والدعوة إلى إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس في قطاع غزة، خارج الكنيست، البرلمان الإسرائيلي في القدس يوم الخميس، 20 مارس، 2025. (AP Photo/Ohad Zwigenberg)

معنى “الدولتين”

قال ويتكوف إن مفتاح إعادة اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وجيرانها العرب إلى مسارها الصحيح هو ”الاستقرار بشأن غزة“.

وقال عن الفلسطينيين: ”الاستقرار بشأن غزة قد يعني عودة بعض الأشخاص، وقد يعني عدم عودة البعض“.

وفي حين قال ترامب في البداية إنه سيتم نقل جميع سكان غزة بشكل دائم، إلا أنه أوضح في وقت سابق من هذا الشهر أنه لن يتم إجلاء أي فلسطيني بالقوة.

وكشف ويتكوف ”سنحاول التأكد من خطط التنمية المختلفة لغزة. يمكن أن تتضمن كلمة (حل الدولتين). وقد لا تتضمنها”.

وقال: ”أنا أستخدم الكلمة، [و] يمكن أن أتعرض للهجوم بسببها. بالنسبة لي، إنها مجرد كلمة. ما يعنيه حل الدولتين بالنسبة لي هو كيف نحصل على وصفة معيشية أفضل للفلسطينيين الذين يعيشون في غزة؟”

”لكن الأمر لا يتعلق فقط بالسكن. ربما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي القادم إلى هناك. ربما يتعلق الأمر بوضع مراكز البيانات ضخمة التي في تلك المنطقة… ربما يتعلق الأمر بوضع مراكز سلسلة الكتل (Blockchain) والروبوتات هناك. ربما يتعلق الأمر بتصنيع الأدوية هناك”، وقال “لا يمكننا إعادة بناء غزة [لتصبح مرة أخرى] نظامًا للرعاية الاجتماعية”.

وأضاف: ”نحن بحاجة إلى انتخابات حقيقية في غزة… نحن بحاجة إلى قوة أمنية حقيقية هناك… إذا كانت إسرائيل تعتقد أنها ستواجه مشكلة في غزة لأن حماس ستكون هناك على المدى الطويل، فإن هذا لن ينتهي أبدًا“.

فلسطينيون يحملون أمتعتهم أثناء نزوحهم من بيت حانون إلى جباليا، بعد يوم من تجدد الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، 19 مارس، 2025. (AP Photo/Jehad Alshrafi)

احتمالية انتشار الحرب على المستوى الإقليمي

إلى جانب تطلعاته لغزة هناك أيضا مخاوف من زعزعة الاستقرار الإقليمي إذا استمرت الحرب هناك.

قال ويتكوف: ”لقد قام الملك عبد الله في الأردن بعمل مذهل في اكتشاف كيفية التعامل مع عدم الاستقرار هذا، ولكن في بعض النواحي، كان محظوظًا“.

وحذر من أن التراجع الأخير لوكلاء إيران في سوريا ولبنان ”يمكن أن ينعكس تماما إذا خسرنا مصر“.

وفي إشارة إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في مصر، قال ويتكوف: ”لا يمكن لبلد أن يعيش هكذا. إنهم مفلسون إلى حد كبير، وهم بحاجة إلى الكثير من المساعدة“.

والجدير بالذكر أن مساعد ترامب لم يأتِ على ذكر دور مصر في الوساطة بين إسرائيل وحماس – كما فعل في الماضي – مركزًا فقط على قطر.

بل إن القلق يمتد حتى إلى المملكة العربية السعودية، حيث ”يشعر الناس بالقلق بشأن السكان الشباب وكيف ينظرون إلى [حرب غزة]، ولهذا السبب علينا حل مشكلة غزة“، كما قال مبعوث ترامب.

وقال ويكتوف: ”إذا قمنا بحل مشكلة غزة… عندها يمكن للسعودية أن تقوم بالتطبيع”.

رجل يرفع لافتة كتب عليها “لا للتهجير” في مظاهرة ضد خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيطرة على غزة، على الجانب المصري من معبر رفح الحدودي، 31 يناير، 2025. (Kerolos Salah / AFP)

ومع ذلك، أصرت الرياض مرارًا وتكرارًا على أنها لن تطبع العلاقات مع إسرائيل في غياب موافقة القدس على مسار موثوق ولا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو منذ فترة طويلة.

ومع ذلك، قال ويتكوف: ”سوف نعلن عن عدة دول جديدة ستنضم إلى هذه المبادرة“، وزعم بشكل منفصل أن لبنان وسوريا مرشحتان محتملتان.

وفي إشارة إلى الزعيم السوري المؤقت أحمد الشرع بالاسم الحركي الذي كان يحمله عندما كان أحد كبار عناصر تنظيم القاعدة، قال: ”تشير الدلائل إلى أن الجولاني شخص مختلف عما كان عليه في السابق”.

وقال ”الناس يتغيرون. أنت في الخامسة والخمسين من عمرك تختلف تمامًا عما كنت عليه في الخامسة والثلاثين… أنا شخص مختلف اليوم في سن الـ68 عامًا. لذا ربما يكون الجولاني في سوريا شخصًا مختلفًا. لقد طردوا إيران”.

أما بالنسبة لتركيا – التي تهزها حاليًا اضطرابات في أعقاب اعتقال النظام لرئيس بلدية إسطنبول والمنافس البارز للرئيس رجب طيب أردوغان – بدا ويتكوف متفائلًا على نحو مماثل.

وقال ”لقد أجرى ترامب محادثة رائعة مع أردوغان قبل يومين، وكانت تحولية حقًا. هناك الكثير من الأخبار الإيجابية القادمة من تركيا الآن نتيجة لتلك المحادثة. سترى ذلك في التقارير في الأيام القادمة”.

الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب (إلى اليسار) والرئيس التركي رجب طيب أردوغان (إلى اليمين) يغادران المنصة بعد صورة مشتركة في قمة الناتو في فندق Grove في واتفورد، شمال شرق لندن، 4 ديسمبر، 2019. (Peter Nicholls/Pool/AFP)

دفاعًا عن قطر

كما أتيحت الفرصة لويتكوف للرد على الانتقادات الموجهة إليه بشأن علاقاته الحميمة مع قطر، والتي بدأت قبل دخوله إدارة ترامب عندما كان مستثمرًا عقاريًا.

اتُهمت قطر بدعم حماس وفصائل متطرفة أخرى في المنطقة. وقد ردت الدوحة بأن استضافتها لمسؤولي حماس كانت بطلب من إسرائيل والولايات المتحدة. كما حثت القدس وواشنطن الدولة الخليجية على تحويل كميات كبيرة من المساعدات إلى غزة، التي خضعت لتدقيق متجدد منذ السابع من أكتوبر، حيث يقول منتقدوها إنها سمحت لحماس بتجميع ترسانتها العسكرية.

وقال ”القطريون… يتعرضون لانتقادات تتهمهم بعدم وجود دوافع جيدة لديهم. هذا غير معقول. لديهم دوافع جيدة”، مستخدماً نفس المصطلح الذي استخدمه لوصف القيادة الإسرائيلية.

وقال ”إنهم أناس طيبون ومحترمون. ما يريدونه هو وساطة فعّالة تحقق الهدف المتمثل بالسلام… لأنهم أمة صغيرة، ويريدون أن يتم الاعتراف بهم كصانعي سلام“، مضيفا ”إذا كان لديهم أجندة مختلفة، فلا بأس، طالما أننا لا نعمل بشكل أعمى“.

ورفض الانتقادات بأن القطريين يعملون كوكلاء لإيران ووصفها بأنها ”منافية للعقل“.

وقال ”إنهم دولة مسلمة. في الماضي، كانت لديهم بعض وجهات النظر الأكثر تطرفًا من وجهة نظر إسلامية مما هي عليه اليوم، ولكن [قطر] اعتدلت كثيرا. ليس هناك شك في أنهم حليف للولايات المتحدة”، مشيرًا إلى القاعدة العسكرية الأمريكية التي تستضيفها الدوحة. ”إنهم يمولون كل شيء، ولا يطلبون الكثير“.

وقال ويتكوف إنه تعرض لانتقادات في البداية لكونه ”متعاطفًا مع قطر“.

وقال ”إنهم وسيط… لا يختلفون عن السويسريين والنرويجيين. لقد توسطوا في روسيا. لقد توسطوا في أفغانستان… إنهم جيدون في ذلك“، وأضاف ”إذا لم أتعاون مع الوسيط، فمصيري أن أكون غير فعّال“.

رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني يحضر الاجتماع الـ 163 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي مع مصر في مكة المكرمة في 6 مارس، 2025. (Amer HILABI / AFP)

تخويف الأطراف

سأل كارلسون ويتكوف عن التقارير – بما في ذلك في ”تايمز أوف إسرائيل“ – التي تفيد بأنه تمكن من التأثير على نتنياهو في اجتماع واحد مصيري في يناير أكثر مما فعل بايدن في عدد لا يحصى من المحادثات التي هدفت إلى إنهاء الحرب.

وقال ويتكوف “الرئيس ترامب يجهز الطاولة. إن شعار ’السلام من خلال القوة’ – ليس مجرد شعار.، فهو شعار فعال في الواقع. عندما يرسلك إلى الشرق الأوسط، يشعر الناس بالخوف قليلًا قبل أن تصل إلى هناك“.

وقال إن إسرائيل وحماس وقطر لم يرغبوا جميعًا في تحدي ترامب برفضهم قبول وقف إطلاق النار. ”لقد كانت شخصية الرئيس المهيمنة، وإعلام الجميع بأن النجاح لم يكن خيارًا مطروحًا، بل كان يجب أن يتحقق”.

وقال كارلسون “كانت الرواية أنك دخلت وقلت ’إليكم ما سنفعله. إليكم ما يريده الرئيس’”.

ورد ويتكوف مبتمسا ”حسنًا، هذا كان ما سيفعله [ترامب]. وهذا ما فعلته أنا”.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يلتقي مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في مكتبه في القدس، 11 يناير، 2025. (Prime Minister’s Office Spokesperson)

ما جاء في رسالة ترامب إلى خامنئي

ختام المقابلة تمحور حول إيران، حيث قال ويتكوف إن التوصل إلى حل دبلوماسي للتوترات الأمريكية المتصاعدة مع الجمهورية الإسلامية هو أمر ممكن.

وكشف عن الرسالة العامة في الرسالة التي بعث بها ترامب إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في وقت سابق من هذا الشهر.

وقال ”جاء فيها تقريبًا: ’أنا رئيس سلام. هذا ما أريده. لا يوجد سبب يدفعنا للقيام بذلك عسكريًا. يجب أن نتحدث. يجب أن نوضح المفاهيم الخاطئة. يجب أن ننشئ برنامجًا للتحقق حتى لا يشعر أحد بالقلق من تسليح موادكم النووية، وأود أن نصل إلى هذا المكان لأن البديل ليس بديلًا جيدًا“.

وكشف أن طهران ردت منذ ذلك الحين على الولايات المتحدة من خلال وسطاء، دون الخوض في التفاصيل.

وقال: ”الرئيس… لا يريد الدخول في الحرب، وسيستخدم العمل العسكري لوقف الحرب. هذا عندما يريد بالفعل استخدام العمل العسكري. وفي هذه الحالة تحديدًا، نأمل ألا يكون ذلك ضروريًا”، معربًا عن أمله في أن يتمكن هو أو مساعد آخر لترامب من السفر إلى طهران لإجراء محادثات تهدف إلى تحقيق انفراج.

اقرأ المزيد عن