وكالة “موديز” تخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، مشيرة إلى “تدهور الحكم”
خفصت الوكالة الائتمانية الرائدة التوقعات من الإيجابية إلى المستقرة، على الرغم من المحادثات مع رئيس الوزراء وهيرتسوغ حول تسوية؛ التصنيف الائتماني يبقى عند A1 وسط "نمو اقتصادي قوي"
خفضت وكالة التصنيف الرائدة “موديز” التوقعات الاقتصادية لإسرائيل من إيجابية إلى مستقرة يوم الجمعة، مستشهدة “بتدهور الحكم الإسرائيلي” وسط أشهر من الاضطرابات بسبب محاولة الحكومة المثيرة للجدل لإصلاح النظام القضائي بشكل جذري.
أكد التقرير يوم الجمعة المخاوف من احتمال تخفيض التوقعات الائتمانية لإسرائيل، كما حذرت وكالة “موديز” الشهر الماضي، إذا واصلت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتشددة المضي قدما بخططها لوضع معظم التعيينات القضائية تحت السيطرة السياسية والحد بشكل كبير من سلطات محكمة العدل العليا. وقالت “موديز” في تقرير مؤلف من ست صفحات في أوائل مارس، أنه إذا تم تنفيذ مقترحات الإصلاح القضائي بالكامل فإنها “ستضعف قوة القضاء ماديًا وبالتالي ستكون سلبية للائتمان”.
واستمرت الاحتجاجات الأسبوعية الجماهيرية في جميع أنحاء البلاد ضد جهود الحكومة المستمرة لإضعاف النظام القضائي حتى بعد أن أوقف نتنياهو التشريع في أواخر الشهر الماضي للسماح بإجراء حوار من أجل التوصل إلى حل وسط بين الجانبين. لكن تعهد أعضاء التحالف مع ذلك بالمضي قدما في الدفعة التشريعية بعد عطلة عيد الفصح في الكنيست.
يوم الجمعة، قالت الوكالة إن التغيير – الذي جاء بعد عام واحد فقط من رفع “موديز” للتوقعات الائتمانية لإسرائيل – “يعكس تدهور الحكم في إسرائيل، كما يتضح من الأحداث الأخيرة حول اقتراح الحكومة لإصلاح النظام القضائي في البلاد”.
“بينما دفعت الاحتجاجات الجماهيرية الحكومة إلى إيقاف التشريع مؤقتًا والسعي إلى الحوار مع المعارضة، فإن الطريقة التي حاولت بها الحكومة تنفيذ إصلاح واسع النطاق دون السعي إلى إجماع واسع تشير إلى إضعاف للقوة المؤسسية والقدرة على توقع السياسات”، ورد في تقرير “موديز” شديد اللهجة والمكون من ثماني صفحات.
وقبل أبريل 2022، حصلت إسرائيل على توقعات مستقبلية إيجابية من وكالة “موديز” في يوليو 2018، والتي تم تخفيضها إلى مستقرة في أبريل 2020 عندما بدأت جائحة كوفيد-19 بالتفشي.
ةبينما تعرضت التوقعات الائتمانية لإسرائيل لضربة يوم الجمعة، أبقت الوكالة على التصنيف الائتماني الفعلي للبلاد عند A1، مستشهدة “بالنمو الاقتصادي القوي وتحسين القوة المالية”، كما ورد.
ويترواح مقياس “موديز” للتصنيف الائتماني من Aaa (الأعلى) إلى C (الأدنى)؛ تقع درجة A1 في الجزء العلوي من الدرجات المتوسطة.
وقالت “موديز” إن الاقتصاد الإسرائيلي “أثبت مرونته في مواجهة العديد من الصدمات الاقتصادية والجيوسياسية على مدى العقود الماضية ونما بوتيرة سريعة، بمساعدة صناعات التكنولوجيا الفائقة المنافسة عالميًا في إسرائيل. تفترض توقعات خط الأساس لوكالة موديوز استمرار النمو القوي على المدى المتوسط”.
وجاء في التقرير أن “الاقتصاد الإسرائيلي نما بمعدل سريع على مدى السنوات العديدة الماضية، حيث بلغ متوسطه 4.1٪ على مدى العقد حتى عام 2022، وقد ساهمت في ذلك إلى حد كبير صناعات التكنولوجيا الفائقة المنافسة عالميًا والمتنوعة بشكل متزايد”.
ولطالما تم الترويج لقطاع التكنولوجيا في إسرائيل باعتباره المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في البلاد، حيث مثل 49٪ من إجمالي الصادرات وولد حوالي 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022.
وقد كان جزءًا رئيسيًا من المعارضة لخطط الحكومة القضائية، حيث قامت بعض الشركات بتحويل أموال كبيرة إلى الخارج وهددت بالانتقال من البلاد.
وحذرت وكالة “موديز” يوم الجمعة من أن التصنيفات الائتمانية لإسرائيل قد “تتعرض أيضًا لضغط هبوطي إذا تحولت التوترات الحالية إلى أزمة سياسية واجتماعية طويلة الأمد مع تأثير سلبي مادي على الاقتصاد، الذي قج يكون مرتبطًا بانخفاض كبير في تدفقات الأموال إلى قطاع التكنولوجيا المهم وانتقال الشركات الإسرائيلية إلى الخارج”.
في الأيام الأخيرة قبل نشر التقرير، أجرى نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ، الذي يستضيف محادثات التسوية حول الإصلاح، مناقشات عاجلة مع كبار مسؤولي وكالة “موديز”، في محاولة لطمأنة الوكالة بأنه قد تم تعليق التشريع سعيا للتوصل إلى اتفاقيات واسعة، حسبما ذكرت القناة 12.
ساعيا إلى تجنب تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل على الأقل، تحدث هرتسوغ مع كبار مسؤولي وكالة “موديز” لأكثر من ساعة، وأخبرهم أنه متفائل لكنه ليس ساذجًا بشأن احتمالات التوصل إلى حل وسط، بينما قال نتنياهو إن التشريع لن يتقدم بسرعة كبيرة، وأن جوانب منه تتعلق بتقييد المحكمة وإلغاء أحكامها ستكون أقل تطرفا مما كانت عليه في المسودات الحالية، أفادت القناة التلفزيونية.
وقالت “موديز” إنه بينما كانت الحكومة الإسرائيلية تجري بالفعل محادثات، فإنها “كررت أيضًا عزمها على تغيير طريقة اختيار القضاة. وهذا يعني أن خطر حدوث توترات سياسية واجتماعية إضافية داخل البلاد لا يزال قائما”. ولكن إذا تم التوصل إلى حل وسط “دون تعزيز هذه التوترات، فإن الاتجاهات الاقتصادية والمالية الإيجابية التي حددتها وكالة موديز في السابق ستظل قائمة”.
وعلى الجبهة الجيوسياسية، في حين أن التوترات “لم يكن لها تقليديًا تأثير كبير أو دائم على الاقتصاد الإسرائيلي، فإن التصعيد الخطير للتوترات مع الفلسطينيين قد يعرض علاقات إسرائيل المحسنة مع بعض جيرانها للخطر، وقد يؤدي إلى عزلة دولية متزايدة مع تداعيات سلبية على الإقتصاد المبني على الصادرات وقوة إسرائيل المالية”، قالت “موديز” في إشارة إلى العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية المتنامية بين إسرائيل والموقعين على اتفاقيات إبراهيم، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والمغرب.
في وقت سابق من هذا الشهر، حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أنها تتوقع تراجع وتيرة النمو الاقتصادي في البلاد، محذرة من أن “المخاطر تميل إلى الانخفاض، بسبب عدم اليقين العالمي والمحلي المرتفع”. وتتوقع المنظمة تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي من معدل النمو 6.4٪ العام الماضي إلى 3٪ في عام 2023 و3.4٪ في عام 2024.
في أوائل أبريل، قدم الاقتصاديون في بنك إسرائيل تحليلاً للتداعيات الاقتصادية المحتملة بناء على شدة الصدمات على مدى السنوات الثلاث المقبلة إذا أدت التغييرات التشريعية والمؤسسية المقترحة إلى زيادة المخاطرة لإسرائيل.
وفي حالة تلاشي صدمة التغييرات التشريعية بسرعة نسبيًا، يمكن أن يكون التأثير المحتمل تراجع بنسبة 0.8٪ سنويًا للناتج المحلي الإجمالي وأن يكلف الاقتصاد 14 مليار شيكل. وفي حالة استمرار الصدمات الناتجة عن التغييرات، يقدر التأثير السلبي بحوالي 2.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي، أو 50 مليار شيكل سنويًا.
يوم الجمعة، أظهر إصدار مؤشر أسعار المستهلك لشهر مارس (CPI)، وهو مقياس للتضخم يقيس متوسط تكلفة السلع المنزلية، زيادة بنسبة 0.4٪ عن فبراير. وكان مؤشر أسعار المستهلك يحوم فوق 5٪ من حيث القيمة السنوية خلال الأشهر الستة الماضية، وهو أقل من النطاق المستهدف للحكومة من 1٪ إلى 3٪.
وجاء ارتفاع التضخم على الرغم من الخطوات التي اتخذها بنك إسرائيل لكبح جماحه. وقام البنك المركزي على مدار العام الماضي برفع سعر الفائدة بشكل مطرد من مستوى قياسي منخفض بلغ 0.1٪ في أبريل الماضي إلى 4.5٪ في وقت سابق من هذا الشهر في محاولة لخفض نمو الأسعار.
وقد تباطأ تخفيف التضخم جزئياً بسبب ضعف الشيكل، مما يرفع تكاليف السلع المستوردة. ومنذ بداية هذا العام، انخفضت قيمة العملة المحلية بنحو 4٪ مقابل الدولار الأمريكي. وانخفض مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس العملة الأمريكية مقابل ست عملات عالمية رئيسية، بنحو 2٪ منذ بداية عام 2023.