وكالة “موديز” تخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل للمرة الثانية هذا العام في ظل التصعيد مع حزب الله
الوكالة تقول إن إسرائيل ليس لديها "استراتيجية خروج" من الصراع، وهو ما قد يساعد في تهدئة المستثمرين، وإنها "لم تعد تتوقع انتعاشًا اقتصاديًا سريعًا وقويًا"
خفضت وكالة التصنيف الائتماني الأميركية “موديز” يوم الجمعة التصنيف الائتماني لإسرائيل للمرة الثانية هذا العام، وهذه المرة بدرجتين، مشيرة إلى تصاعد القتال بين إسرائيل وحزب الله في لبنان وعدم وجود “استراتيجية خروج” إسرائيلية.
خفضت وكالة التصنيف الائتماني البارزة تصنيف إسرائيل من A2 إلى Baa1، مشيرة إلى مخاوف من تفاقم المخاطر السياسية المحلية والمخاطر الجيوسياسية “مع عواقب سلبية مادية على الجدارة الائتمانية للبلاد في الأمد القريب والبعيد”.
ويزيد التصنيف الائتماني المنخفض من صعوبة جمع الحكومة الإسرائيلية للديون في وقت تحتاج فيه إلى مليارات الشواكل لتمويل تكاليف الحرب الجارية، وفي حين يرى المستثمرون المزيد من المخاطر في الاستثمار في البلاد.
وارتفعت تكاليف الحرب المباشرة إلى أكثر من 250 مليار شيكل (67.6 مليار دولار) منذ اندلاع القتال في السابع من أكتوبر، بعد أن تسلل مسلحو حماس إلى البلدات الجنوبية الإسرائيلية، في هجوم أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، واحتجاز 251 آخرين كرهائن في قطاع غزة.
وتشن قوات حزب الله هجمات شبه يومية على البلدات والمواقع العسكرية الإسرائيلية على طول الحدود منذ الثامن من أكتوبر، وتقول الجماعة إنها تفعل ذلك لدعم غزة في خضم الحرب هناك.
وقالت موديز أنه “في ظل المخاطر الأمنية المتزايدة، لم نعد نتوقع تعافٍ اقتصادي سريع وقوي كما حدث في الصراعات السابقة. في المقابل، التعافي الاقتصادي المتأخر والبطيء إلى جانب حملة عسكرية أطول وأوسع نطاقا سوف يؤثران بشكل أكثر استمرارية على المالية العامة، مما يخفض احتمال استقرار نسبة الدين العام، مقارنة بتوقعاتنا السابقة”.
كما أبقت وكالة “موديز” على توقعات سلبية، محذرة من أن إسرائيل قد تواجه تخفيض إضافي للتصنيف الائتماني، مشيرة إلى خطر التصعيد الشديد في الصراع مع حزب الله، مما قد يضعف القوة الاقتصادية والمالية للبلاد.
وقد تم التعبير عن القلق من التصعيد المحتمل حتى قبل أن تنفذ إسرائيل ضربة كبيرة في بيروت في وقت متأخر من مساء الجمعة، والتي استهدفت زعيم حزب الله حسن نصر الله وأشارت المؤشرات الأولية إلى أنه لم ينجو. وفي حين تم نشر إعلان موديز بعد فترة وجيزة، فمن المعتقد أن الوكالة أعدته مسبقا.
وفي وقت سابق من الأسبوع، نفذت إسرائيل ضربات متكررة دمرت القيادة العليا للحركة اللبنانية – وذلك بعد تفجير أجهزة اتصالات تابعة لعملاء حزب الله في هجمات نسبت على نطاق واسع إلى إسرائيل، وأدت إلى إصابة الآلاف.
وفي هذا السياق، قالت وكالة موديز إنه “في حين يصر كل من إسرائيل وحزب الله على عدم السعي إلى حرب شاملة، فإن استراتيجية إسرائيل المتمثلة في ’التصعيد المستهدف’ من أجل استعادة الردع وإجبار مقاتلي حزب الله على الانسحاب من منطقة الحدود تزيد بشكل كبير من خطر اندلاع حرب شاملة. كما تراجعت احتمالات التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة في الوقت نفسه”.
وحذرت وكالة التصنيف الائتماني من أنه “لا توجد رؤية واضحة لاستراتيجية خروج من الصراع العسكري من شأنها استعادة مستوى اليقين والأمن، الذي يعتمد عليه الاقتصاد والاستثمار التجاري في نهاية المطاف”.
وتوقعت “موديز” أن ينمو الاقتصاد الإسرائيلي بمعدل بطيء قدره 0.5% في عام 2024، وخفضت توقعاتها للنمو للعام المقبل إلى 1.5%، من 4% سابقا.
وفي نهاية شهر أغسطس، حذرت وكالة موديز صناع السياسات الإسرائيليين من أن “الصراع العسكري الشامل مع حزب الله أو إيران قد يخلف عواقب ائتمانية كبيرة على الجهات المصدرة للديون الإسرائيلية”. وكان ذلك بعد أن خفضت وكالة التصنيف الائتماني في شهر فبراير تصنيف إسرائيل من A1 إلى A2، وهو أول خفض للتصنيف على الإطلاق، وغيرت توقعاتها إلى سلبية، مشيرة إلى تأثير الحرب الدائرة في غزة على أعباء الديون الحكومية.
ومنذ اندلاع الحرب مع حماس في السابع من أكتوبر، انضمت وكالتا التصنيف الائتماني الرئيسيتان الأخريان، ستاندرد آند بورز وفيتش، إلى موديز في خفض التصنيف السيادي لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية، مما يترك الباب مفتوحا لمزيد من التخفيضات إذا تصاعد الوضع الأمني أو تدهور الوضع المالي للبلاد.
وفي تقييمها الصادر يوم الجمعة، حملت موديز أيضا سلوك الحكومة في زمن الحرب مسؤولية زيادة الضغط على المالية العامة للبلاد.
“في رأينا، يشير التصعيد الكبير في المخاطر الجيوسياسية أيضًا إلى انخفاض جودة المؤسسات والحكم في إسرائيل والتي لم تخفف بشكل كامل من الإجراءات الضارة بمقاييس الائتمان السيادية”، قالت وكالة التصنيف. “مع انخفاض النمو وارتفاع الاحتياجات الدفاعية لفترة أطول، فإن عجز الميزانية سيكون أيضا أعلى لفترة أطول مما افترضنا حتى الآن”.
في الأشهر الأخيرة، أعربت وكالات التصنيف الائتماني والمستثمرون وحتى محافظ بنك إسرائيل أمير يارون عن قلقهم بشأن استعداد الحكومة وقدرتها على الحفاظ على المسؤولية المالية والمصداقية من خلال إجراء التعديلات المناسبة على الإنفاق للسيطرة على العجز المتزايد وخفض الديون.
وارتفع العجز المالي في إسرائيل في أغسطس إلى 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الشهر الخامس الذي يظل فيه العجز أعلى من الهدف السنوي للحكومة البالغ 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي المحدد لنهاية عام 2024.
وبعد أسابيع من التأخير، قدم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش هذا الشهر إطارًا أوليًا لميزانية الدولة لعام 2025 يهدف إلى عجز قدره 4٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وسوف تحتاج الحكومة إلى تعويض التكاليف العسكرية والمدنية المتزايدة للحرب من خلال تخفيضات صارمة في الإنفاق وإدخال تغييرات ضريبية لزيادة دخل الدولة والتعامل مع فجوة مالية في عام 2025 تقدر بنحو 30 إلى 40 مليار شيكل.
وقالت موديز إن “عملية إعداد الميزانية تأخرت بالفعل لمدة شهرين تقريبا، وننتظر أن نرى ما إذا كان من الممكن تنفيذ جميع التدابير المقترحة، بما في ذلك تجميد أجور القطاع العام وكذلك عتبات ومخصصات ضريبة الدخل الشخصي، على النحو المقترح”.
ساهم طاقم تايمز أوف إسرائيل في إعداد هذا التقرير