وسطاء عرب: نتنياهو يماطل ويظن أن ترامب سيقدم صفقة أفضل بشأن غزة
السبب الجذري لأزمة الرهائن هو رفض نتنياهو إنهاء الحرب وسحب الجيش الإسرائيلي من غزة، بحسب ما قاله مسؤولون عرب لـ"تايمز أوف إسرائيل"، رافضين التأكيدات الإسرائيلية والأميركية بأن حماس هي العقبة الرئيسية
واشنطن – لا تزال المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس لوقف إطلاق النار في قطاع غزة في طريق مسدود، ويرجع ذلك أساسا إلى رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الموافقة على إنهاء الحرب وسحب القوات الإسرائيلية من القطاع مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، وفقا لثلاثة مسؤولين عرب من دول وسيطة تحدثوا مع “تايمز أوف إسرائيل” في الأسبوع الماضي.
وأقر المسؤولون بأن حماس رفضت أيضا المقترحات الأخيرة لوقف مؤقت لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح عدد من الرهائن، لكنهم قالوا إن تلك العروض محكوم عليها بالفشل لأن الحركة أوضحت منذ فترة طويلة أنها لن تقبل أطر العمل التي تضمن لإسرائيل استئناف القتال في غزة بعد تنفيذ تلك المقترحات.
وردا على سؤال حول سبب محاولة مصر وقطر تقديم مثل هذه المقترحات لوقف إطلاق النار المؤقت إذا كانتا تعلمان أن حماس لن تقبلها، قال أحد الدبلوماسيين العرب إن الفكرة دفعت بها إدارة بايدن، التي شجعت الوسطاء على اتباع كل السبل الممكنة للتوصل إلى انفراجة.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
وبدا الوسطاء العرب على استعداد لقبول الخط الأحمر الذي حددته حماس ضد الاتفاقات التي تسمح باستئناف الحرب وبقاء الجيش الإسرائيلي في غزة، في حين رفضوا الخط الأحمر الذي وضعه نتنياهو ضد الصفقات التي لا تتضمن هذين الشرطين.
وقال دبلوماسي عربي آخر إن “الولايات المتحدة تنظر إلى الأمور بنفس الطريقة. لقد قال الرئيس [جو] بايدن إن الوقت قد حان لإنهاء الحرب ويقول وزير الخارجية [الأميركي أنتوني] بلينكن إن الولايات المتحدة لن تقبل بقاء القوات الإسرائيلية في غزة”.
وفي تفسيره لعدم رغبة نتنياهو في التراجع عن هذين المطلبين، قال مسؤول إسرائيلي مطلع على مفاوضات الرهائن إن سحب القوات الإسرائيلية من غزة “سيضر بصورة النصر” التي يحاول رئيس الوزراء رسمها.
وعندما سُئل عما إذا كان إحجام نتنياهو عن إنهاء الحرب له دوافع سياسية، رفض المسؤول الإسرائيلي التعليق. وهذا ما يزعمه منتقدو رئيس الوزراء، مشيرين إلى تعهدات من شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف بإسقاط الحكومة إذا وافق على صفقة الرهائن التي تنهي الحرب.
وتكهن الدبلوماسي العربي الأول بأن استراتيجية نتنياهو في الأشهر الأخيرة كانت تتمثل في عرقلة المفاوضات من أجل تأمين شروط أفضل لوقف إطلاق النار عندما يتولى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه في غضون شهرين.
وقال الدبلوماسي من إحدى الدول الوسيطة “هذه الإستراتيجية خاطئة لأن حماس لن تتزحزح عن مطالبها الرئيسية لمجرد وجود ترامب في السلطة”.
وحذرت عائلات المختطفين أيضا من أن أحباءهم لن يتمكنوا على الأرجح من الصمود لشهرين آخرين في الأسر، وحثت إدارة باين وفريق ترامب الانتقالي على التعاون من أجل ضامن صفقة قبل التنصيب المقرر في 20 يناير. يوم السبت، قال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في مزاعم لحماس بإن إحدى الرهائن قُتلت مؤخرا جراء قصف إسرائيلي في شمال غزة.
ووافق المسؤول الإسرائيلي على أن ترامب قد يكون أكثر استعدادا من بايدن لقبول وجود قوة متبقية في غزة بعد الحرب – وهو ما قاله مسؤولون سابقون في فريق ترامب لتايمز أوف إسرائيل الشهر الماضي.
ومع ذلك، قال المسؤول الإسرائيلي إن ذلك لا يعني أن حماس ستوافق على إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين بموجب هذه الشروط، بالنظر إلى أن الحركة تعتبرهم وسيلة ضغط لإقناع إسرائيل بالانسحاب الكامل من غزة.
من المرجح أن تسمح الموافقة على إنهاء الحرب والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية لحماس بالصمود حتى ولو بشكل متعثر، لكن المسؤولين العرب جادلوا بأن هذا الأمر لا مفر منه. “سيكون هناك دائما فلسطينيون عرضة للتجنيد من قبل حماس، لكن هذا الأمر يصبح أكثر احتمالا كلما طال أمد الحرب. والأمر الأقل يقينا هو ما إذا كان الرهائن سيبقون على قيد الحياة أم لا”، حسبما قال الدبلوماسي العربي الأول.
وقال الدبلوماسي العربي الثاني: “في هذه الأثناء، نرى الجيش الإسرائيلي يقوم بإنشاء البنية التحتية للبقاء في غزة إلى أجل غير مسمى”، في إشارة إلى قيام الجيش الإسرائيلي بتوسيع محور نتساريم إلى منطقة عسكرية مغلقة بعرض خمسة كيلومترات إلى جانب منشأة أبراج خليوي وخطوط مياه من إسرائيل.
والأهم من ذلك، كما قال الدبلوماسي العربي، هو أن نتنياهو رفض أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، وشبه السلطة الفلسطينية بحماس. ولكن المجتمع الدولي ينظر إلى رام الله باعتبارها البديل الوحيد القابل للتطبيق لحماس، كما أنها تشكل أهمية بالغة لخلق أفق سياسي للتوصل إلى حل الدولتين في نهاية المطاف ـ وهو الإطار الذي ترفضه إسرائيل.
خلال الجزء الأكبر من السنة الأولى للحرب، رفض نتنياهو طلبات واشنطن للتخطيط لإدارة ما بعد الحرب في غزة، وأصر على أن هذه الجهود غير مجدية طالما بقيت حماس في السلطة. ولكنه أقر في الآونة الأخيرة بالحاجة إلى إنشاء قوة بديلة لإدارة توزيع المساعدات الإنسانية من أجل منع حماس من إعادة تجميع صفوفها.
بعد أن رفض السماح للسلطة الفلسطينية بلعب دور، بدأ يفكر في التعاقد مع مقاولين من الباطن من القطاع الخاص وجعل دول مثل الإمارات العربية المتحدة تغطي التكلفة، حسبما قال المسؤول الإسرائيلي.
لكن أبوظبي أوضحت مرارا وتكرارا أنها لن تدعم إعادة إعمار غزة وإدارتها ما لم تشارك السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها في هذه الجهود كجزء من مسار موثوق نحو حل الدولتين – وهي الشروط التي ترفض إسرائيل قبولها.
وقال الدبلوماسي العربي إن “الولايات المتحدة تعلم أن نتنياهو هو العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق لكنها ترفض قول ذلك علنا”.
ورفض متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض التعليق على هذا الادعاء، لكنه أحال تايمز أوف إسرائيل إلى التعليقات العامة التي أدلى بها مسؤولو الإدارة، والتي ألقت اللوم في عدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن على رفض حماس في الانخراط.
وأصدر متحدث باسم نتنياهو ردا مماثلا، سلط الضوء فيه على سلسلة من الادعاءات الصادرة عن كبار مساعدي بايدن الذين وجهوا أصابع الاتهام إلى حماس.
وقال بلينكن إن تعنت حماس هو الذي دفع قطر إلى طرد قادة الحركة من البلاد أواخر الشهر الماضي.
ورفض دبلوماسي عربي ثالث صياغة واشنطن لقرار الدوحة باعتباره قرارا يرتكز فقط على الإحباط من حماس، مؤكدا أن إسرائيل تتحمل المسؤولية بنفس القدر في قرار قطر وقف جهودها في الوساطة مؤقتا.
وأشار إلى كيفية قيام نتنياهو بإضافة شروط جديدة إلى اقتراح صفقة الرهائن الذي قدمته إسرائيل في وقت سابق، حيث قام بتقديمها في مرحلة حرجة من المفاوضات بعد أن قبلت حماس مطالب القدس الرئيسية في أوائل يوليو.
وقال الدبلوماسي العربي: “في كل مرة نقترب فيها من التوصل إلى صفقة، يضيف نتنياهو شروطا جديدة أو يصدر بيانات عامة تؤدي إلى نسف المفاوضات”.
وأشار المسؤول في إدارة بايدن إلى أن حماس أصدرت أكثر من 12 مطلبا جديدا خاصا بها عند نقطة التحول المحتملة المذكورة أعلاه في المحادثات في يوليو الماضي وأن العديد من هذه الشروط كان “غير مقبول”.
كما شكك الدبلوماسي العربي الثالث في اعتقاد الولايات المتحدة بأن طرد قادة حماس من قطر قد يقنع الحركة بإظهار قدر أكبر من المرونة في المحادثات، وقال متسائلا “الآن انتقلوا إلى تركيا، ونحن نحاول التفاوض معهم من هناك. ما الذي حققه ذلك؟”
ودافع مسؤول في إدارة بايدن عن قرار مطالبة قطر بطرد مسؤولي حماس لكنه أقر بأنه كان ينبغي اتخاذ هذه الخطوة في وقت مبكر.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الأسبوع الماضي إن الولايات المتحدة لا تريد أن ترى تركيا أو أي من حلفائها يستضيفون قادة حماس، لكن واشنطن لم تطلب رسميا من أنقرة تسليم المسؤول الكبير في حماس خالد مشعل، الذي يواجه لائحة اتهام أميركية.