وزير المالية يصمم على موقفه بشان إعادة توطين سكان غزة ويرفض الانتقادات الأمريكية
سموتريتش يزعم أن 70٪ من المواطنين الإسرائيليين يدعمون "الهجرة الطوعية" من القطاع، التي يصفها بأنها "حل انساني"
رافضا إدانة وزارة الخارجية الأمريكية لدعواته لإعادة توطين سكان غزة خارج غزة، أعاد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يوم الأربعاء التأكيد على دعمه لتشجيع “الهجرة الطوعية” لسكان القطاع إلى دول أخرى في إطار رؤيته لما بعد الحرب.
وزعم زعيم حزب “الصهيونية المتدينة” في بيان أن “أكثر من 70% من الجمهور الإسرائيلي يدعم اليوم” تشجيع الهجرة باعتباره “حلا انسانيا”، ولكنه لم يقدم مصدرا لهذه الاحصائية.
وقال سموتريتش إن سياسة إعادة التوطين ضرورية لأن “دولة صغيرة مثل دولتنا لا يمكنها السماح بواقع حيث يوجد على بعد أربع دقائق من بلداتنا بؤرة للكراهية والإرهاب، حيث يستيقظ مليوني شخص كل صباح مع طموح بتدمير دولة إسرائيل ومع الرغبة في ذبح واغتصاب وقتل اليهود أينما كانوا”.
ورد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الشريك البارز الآخر في الإئتلاف اليميني المتطرف لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على واشنطن بعد وقت قصير من صدور الانتقادات عن الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء.
وكتب بن غفير على منصة “إكس” أن “الولايات المتحدة هي أفضل صديق لنا، ولكن أولا وقبل كل شيء سنفعل ما هو الأفضل لدولة إسرائيل: هجرة مئات الآلاف من غزة ستسمح لسكان غلاف [غزة] بالعودة إلى ديارهم والعيش في أمان وستحمي جنود جيش الدفاع”.
في انتقاد نادر نسبيا وغير متوقع، وصف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر الدعوات التي يطلقها الوزراء من اليمين المتطرف بأنها “تحريضية وغير مسؤولة”.
ويسلط هذا الانتقاد الضوء على الإحباط المتزايد في واشنطن تجاه حكومة نتنياهو، التي تواصل إدارة بايدن دعمها دبلوماسيا وعسكريا في الحرب ضد حماس، لكنها على خلاف معها بشكل متزايد فيما يتعلق بالخطط المتعلقة بغزة بمجرد انتهاء القتال.
وقال ميلر: “قيل لنا بشكل متكرر وثابت من قبل حكومة إسرائيل، بما في ذلك من قبل رئيس الورزاء، إن مثل هذه التصريحات لا تعكس سياسة الحكومة الإسرائيلية. ينبغي عليهم أن يتوقفوا على الفور”.
وبينما أصدر نتنياهو بيانات يصر فيها على أن هذه التصريحات لا تمثل سياسة الحكومة، إلا أنه هو بذاته أعطى الضوء الأخضر لأعضاء حكومته لدعم الخطة لتشجيع الفلسطينيين على مغادرة القطاع.
يوم الاثنين، قال في اجتماع لكتلة “الليكود” إنه يعمل على تسهيل الهجرة الطوعية للغزيين إلى بلاد أخرى، وأضاف “تكمن مشكلتنا في [العثور] على دول أخرى على استعداد لاستيعاب سكان غزة، ونحن نعمل على ذلك”.
وكان رئيس الوزراء يرد على عضو الكنيست داني دانون من حزب “الليكود”، الذي ادعى أن “العالم يناقش بالفعل إمكانيات الهجرة الطوعية”، على الرغم من رفض المجتمع الدولي للفكرة بشدة.
وكان سموتريتش قد أثار الخلاف مع الولايات المتحدة، حيث قال ليلة السبت للقناة 12 في مقابلة: “نريد تشجيع الهجرة الطوعية، ونحتاج إلى العثور على دول مستعدة لاستقبالهم”.
وأعقبت تصريحاته تصريحات مماثلة لبن غفير في اجتماع لكتلة “عوتسما يهوديت” يوم الإثنين، الذي ذهب إلى أبعد من ذلك وأعرب عن دعمه لإعادة إحياء المستوطنات الإسرائيلية في غزة.
وقال “لا يمكننا الانسحاب من أي منطقة نتواجد فيها في قطاع غزة. لا أستبعد الاستيطان اليهودي هناك فحسب، بل أعتقد أنه أمر مهم أيضا”.
وأضاف أن الحرب تمثل “فرصة للتركيز على تشجيع هجرة سكان غزة”، واصفا مثل هذه السياسة بأنها “حل صحيح وعادل وأخلاقي وإنساني”.
وجاءت تصريحات ميلر بعد أيام من انتقادات وجهها الرئيس الأمريكي جو بايدن، بحسب تقارير، لنتنياهو خلال مكالمة هاتفية بينهما لفشل الأخير في الوقوف في وجه المتشددين في ائتلافه، وهو ما يفعله بايدن، كما قال، مع الجناح اليساري المتشدد في الحزب الديمقراطي، الذي يحض على وقف لإطلاق النار في غزة. وشدد بايدن في انتقاده بشكل خاص على قرار إسرائيل بحجب عشرات ملايين الدولارات من عائدات الضرائب عن السلطة الفلسطينية. وكرر سموتريتش رفضه كوزير للمالية تحويل شيكل واحد للسلطة الفلسطينية.
وكان بايدن قد انتقد بن غفير بشكل علني في الشهر الماضي قائلا إن “بن غفير ورفاقه والأشخاص الجدد لا يريدون أي شيء يقترب ولو من بعيد من حل الدولتين”.
بالنسبة للموقف الأمريكي بشأن المستوطنات الإسرائيلية في غزة، فقد أكد ميلر مجددا: “لقد كنا واضحين وثابتين بشكل لا لبس فيه في أن غزة هي أرض فلسطينية وستظل أرضا فلسطينية، مع عدم سيطرة حماس على مستقبلها، ومع عدم وجود مجموعات إرهابية قادرة على تهديد إسرائيل”.
ويبدو أن هذا الموقف يضع الولايات المتحدة أيضا على خلاف مع القادة الإسرائيليين الرئيسيين مثل وزير الدفاع يوآف غالانت والوزير في كابينت الحرب بيني غانتس، الذين دعوا الجيش الإسرائيلي إلى إنشاء منطقة أمنية عازلة في غزة بعد الحرب.
وأضاف ميلر “هذا هو المستقبل الذي نسعى إليه لمصلحة الإسرائيليين والفلسطينيين والمنطقة المحيطة والعالم”.
ورددت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد انتقادات وزارة الخارجية، حيث غردت قائلة: “لا ينبغي أن يكون هناك تهجير جماعي للفلسطينيين من غزة، ونحن نرفض التصريحات التحريضية الأخيرة للوزيرين الإسرائيليين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير”.
ساهم في هذا التقرير طاقم تايمز أوف إسرائيل، شالوم يروشالمي ووكالة فرانس برس.