وزير العدل يكشف عن خطة لتقييد المحكمة العليا وإصلاح القضاء الإسرائيلي
ليفين يعلن عن مقترحات جارفة لتقليص سلطات القضاة بشدة، ويدعي أن تدخل المحكمة في قرارات وقوانين الكنيست تضر بالديمقراطية؛ المعارضة تحذر من "انقلاب سياسي"
أعلن وزير العدل ياريف ليفين يوم الأربعاء عن إصلاح شامل وواسع النطاق ومثير للجدل للنظام القضائي والقانوني في إسرائيل، والذي إذا تم سنه، يمكن القول أنه سيكون أكثر التغييرات جذرية على الإطلاق في نظام الحكم في إسرائيل.
التغييرات التي حددها ليفين خلال مؤتمر صحفي في الكنيست ستحد بشدة من سلطة محكمة العدل العليا، وتمنح الحكومة السيطرة على لجنة اختيار القضاة، وتحد بشكل كبير من سلطة المستشارين القانونيين للحكومة.
وزعم وزير العدل، وهو عضو في حزب “الليكود” الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن النشاط القضائي دمر ثقة الجمهور في النظام القانوني وجعل من المستحيل على الحكومات أن تحكم بفعالية.
وقال إن إصلاحه “الذي طال انتظاره” يهدف إلى “تعزيز الديمقراطية، وإعادة تأهيل الحكم، واستعادة الثقة في النظام القضائي، وإعادة التوازن بين الفروع الثلاثة للحكومة”.
“نذهب إلى صناديق الاقتراع ونصوت وننتخب، ومرة تلو الأخرى ، يقوم أشخاص لم ننتخبهم بالاختيارات. العديد من قطاعات الجمهور تنظر إلى النظام القضائي ولا تجد أصواتها مسموعة. هذه ليست ديمقراطية”، على حد تعبيره.
وقد حدد التغيير في أربعة مجالات أساسية: تقييد قدرة المحكمة العليا على إلغاء القوانين والقرارات الحكومية، بحيث سيتطلب ذلك هيئة من جميع قضاة المحكمة الخمسة عشر و “أغلبية خاصة”، وتضمين “بند التجاوز” لتمكين الكنيست من إعادة تشريع مثل هذه القوانين؛ تغيير عملية اختيار القضاة، لمنح الحكومة الحالية سيطرة فعالة على لجنة اختيار القضاة؛ منع المحكمة من استخدام اختبار “المعقولية” للحكم على التشريعات والقرارات الحكومية؛ السماح للوزراء بتعيين مستشاريهم القانونيين، بدلا من تعيين مستشارين يعملون تحت إشراف وزارة العدل.
لكن قادة المعارضة شجبوا الإصلاح القانوني الذي اقترحه ليفين باعتباره خطرا واضحا وقائما على الديمقراطية الإسرائيلية ونظام الضوابط والتوازنات على سلطة الحكومة.
وأدان زعيم المعارضة ورئيس حزب “يش عتيد” يائير لبيد، وكذلك زعيم “الوحدة الوطنية” بيني غانتس، المقترحات ووصفاها بأنها “انقلاب سياسي”، بينما اتهمت زعيمة حزب “العمل” ميراف ميخائيلي الحكومة بالتصرف مثل “المافيا” بسبب توقيت الإعلان.
ومن المقرر أن تعقد المحكمة العليا، صباح الخميس، جلسة استماع في الالتماسات التي تطالب بإلغاء تعيين زعيم حزب “شاس” أرييه درعي وزيرا للداخلية والصحة.
وفقا لاقتراحات ليفين، سيتم منع المحكمة العليا بشكل صريح من التداول والبت في قوانين الأساس لإسرائيل.
تتمتع قوانين الأساس بوضع شبه دستوري، ولكن على عكس الدستور الرسمي، يمكن تعديل معظمها أو حتى إلغاؤها بأغلبية بسيطة، بما في ذلك قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته.
لم تُلغ المحكمة العليا مطلقا أي قانون أساس أو أي تعديل له، إلا أنها أشارت إلى أنها تتمتع بإمكانية إعادة النظر القضائية لهذه القوانين شبه الدستورية في بعض الظروف.
قال ليفين إنه كجزء من مقترحاته، لن يكون بمقدور المحكمة العليا إبطال تشريعات الكنيست إلا من خلال لجنة مؤلفة من 15 قاضيا وبـ “أغلبية خاصة”.
وقال “لن يكون هناك مزيد من إلغاء قوانين للكنيست بدون سلطة”، في إشارة إلى حقيقة أنه لم يتم تمرير قانون صريح يمنح المحكمة العليا مراجعة قضائية لتشريعات الكنيست.
ولم يصرح وزير العدل بما ستكون عليه هذه الأغلبية الخاصة، إلا أن مقترحات حلفائه في حزب “الصهيونية الدينية” تطالب بأن يتطلب إلغاء تشريع أغلبية 14 قاضيا من أصل القضاة الخمسة عشر في المحكمة.
وقال ليفين إنه سيتم أيضا تشريع بند تجاوز للمحكمة العليا يسمح للكنيست بإعادة تشريع قانون ألغته المحكمة، بأغلبية 61 من أعضاء الكنيست.
وأضاف ليفين، مع ذلك، أن الكنيست لن تكون قادرة على إعادة تشريع قانون ألغته المحكمة في قرار بالإجماع من جميع القضاة الخمسة عشر خلال فترة ولاية الكنيست تلك.
كما قال وزير العدل إن إصلاحاته ستغير تشكيل لجنة اختيار القضاة وتعطي “تمثيلا متساويا لجميع فروع الحكومة الثلاثة”.
وستضم اللجنة “ممثلين عامين اثنين” يختارهما وزير العدل، بدلا من الممثلين المعينين حاليا في اللجنة من قبل نقابة المحامين في إسرائيل.
وتضم اللجنة المكونة من تسعة أعضاء حاليا ثلاثة أعضاء من الحكومة والائتلاف الحاكم.
إضافة ممثلين اثنين يختارهما وزير العدل سيعطي الحكومة أغلبية لا تقل عن خمسة مقابل أربعة في اللجنة.
لطالما اشتكى اليمين السياسي الإسرائيلي من أن قضاة المحكمة العليا الثلاثة في اللجنة لديهم نفوذ كبير على اختيار القضاة، على الرغم من أن جميع فروع الحكومة الممثلة في اللجنة لديها حق النقض على اختيار قضاة المحكمة العليا. وقال ليفين “لن يكون هناك موقف يختار القضاة بموجبه أنفسهم في غرف خلفية بدون بروتوكول”.
البند الثالث في ما قال ليفين إنه “المرحلة الأولى” من إصلاح النظام القانوني هو منع المحكمة العليا من استخدام معيار “المعقولية” في المراجعة القضائية، والذي استخدمته المحكمة لتحديد ما إذا كان قرار أو تنظيم حكومي أو وزاري قانونيا.
وقال ليفين إن هذا من شأنه “استعادة قدرة الحكومة المنتخبة على اتخاذ القرار”، مضيفا أنه “لا يوجد شيء اسمه معيار المعقولية”.
أخيرا، ستعمل حزمة الإصلاحات على تغيير وضع المستشارين القانونيين الحكوميين والوزاريين، بحيث لا يُنظر إلى مواقفهم المعلنة بشأن القرارات واللوائح الإدارية على أنها ملزمة لوزارتهم أو وكالتهم.
على الرغم من أن ليفين لم يقل ذلك صراحة، يبدو من المرجح أن الإصلاحات ستغير موقف المستشارين القانونيين المهنيين بحيث سيصبح تعيينهم في المنصب تعيينا سياسيا.
يجادل ليفين، وغيره من المدافعين عن الإصلاح القانوني من اليمين، بأن المستشارين القانونيين غالبا ما يمثلون عقبة أمام قدرة الوزير على وضع السياسات التي يرغب فيها، ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها حاسمة في منح الوزراء سيطرة أكبر على وضع السياسات.
واختتم وزير العدل حديثه بالقول “ستعمل هذه الإصلاحات على تقوية النظام القانوني واستعادة ثقة الجمهور فيه. ستستعيد النظام: سيسمح ذلك للمجالس التشريعية بالتشريع، وللحكومة بالحكم، وللمستشارين القانونيين بتقديم المشورة، وللقضاة في إصدار الأحكام”.
وردا على أسئلة لاحقة من الصحفيين، قال ليفين إن تخفيض سن التقاعد للقضاة، كما تمت مناقشته، ليس على جدول الأعمال.
كما نفى أن تكون إصلاحاته تهدف إلى التأثير في الإجراءات القانونية ضد أي شخص في الحكومة الجديدة، بما في ذلك الالتماسات ضد درعي في المحكمة العليا صباح الخميس ومحاكمة نتنياهو الجارية بشأن تهم فساد.
وأصر ليفين على أن إصلاحاته متوازنة وأنه على الرغم من مخاوف أحزاب المعارضة والعديد من الخبراء القانونيين، فإن سلطة المحكمة العليا للمراجعة القضائية ستظل كما هي لأنها ستظل قادرة على إلغاء القوانين “بالأغلبية الخاصة” لجميع أعضاء الهيئة القضائية.
كما أشار وزير العدل إلى أن التشريع لن يتم التعجيل به في الكنيست، قائلا إنه سيكون هناك “نقاش عميق وجاد” حول الإصلاحات، وقال إنه يعتقد أن التشريعات المتنوعة المطلوبة لسنها ستكون مختلفة في القراءات النهائية عن مشاريع القوانين التي سيتم تقديمها في بداية العملية.
وقال ليفين “إن الثورة الدستورية والتدخل المتزايد باستمرار للنظام القانوني في قرارات الحكومة وتشريعات الكنيست قد قلص ثقة الجمهور في النظام القانوني إلى مستوى خطير، وأدى إلى انعدام القدرة على الحكم ووجه ضربة قاسية للديمقراطية… لقد حذرت من الضرر الناجم عن القضاء. الآن، حان وقت العمل”.
إلا أن لبيد انتقد ليفين بشأن مقترحاته وتوقيت إعلانه وقال “مثل عصابة من المجرمين، في اليوم السابق لجلسة المحكمة العليا بشأن قانون درعي، وضعت الحكومة مسدسا محشوا على الطاولة”.
ووعد لبيد بمحاربة “الجنون”، وتعهد بأن كتلته ستلغي الإصلاحات “عندما” تعود إلى السلطة.
وقال زعيم المعارضة: “ما عرضه ياريف ليفين اليوم ليس إصلاحا قانونيا، إنه رسالة تهديد. إنهم يهددون بتدمير الهيكل الدستوري الكامل لدولة إسرائيل”.
عضو الكنيست من حزب “الوحدة الوطنية” غدعون ساعر، الذي شغل حتى الأسبوع الماضي مقعد ليفين في وزارة العدل، أدان بالمثل خطط خليفته، ووصفها بأنها خيانة لمثل مؤسس الليكود مناحيم بيغن.
وقال ساعر إن مقترحات ليفين “ليست أقل من حكم إعدام لعقيدة النظام والديمقراطية الخاصة بمناحيم بيغن”.
وأضاف: “لا شك في أن مناحيم بيغن كان سيرفض كل فقرة من فقرات خطة تغيير النظام في إسرائيل”.
وكتب ساعر، الذي كان عضوا بارزا السابق في الليكود قبل الانفصال عن نتنياهو في عام 2019، أن “تلاميذ بيغن الحقيقيين عليهم واجب محاربتها (خطة إصلاح النظام القضائي)، وهكذا سأفعل”.
وأعرب شركاء ليفين في الإئتلاف الحاكم، ومن ضمنهم رئيس الوزراء، عن دعمهم الشديد للمقترحات.
جادل نتنياهو في وقت سابق يوم الأربعاء بأن خطة الإصلاح القضائي من شأنها أن “تخلق توازنا” بين المحاكم الإسرائيلية ومجلس الوزراء والكنيست.
وقال رئيس الوزراء: “سنقوم بتعديل الطريقة التي نحكم بها. سنتخذ خطوات تعزز الأمن الشخصي في جميع أنحاء الدولة. سنبدأ بسن إصلاحات تضمن التوازن المناسب بين السلطات الثلاث للحكومة”.
وأصدر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش رسالة مصورة “بارك” فيها “إعادة تشغيل النظام القضائي”، وأصر على أن التعهد بإصلاح النظام القضائي كان القضية الأكثر أهمية في الانتخابات العامة الأخيرة.
وقال سموتريتش: “تعلمون جميعا أن هذا هو موضوع الانتخابات، هذا ما أعلنه الجمهور الإسرائيلي. لدينا تفويض كامل لزيادة ثقة الجمهور الإسرائيلي في النظام القضائي، وتقوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية”.