وزير الاتصالات يقطع تغطية أسوشيتد برس المباشرة لغزة ثم يعيدها
أكدت أسوشيتد برس أنها كانت قبل مصادرة معداتها تبث مشهدا عاما لشمال قطاع غزة، مشيرة إلى أن اللقطات الحية أظهرت دخانا يتصاعد فوق قطاع غزة بشكل عام
قطعت إسرائيل الثلاثاء لبضع ساعات تغطية وكالة أسوشيتد برس المباشرة للأحداث في قطاع غزة الذي يشهد حربا مدمرة، في قرار استنكرته وكالة الأنباء الأميركية ودفع واشنطن لمطالبة حليفتها بالتراجع عنه.
وجاء قرار قطع التغطية بعدما اتهمت وزارة الاتصالات الإسرائيلية أسوشيتد برس AP بانتهاك قانون جديد يحظر تزويد قناة الجزيرة القطرية بمشاهد من القطاع.
وقالت الوزارة إن مفتشيها “صادروا المعدات” تنفيذا لأوامر وافقت عليه الحكومة “بموجب القانون”.
وأكدت الوكالة أن مسؤولين إسرائيليين صادروا الكاميرا ومعدات البث الخاصة بها في موقع في بلدة سديروت الإسرائيلية المطلة على شمال قطاع غزة.
غير أن وزير الاتصالات الاسرائيلي شلومو قرعي أعلن مساء الثلاثاء التراجع عن القرار عقب طلب البيت الأبيض من إسرائيل بهذا الخصوص. وقال في بيان “أصدرت الأمر بإلغاء العملية وإعادة المعدات لوكالة إي بي”.
وكانت وكالة الأنباء قد دانت “بأشد العبارات تصرفات الحكومة الإسرائيلية بإيقاف بثنا المباشر طويل الأمد”.
ونددت الوكالة الأميركية بـ “الاستخدام التعسفي” لقانون البث التدفقي الأجنبي الجديد في اسرائيل.
وأضافت في بيانها “نحث السلطات الإسرائيلية على إعادة معداتنا وتمكيننا من استئناف البث المباشر على الفور حتى نتمكن من الاستمرار في تقديم هذه الصحافة المرئية المهمة لآلاف من وسائل الإعلام حول العالم”.
وأشارت أسوشيتد برس في تقريرها الإخباري إلى أن الجزيرة كانت من بين آلاف العملاء الذين يحصلون منها على خدمة البث المباشر.
وبعد تراجع إسرائيل عن قرارها، رحّبت الوكالة بالتطوّر لكنها لفتت إلى “قلق مستمر إزاء استخدام الحكومة الإسرائيلية لقانون هيئات البث الأجنبية وقدرة الصحافيين المستقلين على العمل بحرية في إسرائيل”.
بدورها أعربت منظّمة مراسلون بلا حدود عن “ارتياحها” للتراجع عن القرار معتبرة أن “أسوشيتد برس أو غيرها من وسائل الإعلام ما كان يجب ان تمنع من تغطية أحداث غزة. (قرار) منع الجزيرة يجب أن يلغى أيضا وعلى المجتمع الدولي أن يقدّم لها الدعم نفسه الذي تم إبداؤه اليوم”.
وكان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد قد علّق على قرار قطع البث في تصريحات على منصة إكس قائلا إن الحكومة “أصيبت بالجنون”.
وكتب “هذه ليست الجزيرة، إنها وسيلة إعلام أميركية حازت على 53 من جوائز بوليتز”.
وطلب البيت الأبيض من إسرائيل التراجع عن قرارها. وقال متحدث باسم البيت الأبيض “نتواصل بشكل مباشر مع الحكومة الإسرائيلية للتعبير عن مخاوفنا بشأن هذا الإجراء ولمطالبتها بالتراجع عنه”.
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار قد صرحت للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية “من الواضح أن ذلك يثير القلق ونريد النظر فيه”.
– هجوم على حرية الصحافة –
وقال مدير الأخبار في وكالة فرانس برس فيل تشيتويند إن قرار إسرائيل “هجوم على حرية الصحافة”.
وأضاف في بيان أن “التدفق الحر للمعلومات والصور التي يتم التحقق منها من مصادر موثوقة أمر حيوي في السياق الحالي المشحون جدا”.
وتابع “نحث السلطات على التراجع فورا عن هذا القرار والسماح لجميع الصحافيين بالعمل بحريّة ودون عراقيل.
بدورها قالت الأمم المتحدة إن قرار إسرائيل “صادم”.
وصرح ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للصحافيين “بصراحة، إنه أمر صادم جدا. ينبغي أن يكون الصحافيون قادرين على أداء عملهم بحرّية. ينبغي السماح لوكالة أسوشيتد برس … بالقيام بعملها بحرية وبدون مضايقات”.
وقُطع بث القناة القطرية في إسرائيل في وقت سابق هذا الشهر إثر تصويت حكومة بنيامين نتانياهو لصالح إغلاقها على خلفية تغطيتها للحرب في غزة.
وأُغلقت مكاتب الجزيرة في القدس، وصُودرت معداتها وسُحبت تصاريح فريقها.
– مصادرة كاميرا ومعدات –
وقالت أسوشيتد برس إن مسؤولين من وزارة الاتصالات الإسرائيلية وصلوا إلى موقع الوكالة في بلدة سديروت في جنوب إسرائيل بعد ظهر الثلاثاء وصادروا المعدات.
وأضافت أن المسؤولين سلموها وثيقة موقعة من الوزير قرعي ورد فيها أن الوكالة تنتهك قانون البث الجديد في البلاد.
وأكدت الوزارة الوقائع في بيان.
وبحسب الوثيقة فإن مصوري الوكالة يصورون قطاع غزة بانتظام من شرفة منزل في سديروت ويتم “التركيز على أنشطة جنود جيش الدفاع الإسرائيلي ومواقعهم”.
وورد فيها أيضا “على الرغم من أن مفتشي وزارة الاتصالات حذروهم من أنهم يخالفون القانون وأن عليهم منع الجزيرة من الحصول على محتواهم وعدم نقل البث إلى الجزيرة، الا أنهم استمروا في ذلك”.
واشارت الوثيقة إلى أن “مفتشي وزارة الاتصالات مارسوا عملهم في سديروت كما فعلوا الأسبوع الماضي في الناصرة، وفقا للأوامر التي صادقت عليها الحكومة وتبعا للقانون وصادروا المعدات” في إشارة إلى معدات قناة الجزيرة.
والأسبوع الماضي صادر مسؤولون إسرائيليون معدات البث من استوديو الجزيرة في مدينة الناصرة شمال إسرائيل.
وأكدت أسوشيتد برس أنها كانت قبل مصادرة معداتها تبث مشهدا عاما لشمال قطاع غزة، مشيرة إلى أن اللقطات الحية أظهرت دخانا يتصاعد فوق قطاع غزة بشكل عام.
وأضافت “تلتزم وكالة أسوشيتد برس بقواعد الرقابة العسكرية الإسرائيلية التي تحظر بث تفاصيل مثل تحركات القوات بما يعرض الجنود للخطر”.
وعبرت رابطة الصحافة الأجنبية في إسرائيل عن “قلقها” إثر مصادرة معدات أسوشيتد برس.
وقالت في بيان إن “قرار إسرائيل اليوم منحدر زلق” محذرة من أنه قد يؤدي إلى منع تغطية وكالات أنباء دولية أخرى لغزة.
ودانت سجل إسرائيل “الكئيب” المتعلق بحرية الصحافة خلال الحرب في غزة.
وفي مؤشر حرية الصحافة لعام 2024 الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، احتلت إسرائيل المرتبة 101 من بين 180 دولة.
ونددت منظمة مراسلون بلا حدود الثلاثاء بقرار إسرائيل قطع تغطية أسوشيتد برس لقطاع غزة ووصفته بأنه “رقابة شنيعة”.