وثائق تظهر علاقات وثيقة وتنسيق بين قطر وحركة حماس – تقرير
الوثائق التي تم ضبطها في غزة تظهر أن رئيس المكتب السياسي لحماس قال للدوحة إن أموالها هي ”الشريان الرئيسي“ للحركة وأن السنوار يريد دعما أكبر من قطر والقيام بدور قيادي في الوساطة

سلطت وثائق صودرت في غزة خلال الحرب ضد حركة حماس ونشرتها قناة تلفزيونية إسرائيلية مساء الأحد كما يُزعم الضوء على تعاون قطر المكثف مع الحركة على مدى سنوات، بما في ذلك محاولات إحباط جهود السلام الإقليمية التي تبذلها الولايات المتحدة، وتهميش النفوذ المصري في غزة، وتعزيز دور تركيا وإيران.
وتبدو هذه الوثائق متناقضة مع وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مؤخرا لقطر بأنها ”دولة معقدة، ولكنها ليست دولة معادية“ ومحاولاته التقليل من أهمية ضخ قطر ملايين الدولارات شهريا إلى حماس في غزة على مدى سنوات، والتي ادعى مؤخرا أنها لم تلعب دورا مهما في تمكين الحركة من التحضير لشن حربها المستمرة ضد اسرائيل، والتي اندلعت في هجوم 7 أكتوبر 2023.
وفقا لأخبار القناة 12، تظهر الوثائق أن المدفوعات، التي تم تحويلها بمباركة إسرائيل، كانت كبيرة بما يكفي لدرجة أن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس آنذاك، قال لوزير الخارجية القطري محمد بن حمد آل ثاني في ديسمبر 2019 إن الأموال التي تقدمها الدولة الخليجية إلى غزة هي ”شريان الحياة الرئيسي لحماس“.
في مايو 2021، مباشرة بعد انتهاء حرب استمرت 11 يوما بين إسرائيل وحماس، أبلغ هنية زعيم الحركة في غزة يحيى السنوار أن أمير قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني وافق سرا على ”تقديم دعم مالي سري“ لجهود ”المقاومة“ التي تبذلها الحركة، وفقا للتقرير.
وكتب هنية حسبما أفاد التقرير، “وافق مبدئيا على إمداد المقاومة سرا، لكنه لا يريد أن يعلم أحدٌ في العالم. حتى الآن، جُمِع 11 مليون دولار من الأمير لقيادة الحركة”.

أصبح دور قطر في دعم حماس، بما في ذلك سنوات من المنح النقدية الشهرية المخصصة رسميا لشراء الوقود بهدف المساعدة في تخفيف الضغوط الاقتصادية في القطاع المحاصر، قضية رئيسية في إسرائيل في الأشهر الأخيرة، حيث يدرس المنتقدون دورها في الحرب المستمرة. وتفاقمت هذه التساؤلات بسبب التحقيق الجنائي النشط في علاقات غير مشروعة بين أعضاء في فريق نتنياهو والدوحة.
قُتل كل من هنية والسنوار منذ ذلك الحين في خضم الحرب المستمرة – هنية أثناء زيارته لإيران، في عملية اغتيال أعلنت إسرائيل مسؤوليتها عنها لاحقا، والسنوار على يد جنود إسرائيليين في جنوب قطاع غزة.
صفقة القرن
تناولت العديد من الوثائق التي كشفت عنها القناة 12 رد حماس وقطر على ما يسمى بـ”صفقة القرن“ التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عام 2020 من أجل التوصل إلى حل دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والجهود التي بذلها الزعيم الأمريكي لإبرام اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل والدول العربية في الشرق الأوسط.
وقدمت خطة ترامب، التي وُصفت بأنها حل ”واقعي“ لدولتين، للفلسطينيين دولة على حوالي 70% من الضفة الغربية لا تشمل المستوطنات الإسرائيلية، بالإضافة إلى جزء من صحراء النقب وحزمة مساعدات اقتصادية ضخمة. وقد رفضتها السلطة الفلسطينية ومنذ ذلك الحين تم التخلي عنها إلى حد كبير.

في يونيو 2019، قبل أكثر من عام من موافقة الإمارات العربية المتحدة والبحرين على تطبيع العلاقات مع إسرائيل في أغسطس 2020، أبلغ أمير قطر آل ثاني قادة حماس أن عُمان تبدي استعدادا لإقامة علاقات مع القدس.
ونقل التقرير عنه قوله خلال الاجتماع الطارئ: ”فيما يتعلق بفلسطين، عُمان تقف على جانب، ونحن نقف على الجانب الآخر“.
في الاجتماع، قال خالد مشعل للأمير: ”يجب أن نعمل معا لمعارضة صفقة القرن والقضاء عليها“.
وبعد حوالي ستة أشهر، توجه وفد من حماس إلى إيران لحضور جنازة قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل في غارة جوية أمريكية في العراق في أوائل يناير 2020. ووفقا للصحف، شكر زعيم حماس إسماعيل هنية القطريين على نقل الوفد جوا إلى إيران.

عندما نظرت حماس داخليا في ما قد يحدث إذا قامت قطر نفسها بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، قررت أن مثل هذه الصفقة ستعني ”القضاء على المشروع الوطني الفلسطيني“، وفقا للقناة 12، نقلا عن تقرير سري للحركة.
تعزيز قطر وتهميش مصر
في وثيقة أخرى – نشرت القناة 12 أجزاء منها سابقا – قال السنوار لهنية إن حماس يجب أن تضغط على قطر لتلعب دورا أكبر في الوساطة لإنهاء الاشتباكات مع إسرائيل بدلا من مصر، واصفا الدوحة بأنها أكثر ولاء للجماعة من القاهرة.
وكتب قائد الحركة في غزة، ”يمكننا المساعدة في هذا الأمر وفتح أبواب واسعة لهم، كما حدث خلال تصعيد البالونات الحارقة في أغسطس 2020“، في إشارة إلى حملة استمرت أشهرا أطلقت خلالها الحركة وجماعات أخرى في غزة بالونات حارقة يوميا على إسرائيل، مما تسبب في حرائق مدمرة وأدى إلى رد إسرائيلي بشن غارات جوية.
وكتب السنوار، الذي دبر هجوم 7 أكتوبر 2023، ”كان المصريون يحاولون كبح التصعيد، وأجبرناهم على الخروج من الصورة خالي الوفاض. وحل القطريون محلهم، وأعطيناهم فرصة لإملاء ثمار الدبلوماسية“.

وسط الحرب المستمرة التي اندلعت جراء هجوم عام 2023 – الذي شنه نحو 5 آلاف مسلح بقيادة حماس على جنوب إسرائيل من قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واختطاف 251 آخرين – قامت كل من قطر ومصر بدور الوسيط في المفاوضات لوقف إطلاق النار وإطلاق الرهائن بين إسرائيل والحركة.
يشتبه حاليا في تورط اثنين من كبار مساعدي نتنياهو في تلقي أموال مقابل نشر رسائل مؤيدة لقطر بين الصحفيين، بهدف تعزيز صورة الدولة الخليجية كوسيط.
وقال قاضي في القضية – المعروفة في إسرائيل باسم ”قطر-غيت“ – إن قطر أرادت أيضا أن يقوم أحد مساعدي رئيس الوزراء، وهو المتحدث السابق باسمه إيلي فيلدشتاين، بنشر رسائل سلبية عن دور مصر في المفاوضات.
ونفت قطر اتخاذ أي خطوات تهدف إلى تهميش مصر.
الفترة التي سبقت 7 أكتوبر
في مايو 2022 – قبل حوالي 17 شهرا من الاقتحام المفاجئ لإسرائيل الذي أشعل فتيل الحرب المستمرة، وفي الوقت الذي كانت فيه جهود التطبيع المدعومة من الولايات المتحدة بين إسرائيل والدول العربية مستمرة – كتب السنوار إلى هنية أن تركيا، التي تربطها علاقات بإسرائيل، يجب أن تلعب أيضا دورا قياديا في الجهود ضد إسرائيل.
وكتب إلى رئيس المكتب السياسي للحركة: ”عليكم جميعا أن تبدأوا في التحضير للحملة. يجب أن نبدأ على الفور مع حلفائنا – إيران وقطر وتركيا. يجب أن تلعب الدبلوماسية القطرية والتركية دورا رائدا. دورنا هو أن نجعل الاحتلال يجد صعوبة في التنفس وأن نضمن قطع العلاقات الدبلوماسية بينه وبين الأطراف الفاعلة الدولية“.

وبالمثل، عندما كانت وفد من حماس في زيارة إلى إيران – في حادثة أخرى لم يحدد التقرير تاريخها – قال رئيس مكتب السياسة الاستراتيجية بوزارة الخارجية الإيرانية لمسؤولي الحركة: ”نحن سعداء بالدعم القطري والتركي لكم“.
قبل سبعة أشهر من هجوم أكتوبر 2023، تحدث السنوار مع هنية عن معارضة إيران لجهود التطبيع، التي تركزت بشكل كبير على ضم السعودية إلى اتفاقيات إبراهيم.
في ذلك الوقت، كانت إيران قد وافقت للتو على تقارب مع السعودية بوساطة صينية، منهية بذلك سنوات من العلاقات المتوترة بين البلدين. وفقا للوثائق التي استشهدت بها القناة 12، قال السنوار لهنية إن طهران ليست معنية بأن تتواصل حماس أيضا مع دول تقع في منطقة نفوذ السعودية.
وقال عن الإيرانيين: ”إنهم لا يريدون الهدوء أو الاتفاقات. لا يريدوننا أن نقيم علاقات مع خصومهم أو أعدائهم، الدول التي تعمل على تطبيع علاقاتها مع أمريكا والعدو الصهيوني. لكنهم مستعدون لإقامة علاقات مع قطر وتركيا“.