وثائق تظهر أن إسرائيل سعت للحصول على مساعدات قطرية مهمة لغزة في السنوات التي سبقت 7 أكتوبر
يحاول نتنياهو منذ فترة طويلة تجنب الحديث علنا عن الترتيبات مع الدوحة، لكن رسائل من كبار مساعديه تكشف عن أن القدس اعتبرت أن للمساعدات أهمية بالغة من أجل الاستقرار الإقليمي
تكشف سلسلة من الوثائق التي حصل عليها “تايمز أوف إسرائيل” كيف سعى كبار المسؤولين الإسرائيليين لتأمين الدعم المالي الذي قدمته قطر لإضفاء الاستقرار على الوضع الإنساني في غزة وأعربوا عن تقديرهم له في السنوات والأشهر التي سبقت هجوم حماس في 7 أكتوبر.
في رسالة وجهها رئيس الموساد يوسي كوهين في عام 2020 إلى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني كُتب: “كانت لهذه المساعدات بلا شك دور أساسي في تحقيق التحسن المستمر للوضع الانساني في القطاع وضمان الاستقرار والأمن في المنطقة”، وأعرب كوهين عن “شكرنا وتقديرنا للمساعدات الإنسانية التي تقدمها دولة قطر خلال السنوات الأخيرة” للجيب الفلسطيني.
ولطالما سعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تجنب التحدث علنا عن الأموال التي نجحت حكوماته المتعاقبة بتأمينها من قطر إلى غزة خلال العقد الماضي، لكن تخضع مئات ملايين الدولارات من الأموال لتدقيق متجدد في أعقاب اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، حيث أدى هدفها الواضح المتمثل في الحفاظ على هدوء الحدود الجنوبية لإسرائيل من خلال تحسين الوضع الاقتصادي في غزة إلى نتائج عكسية بشكل كبير. ومع ذلك، دافع نتنياهو منذ ذلك الحين عن المساعدات باعتبارها ضرورية لمنع “كارثة إنسانية” في القطاع.
ويصر رئيس الوزراء على أن هذا لم يكن هدفه، لكن منتقدوه يقولون إن المساعدات القطرية ساعدت في تقوية حماس على حساب السلطة الفلسطينية الأكثر اعتدالا، والتي تسعى إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس مبدأ الدولتين – وهو إطار يعارضه نتنياهو.
وتشير الرسائل باللغتين العربية والإنجليزية التي حصل عليها “تايمز أوف إسرائيل” إلى أن إسرائيل سعت إلى ضمان عدم تحويل الأموال مباشرة إلى حماس. ومع ذلك، مع قيام الدوحة بتمويل مشاريع إنسانية في القطاع، وجدت حماس، الحركة الحاكمة في غزة والتي تسعى علنا إلى تدمير إسرائيل، نفسها غير مضطرة إلى تقديم مثل هذه الخدمات للفلسطينيين أنفسهم، مما ساعدها في تحرير أموالها الخاصة للمشاريع العسكرية.
منذ عام 2018، قدمت قطر بشكل دوري ملايين الدولارات نقدا لدفع تكاليف الوقود لمحطة توليد الكهرباء في القطاع، ودفع رواتب الموظفين الحكوميين في حماس وتقديم المساعدة لعشرات الآلاف من الأسر الفقيرة.
في رسالة أخرى، من عام 2021، يقر رونين ليفي – الذي ترأس آنذاك شعبة الاتصالات الخاصة للشرق الأوسط وأفريقيا – بالدعم المالي الذي تقدمه الدوحة من خلال اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة لتعزيز “المشاريع المدنية ومشاريع البنية التحتية للكهرباء وللمناطق السكنية وللطب ولدعم السكان”.
وكتب ليفي لوزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني: “نؤكد مجددا أهمية استمرار تحويل المساعدات المالية القطرية من خلال الآلية القائمة، أي السفير [محمد] العمادي [رئيس] اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، من أجل الحفاظ على… الإنجازات [المذكورة أعلاه]”.
في رسالة ثالثة أُرسلت قبل أربعة أشهر فقط من هجمات 7 أكتوبر، أطلع منسق أعمال الحكومة في المناطق غسان عليان المبعوث القطري محمد العمادي على موافقة إسرائيل على مشروع “الغاز لغزة”، الذي يهدف إلى استبدال وقود الديزل الذي يقوم حاليا بتزويد محطة الكهرباء في غزة بالغاز الإسرائيلي.
وكتب عليان، “نحن تحت تصرفكم وسنواصل مرافقة تنفيذ هذا المشروع”، في ما بدا أنه طلب للحصول على مساعدات قطرية في مواصلة تمويل المشروع.
وأكد مسؤول إسرائيلي كبير صحة الرسائل، وكذلك مصدر ثان مطلع على الأمر.
يُعتقد أن التقييم الإسرائيلي بأن حماس كانت معنية أكثر بتأمين المساعدات الاقتصادية والحفاظ على الهدوء في غزة هو المسؤول إلى حد كبير عن شعور زائف بالرضا لدى اسرائيل سمح للحركة بشن هجوم مدمر في 7 أكتوبر، عندما اندفع آلاف المسلحين عبر الحدود، واقتحموا قواعد عسكرية وبلدات إسرائيلية وقتلوا حوالي 1200 شخص، واحتجزوا 253 آخرين كرهائن.
ولم يرد أي من وزارة الخارجية القطرية أو مكتب نتنياهو أو كوهين أو منسق أعمال الحكومة في المناطق على طلبات متكررة للتعليق، كما رفض ليفي التعليق.
وأكد مسؤول إسرائيلي آخر، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن العلاقة مع قطر كانت تدار تحديدا من قبل الموساد ومنسق أعمال الحكومة في المناطق، وأن أي رسالة أرسلها مجلس الأمن القومي كانت تُرسل بناء على طلب إحدى هاتين الوكالتين.
وأضاف أن “دعم قطر لغزة جاء وفق قرارات المستوى السياسي وبموافقة مجلس الوزراء”، مضيفا أنه “تم تحديد المساعدات على أنها للأغراض الإنسانية فقط”.
ولقد حظيت الدوحة بإشادات من كبار مساعدي نتنياهو بعد أن نجحت في تأمين إطلاق سراح أربع رهائن إسرائيليات في شهر نوفمبر. كما توسطت قطر في صفقة بين إسرائيل وحماس في الشهر الذي تلا ذلك والتي تم في إطارها إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة. لكن الجمود في المحادثات التي تلت هذه الصفقة أدى منذ ذلك الحين إلى غضب إسرائيلي من قطر، حيث اتهم نتنياهو الدوحة بالفشل في ممارسة الضغط الكافي على حماس.
لكن في الأسبوع الماضي، قال مسؤولان لتايمز أوف إسرائيل إن أمير قطر اقتراح طرد قادة حماس من الدوحة خلال لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بعد أيام من 7 أكتوبر.
ورفض بلينكن اقتراح آل ثاني وقال له إنه سيكون من الأفضل بأن تستخدم قطر علاقاتها مع حماس – من خلال المكتب الذي سمحت قطر للحركة الفلسطينية بتأسيسه في الدوحة في عام 2012 بناء على طلب من واشنطن – للتوسط بين الطرفين المتنازعين في غزة لتأمين صفقة رهائن، حسبما قال مسؤولون.
وأضاف المسؤولون أن بلينكن أوضح للأمير أن الأمور لن تكون “كالمعتاد” بالنسبة لحماس في قطر بمجرد انتهاء الحرب في غزة.