هوكستين ينفي “وهم” التوصل إلى اتفاق يشمل إقامة الجيش الإسرائيلي منطقة عازلة في لبنان
قال المبعوث الأمريكي إن إسرائيل يمكنها الإصرار على إقامة منطقة عازلة، لكن لبنان لن يوافق أبدًا على احتلال إسرائيل لجنوبه، مما سيعني استئناف هجمات حزب الله عبر الحدود
رفض المبعوث الأمريكي لمحادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله الأربعاء فكرة أنه كان بإمكان اسرائيل التوصل إلى صفقة أفضل تقيم بموجبها منطقة عازلة داخل لبنان لتعزيز الحماية من هجمات الحركة المدعومة من إيران المحتملة، ووصفها بأنها “وهم”.
خلال جولة من المقابلات بعد ساعات من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تعرض المبعوث الأمريكي الخاص آموس هوكستين لانتقادات من رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، الذي قال إن الاتفاق الذي لا ينص على منطقة عازلة في لبنان سيسمح لحزب الله بإعادة بناء المنازل على طول الحدود التي يمكن للحركة استخدامها كنقطة انطلاق لغزو مستقبلي لشمال إسرائيل وكمنصات إطلاق للعديد من الصواريخ المضادة للدبابات التي لا تزال بحوزتها.
ورد هوكستين على القناة 12 قائلا: “نعم، هناك صفقات وهمية مثالية تحصلون فيها على اتفاق لوقف إطلاق النار مع منطقة أمنية، لكن هذا لن يحدث أبدا”.
وأكد مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن أن المنطقة العازلة ستتطلب بقاء إسرائيل في لبنان كقوة احتلال – وهو أمر لن تقبله أي دولة ذات سيادة.
وقال هوكستين: “إذا اخترتم إقامة منطقة خالية أو منطقة منزوعة السلاح، فأنتم هناك كمحتلين، وليس بالاتفاق؛ وهذا يعني أنه في حين قد يكون لديكم كيلومترين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة كيلومترات داخل لبنان، فلن يكون هناك اتفاق لمنع [حزب الله] من إطلاق النار على إسرائيل من مسافات أبعد”.
ويقول بعض أنصار فكرة المنطقة العازلة إن الجيش الإسرائيلي لا يحتاج إلى احتلال جنوب لبنان من أجل إقامتها، وإنه يمكن تكليف قوات أخرى بالقيام بذلك.
وأوضح المبعوث الأمريكي أن الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة نجح في الحصول على الالتزام من حزب الله بوقف إطلاق الصواريخ مع تمكين القوات المسلحة اللبنانية من منع الحركة من إعادة بناء بنيتها التحتية.
وتساءل المشككون في الاتفاق عما إذا كانت القوات المسلحة اللبنانية ستكون قادرة على مواجهة حزب الله، نظرا لفشلها في القيام بذلك حتى الآن، لكن المسؤولين الأميركيين يزعمون أن الحلفاء الغربيين والعرب وافقوا الآن على تعزيز القوات المسلحة اللبنانية ماليا وتزويدها بمزيد من المعدات والتدريب.
كما قال هوكستين إن اتفاق وقف إطلاق النار سوف يعزز آلية التنفيذ القائمة، والتي لم تنجح أبدًا في منع إعادة تسليح حزب الله بعد حرب لبنان الثانية في عام 2006. وسوف تتولى الولايات المتحدة وفرنسا مسؤولية لجنة التنفيذ الثلاثية التي كانت في السابق تشمل إسرائيل ولبنان وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) فقط.
وسوف تتمكن اللجنة الآن من الرد فورا على الشكاوى المتعلقة بانتهاكات قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي طالب حزب الله بنزع سلاحه والانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني الذي يقع على بعد نحو 30 كيلومترا إلى الشمال من الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وتشمل البنود الجديدة في الاتفاق أيضاً موافقة الجيش اللبناني على الانتشار الفوري في مختلف أنحاء جنوب لبنان، واستبدال القوات الإسرائيلية تدريجياً على مدى الشهرين المقبلين، وذلك لضمان عدم قدرة حزب الله على ملء الفراغ، كما فعل بعد حرب لبنان الثانية.
وأوضح هوكستين أن المجتمع الدولي سوف يشارك أيضا في إعادة بناء جنوب لبنان، بدلا من التخلي عن البلاد فور انتهاء الحرب كما فعل في عام 2006 عندما كان حزب الله القوة الوحيدة التي عرضت المساعدة في جهود إعادة الإعمار، مما سمح له بترسيخ وجوده في تلك البلدات الحدودية.
وردًا على سؤال القناة 12 عن سبب تحقيق الاتفاق الآن حسب اعتقاده، أرجع الفضل في ذلك إلى المكاسب التي حققتها إسرائيل على ساحة المعركة خلال الشهرين الماضيين، والتي أقنعت حزب الله بـ”الانفصال” عن الحرب المستمرة في غزة بعد رفضه القيام بذلك لأكثر من عام.
وبعد عام تقريبا من شن حزب الله هجمات شبه اليومية عبر الحدود، والتي بدأت دون استفزاز بعد ساعات من هجوم حماس في السابع من أكتوبر، كثفت إسرائيل هجماتها الانتقامية في سبتمبر، وقتلت تقريبا جميع قادة حزب الله العسكريين والسياسيين قبل أن تشن غزوا بريا أدى إلى تفكيك الكثير من البنية التحتية للحزب في مختلف أنحاء جنوب لبنان. وبلغت هجمات الجيش الإسرائيلي ذروتها بتفجير أجهزة اتصالات يستخدمها عناصر حزب الله أدى إلى إصابة الآلاف.
وبخصوص ما إذا كان ينبغي لإسرائيل أن تستمر في جهودها لمواصلة إضعاف حزب الله عسكريا، قال هوكستين للقناة 12 “في مرحلة ما، عليك التوصل إلى اتفاق”.
وخلال اجتماع مع زعماء الجالية اليهودية الأميركية في وقت سابق من اليوم، أشار هوكستين إلى أن تفكيك حزب الله الكامل لم يكن يوما بين أهداف إسرائيل للحرب. وقال إن هدف إسرائيل المعلن في الجبهة الشمالية هو السماح لعشرات الآلاف من السكان بالعودة إلى منازلهم بالقرب من الخط الأزرق، وهو ما لم يكن ممكناً دون اتفاق.
وتعرض هوكستين لأسئلة بشأن تقارير تفيد بأنه أعطى إسرائيل أيضا إنذارا نهائيا للتوصل إلى اتفاق، وهو ما أقنع في نهاية المطاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالموافقة على الصفقة.
ونفى هوكستين الإدلاء بمثل هذه التعليقات، لكنه قال إنه أبلغ نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر بأن نافذة الفرصة للتوصل إلى اتفاق تضيق، ومن المرجح ألا تفتح إلا بعد أن تتولى الإدارة المقبلة مهامها في مارس أو أبريل من العام المقبل.
وفي مقابلة لاحقة مع القناة 13، واجه هوكستين أيضًا أسئلة عن مزاعم مكتب نتنياهو بأن الولايات المتحدة ضغطت على إسرائيل للموافقة على الاتفاق مع لبنان من خلال التهديد بعدم استخدام حق النقض ضد قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار على طول الخط الأزرق والتهديد بمنع تسليم شحنات أسلحة لإسرائيل.
وقال “لم تكن هناك مطالب من جانب الولايات المتحدة تتعلق بالأسلحة أو استخدام حق النقض في الأمم المتحدة. ولم تكن هناك أي تهديدات على الإطلاق… ولم تطرح هذه الأفكار في المناقشات في أي وقت”.
وأضاف هوكستين “أعرف رئيس الوزراء نتنياهو وحكومة إسرائيل منذ فترة طويلة. ولم أرهم قط يستسلمون لصفقات يعتقدون أنها تهدد أمن إسرائيل”.
وفي وقت سابق من المساء، أصدر مكتب نتنياهو بيانا انتقد فيه هوكستين بسبب تعليقات أدلى بها في مقابلة أخرى مع قناة سي إن بي سي والتي وصف فيها وقف إطلاق النار في لبنان بأنه “دائم”.
وقال المتحدث باسم نتنياهو بعد ساعات من إطلاق القوات الإسرائيلية طلقات تحذيرية على أشخاص حاولوا الاقتراب من عدة قرى في جنوب لبنان في اليوم الأول من وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله “على عكس ما نُسب إلى هوكستين، يمكن للقتال أن يستأنف في أي لحظة، كما رأينا اليوم”.
وأضاف مساعد نتنياهو في بيان أن “إسرائيل ستتصرف بحزم ضد أي انتهاك لوقف إطلاق النار، وهي مستعدة عسكريا لأي سيناريو”.
وكان وصف هوكستين للاتفاق ممثال لوصف بايدن له عندما أعلن وقف إطلاق النار يوم الثلاثاء.
ويبدو أن مكتب نتنياهو فضل انتقاد مساعد بايدن، بدلاً من الرئيس نفسه، في سعيه إلى التعامل مع الإحباط بشأن الاتفاق من قاعدة رئيس الوزراء المتشددة، والتي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها تعارض وقف إطلاق النار بمعظمها وتريد أن تواصل إسرائيل القتال ضد حزب الله.