هزيمة مدوية: كومو يقر بالهزيمة أمام المعادي لإسرائيل ممداني في الانتخابات التمهيدية لرئاسة بلدية نيويورك
"إنه يستحق ذلك. لقد فاز": الحاكم السابق، الذي ركز حملته على كسب أصوات اليهود، يقر بهزيمته أمام منافسه الاشتراكي

نيويورك – أقرّ الحاكم السابق لولاية نيويورك أندرو كومو يوم الثلاثاء بالهزيمة أمام عضو جمعية ولاية نيويورك زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في مدينة نيويورك، في هزيمة مدوية لسياسي مخضرم ركز حملته على جذب أصوات اليهود ومواقفه المؤيدة لإسرائيل في مواجهة خصمه المعادي للصهيونية.
ومع فرز 91% من الأصوات، كان ممداني يتقدم على كومو بأكثر من 7 نقاط مساء الثلاثاء.
وقال كومو لمؤيديه في حدث انتخابي: “هذه الليلة ليست ليلتنا. الليلة هي ليلة النائب ممداني. أود أن أحيّي النائب على حملة ذكية وجيدة وذات أثر كبير. الليلة هي ليلته. إنه يستحق ذلك. لقد فاز”.
ولم يُعلن فوز ممداني رسمياً بعد. ففي نظام التصويت التفضيلي المعتمد في المدينة، يمكن للناخبين اختيار حتى خمسة مرشحين. إذا لم يحصل أي مرشح على أغلبية الأصوات كخيار أول، يتم استبعاد المرشحين ذوي الأصوات الأقل في جولات متتالية، ويتم توزيع اختيارات الناخبين التالية على المرشحين المتبقين حتى يفوز أحدهم بالأغلبية.
وتقيس نتائج الفرز الأولي اختيارات الناخبين كخيار أول فقط. وبما أن أي مرشح لم يحقق الأغلبية، ستجري عملية الفرز هذه، ومن المتوقع صدور النتائج النهائية الأسبوع المقبل.
ورغم استمرار عملية عد الأصوات التفضيلية، بدا أن كومو يعترف بهزيمته. وقال إنه اتصل بممداني لتهنئته.
وقال كومو: “أحييه بصدق على جهده، ولنمنحه تصفيقًا حارًا ونشكره على حملته”.

المرشح الحاصل على المركز الثالث هو مراقب مدينة نيويورك براد لاندر، وهو يهودي تقدمي أعلن دعمه لممداني، ما يجعل من غير المرجح أن يتمكن كومو من الفوز عند فرز الأصوات التفضيلية، إذ من المرجح أن يكون العديد من ناخبي لاندر قد وضعوا ممداني في المرتبة الثانية. وبمجرد استبعاد لاندر، ستضاف تلك الأصوات لممداني.
وعادةً ما تحدد الانتخابات التمهيدية الفائز في الانتخابات العامة في مدينة يغلب عليها دعم الحزب الديمقراطي وتحتضن أكبر تجمع يهودي خارج إسرائيل.
وقد سجّل كومو نفسه كمرشح مستقل في الانتخابات العامة المقررة في نوفمبر. وقال متحدث باسمه إنه يدرس الأرقام ويبحث في الخيارات المتاحة.
وبعد خطاب الإقرار بالهزيمة، قال كومو في بيان إنه سيقوم “بالتشاور مع زملائي حول أفضل طريق يمكنني من خلاله مساعدة مدينة نيويورك، إذ أنني قد تأهلت بالفعل للترشح لمنصب العمدة على لائحة مستقلة في نوفمبر”.
وشكّل الإقرار بالهزيمة صفعة قوية لكومو الذي تصدّر معظم استطلاعات الرأي حتى الأسابيع الأخيرة من الانتخابات. ودخل ممداني، عضو جمعية ولاية نيويورك عن جزءًا من كوينز، السباق كشخصية غير معروفة نسبيًا لكنه اكتسب زخماً كبيراً خلال الحملة.

كومو هو ديمقراطي وسطي وله سجل طويل في دعم إسرائيل. وركز حملته على استمالة الناخبين اليهود عبر الظهور في الكنس والفعاليات اليهودية والاجتماعات مع القادة اليهود.
أما ممداني، فهو ناشط معادٍ لإسرائيل منذ فترة طويلة، وصرّح أن القضية الفلسطينية كانت سبب دخوله السياسة وهي في جوهر هويته. وأثار قلق العديد من اليهود في نيويورك بخطابه وسياساته المعادية لإسرائيل. وهو يدعم حركة المقاطعة ضد إسرائيل، ويرفض الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية، وويقول أنه معاد للصهيونية، واتهم إسرائيل مرارًا بارتكاب إبادة جماعية.
وقد تعهّد بأنه سيعتقل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إذا زار نيويورك في حال انتخابه. ويستند ممداني إلى مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو، لكن المحكمة لا تملك صلاحية قضائية في الولايات المتحدة، كما أن التعاون مع المحكمة غير قانوني بموجب القانون الفيدرالي الأمريكي.
وفي الأسابيع الأخيرة من الحملة، دافع ممداني عن عبارة “عولمة الانتفاضة”، التي يراها اليهود دعوة للعنف. وقد تميزت الانتفاضة الثانية بهجمات انتحارية أودت بحياة أكثر من ألف إسرائيلي. وأثار تشبيه ممداني الأسبوع الماضي للانتفاضة بانتفاضة اليهود في غيتو وارسو ردًا غاضبًا من متحف الهولوكوست التذكاري الأمريكي.
ممداني (33 عامًا) هو عضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الأمريكي اليساري المتطرف، وهو حزب جعل من مناهضة إسرائيل ركيزة من ركائزه. وإذا انتُخب في نوفمبر، فسيصبح أول عمدة مسلم للمدينة.
واستطاع ممداني، وهو خطيب بارع، أن يجذب الناخبين الشباب والليبراليين بحملة نشطة، وذكاء في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومقترحات سياسية تقدمية مثل الباصات المجانية، وتجميد إيجارات المنازل، وإنشاء متاجر بقالة تديرها الحكومة.

وبعيدًا عن القضايا المتعلقة بإسرائيل، هناك العديد من المخاوف بشأن سياسات ممداني. فمثلاً، نظام النقل العام الذي يعاني أصلًا من نقص التمويل يخضع لسلطة الولاية، ويمكن أن تضر المتاجر التي تديرها الحكومة بالأعمال الصغيرة، كما أن تجميد الإيجارات قد يعرقل تطوير العقارات.
ولا يمتلك ممداني خبرة تشريعية كبيرة أو خلفية في إدارة عملية ضخمة بحجم إدارة حكومة المدينة، التي تضم أكثر من 300 ألف موظف وميزانية تتجاوز 110 مليارات دولار. وقالت هيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي: “لا نعتقد أن السيد ممداني يستحق مكانًا على بطاقات اقتراع الناخبين في نيويورك”.
وأظهرت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات أن الناخبين من الأقليات وكبار السن مالوا إلى دعم كومو. كما أيدت الجماعات اليهودية الرئيسية، بما في ذلك المجتمعات الأرثوذكسية والحريدية في المدينة، كومو أيضًا.
وكان اسم كومو معروفًا بشكل أوسع من باقي المرشحين بسبب ولايته كحاكم، لكن ترشحه كان مصحوبًا بأعباء سياسية. فقد استقال من منصبه عام 2021 على خلفية اتهامات بالتحرش الجنسي، واتُهم أيضًا بسوء إدارة دور رعاية المسنين خلال جائحة كورونا.
وخلال الجائحة، أثار كومو غضب المجتمعات اليهودية الدينية بسياساته التي حدت من التجمعات، والتي شعروا أنها استهدفتهم. إلا أنه حاول تصحيح الأمور خلال حملته، ونال تأييد جميع القادة الأرثوذكس تقريبًا في المدينة. ومع ذلك، قد يكون سجله خلال الجائحة قد ساهم في انخفاض نسبة المشاركة في التصويت، رغم تلك التأييدات من القادة.

وقد سعى ممداني أيضا لاستقطاب الناخبين اليهود وحصل على تأييد جماعة “الصوت اليهودي من أجل السلام” المعادية للصهيونية، وجماعة “اليهود من أجل العدالة الاقتصادية والعرقية” اليسارية المتطرفة عبر ذراعهم الانتخابية “الصوت اليهودي”. وقد يكون التأييد المتبادل مع لاندر، الذي يعتبر نفسه صهيونيًا تقدميًا، قد ساعده أيضًا مع الناخبين اليهود. ولاندر، بصفته مراقب المدينة، هو أعلى مسؤول منتخب يهودي في حكومة المدينة.
وأظهرت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات أن لاندر أو ممداني كانا الخيار الثاني المفضل لدى الناخبين اليهود، بعد كومو.
ويخوض رئيس بلدية نيويورك إريك آدامز الانتخابات العامة كمرشح مستقل. ويُعد آدامز، مثل كومو، سياسيًا وسطيًا ومؤيدًا قويًا لإسرائيل. ويحظى بدعم واسع في الأوساط اليهودية، خاصة في بروكلين حيث كان يشغل منصب رئيس البلدة، رغم ضعف شعبيته بين عامة السكان. وقد أطلق آدامز سلسلة من المبادرات المؤيدة لليهود في الأشهر الأخيرة، منها تشكيل قوة مهام لمكافحة معاداة السامية، وإنشاء مجلس أعمال لتعزيز العلاقات مع إسرائيل، واعتماد تعريف “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست ” لمعاداة السامية ضمن مؤسسات الحكومة.

وإذا خاض كل من كومو وآدامز الانتخابات العامة، فسيتنافسان على أصوات الوسطيين والناخبين اليهود، بينما يخوض ممداني المنافسة من أقصى اليسار.
وبعد إقرار كومو بالهزيمة، قال آدامز في بيان: “هذه هي اللحظة. المعركة على مستقبل نيويورك تبدأ الليلة”.
وفي يوم الثلاثاء أيضًا، فاز رئيس بلدة مانهاتن مارك ليفين، وهو يهودي، في الانتخابات التمهيدية لمنصب مراقب مدينة نيويورك. وقد أقر خصمه الرئيسي، جاستن برانان، بالهزيمة قائلاً في بيان إنه اتصل بليفين لتهنئته. ويغادر لاندر هذا المنصب بسبب ترشحه لرئاسة البلدية.
وبفوزه في الانتخابات التمهيدية، أصبح ليفين على وشك أن يصبح المراقب القادم للمدينة.
ويُعد منصب مراقب المدينة مسؤولًا عن الإشراف على الشؤون المالية للمدينة، ويعمل كجهة رقابية على العمدة، وهو ثاني أعلى منصب منتخب في حكومة المدينة.
ويُعرف ليفين بحضوره البارز في الفعاليات اليهودية والمؤيدة لإسرائيل، وكثيرًا ما يخاطب الحشود باللغة العبرية.