إسرائيل في حالة حرب - اليوم 498

بحث

هاريس تقول أنها لن تبقى صامتة إزاء معاناة غزة؛ وإسرائيل تعتبر أن تصريحاتها تضر بفرص التوصل إلى اتفاق

بعد لقائها بنتنياهو، نائبة الرئيسة الأمريكي تنتقد "موت عدد كبير جدا من المدنيين الأبرياء"؛ مسؤول إسرائيلي كبير: التصريحات تشير إلى وجود فجوات بين إسرائيل والولايات المتحدة، وستؤدي إلى قيام حماس بتشديد موقفها

نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس (على اليمين) ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يصلان إلى اجتماع في مكتب نائبة الرئيس في مبنى أيزنهاور  في واشنطن العاصمة، 25 يوليو، 2024. (Roberto Schmidt / AFP)
نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس (على اليمين) ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يصلان إلى اجتماع في مكتب نائبة الرئيس في مبنى أيزنهاور في واشنطن العاصمة، 25 يوليو، 2024. (Roberto Schmidt / AFP)

أصرت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس يوم الخميس على أنها لن “تصمت” إزاء المعاناة في غزة بينما شددت أيضا على دعمها لإسرائيل، في تعليقات أدلت بها بعد وقت قصير من اجتماعها مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. أثارت تصريحاتها ردود فعل إسرائيلية غاضبة بدعوى أنها قد تعقّد الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب في غزة.

وفي حديثها للصحفيين بعد ما وصفته باجتماع “صريح وبناء” مع نتنياهو في البيت الأبيض، قالت هاريس أنه حان الوقت لإنهاء الحرب “المدمرة” التي أشعلها هجوم حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل، في تعليقات اعتبرها البعض علامة على تحول محتمل في موقف واشنطن مع اعتلاء المرشحة الديمقراطية المفترض للرئاسة المنصة المركزية.

التقى نتنياهو، الذي كان في واشنطن منذ يوم الاثنين، بشكل منفصل مع الرئيس الأمريكي جو بايدن ومع هاريس في البيت الأبيض يوم الخميس. ومن المقرر أيضا أن يلتقي بالمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب يوم الجمعة.

في خطاب أمام الكونغرس الأمريكي يوم الأربعاء، أكد رئيس الوزراء مرة أخرى على الحاجة إلى “انتصار كامل” على حماس. خيب خطاب رئيس الوزراء آمال أقارب الرهائن الذين كانوا يأملون في أن يعلن التزامه بصفقة وقف إطلاق النار مقابل الرهائن، والتي قيل إن المحادثات بشأنها في المرحلة النهائية. وأعربت بعض عائلات الرهائن الأمريكيين-الإسرائيليين الذين التقوا ببايدن ونتنياهو في البيت الأبيض يوم الخميس عن أملهم وتفاؤلهم بشأن صفقة محتملة.

وقالت هاريس للصحفيين: “ما يحدث في غزة على مدى الأشهر التسعة الأخيرة كارثي. صور الأطفال القتلى والجوعى اليائسين الذين يفرون بحثا عن الأمان، وأحيانا ينزحون للمرة الثانية أو الثالثة أو الرابعة. لا يمكننا أن نغض الطرف عن هذه المآسي. لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن نصبح مخدرين تجاه المعاناة، ولن أبقى صامتة”.

وقالت هاريس أيضا: “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، والطريقة التي تفعل بها ذلك مهمة”.

نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس (على اليمين) ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يظهران قبل اجتماع في مبنى أيزنهاور في مجمع البيت الأبيض بواشنطن العاصمة، 25 يوليو، 2024. (AP Photo/Julia Nikhinson)

وأشارت نائبة الرئيس إلى أنها ضغطت على نتنياهو بشأن الوضع “المزري” في غزة خلال اجتماعهما الذي استمر 40 دقيقة في واشنطن، كما شددت على أهمية التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب.

وقالت هاريس: “عبّرت لرئيس الوزراء عن قلقي الشديد إزاء حجم المعاناة الإنسانية في غزة، بما في ذلك مقتل عدد كبير للغاية من المدنيين الأبرياء، وأوضحت له قلقي الشديد إزاء الوضع الإنساني المزري هناك”.

نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس (على اليمين) ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يصلان إلى اجتماع في مبنى أيزنهاور في مجمع البيت الأبيض بواشنطن العاصمة، 25 يوليو، 2024. (AP Photo/Julia Nikhinson)

وأضافت أن هناك “تحرك مبشر في المحادثات لتأمين” صفقة الرهائن، والتي قالت إنها ستنهي الحرب وتمهد الطريق أمام قيام دولة فلسطينية.

ومضت قائلة: “كما قلت للتو لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فقد حان الوقت لإتمام هذه الصفقة”.

وفي حين أن معظم خطاب هاريس الذي استغرق خمس دقائق تألف من نقاط نقاش استخدمتها هي وبايدن طوال الحرب، فقد أشار كثيرون إلى أنه كان هناك تركيز أكبر على الأزمة الإنسانية في غزة.

أطفال يصطفون مع أواني الطبخ لتلقي مساعدات غذائية من مطبخ في مدرسة أبو زيتون التي تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في جباليا شمال قطاع غزة، 13 يونيو 2024. (Omar Al-Qattaa/AFP)

وقالت هاريس: “لقد حان الوقت لإنهاء هذه الحرب، وإنهائها بطريقة تضمن أمن إسرائيل، وإطلاق سراح جميع الرهائن، ونهاية معاناة الفلسطينيين في غزة، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في الحرية والكرامة وتقرير المصير”.

كما شددت هاريس خلال تصريحاتها على النقاط المؤيدة لإسرائيل، ووصفت حماس بأنها “منظمة إرهابية وحشية” أشعلت فتيل الحرب الجارية بهجومها في السابع من أكتوبر، وأشارت إلى أن الهجوم تضمن “أعمال عنف جنسي مروعة”.

وحرصت نائبة الرئيس على قراءة أسماء جميع الرهائن الأمريكيين الإسرائيليين الثمانية الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس – وهو ما لم يفعله أي مسؤول أمريكي آخر.

ورغم أن هاريس، على عكس بايدن، لم تعقد اجتماعا مع عائلات الرهائن، إلا أنها أشارت إلى أنها التقت عدة مرات بأقارب المخطوفين، وقالت لهم: “إنهم ليسوا وحدهم، وأنا أقف معهم”.

كما تحدثت عن تاريخها الطويل في دعم إسرائيل، مستذكرة كيف جمعت الأموال عندما كانت طفلة لزراعة الأشجار في الدولة اليهودية.

وقالت: “منذ أن كنت فتاة صغيرة، أجمع الأموال لزراعة الأشجار لإسرائيل، إلى وقتي في مجلس الشيوخ الأمريكي والآن في البيت الأبيض، كان لدي التزام ثابت بوجود دولة إسرائيل وأمنها وشعب إسرائيل”.

وكانت هذه القصة بمثابة حكاية تعتمد عليها في لقاءاتها مع الجماهير المؤيدة لإسرائيل، تماما كما يروي بايدن باستمرار قصته حول لقائه برئيسة الوزراء السابقة غولدا مئير عندما كان عضوا شابا في مجلس الشيوخ.

نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس تتحدث عقب اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مبنى أيزنهاور التنفيذي في مجمع البيت الأبيض في واشنطن، الخميس 25 يوليو، 2024. (AP Photo/Julia Nikhinson)

كانت هاريس أكثر صراحة بشأن غزة من بايدن في الماضي وكانت هناك تكهنات بأنها قد تتبنى نهجا أكثر صرامة بشأن إسرائيل. نفى مسؤولون في وقت سابق وجود أي “فارق” بينها وبين بايدن.

لكن تصريحاتها يوم الخميس لم تلقى استحسانا في إسرائيل.

“هل الأذى الذي يلحق بالمدنيين الفلسطينيين هو المشكلة حقا؟”

قال مسؤول إسرائيلي كبير في إفادة  للصحفيين، دون الكشف عن هويته، إن اسرائيل شعرت بعدم الارتياح إزاء نبرة هاريس طوال تصريحاتها، واتهمها بالإفراط في التأكيد على أهمية إنهاء الحرب بطريقة بدت وكأنها تظهر فجوات بين مواقف الولايات المتحدة وإسرائيل.

في هذا الصورة التي تم التقاطها من الجو، يمر الزوار أمام صور الأشخاص الذين اختطفوا أو قُتلوا في مذبحة حماس في مهرجان سوبر نوفا الموسيقي في 7 أكتوبر، في موقع المهرجان بالقرب من كيبوتس رعيم في جنوب إسرائيل، 10 أبريل، 2024. (Jack Guez / AFP)

وقال المسؤول الكبير: “نأمل ألا تفسر حماس التصريحات التي أدلت بها هاريس في مؤتمرها الصحفي على أنها خلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مما يجعل التوصل إلى اتفاق أكثر صعوبة”.

وأشار إلى أن نتنياهو أكد على أهمية ضمان أن يُنظر إلى البلدين على أنهما متوافقان تماما.

مضيفا: “كلما اتسعت الفجوة بين بلدينا، كلما ابتعدنا عن التوصل إلى اتفاق وبالتالي زاد احتمال التصعيد الإقليمي”.

نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس تصل للتحدث بعد اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مبنى أيزنهاور التنفيذي في مجمع البيت الأبيض في واشنطن، الخميس، 25 يوليو، 2024. (AP Photo/Julia Nikhinson)

كما انتقد المسؤول تركيز هاريس على الأزمة الانسانية في غزة، وقال إن نائبة الرئيس تضخم المسألة وأن رئيس الوزراء عرض على نائبة الرئيس في اجتماعهما سردا “واقعيا مفصلا” عن الوضع في غزة يتناقض مع مخاوف هاريس.

وأضاف أن حديث هاريس عن الحاجة إلى إنهاء الحرب غير مفيد لأن القدس تسعى إلى ضمان أن تسمح صفقة الرهائن لها بمواصلة القتال بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، وهي هدنة تستمر لمدة ستة أسابيع تفرج خلالها حماس عن من تبقى من الرهائن الإناث وكبار السن والمرضى.

وقال أقارب الرهائن الذين التقوا يوم الخميس مع بايدن ونتنياهو إن الرئيس الأمريكي أعطاهم الأمل في أن الأيام المقبلة ستجلب تطورا في محادثات وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن.

وتساءل المسؤول الإسرائيلي: “هل الأذى الذي يلحق بالمدنيين الفلسطينيين هو المشكلة حقا الآن؟ ما الذي من المفترض أن تفكر فيه حماس عندما تسمع هذا؟”، مشيرا إلى أن مثل هذا الحديث من شأنه أن يدفع الحركة إلى تشديد مطالبها. “آمل ألا يؤدي ذلك إلى تراجع في المحادثات لأننا أحرزنا الكثير من التقدم”.

على الرغم من خيبة أمل المسؤول الإسرائيلي من تصريحات هاريس، إلا أنه تكهن بأن العلاقات مع البيت الأبيض لن تتدهور مع توليها دورا أكبر.

وقال المسؤول: “نحن على طريق التعاون وإغلاق الفجوات… ولكن لهذا السبب كان المؤتمر الصحفي الذي عقدته هاريس إشكاليا للغاية”.

“لا أعرف عما يتحدثون”

في وقت لاحق، نفى أحد مساعدي نائبة الرئيس ل”تايمز أوف إسرائيل” أن تكون تصريحات هاريس قد انحرفت عن أقوالها السابقة مع بايدن بشأن الحرب في غزة، ردا على تعليقات المسؤول الإسرائيلي الكبير.

وقال مساعد نائبة الرئيس “لا أعرف عما يتحدثون”، مؤكدا أن اجتماع هاريس مع نتنياهو اتسم “بالجدية والزمالة”.

وأضاف: “لقد نقل الرئيس بايدن ونائبة الرئيس هاريس نفس الرسالة في اجتماعيهما المغلقين إلى رئيس الوزراء نتنياهو: لقد حان الوقت لإتمام اتفاق لوقف إطلاق النار و[إطلاق سراح] الرهائن، وهذا ما قالته نائبة الرئيس علنا أيضا”.

ومضى المساعد قائلا إن “تصريحاتها العلنية يوم الخميس كانت متوافقة مع تصريحاتها السابقة بشأن الصراع. فقد بدأت تصريحاتها يوم الخميس بدعم قوي لإسرائيل ثم أعربت عن قلقها إزاء الخسائر المدنية والأزمة الإنسانية في غزة، كما تفعل دائما”.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يلقي كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس في مبنى الكابيتول الأمريكي في 24 يوليو 2024، في واشنطن العاصمة. (Drew Angerer / AFP)

سموتريتش وبن غفير يهاجمان نائبة الرئيس

انتقد شركاء نتنياهو في الائتلاف من اليمين المتطرف هاريس علنا بسبب تصريحاتها.

وكتب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على منصة “اكس” إن الصفقة المقترحة تمثل “استسلاما لـ[زعيم حماس في غزة يحيى] السنوار، ونهاية فورية للحرب بطريقة تسمح لحماس بإعادة تجميع صفوفها والتخلي عن معظم الرهائن”.

وأضاف سموتريتش: “لقد أظهرت كامالا هاريس للعالم ما كنت أقوله منذ أسابيع – ما هو وراء الصفقة حقا. [يجب] ألا نقع في هذا الفخ!”

كما رد وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير على هاريس، حيث كتب على “اكس”: “لن تتوقف الحرب يا سيدتي المرشحة”.

وقد هدد الوزيران مرارا بسحب حزبيهما من ائتلاف نتنياهو إذا وافق رئيس الوزراء على الصفقة، مما قد يطيح بالحكومة.

ولقد فشلت المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة ومصر وقطر حتى الآن في تأمين هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين هناك منذ وقف إطلاق نار استمر لأسبوع في نوفمبر، والذي شهد قيام حماس بإطلاق سراح 105 من الرهائن مقابل 240 أسيرا فلسطينيا.

ويُعتقد أن 115 رهينة ما زالوا في غزة، اختُطف منهم 111 في السابع من أكتوبر، عندما اقتحم آلاف المسلحين بقيادة حماس جنوب إسرائيل وقتلوا ما يقارب من 1200 شخص واحتجزا 251 آخرين كرهائن، مما أشعل فتيل الحرب في غزة. وأكد الجيش الإسرائيلي مقتل 39 من الرهائن في غزة.

وتقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 39 ألف فلسطيني في القطاع قُتلوا حتى الآن، إلا أنه لا يمكن التحقق من عدد القتلى وهذا العدد لا يفرق بين المدنيين والمقاتلين. وتقول إسرائيل إنها قتلت نحو 15 ألف مقاتل في المعركة ونحو 1000 مسلح داخل إسرائيل خلال هجوم السابع من أكتوبر.

والآن، أصبحت تصريحات هاريس، المرشحة المفترضة للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، بشأن الحرب خاضعة لتدقيق إضافي، حيث شعر البعض في تعليقاتها بتحول في نبرة الإدارة تجاه إسرائيل وغزة. ورفض المسؤولون الأمريكيون الرواية القائلة بأن موقف هاريس بشأن إسرائيل يختلف عن موقف بايدن أو أنها لعبت دور “الشرطي السيئ” في الإدارة تجاه إسرائيل.

الرئيس الأمريكي جو بايدن يلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن، 25 يوليو، 2024. (AP/Susan Walsh)

جاءت أقوال هاريس الصريحة في تناقض صارخ مع التحيات الودية إلى حد كبير التي تبادلها بايدن ونتنياهو في وقت سابق من اليوم، حتى لو أنها أخفت شهورا من التوترات بين الرجلين بالإضافة إلى التساؤلات حول مدى أهمية الرئيس الأمريكي.

قال نتنياهو في إشادة لبايدن في بداية الاجتماع في المكتب البيضاوي: “من يهودي صهيوني فخور إلى أمريكي أيرلندي صهيوني فخور، أود أن أشكرك على 50 عاما من الخدمة العامة و50 عاما من الدعم لدولة إسرائيل. وأتطلع إلى مناقشتك اليوم والعمل معك في الأشهر المقبلة”.

اقرأ المزيد عن