صحيفة هآرتس: إسرائيل تخشى انسحاب مصر من الوساطة مع حماس، مع تدهور العلاقات إلى أدنى مستوياتها
قال مسؤولون إن القاهرة تستغل الوضع الإنساني والحصار المفروض على معبر رفح لممارسة ضغوط دولية على إسرائيل لإنهاء الحرب
يخشى مسؤولون إسرائيليون كبار من انسحاب مصر من الوساطة بين اسرائيل وحركة حماس بشأن اتفاق لهدنة في غزة والرهائن، وحذروا من أن التعاون العسكري والاستخباراتي بين البلدين سيتضرر إذا استمرت الأزمة الحالية، وفقا لصحيفة “هآرتس” اليومية.
وجاء تقرير الثلاثاء في الوقت الذي تتبادل فيه إسرائيل ومصر الاتهامات بعرقلة دخول المساعدات إلى غزة، بعد أن أعلنت القاهرة يوم الأحد أنها ستنضم إلى قضية “الإبادة الجماعية” التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وبعد أن هددت مصادر مصرية بأن الهجوم على رفح يعرض اتفاق السلام الموقع عام 1979 بين البلدين للخطر.
وتتوسط مصر، إلى جانب قطر والولايات المتحدة، في المفاوضات بين إسرائيل وحماس خلال الحرب، التي بدأت في 7 أكتوبر عندما قادت الحركة الفلسطينية هجوما واسع النطاق عبر الحدود على إسرائيل أدى إلى مقتل 1200 شخص واختطاف 252 شخصا إلى غزة.
وركزت المفاوضات على وقف إطلاق النار لعدة أسابيع لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة وإطلاق سراح الرهائن الذين لا يزال 128 منهم في الأسر ويعتقد أن بعضهم ليسوا على قيد الحياة. وتصر إسرائيل على أنها ستواصل الحرب، مهما حدث، حتى تحقق هدفها المتمثل في تدمير حماس.
ونقل عن مسؤول لم يذكر اسمه قوله “الوضع الحالي مع مصر هو الأسوأ منذ بدء الحرب”.
وأطلقت إسرائيل مؤخرا ما وصفته بعملية “دقيقة” لاقتلاع حماس مما يعتبر آخر معاقلها الكبرى في مدينة رفح جنوب قطاع غزة. ولكن هناك معارضة دولية شديدة، بما في ذلك من الولايات المتحدة، لشن أي هجوم كبير في المدينة التي لجأ إليها والمناطق المحيطة بها نحو 1.5 مليون فلسطيني بعد نزوحهم نتيجة القتال من مناطق أخرى من القطاع.
وقال مسؤول إسرائيلي أنه بينما فهمت القاهرة في الأشهر الأولى من الحرب هدف إسرائيل في الإطاحة بحكم حماس في غزة، إلا أنه بعد إطلاق عملية رفح “عملوا عمدا لعرقلتنا ومحاولة إجبارنا على وقف الحرب”. وأضاف أن هذا “غير مسبوق” حتى في العمليات السابقة في غزة.
وتفاقم الوضع عندما استولت إسرائيل على جانب غزة من معبر رفح مع مصر، وهو الباب الرئيسي لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وذكرت صحيفة “هآرتس” أن المسؤولين المصريين غضبوا بشكل خاص من رفع العلم الإسرائيلي في الموقع.
ومنذ ذلك الحين، أوقفت مصر تنسيق مرور شاحنات المساعدات من أراضيها إلى غزة، وأصرت على أن يكون الجانب الآخر من المعبر تحت السيطرة الفلسطينية.
ويؤدي هذا التعطيل إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب في غزة.
وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين لصحيفة هآرتس: “نحن نفهم لماذا ذلك تسبب في مشكلة علاقات عامة” لمصر، لكنه أضاف أن “ردهم، بالتوقف التام تقريبا عن نقل المساعدات الإنسانية، هو رد فعل مبالغ فيه تمامًا”.
ودعا وزير الخارجية يسرائيل كاتس الثلاثاء مصر إلى استئناف إرسال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح.
وقال كاتس في بيان إنه ناقش الأمر أمس مع نظيريه البريطاني والألماني وسيناقشه أيضًا مع وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني.
وقال كاتس إن “العالم يضع مسؤولية القضية الإنسانية على عاتق إسرائيل، لكن مفتاح تجنب أزمة إنسانية أصبح الآن في أيدي أصدقائنا المصريين. حماس لن تسيطر على معبر رفح. هذه حاجة أمنية لن نتنازل عنها”.
واستنكر وزير الخارجية المصري سامح شكري هذه التصريحات، قائلا في بيان إن سيطرة إسرائيل على المعبر، فضلا عن عملياتها العسكرية في المنطقة، هي الأسباب الرئيسية التي تمنع المساعدات من دخول غزة.
وورد إن إسرائيل درست منح السلطة الفلسطينية الحاكمة في الضفة الغربية السيطرة على المعبر، لكنها رفضت. ومن المتوقع أيضًا أن تواجه مثل هذه الخطوة معارضة شديدة من الفصائل اليمينية المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية التي ترفض فكرة منح السلطة الفلسطينية موطئ قدم في غزة.
وعلى الرغم من التوترات، قلل شكري من احتمال إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل.
وقال يوم الأحد في مؤتمر صحفي بالقاهرة مع نظيره السلوفيني إن “اتفاقية السلام مع إسرائيل تمثل خيار مصر الاستراتيجي منذ 40 عاما، وتمثل ركيزة أساسية للسلام في المنطقة من أجل السلام والاستقرار”.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في فبراير أن مسؤولين مصريين حذروا من إمكانية تعليق معاهدة السلام القائمة منذ عقود مع إسرائيل إذا دخلت القوات الإسرائيلية رفح، أو إذا يتم دفع أي من اللاجئين في رفح جنوباً إلى شبه جزيرة سيناء المصرية.
وشهدت الجولة الأخيرة من المفاوضات موافقة إسرائيل على اقتراح تم طرحه على حماس، لكن الحركة، رغم ادعائها بالموافقة عليه، ردت بالموافقة على اقتراح يشمل شروط معدلة لم توافق عليها إسرائيل.