نيويورك تايمز: إيران غمرت الضفة الغربية بالأسلحة لمدة عامين وتهدف إلى جعلها نقطة الاشتعال التالية
التقرير يعرض تفاصيل طرق التهريب والشبكة المعقدة من الجماعات المسلحة والعصابات الإجرامية والبدو التي تستخدمها طهران لـ "إغراق" المنطقة بالأسلحة و"إثارة الاضطرابات" ضد إسرائيل
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز يوم الثلاثاء أن إيران تغمر الضفة الغربية بالأسلحة منذ عامين تقريبا، وتوظف شبكة سرية متعددة الجنسيات من عملاء المخابرات والجماعات المسلحة والعصابات الإجرامية كجزء من استراتيجيتها متعددة الجوانب ضد إسرائيل.
ووفقا للتقرير، نقلا عن ثلاثة مسؤولين لم يذكر أسماءهم من كل من إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، فإن الكثير من البضائع المهربة تنتقل عبر أحد الطريقين اللذين يمران عبر إيران والعراق وسوريا ولبنان والأردن وإسرائيل. ونُقل عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن العملية تعتمد على البدو الذين يقومون بتهريب الأسلحة من الأردن عبر الحدود إلى الضفة الغربية.
وقال المسؤولون للتايمز إن إيران لم تحدد جماعة واحدة معينة تعمل في الضفة الغربية لتزويدها بالأسلحة، ولكنها بدلا من ذلك تحاول “إغراق” المنطقة بالأسلحة على نطاق واسع في محاولة “لإثارة الاضطرابات” ضد إسرائيل.
وذكر التقرير أن عملية التهريب السرية زادت من التوترات بشأن قيام إيران، التي تسلح أيضا حركة حماس الحاكمة في غزة، بالتحريض على العنف في الضفة الغربية، حيث يواصل وكلاء الجمهورية الإسلامية في لبنان والعراق واليمن تنفيذ هجمات ضد إسرائيل دعما للفلسطينيين.
وصلت التوترات إلى ذروتها بعد الأول من أبريل، عندما أدت غارة جوية إسرائيلية مزعومة على السفارة الإيرانية في دمشق إلى مقتل سبعة من أعضاء الحرس الثوري الإيراني.
وكان من بين القتلى الجنرال في الحرس الثوري محمد رضا زاهدي (65 عاما)، قائد العمليات السرية الإيرانية في سوريا ولبنان، والتي تم من خلالها تهريب بعض الأسلحة إلى الضفة الغربية، حسبما قال مسؤولون إسرائيليون وإيرانيون وأمريكيون للتايمز. وتعتبر الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.
كما نقلت التايمز عن مسؤولين أمريكيين وإيرانيين، بالإضافة إلى مسؤولين إسرائيليين، قولهم إن جزءا رئيسيا من طريق التهريب كان هدفا لغارة جوية إسرائيلية في 26 مارس على شرق سوريا والتي قيل إنها قتلت أكثر من 15 شخصا.
بحسب التقرير، معظم الأسلحة التي تم تهريبها كانت أسلحة صغيرة من المسدسات والبنادق الهجومية، إلا أنه من غير الواضح عدد الأسلحة التي نجحت إيران في تهريبها إلى الضفة الغربية. وقال مسؤولون إسرائيليون إن البضائع المهربة شملت بعض الأسلحة المتطورة، بما في ذلك صواريخ مضادة للدبابات وقذائف صاروخية.
كما كشف جهاز الأمن العام (الشاباك) في 25 مارس أنه أحبط مخططا إيرانيا لتهريب أسلحة متطورة إلى الضفة الغربية، وذكر إسم مسؤول كبير في فتح يقيم في لبنان باعتباره طرفا في المخطط.
في بيان التايمز، قال الشاباك إنه “يأخذ على محمل الجد المشاركة في الأنشطة التي توجهها إيران والجماعات التابعة لها وسيواصل تنفيذ إجراءات نشطة في جميع الأوقات لرصد وإحباط أي نشاط يعرّض أمن دولة إسرائيل للخطر”.
ولم يعلق سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، على عملية التهريب، لكنه قال للتايمز إن إيران تعتقد أن “السبيل الفعال الوحيد لمقاومة احتلال النظام الصهيوني هو من خلال المقاومة المسلحة”.
وأضاف السفير أن “قوى المقاومة الفلسطينية تمتلك القدرة على تصنيع وشراء الأسلحة اللازمة لقضيتها”.
وقال مسؤولان أمريكيان إن بعض الأسلحة تذهب من سوريا إلى لبنان، حيث تستلمها العصابات الإجرامية عند الحدود الإسرائيلية وتنقلها إلى الضفة الغربية. ويقول أحد المحللين إن هذا هو الطريق الأكثر صعوبة، لأن الحدود اللبنانية تخضع لدوريات مكثفة من قبل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والجيش الإسرائيلي.
وهناك طريق آخر تنتقل عبره الأسلحة، وفقا لصحيفة التايمز، يمر من سوريا عبر الأردن، الذي يشارك إسرائيل في حدود “يسهل اختراقها” يبلغ طولها حوالي 480 كيلومترا.
وكشفت الرقابة العسكرية في شهر أغسطس أن قوات الأمن الإسرائيلية أحبطت في السابق محاولة لتهريب متفجرات إيرانية الصنع إلى إسرائيل عبر الحدود الأردنية في غور الأردن، جنوب بحيرة طبريا مباشرة.
في أبريل الماضي، اعتقلت إسرائيل مشرعا أردنيا يُدعى عماد عدوان، الذي تم القبض عليه عند معبر جسر اللنبي (الملك حسين) وبحوزته 12 بندقية هجومية و 200 مسدس. ولم يتضح مصدر الأسلحة.
في أغسطس الماضي، بعد إحباط شبكة لتهريب الأسلحة على طول الحدود الأردنية، قال الجيش الإسرائيلي إنه شهد “ارتفاعا كبيرا” في محاولات تهريب الأسلحة من الأردن.
وقدرت دراسة لمركز مكافحة الإرهاب التابع لأكاديمية ويست بوينت العسكرية صدرت عام 2023 الارتفاع بـ 23 في الربع الأخير من عام 2022، ارتفاعا من ثلاثة في الربع الأول من عام 2021. ووفقا للورقة البحثية، فإن الحدود الأردنية أفسحت المجال لتهريب الأسلحة لأن جنوبها، على طول وادي عربة، هو طويل للغاية ومكتظ بالسكان بحيث لا يمكن القيام بدوريات فعالة، في حين أن شمال الحدود، في غور الأردن، هو منطقة جبلية بحيث لا يمكن مراقبتها بشكل صحيح.
وقال قائد عسكري في المنطقة لمراسل “تايمز أوف إسرائيل” إيمانويل فابيان في تقرير عام 2022، الذي استشهدت به الورقة البحثية، إن “هذه التلال تسبب لنا مناطق ميتة، بسبب كل القنوات الصغيرة”.
وأضاف: “من المستحيل السيطرة عليها. لا أستطيع وضع جندي على كل قمة. نحن على الأرجح في أفضل نقطة مراقبة، ولا يمكن رؤية ما يحدث في كل قناة (…) لا يمكن لأحد أن يمر بالسيارة، ولكن سيرا على الأقدام؟ بكل سهولة”.
وقال أفشون أوستوفار، الباحث في مجال الأمن القومي، لنيويورك تايمز إن “الضفة الغربية ستكون الحدود التالية التي تريد إيران إختراقها ونشر الأسلحة فيها، لأنهم إذا تمكنوا من القيام بذلك، فإن الضفة الغربية ستصبح مشكلة كبيرة بنفس القدر، إن لم تكن أكبر، مثل غزة”.
ووفقا لأوستوفار، فإن تركيز إيران على الضفة الغربية هو نتيجة لفهم الجمهورية الإسلامية أنه سيكون من الصعب الوصول إلى غزة في المستقبل المنظور.
وقال أحد المسؤولين الإيرانيين الذين أجرت صحيفة نيويورك تايمز مقابلات معهم إن البدو وغيرهم من المواطنين العرب في إسرائيل الذين لعبوا أدوارا حاسمة في العملية كانوا أكثر عرضة لخطر القبض عليهم بعد أن عززت إسرائيل والأردن من الإجراءات الأمنية في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل.
منذ 7 أكتوبر، اعتقلت إسرائيل نحو 3700 فلسطيني في الضفة الغربية، من بينهم أكثر من 1600 ينتمون إلى حماس. ووفقا لوزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية، قُتل أكثر من 450 فلسطينيا من الضفة الغربية خلال تلك الفترة.
وجاء النشاط العسكري الإسرائيلي المتزايد في الضفة الغربية في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، عندما قام آلاف المسلحين باقتحام البلاد وقتل ما يقارب من 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز أكثر من 250 رهينة.