نواب يهود أمريكيون يكثفون انتقاداتهم لحرب إسرائيل على حماس في غزة
مع دخول الحرب أسبوعها السادس، بعض الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل ينتقدون العملية العسكرية المستمرة، ويقولون إن ارتفاع عدد القتلى غير مقبول
في غضون يومين، أصبحت إحدى المشرعات في الكونغرس الأمريكي أول نائبة يهودية تدعو إسرائيل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في حين وصف آخر حصيلة القتلى الفلسطينيين في الحرب بين إسرائيل وحماس بأنها “غير مقبولة”، وقال عضو ثالث إن المعاناة في غزة هي “فشل أخلاقي”.
يوم الأربعاء، أصدر السناتور جون أوسوف، أحد الأصوات التي تسعى إلى اجماع في الحزب الديمقراطي بشأن إسرائيل وكان حريصا على عدم الافراط في انتقاد الدولة اليهودية منذ دخوله الكونغرس في عام 2021، انتقادا حادا للعملية العسكرية الجارية للجيش الإسرائيلي ضد حماس في غزة.
وقال أوسوف في خطاب ألقاه أمام مجلس الشيوخ يوم الأربعاء: “لا داعي لحجم القتلى في صفوف المدنيين والمعاناة في غزة. هذا فشل أخلاقي، ولا ينبغي أن يكون مقبولا على الولايات المتحدة”.
بينما أعرب أوسوف عن انتقادات لبعض السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، فقد خفف من حدة انتقاداته واعتمد بشكل كبير على نقاط الحوار المتعلقة بأهمية حل الدولتين والعمل على بناء علاقات مع عدد من المشرعين الإسرائيليين البارزين. ولقد قاد الجهود في الكونغرس لدعم مبادرات تحظى باجماع كبير مثل تعزيز التمويل لمنسق الأمن الأمريكي في القدس والتشجيع على تحقيق مستقل في مقتل الصحفية الفلسطينية-الأمريكية شيرين أبو عاقلة.
وهكذا، فإن الانتقادات التي عبر عنها أوسوف يوم الأربعاء ذهبت إلى أبعد مما كانت عليه في الماضي، وتثير تساؤلات حول ما إذا كانت قد ترقى إلى بداية اتجاه داخل الحزب الديمقراطي بقيادة رئيس يدعم العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة بينما يحث الجيش الإسرائيلي على حماية المدنيين قدر الإمكان.
أوسوف كان حريصا على عدم الذهاب إلى حد الدعوة إلى وقوف إطلاق النار كما فعل أكثر من عشرين من زملائه في اليسار المتشدد في مجلس النواب. ومع ذلك، بدا وأنه يقترب من توجيه دعوة كهذه.
وقال أوسوف: “كارثة إنسانية تامة في غزة… تقوض الأمن القومي الأمريكي؛ فهي تزيد من خطر انتشار الحرب وجر القوات الأمريكية إلى القتال بشكل أكبر؛ وتزرع بذور الكراهية وتضعف احتمالات التوصل إلى سلام مستدام طويل الأمد بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتوفر غذاء للإرهابيين الذين قد يهاجمون الأمريكيين وحلفائنا في الخارج وفي الداخل”، مضيفا أن ما يحدث في غزة “يضر بمصداقية الولايات المتحدة وحلفائنا كأنصار مستقبل تحدده القيم الإنسانية”.
“إذا تحولت غزة في غضون ستة أشهر إلى أنقاض وعشرات آلاف القتلى من المدنيين وملايين اللاجئين اليائسين دون خطة قابلة للتطبيق لحكم أنقاضها، فإن ذلك سيكون بمثابة كارثة ليس فقط لجميع القتلى والجرحى والبائسين، بل أيضا لإسرائيل وللمنطقة وللولايات المتحدة”.
وتابع أوسوف أن الولايات المتحدة “وقفت إلى جانب إسرائيل منذ 7 أكتوبر، وما زالت تقف إلى جانبها”، مشيرا إلى زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في زمن الحرب، وتدفق المساعدات العسكرية لإسرائيل والأصول العسكرية الأمريكية إلى المنطقة والجهود المبذولة لإطلاق سراح الرهائن.
“ومع ذلك، فإن الطلبات المقدمة من الولايات المتحدة بأن تقوم القيادة الإسرائيلية بحملة أكثر استهدافا، وأن تسمح وتوفر ممرا آمنا للمساعدات الضرورية لبقاء الحياة، وأن تحدد الأهداف بوضوح، وأن تمنع عمليات القتل خارج نطاق القانون على يد المتطرفين في الضفة الغربية، وتقديم خطة ذات مصداقية لحكم غزة المستقبلي تم تجاهلها إلى حد كبير”.
وقال أوسوف في الخطاب الذي أدان فيه حماس بشكل قاطع: “حيثما تلتزم الولايات المتحدة بالسلاح والأموال والدعم لتلك الجهود، يجب علينا حماية مبادئنا ومصالحنا”، وأكد أنه لا يوجد أي مبرر لهجوم 7 أكتوبر وأقر بأن الخسائر في صفوف المدنيين مفهومة إلى حد ما في ضوء استخدام حماس للدروع البشرية.
وقال: “أحث القادة السياسيين في إسرائيل على التصرف بحكمة، والاصغاء إلى أكبر صديق وحليف لإسرائيل، الولايات المتحدة”.
منذ 7 أكتوبر، كان اليهود الخمسة والثلاثون في مجلسي النواب والشيوخ – جميعهم ديمقراطيين بإسثتناء اثنين – من بين أشد المدافعين عن إسرائيل منذ المذابح التي ارتكبتها حماس والتي أدت في ذلك اليوم إلى اندلاع الحرب.
في الشهر الماضي، قاد ثلاثة مشرعين يهود، اثنين منهم من التقدميين، رسالة وقّع عليها أكثر من نصف الديمقراطيين في مجلس النواب تؤيد دعم بايدن القوي لإسرائيل. ولقد وقّع جميع اليهود الديمقراطيين الأربعة وعشرين في مجلس النواب على الرسالة.
الآن – مع دخول الحرب أسبوعها السادس، وارتفاع عدد القتلى في صفوف الفلسطينيين وتفاقم الأزمة الانسانية – تشير تعابير الاستياء من النواب بيكا بالينت من ولاية فيرمونت، ودين فيليبس من مينيسوتا، وأوسوف من جورجيا، إلى أن جدار الدعم قد يكون بدأ بالانهيار.
قال كل من فيليبس وأوسوف وبالينت إن “المذابح التي نفذتها حماس، والتي أسفرت عن مقتل 1200 شخص واختطاف نحو 240 آخرين، تذكرهم بأهوال المحرقة النازية”. وقال أوسوف في قاعة مجلس الشيوخ: “هذه الأحداث تذكرنا بـ’أينزاتسغروبن اس اس’، فرق الموت النازية التي طاردت وذبحت أقاربنا في جميع أنحاء أوروبا الشرقية قبل 80 عاما”.
لكنهم يقولون إن عدد القتلى المتزايد في صفوف الفلسطينيين في العملية الإسرائيلية التي جاءت في أعقاب هجوم حماس يقض مضجعهم أيضا، حيث قالت وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 11 ألف فلسطيني، قُتلوا، من بينهم آلاف الأطفال. لا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، ولقد اتُهمت حماس بتضخيمها وبتصنيف مسلحين في آخر سنوات المراهقة على أنهم أطفال. ومن غير المعروف عدد المقاتلين في صفوف القتلى، وما هو عدد الضحايا الذين قُتلوا جراء أخطاء في إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
يوم الخميس، كانت بالينت أول نائبة يهودية في الكونغرس تؤيد وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقالت في مقال رأي لـ VTigger، وهو موقع إخباري في ولاية فيرمونت، “ما نحتاجه الآن هو وقف فوري للعنف للسماح بوقف حقيقي لإطلاق النار عن طريق التفاوض. حل يوقف فيه الجانبان إراقة الدماء، ويسمح بوصول المساعدات الانسانية الحيوية والتحرك نحو التفاوض على سلام مستدام ودائم”.
النائبة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، وهي ديمقراطية من نيويورك وزعيمة “الفرقة”، وهي الفصيل الأكثر يسارية في مجلس النواب، استغلت على الفور من دعم بالينت، مشيرة إلى هويتها اليهودية.
وكتبت أوكاسيو-كورتيز في تغريدة إن “النائبة بيكا بالينت هي أول عضو يهودي في الكونغرس يعلن تأييده لوقف إطلاق نار في غزة”، مضيفة “إنها شجاعة للغاية، وتتخذ موقفا متأصلا في التزامها بحقوق الإنسان وحماية الأبرياء”.
تختلف دعوة بالينت إلى وقف لإطلاق النار عن ما تدعو أوكاسيو-كورتيز إليه، بطريقتين جوهريتين: قادت أوكاسيو-كورتيز هذا الأسبوع رسالة إلى بايدن تحثه على الضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار. وكان نداء بالينت موجها إلى إسرائيل، وليس إلى بايدن لممارسة الضغط على إسرائيل.
وقالت بالينت أيضا في مقالتها إن شرط وقف إطلاق النار يجب أن يكون إزالة حماس من السلطة – وهو هدف إسرائيل في الحرب.
وكتبت “إن وقف إطلاق النار الثنائي الدائم لا يمكن أن ينجح إلا إذا لم تستمر حماس في الحكم في غزة” مضيفة أن “حماس منظمة إرهابية، وهدفها المعلن هو إبادة دولة إسرائيل. ولا يمكنها البقاء في السلطة في غزة”.
ولا تتضمن رسالة أوكاسيو-كورتيز، التي حصلت على 24 توقيعا، مثل هذا الشرط.
في وقت لاحق من اليوم، انتقد أوسوف في قاعة مجلس الشيوخ سلوك إسرائيل. ولم يدعو إلى وقف إطلاق النار – بل قال إن إسرائيل يجب أن تلاحق حماس. لكنه كان سخيا في انتقاده لسلوك إسرائيل في الحرب ومقاومتها لمناشدات إدارة بايدن للسماح بدخول المساعدات الإنسانية.
يوم الجمعة، أصدر فيليبس، المعروف بمواقفه المعتدلة والذي كان أعلن في وقت سابق عن أنه سينافس الرئيس بايدنن على بطاقة الحزب الديمقراطي لمرشح الرئاسة في محاولة تبدو فرص نجاحها ضئيلة، بيانا يوضح رؤيته لمخرج من الحرب لم يستثن فيه إسرائيل أو قيادتها من الانتقادات. وهو أيضا دعا إسرائيل إلى تفكيك القدرة القتالية لحماس.
وقال فيليبس: “لدى إسرائيل كل الحق ويُتوقع منها استهداف إرهابيي حماس وتفكيك قدرتهم على تدمير دولة إسرائيل. لكن هذا الرد كان له أثر غير مقبول على الفلسطينيين، الذين يخضع الكثير منهم لإرهاب حماس – وليسوا من مؤيديها”.
وانتقد بشكل خاص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قال إنه قام بـ”مفاقمة” سياسات “القمع والاستيطان غير القانوني على الأراضي الفلسطينية”. وقال إنه يتعين على الإسرائيليين إجراء انتخابات قريبا. ويحظى نتنياهو أيضا بنسب تأييد منخفضة داخل إسرائيل.
قدم فيليبس خطة من خمس نقاط لخلق “مستقبل للسلام”. كانت الوثيقة لافتة للنظر بالنظر إلى أن فيليبس كان رائدا في الكونغرس من حيث انتقاد زملائه الديمقراطيين لتوجيههم انتقادات لإسرائيل راى هو أنها معادية للسامية.
حتى الآن، كان الديمقراطي اليهودي الوحيد الذي انتقد بقوة رد فعل إسرائيل هو السيناتور عن ولاية فيرمونت بيرني ساندرز، الزعيم غير الرسمي للتقدميين في الكونغرس. لكنه رفض الدعوة إلى وقف إطلاق النار ونأى بنفسه عن زملائه التقدميين الذين يدعون إلى وقف إطلاق النار.
وتأتي هذه التحولات من قبل المشرعين اليهود وسط وابل من المشاعر المتسارعة المتعلقة بالحرب من قبل الأشخاص داخل الحكومة الأمريكية والمقربين منها. ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” هذا الأسبوع أن المئات من موظفي إدارة بايدن وقّعوا على بيانات تنتقد طريقة تعامل الإدارة مع الحرب بين إسرائيل وحماس وتدعو بايدن إلى بذل المزيد من الجهد لدعم الفلسطينيين.
وفي هذا الأسبوع أيضا، أصدر أكثر من 100 موظف سابق في إدارة باراك أوباما رسالة تشيد بـ”الوضوح الأخلاقي” لبايدن لدعمه إسرائيل وتدعم طلبه للحصول على حزمة مساعدات طارئة بقيمة 14 مليار دولار للدولة اليهودية.