نتنياهو يكشف عن مشروع لبناء خط قطار سريع من كريات شمونة إلى إيلات، ويقول أنه يمكن ربطه بالسعودية أيضا
رئيس الوزراء يقول إن المشروع "الثوري"، الحيوي للاقتصاد والأمن، سيكلف 100 مليار شيكل، دون أن يحدد من أين سيأتي التمويل؛ تم طرح العديد من الأفكار المماثلة في الماضي
أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأحد عن خطة بتكلفة 100 مليار شيكل (27 مليار دولار) لربط مدينة كريات شمونة الشمالية بمدينة إيلات السياحية المطلة على البحر الأحمر في أقصى الجنوب بالسكك الحديدية.
وذهب نتنياهو إلى أبعد من ذلك، قائلا “سنستطيع كذلك ربط إسرائيل بالقطار إلى السعودية وشبه الجزيرة العربية. نحن نعمل على إنجاز ذلك أيضا”.
لقد وضع نتنياهو تطبيع العلاقات مع السعودية كهدف رئيسي، لكن هذا يبدو مستبعدا بشكل متزايد بسبب العناصر اليمينية المتطرفة المؤثرة في حكومته. ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” يوم السبت، نقلا عن مسؤول إسرائيلي، إن اتفاقية التطبيع تتطلب “تنازلات كبيرة” للفلسطينيين من غير المرجح أن يوافق عليها الإئتلاف المتشدد الحالي.
قال نتنياهو في بداية اجتماعه الأسبوعي لمجلس الوزراء: “رؤيتي مفادها أن يستطيع كل مواطن من مواطني الدولة الوصول إلى المنطقة الوسطى ومنها، ومن كل مكان حول الدولة في غضون أقل من ساعتين. وفي معظم الحالات خلال أقل من ساعة واحدة بل وأقل من ذلك”.
وأضاف رئيس الوزراء أنه بالإضافة إلى نقل المسافرين بسرعة لمسافة 400 كيلومتر، فإن الخط سيسمح بنقل البضائع من ميناء إيلات إلى مرافئ على البحر المتوسط.
تم طرح العديد من هذه الخطط في الماضي، لكن لم يتم تنفيذ أي منها.
لم يشر نتنياهو، في بيان حكومته، إلا قليلا إلى برنامج حكومته المثير للجدل لإصلاح القضاء، لكنه أشار إلى أن الائتلاف “سيحاول التوصل إلى اتفاقات” مع المعارضة خلال العطلة الصيفية. وسارع زعيم المعارضة يائير لبيد إلى رفض ذلك، قائلا إنه لن يوافق على المفاوضات ما لم تجمد الحكومة الخطط حتى عام 2025.
وتغيب وزير العدل ياريف ليفين، المهندس الرئيسي لخطة إصلاح القضاء، عن الجلسة.
كما قال نتنياهو في الاجتماع إن حكومته ستركز على التخفيف من أزمة غلاء المعيشة المستمرة، بالإضافة إلى إبقاء إسرائيل في طليعة مجال الذكاء الاصطناعي سريع التطور في العالم.
أسئلة حول التطبيق العملي والتمويل
ستشهد خطة شبكة السكك الحديدية السريعة، التي وافق عليها مجلس الوزراء رسميا يوم الأحد، تشغيل بعض القطارات بسرعات تصل إلى 250 كيلومترا في الساعة.
لسد الثغرات في السكك الحديدية المتاحة حاليا، تهدف الخطة، التي من المقرر الانتهاء منها بحلول عام 2040، إلى ربط كريات شمونة ببقية الشبكة عبر كرميئل، وتشغيل خطوط سريعة بين تل أبيب وبئر السبع في الجنوب عبر مطار بن غوريون، ومن بئر السبع إلى إيلات عبر ديمونا.
إيلات مفصولة عن المراكز الحضرية الرئيسية في إسرائيل بصحراء النقب ووادي عربة. تبعد ديمونا، حيث تقع أبعد محطة قطار في الجنوب، 208 كيلومترات عن إيلات.
وكثير ما يعاني الطريقان 12 و90، اللذان يربطان المدينة السياحية ببقية أنحاء البلاد، من حوادث سير.
لكن ضخامة وتكلفة نقل السكك الحديدية من ديمونا إلى إيلات حالت دون تحقيق مثل هذا المشروع منذ السنوات الأولى للدولة. في الواقع، تتم مناقشة اقتراح لبناء هذا الخط كل عقد تقريبا.
تماشيا مع قرار الأحد، تم تكليف وزارة المواصلات بفحص خيارات الخطوط المختلفة، والتحقيق فيما إذا كانت بعض الأقسام ستكون مجدية اقتصاديا وتستحق العناء.
ستخصص وزارة المواصلات مبلغ 70 مليون شيكل (19 مليون دولار) في عام 2023 و- 130 مليون شيكل (35 مليون دولار) في عام 2024 لتخطيط الشبكة، والتي من المتوقع أن تشمل مقطع قطار سريع يمر عبر صحراء النقب.
سيُطلب من شركة “قطار إسرائيل” اختيار المشاريع في خطتها المتعددة السنوات لتقليصها أو إلغائها لتوفير مبلغ 2.4 مليار شيكل (648 مليون دولار) من أجل البناء.
وستناقش لجنة مشتركة تضم المديرين العامين لوزارتي المواصلات والمالية ومكتب رئيس الوزراء كيفية تمويل المشروع. وسيكون على اللجنة تقديم تقرير أولي إلى رئيس الوزراء في غضون 90 يوما وتقرير كامل ومفصل في غضون 180 يوما (مع السماح بمنحها 90 يوما إضافية إذا لزم الأمر).
يدعو القرار أيضا إلى إنشاء لجنة منفصلة، لتقديم تقرير خلال 180 يوما، من ممثلين عن سلطة التخطيط، ووزارات المالية، والمواصلات، والداخلية، وحماية البيئة، والإسكان، وتطوير النقب والجليل. وستكون مهمتهم دراسة أفضل السبل لتعظيم إمكانات الامتداد من بئر السبع إلى إيلات، مع إيلاء اهتمام خاص لمساكن جديدة.
وجد تقرير أعده “مركز شاشا للدراسات الاستراتيجية” في القدس وجمعية حماية الطبيعة في إسرائيل قبل نحو عشر سنوات أنه لا يوجد أساس للادعاءات المقدمة في ذلك الوقت حول فوائد ربط السكك الحديدية بإيلات.
كان أحد الادعاءات أن مثل هذا الخط الأرضي من شأنه أن يسهل حركة الشحن من إيلات المطلة على البحر الأحمر، إلى البحر الأبيض المتوسط. جادل الباحثون بأن خط السكك الحديدية لن يكون لديه السعة اللازمة التي توفرها السفن، وأن المرور عبر قناة السويس سيظل أسرع وأرخص.
وتابع التقرير أنه سيتعين بناء ميناء جديد في إيلات بتكاليف مالية وبيئية هائلة. يعد خليج إيلات موطنا ذات أهمية عالمية للشعاب المرجانية ويُستخدم بالفعل في نقل النفط الخام.
وتابع التقرير أن حركة الركاب ستكون قليلة للغاية لتبرير التكاليف الضخمة لخط سكة حديد جديد، حيث من المتوقع أن يلحق مشروع بناء نهاية سكة حديد جديدة الضرر بمشروع آخر تموله الدولة – المطار الدولي الذي يخدم إيلات.
تقرير آخر من العام نفسه، أعده”مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست”، حذر من أن الخط (الذي سيتم تسييجه)، إلى جانب السدود الترابية، من شأنه أن يمنع مرور الحيوانات ويقلل من موطنها وأن القطارات السريعة يمكنها حتى إصابة الطيور المهاجرة.
تتوقع الخطة الاستراتيجية لشركة قطار إسرائيل إنه بحلول عام 2040، سيخدم خط السكة الحديد حوالي 300 مليون مسافر سنويا.
يأتي إعلان يوم الأحد تماما بعد ما يقرب من عقد من الزمان من موافقة مجلس الوزراء بقيادة نتنياهو على خط قطار يربط وسط البلاد بإيلات. في ذلك الوقت، تعرض المشروع لانتقادات اعتبرته مكلفا وضارا بالبيئة. كما أنه فشل بالفعل في ربط ميناء إيلات بميناء أشدود.
“ثورة نقل كبرى”
بعد اجتماع مجلس الوزارء، عقد نتنياهو مؤتمرا صحفيا مع وزيرة المواصلات ميري ريغيف، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ونائب الوزير من حزب “يهدوت هتوراة”، أوري ماكليف، لعرض تفاصيل خطة القطار السريع.
وتحدث نتنياهو بداية، واستمع إلى المتحدثين الثلاثة الآخرين، وعاد إلى الميكروفون، للرد على أسئلة كما بدا بداية، لكنه ألقى خطابا ثانيا ثم غادر قبل جلسة الأسئلة والأجوبة.
في خطابه الأول من بين الخطابين، أشاد نتنياهو بما وصفها “ثورة المواصلات الكبرى” التي قال إنها تشمل بالفعل بناء شبكة من الطرق الجديدة وستشهد الآن نظام سكك حديدية سريع.
ولم يخض رئيس الوزراء في التفاصيل بشأن الاحتمال الذي طرحه في اجتماع مجلس الوزراء في وقت سابق بشأن امتداد شبكة السكك الحديدية إلى “السعودية وشبه الجزيرة العربية”.
وقال إن ثورة السكك الحديدية المخطط لها ستعيد توزيع سكان إسرائيل – الآخذ عددهم في النمو إلى ما افترض أنه سيكون في يوم من الأيام 30 مليونا – بعيدا عن المنطقة الوسطى إلى الجنوب وأجزاء من الشمال، مع فوائد اجتماعية واقتصادية وأمنية هائلة.
في حين تحدث رئيس الوزراء الأول لإسرائيل، دافيد بن غوريون، عن الاستيطان في النقب، قال نتنياهو، إن خطته “ستجلب البنية التحتية إلى النقب”.
وقال “هذه الثورة تنطلق الآن بميزانية 100 مليار شيكل”، مضيفا أن هذا المبلغ سيتم توزيعه على مدى عدة سنوات، وأن هناك أفكارا مختلفة حول كيفية تمويل المشروع.
على الرغم من أن المشروع يبدو بعيد الاحتمال، كما قال، “صدقوني” سوف يتحقق.
في المجموعة الثانية من التصريحات، قال نتنياهو إن ثورة السكك الحديدية هي شكل آخر من أشكال “الإصلاحات” التي يقدمها، وأضاف أن التحدي الهائل، عند إدخال الإصلاحات، يكمن في إقناع الناس بأنها مطلوبة، في ما بدا أنها إشارة مبطنة لبرنامج الإصلاح القضائي المثير للجدل وللانقسام.
وقال نتنياهو عدة مرات إن “الصراع الأيديولوجي هو الأصعب”.