نتنياهو يقيل وزير الدفاع غالانت ويقول أن الخلافات وانعدام الثقة المتبادل ساعدت العدو
غالانت، الذي بدا متأثرا، يقول إن أمن إسرائيل هو "مهمة حياته"، ويدعو إلى التحقيق في إخفاقات 7 أكتوبر؛ تعيين كاتس وزيرا جديدا للدفاع، وساعر يتولى وزارة الخارجية
أقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالانت مساء الثلاثاء، مشيرا إلى انعدام الثقة المتبادل خلال وقت الحرب كسبب للقيام بذلك.
سيتم استبدال غالانت بوزير الخارجية يسرائيل كاتس، بينما سيحل الوزير بلا حقيبة غدعون ساعر محل كاتس في وزارة الخارجية.
في رسالة مقتضبة قال مكتب رئيس الوزراء إنها سُلمت إلى غالانت خلال اجتماع الساعة الثامنة مساء، أبلغه نتنياهو أن فترة ولايته ستنتهي “بعد 48 ساعة من استلام هذه الرسالة”.
واختتمت الرسالة القصيرة بالقول “أود أن أشكرك على خدمتك كوزير للدفاع”.
وبعد هذا التفاعل القصير، غادر نتنياهو الغرفة وسجل مقطع فيديو أعلن فيه إقالة خصمه القديم في حزب الليكود، حسبما ذكرت أخبار القناة 12.
وقال نتنياهو في بيان الفيديو: “للأسف، على الرغم من وجود ثقة في الأشهر الأولى من الحرب وكان هناك عمل مثمر للغاية، إلا أن هذه الثقة انهارت بيني وبين وزير الدفاع خلال الأشهر الأخيرة”.
وقال إن الاثنين اختلفا بشأن إدارة الحرب، وأن غالانت أدلى بتصريحات واتخذ إجراءات تتناقض مع قرارات مجلس الوزراء.
كما اتهم رئيس الوزراء غالانت بمساعدة أعداء إسرائيل بشكل غير مباشر.
وقال نتنياهو “لقد بذلت محاولات عديدة لسد هذه الفجوات، لكنها ظلت تتسع. كما وصلت إلى علم الجمهور بطريقة غير مقبولة، والأسوأ من ذلك أنها وصلت إلى علم العدو – أعداؤنا استمتعوا بها واستفادوا منها كثيرا”.
واستطرد نتنياهو قائلا إن “أزمة الثقة” مع وزير الدفاع “لا تمكن من الاستمرار السليم للحملة [العسكرية]”.
وقال إن معظم أعضاء الحكومة ومجلس الوزراء متفقون معه “على أن هذا لا يمكن أن يستمر. وعلى ضوء ذلك قررت اليوم إنهاء ولاية وزير الدفاع”.
إعلان الثلاثاء هو المرة الثانية خلال أقل من عامين التي يقيل فيها نتنياهو غالانت من منصب وزير الدفاع.
في مارس 2023، أقال نتنياهو غالانت بعد يوم من دعوة الأخير إلى إيقاف العملية التشريعية لخطط الإصلاح القضائي المثيرة للجدل للحكومة، والتي قال إنها تسببت في انقسامات تشكل تهديدا لأمن إسرائيل.
ولكن تمت إعادته إلى منصبه بعد أقل من شهر، وكان على رأس وزارة الدفاع عندما نفذت حماس هجومها المميت في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر من العام الماضي وبقي في منصبه طوال الحرب التي تلت في قطاع غزة والقتال على الحدود الشمالية والعملية البرية في جنوب لبنان.
بعد إقالته يوم الثلاثاء، أصدر غالانت بيانا من سطر واحد، كتب فيه على منصة “اكس” أن “أمن دولة إسرائيل كان دائما وسيظل دائما مهمة حياتي”.
وكان البيان مطابقا للتصريح الذي نشره ليلة إقالته الأولى قبل 18 شهرا.
وتحدث بالتفصيل في مؤتمر صحفي في وقت لاحق من مساء الثلاثاء، حيث بدا متأثرا بشكل واضح عندما أوضح أن سبب إقالته كان ثلاثيا: الحاجة إلى تجنيد الرجال الحريديم في الجيش الإسرائيلي، وضرورة إعادة الرهائن من غزة، والحاجة إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الهجوم الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر والحرب التي تلته.
وقال إن قضية تجنيد الحريديم “ليست قضية اجتماعية فحسب، بل هي موضوع أساسي لوجودنا – أمن إسرائيل والأمة التي تجلس في صهيون”.
وقال إن إسرائيل ستواجه تحديات معقدة في السنوات المقبلة. “في هذه الظروف، ليس هناك خيار. يجب على الجميع أن يخدموا في جيش الدفاع، وأن يشاركوا في مهمة الدفاع عن إسرائيل”.
وحذر من أنه لا ينبغي السماح بتمرير “القانون التمييزي الفاسد” بشأن تجنيد الحريديم، في إشارة إلى التشريع الذي يدفع به الحزبان الحريديان، “يهدوت هتوراة ” و”شاس”، والذي من شأنه أن يحافظ على إعفاء الذكور الحريديم من الخدمة العسكرية بعد أن قضت المحكمة العليا في وقت سابق من هذا العام بأنه لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيدهم.
وقد عارض غالانت التشريع، مما وضعه على خلاف مع الحزبين الحريديين، اللذين طالب كلاهما بتمريره كمسألة ذات أولوية وقالا إنهما على استعداد لإسقاط الائتلاف إذا لم يتم تمريره إلى القانون.
أما القضية الثانية، كما قال غالانت، فهي مسألة صفقة الرهائن.
وألمح بقوة إلى أن إسرائيل يجب أن تعطي الأولوية للتوصل إلى اتفاق لإخراج الرهائن الـ 101 المتبقين من غزة، حتى لو كان ذلك يعني بقاء حماس في القطاع.
وقال: “من يموت بين الرهائن لا يمكن إعادته أبدا. ليس هناك ولن يكون هناك أي تكفير عن التخلي عن الرهائن” الذي “سيصبح وسم قايين على جبين المجتمع الإسرائيلي وعلى جبين أولئك الذين يقودون هذا الطريق الخاطئ”.
وأخيرا، دعا إلى إجراء تحقيق حكومي في الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر، والذي قُتل فيه نحو 1200 شخص وتم احتجاز 251 آخرين كرهائن عندما اجتاح المسلحون عشرات البلدات في جنوب إسرائيل.
وأشار غالانت إلى ضرورة التوصل إلى الحقيقة واستخلاص العبر العسكرية والسياسية والأمنية، محذرا من أن هذا هو السبيل الوحيد لإعداد القوات الإسرائيلية لمواجهة التحديات المستقبلية.
وقال بصوت مختنق إن أمن إسرائيل هو مهمة حياته.
وأشاد بجهود الحرب خلال العام الماضي، قائلا إن إسرائيل “ضربت غزة ولبنان” وحاربت الإرهاب في الضفة الغربية.
وقال: “لقد قضينا على قادة الإرهاب في العالم وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط. لقد عملنا لأول مرة في ضربة دقيقة وقاتلة وسريعة في إيران (…) منذ 7 أكتوبر، ركزت على مهمة واحدة – النصر في الحرب”.
ثم حذر من “الظلام الأخلاقي” الذي “يحيط بنا”، دون أن يذكر نتنياهو.
واختتم قائد الكوماندوز البحري السابق تصريحاته بتحية ضحايا الحرب والرهائن وعائلاتهم.
وقد قوبل هذا الإعلان المفاجئ بمزيج من الغضب من جانب أعضاء المعارضة والابتهاج من جانب أعضاء الإئتلاف، الذين انتقد العديد منهم علانية موقف غالانت بشأن مجموعة متنوعة من المسائل المتعلقة بالحرب.
ورحب وزير الاتصالات شلومو قرعي بإقالة زميله في حزب الليكود وأكد أنه “فشل في الارتقاء إلى مستوى الروح البطولية لمحاربينا الشجعان الذين يطالبون بالنصر”، وأن رحيله سيمهد الآن الطريق لتحقيق النصر في غزة.
وسعى إلى ربط إقالة غالانت بدعواته الأخيرة لإقالة المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، التي اشتبكت، مثل غالانت، مع الحكومة عدة مرات بشأن القوانين والقرارات التي تعتبرها غير قانونية.
وكتب قرعي “آخر من بقي لعرقلة الحكومة ومحاربتها هي السيدة ميارا. ارسلها إلى منزلها الآن”.
في غضون ذلك، دعت “الحركة من أجل جودة الحكم” في إسرائيل بهاراف ميارا إلى “التدخل فورا وفحص” قانونية قرار إقالة غانتس.
وقالت المنظمة في بيان لها إن إنهاء خدمته كان “تحركا سياسيا ضيقا يضع المصالح الشخصية والسياسية فوق مصلحة الدولة وأمن مواطنيها”.
وربطت المنظمة قرار نتنياهو بدفع حكومته لتمرير تشريع يهدف إلى تسهيل “تهرب” الإسرائيليين الحريديم من الخدمة العسكرية، وقالت إن إقالة غالانت “في وقت يقاتل فيه الجيش الإسرائيلي على جبهات مختلفة، يشكل إصابة خطيرة للنظام الأمني ومبادئ الإدارة السليمة، ويشير إلى فشل قيادي خطير”.
ونقل موقع “واللا” الإخباري عن مصادر مقربة من رئيس الوزراء قولها إنه يخطط أيضا لإقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال هرتسي هليفي ورئيس الشاباك رونين بار، مما زاد من مخاوف منتقدي نتنياهو.
وبينما يتمتع نتنياهو بالسلطة الوحيدة لاستبدال بار، فإن وزير الدفاع مسؤول عن إقالة أو ترشيح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي. وعلى عكس غالانت، يُنظر إلى وزير الدفاع القادم كاتس على نطاق واسع على أنه مستعد لتنفيذ أوامر نتنياهو.
لكن مكتب رئيس الوزراء نفى صحة التقرير، مشددا على أنه “غير صحيح ويهدف إلى زرع الفرقة”، وأصدر في وقت لاحق بيانا آخر قال فيه إن نتنياهو تحدث مع هليفي وبار ومدير الموساد دافيد برنياع، وأبلغهم أنه “يتطلع إلى العمل المشترك مع وزير الدفاع الجديد”.
ونفى بيان مكتب رئيس الوزراء السابق أيضا أن تكون للأحزاب الحريدية أي علم سابق بخطة نتنياهو لإقالة غالانت، وأصر على أنها “علمت بالأمر من وسائل الإعلام”.
وفي بيان خاص به، رحب كاتس، وهو أيضا عضو في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، بتعيينه الجديد كوزير للدفاع لكنه لم يذكر غالانت.
وقال كاتس في حسابه على منصة “اكس”، “أشكر رئيس الوزراء نتنياهو على الثقة التي أولاها لي بتعييني في منصب وزير الدفاع” مضيفا “أقبل هذه المسؤولية بإحساس بالمهمة والتزام عميق بأمن دولة إسرائيل ومواطنيها”.
وتعهد بأنهما “سيعملان معا لدفع المؤسسة الدفاعية نحو النصر على أعدائنا وتحقيق أهداف الحرب: عودة جميع الرهائن باعتبارها المهمة الأكثر أهمية، وتدمير حماس في غزة، وهزيمة حزب الله في لبنان، وكبح العدوان الإيراني والعودة الآمنة لسكان الشمال والجنوب إلى منازلهم”.
ولم يصدر تعليق فوري عن ساعر الذي قال في سبتمبر إنه رفض عرضا لتولي منصب وزير الدفاع بدلا من غالانت ووصفه بأنه غير مناسب في ضوء الحرب المستمرة.
وكما فعلوا في مارس 2023، نزل المتظاهرون إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد، وانضموا إلى المظاهرات العفوية التي أطلق عليها اسم “ليلة غالانت 2″، على الرغم من أن الاحتجاجات بدت أصغر في حجمها من العام الماضي.
اندلعت الاحتجاجات في كل من تل أبيب والقدس، في حين أفادت تقارير بأن العشرات احتجوا في حيفا ونهاريا وبلدات أخرى في شمال إسرائيل، في تحد لتعليمات قيادة الجبهة الداخلية للحد من التجمعات العامة وسط إطلاق الصواريخ المستمر من لبنان.
في تل أبيب، استغل الآلاف الطبيعة العفوية للاحتجاج ونزلوا إلى طريق أيالون السريع، وأغلقوا حركة المرور في كلا الاتجاهين حيث لم تتمكن الشرطة من إغلاق مداخل الطريق بالشاحنات، كما تفعل عادة في احتجاجات ليالي السبت الأسبوعية.
وفي مدينة القدس، تجمعت حشود بالقرب من مقر إقامة نتنياهو الخاص في شارع عزة، مطالبين بإقالة رئيس الوزراء الذي وصفوه بـ”الطاغية”، وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
ووصف منتدى عائلات المختطفين قرار إقالة غالانت بأنه “استمرار مباشر للجهود الرامية إلى نسف صفقة الرهائن”.
وفي بيان لها، أعربت المجموعة، التي تمثل عائلات الرهائن الذين تم احتجازهم كرهائن في 7 أكتوبر، عن “قلقها العميق” بشأن الإقالة “وكيف يمكن أن يؤثر هذا التغيير المفاجئ على مصير 101 رهينة يحتجزهم إرهابيو حماس في غزة”.
وقالت إنها تتوقع من كاتس أن “يعطي الأولوية لصفقة الرهائن وأن يعمل بشكل وثيق مع الوسطاء والمجتمع الدولي لضمان الإفراج الفوري عن جميع المختطفين (…) مستقبلنا كمجتمع يعتمد على عودة جميع المختطفين وإنهاء هذه الحرب”.
ساهم في هذا التقرير نوعم ليمان وعيدو شيجتر