إسرائيل في حالة حرب - اليوم 374

بحث
مقال رأي

نتنياهو يقود إسرائيل إلى الهاوية

فقط حكومة عازمة على فعل ما هو غير معقول هي التي ستتحرك لضمان عدم قدرة القضاة على الدفاع ضده

دافيد هوروفيتس

دافيد هوروفيتس هو المحرر المؤسس لتايمز أوف اسرائيل. وقد كان رئيس هيئة التحرير في جروزالم بوست (2004-2011) والجروزالم ريبورت (1998-2004) وهو ايضا المؤلف لكتاب "الحياة الساكنة مع مفجرين" (2004) "واقرب من قريب الى الله" (2000) كما وانه شارك في كتابة "وداعا صديق: حياة ووصية اسحاق رابين" (1996)

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يصل الى مكتبه لترؤس الجلسة الاسبوعية للحكومة في القدس، 9 يوليو، 2023. (GIL COHEN-MAGEN / POOL / AFP)
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يصل الى مكتبه لترؤس الجلسة الاسبوعية للحكومة في القدس، 9 يوليو، 2023. (GIL COHEN-MAGEN / POOL / AFP)

بعد ستة أشهر من كشف وزير العدل ياريف ليفين عن خطة الإئتلاف لتحييد القضاء، وبعد أربعة أشهر من التحذير الذي أطلقه رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ من أن إسرائيل تتجه نحو “هاوية دستورية وأمنية واجتماعية واقتصادية”، حانت لحظة تاريخية كئيبة.

يمرر الكنيست يوم الإثنين في قراءة أولى تشريعا سيحمي المسؤولين المنتخبين من التدقيق القضائي في “معقولية” قراراتهم – الجزء الأول من حزمة تشريعية تم إنشاؤها لمنح سلطة شبه مطلقة للأغلبية الحاكمة وحرمان المحاكم القدرة على حماية إسرائيل والإسرائيليين من انتهاكات الحكومة.

فقط حكومة عازمة على القيام بما هو غير معقول هي التي تتحرك لضمان ألا يتمكن القضاة – المكبح الوحيد لسلطة الأغلبية في بلد بدون دستور وبدون دفاع مكرس في القانون عن حرية الدين وحرية التعبير والحقوق الأساسية الأخرى – من مراجعة معقولية سياساتها.

وهذه الحكومة – بخططها الخاصة والخطط المعلنة للأحزاب التي تركبها لإعفاء الرجال الحريديم من الخدمة العسكرية أو المدنية، وتقديم إعانات ضخمة لدراستهم للتوراة بدوام كامل؛ وتمكين التمييز على أساس المعتقد الديني؛ وتوسيع السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية دون حقوق متساوية للفلسطينيين – تقود إسرائيل إلى منطقة غير معقولة تماما.

عشية القراءة الأولى يوم الإثنين، انخرط الوزراء في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في هجوم استمر لساعات بلا قيود على المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، لأنها حذرت من الطبيعة المناهضة للديمقراطية لمشروع القانون هذا والعناصر الأخرى من الحزمة التي كشف عنها ليفين قبل ستة أشهر، بما في ذلك خطته لمنح الإئتلاف سيطرة شبه كاملة على تعيين جميع القضاة في إسرائيل.

واحدا تلو الآخر، نددوا بها لفشلها في ضمان اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد مئات آلاف الإسرائيليين الذين يتظاهرون ضد خطة تكبيل القضاء في الأشهر الستة الأخيرة، متجاهلين حقيقة أن المفوض العام للشرطة كوبي شبتاي قال لهم إن عدد الشرطيين الذين أصيبوا خلال الاحتجاجات منذ شهر يناير “هو صفر”.

ليفين بنفسه اقترح أن بهاراف-ميارا ما كان ينبغي أن “تنحاز إلى أحد الجانبين” من خلال إصدار ورقة موقف في شهر فبراير حذرت فيها من أن الحزمة التشريعية من شأنها أن تمنح الحكومة عمليا سلطة غير مقيدة دون توفير أي حماية مؤسسية للحقوق الفردية أو للطابع الديمقراطي لإسرائيل. المستشارة القضائية شرحت له، خلال مقاطعاته لها، أنها كانت تقوم بعملها بصفتها كبيرة المستشارين القانونيين للحكومة.

النائبة العامة غالي بهاراف-ميارا خلال حفل ترحيب لها في القدس، 8 فبراير، 2022. (Courtesy Yonatan Sindel / Flash90)

دعا العديد من الوزراء إلى إقالة بهاراف-ميارا، وهو ما وصفه زعيم حزب “الوحدة الوطنية” المعارض بيني غانتس في وقت لاحق بأنه “عرض رعب”. كما دافع الرئيس هرتسوغ عن المستشارة القضائية منتقدا “التهجم الجامح على الموظفين الحكوميين” الذي وصفه بأنه “غير محتمل وغير مقبول”. كما وجه هرتسوغ مناشدة أخرى، دون جدوى، للعودة إلى المحادثات التي كان يستضيفها بهدف صياغة عملية إصلاح قضائي توافقية.

المفوض العام للشرطة شبتاي – الذي قال للوزراء الصاخبين “يمكننا أخذ الهراوات والخيول وإخلاء [المتظاهرين الذين يغلقون الطرق] في دقيقة واحد، ولكن كم سيكون عدد الإصابات؟” – في طريقه لإنهاء منصبه بالفعل، بعد أن لم يحظ برضا محرض يميني متطرف عنيف يشغل الآن منصب وزير الشرطة، وهو إيتمار بن غفير. قائد شرطة تل أبيب، عامي ايشد، انهى منصبه بالفعل – واختار الاستقالة بدلا من أن يتم تهميشه بشكل مهين.

على الفور، في مظاهرات التضامن التي انطلقت يوم الأربعاء الماضي، كانت تكتيكات الشرطة أكثر عنفا بشكل ملحوظ، حيث تم استخدام خراطيم المياه ضد المتظاهرين من مسافة أقرب من النطاق المسموح به في القدس وعلى وجة الخصوص في أبيب، مع ما يترتب على ذلك من إصابات. مما لا شك فيه، أن بن غفير سيُنصب لشبتاي خلفا سيكون أكثر ميلا إلى تطبيق هذا النوع من المعاملة بانتظام.

الناشط في حركة “الإخوة في السلاح” أودي أوري في المستشفى، 7 يوليو 2023، بعد إصابته في عينه جراء إصابة مباشرة من خراطيم المياه أثناء احتجاج على خطة الإصلاح القضائي في تل أبيب، 5 يوليو، 2023. (Courtesy)

تجديدا لحملتها التشريعية، بعد تعليقها في أواخر مارس عندما تمادى نتنياهو في إعلانه عن إقالة وزير دفاعه يوآف غالانت، من الواضح أن الائتلاف غير مبال باستطلاعات الرأي التي تظهر أن معظم الرأي العام وجزء لا بأس به من مؤيديه يعارضون تحطيم ميزان القوى الحساس والضروري ديمقراطيا بين السلطتين التنفيذية والقضائية.

وبينما تدفع القيادة الأرثوذكسية المتشددة بأجندتها الانفصالية المدعومة بأموال دافعي الضرائب، ويتلذذ اليمين المتطرف الذي يؤمن بتفوق العرق اليهودي باحتمالية التوسع السريع للمستوطنات في الضفة الغربية وضم المنطقة، من الواضح أن الإئتلاف غير مبال أيضا بانهيار الاستثمار في قطاع التكنولوجيا الفائقة الذي يُعد المحرك الرئيسي للاقتصاد؛ وبالخطط المعلنة لأعداد كبير من جنود الاحتياط الحيويين رفض الالتحاق بالخدمة العسكرية في بلد لن يكون ديمقراطيا بشكل يُعتمد عليه؛ وبتلاشي أمل التطبيع مع المملكة العربية السعودية؛ وبتوتر العلاقات مع الحليف الرئيسي لإسرائيل، الولايات المتحدة. بعد أن انتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الأحد وجود بعض “الأعضاء الأكثر تطرفا” الذين رآهم على الإطلاق في الحكومة الإسرائيلية، رد أحدهم، وهو بن غفير، بازدراء متوقع ولا يطاق: “ينبغي على الرئيس بايدن أن يستوعب أن إسرائيل لم تعد نجمة أخرى على العلم الأمريكي”.

رجل واحد كان بإمكانه تجنب هذه المأساة الوطنية الآخذة بالتطور في الأشهر الستة الأخيرة – الرجل الذين بدأها، بنيامين نتنياهو. لكن لديه هو أيضا أجندة: الحفاظ على السلطة – مع كل شخص يدعمه أيا كان، مهما كلف ذلك، كما نحن على وشك أن نرى، بلدنا المعجزة والممزق والحيوي من ثمن على ما يبدو.

اقرأ المزيد عن