نتنياهو يعتمد على فرض عقوبات أكثر صرامة في محاولة لإلغاء الإتفاق الإيراني
بعيدا عن الفكاهة والاستعارات التي يستخدمها نتنياهو غالبا، خطاب هذه المرة في الأمم المتحدة يضع جزئيا خطة لكيفية "تعديل أو رفض" الاتفاق النووي، على الرغم من بقاء الثغرات في المخطط

نيويورك – في عام 2012 كانت “البطة النووية” هي الإستعارة لوصف ايران. بعد ذلك بعام، الإستعارة كانت أن الرئيس الإيراني أراد “أكل كعكة صفراء”. والآن الإستعارة هي “طيور البطريق” التي تميّز أن بعض الأشياء هي بالأبيض والأسود، هي صائبة وخاطئة.
فعندما يلقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطابات سياسية مهمة، فإن الاستعارات متنوعة ومتعددة الألوان وغالبا ما تكون فكاهية – ولكن المغازي الأساسية هي نفسها في العادة: إيران تشكل خطرا على العالم الحر، ليس لدينا صديق أقوى من الولايات المتحدة، واسرائيل مستعدة للسلام مع الفلسطينيين بل والعالم العربي كله (على الرغم من أن التزامه بمبدأ “دولتين لشعبين”، الذي تم التعبير عنه في العام الماضي، غاب عن خطاب يوم الثلاثاء).
خطاب يوم الثلاثاء كان مختلفا. بعيدا عن الفكاهات الكرتونية وغيرها من المزاح اللطيف، وهي ما يمكن تذكره من خطاباته عادة، هذه المرة نتنياهو (باستثناء طيور البطريق) دخل في المواضيع المهمة وفي ما يجب القيام به حول الاتفاق النووي المكروه، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المكتب البيضاوي.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!

وتحدث نتنياهو في العام الماضي أيضا عن “العدوان الإيراني والإرهاب”، وتعهد بعدم السماح للنظام بالحصول على اسلحة نووية. لكنه لم يكن يحلم بوجود رئيس اميركي يتحدث عن الغاء الإتفاق أو تعديله.
هذا العام، بالرغم من ذلك، نتنياهو كان واضحا جدا. سياسة إسرائيل تجاه الإتفاق النووي بسيطة جدا، أعلن: “تغييره أو إلغائه. إصلاحه أو رفضه تماما”.

لقد كانت هذه عبارات ذكية، بدون شك، لكن نتنياهو أوضح ما يعنيه ذلك، جزئيا على الأقل.
“رفض الإتفاق يعني اعادة الضغط الهائل على ايران بما في ذلك العقوبات الصارمة حتى تفكك ايران قدراتها النووية”، قال نتنياهو. “إن تعديل الإتفاق يتطلب أمورا كثيرة، من بينها تفتيش الجيش وأي موقع آخر مشتبه فيه، ومعاقبة إيران على كل انتهاك. ولكن قبل كل شيء، تحديد الصفقة يعني التخلص من بند الإنقضاء”.
نتنياهو الذي دعا الى اعادة فتح اتفاق ايران، والذي ناقش سبل “تعديل الإتفاق”، يراهن بشكل رئيسي على قوة العقوبات. تفكير نتنياهو هو أن العقوبات التي تستطيع أن تشل ايران هي التي جلبتها إلى المفاوضات في المقام الأول، ومع عقوبات أشد، يمكن إجبار الجمهورية الإسلامية على تفكيك طموحاتها النووية بالكامل.
مؤيدو الإتفاق، الذي وقعته إيران مع ست قوى عالمية، لا يوافقون نتنياهو. إنهم يقولون إن الأمر استغرق سنوات وجولات عديدة من المفاوضات الصعبة لإنشاء نظام العقوبات، وأنه سيكون من المستحيل فعل الشيء نفسه مرة أخرى.
وحتى لو انسحبت الولايات المتحدة من جانب واحد من الإتفاق، وفرضت عقوبات صارمة على ايران، فإن لاعبين رئيسيين آخرين مثل روسيا والصين واليابان وغيرهم من غير المرجح أن يحذوا حذوها، مما يحد من تأثير العقوبات الأمريكية الى حد ما.

ومع إلغاء العقوبات الدولية، ستدخل الشركات في أوروبا وغيرها من الأسواق دخول السوق الايراني بسرور، ومن غير المرجح ان تتوقف الدول عن التجارة مع طهران فقط لأن نتنياهو وترامب لا يحبان الإتفاق، كما يقول مؤيدو الميثاق.
ولم يتحدث نتنياهو في خطابه عن هذه المخاوف. إلا أنه أعرب خلال مؤتمر صحافي عقده يوم الإثنين عن اقتناعه التام بأن انسحاب الولايات المتحدة سيؤدي الى انسحاب دول أخرى من الإتفاق.
ما يعطي نتنياهو الثقة للإعتقاد بأن العالم بأسره سينسجم مع الموقف الأمريكي هو سيادة سلطة الولايات المتحدة المالية.

ومثلما فعل قبل توقيع الإتفاق، لا يزال نتنياهو يعتقد أن أكبر اقتصاد في العالم له تأثير كبير على جميع البلدان الأخرى. وإذا ما هدد البيت الابيض بوقف أو تقييد التجارة مع الدول التي لا تنضم الى سياستها المناهضة لإيران، فان دول العالم ستكون على يقين من ان تنضم سريعا الى نظام عقوبات دولي جديد.
وكما قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى هذا الأسبوع: “أن تحصل على الاقتصاد الإيراني – هذا ممتاز. أن تحصل على الاقتصاد الأمريكي – هذا أمر لا بد منه”.
والعقوبات من هذا النوع نادرة بشكل لا يصدق، ويمكن أن تكون لها نتائج عكسية من خلال عزل نظام العقوبات، لذلك ليس واضحا لماذا يعتقد نتنياهو أن ترامب، في خضم حملة لإعادة الاقتصاد الأمريكي مرة أخرى، سيكون مستعدا لمعاقبة كل بلد لا يفرض العقوبات المفروضة على إيران.

ولم يقدم المسؤول أي توضيح حول هذه المسألة.
وبقدر ما يرفض ترامب الإتفاق النووي، لا يزال يتعين علينا أن نرى ما إذا كان سيخاطر بإيذاء اقتصاد أمريكا من خلال منع الشركاء التجاريين الحاسمين من أسواقها.
في بعض الأحيان، على عكس “طيور البطريق”، الأمور ليست فقط أسود وأبيض.
تعليقات على هذا المقال