إسرائيل في حالة حرب - اليوم 429

بحث
تحليل

نتنياهو يصل إلى الولايات المتحدة في وقت ينصب الاهتمام كله على السباق الرئاسي

من المقرر أن يلتقي نتنياهو مع بايدن يوم الخميس وأن يلقي خطابا أمام الكونغرس في اليوم التالي؛ حتى نائب ترامب المعين لن يحضر بسبب موسم الحملات الانتخابية؛ واللقائين مع هاريس وترامب ما زالا غير مؤكدين وقد يؤخرا عودته إلى البلاد؛ في واشنطن لا أحد في مزاج لمناورات نتنياهو السياسية ولهجة خطابه ومحاولاته لاستمالة النفوس، ولا حتى تحركاته لإبقاء حكومته على قيد الحياة

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (ظهره إلى الكاميرا) يرحب بالرئيس الأمريكي جو بايدن عند وصوله إلى مطار بن غوريون الدولي، 18 أكتوبر، 2023. (Brendan Smialowski/AFP)
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (ظهره إلى الكاميرا) يرحب بالرئيس الأمريكي جو بايدن عند وصوله إلى مطار بن غوريون الدولي، 18 أكتوبر، 2023. (Brendan Smialowski/AFP)

كان من المفترض أن يلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض، لكن الرئيس لم يتعاف بعد من اصابته بفيروس كورونا. أُعلن في الليلة الماضية إن اللقاء سيعقد يوم الخميس، أي اليوم التالي لخطابه أمام الكونغرس. من البداية حدد نتنياهو موعد إلقاء خطابه أمام مجلسي الكونغرس يوم الاثنين في 24 يوليو، دون أن يتم تحديد مسألة الاجتماع.

مضى يوم ونصف من انسحاب بايدن من السباق الرئاسي وما زال الرئيس لم يتحدث مباشرة إلى الجمهور الأمريكي بصوته. بحسب تقارير في الولايات المتحدة فإن صوت بايدن أجش وضعيف وبعد سلسلة الظهورات السيئة له في وسائل الإعلام، لا يريد أن يظهر ضعيفا مرة أخرى أمام الجمهور.

لم يتوقع أحد أن يحط نتنياهو في واشنطن في خضم عاصفة سياسية ضخمة – رئيس ينسحب من السباق الرئاسي قبل أقل من شهر من مؤتمر حزبه؛ رئيس سابق يتعرض لمحاولة اغتيال؛ نائبة رئيس، وهي امرأة سوداء، تجد نفسها فجأة في الصف الأول – وكل ذلك خلال أيام قليلة.

عندما خطط نتنياهو لرحلته، حصل أولا على دعوة من زعماء الأغلبية والأقلية في الكونغرس – وفقط بعد ذلك توجه بطلب للقاء في البيت الأبيض. طوال الأشهر العشرة الأولى من ولاية بايدن في واشنطن، أعربوا في الإدارة الأمريكية عن عدم رضاهم عن التحركات المتعلقة بالتعديلات القضائية.

وقال بايدن حينها أنه لن يدعو نتنياهو إلى البيت الأبيض ولكن في سبتمبر 2023 – قبل أسبوعين من الحرب – التقى مع نتنياهو على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، مثلما التقى مع قادة آخرين من العالم. لكن اللقاء الذي طال انتظاره في البيت الأبيض لم يأت، حتى خلال الحرب. الآن، وبعد أن تم الاتفاق على موعد الخطاب في الكونغرس، تلقى نتنياهو دعوة أخيرا إلى البيت الأبيض.

هذه الأيام حساسة بشكل خاص في واشنطن. ينبغي لسياسي أجنبي صاحب تاريخ طويل من التدخل في الانتخابات لصالح حزب واحد (الحزب الجمهوري) أن يمشي على قشر البيض عندما يسير في شارع بنسلفانيا. ليس هناك مجال للتعثر، كل شيء حساس للغاية.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتحدث للصحفيين قبل توجهه إلى الولايات المتحدة، في مطار بن غوريون، 22 يوليو، 2024. (Amos Ben Gershom/GPO)

حيل نتنياهو لا تعجب بايدن أصلا والآن بعد أن أصبح في وضع مؤلم وحزين، لن يكون الرئيس الأمريكي بالتأكيد بحاجة إلى ابتساماته المتعجرفة. ولكن إذا شعر أنه بصحة جيدة وحصل على موافقة الطبيب، فسوف يكون لزاما عليه أن يُظهِر للرأي العام الأمريكي أنه يسيطر على جدول الأعمال فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية والداخلية. من وجهة النظر هذه، فإن 20 دقيقة قصيرة في المكتب البيضاوي إلى جانب نتنياهو من شأنها أن تخدم هذا الغرض بالفعل.

وفي ضوء المشاكل العديدة التي يواجهها بايدن في البث المباشر، فقد يتخلى عن فقرة الأسئلة والأجوبة في المكتب البيضاوي. ولن يكون أمام نتنياهو خيار سوى قبول إملاءات البيت الأبيض، إذا تم عقد لقاء أصلا.

لافتات داعمة لكامالا هاريس في واشنطن العاصمة، 21 يوليو 2024 (Daniel SLIM / AFP)

كما أن الاجتماع مع المرشحة المحتملة، نائبة الرئيس كامالا هاريس، ليس مؤكدا أيضا. وحتى الليلة الماضية، لم تتمكن فرق رئيس الوزراء من تحديث اليوم والمكان الذي سيعقد فيه الاجتماع. منذ مساء الأحد، تجري هاريس اتصالات هاتفية بمندوبي الحزب الديمقراطي، واحدا تلو الآخر تقريبا.

ولقد حصلت الليلة على دعم أكثر من 1970 مندوبا اللازمين لجمع 50% من الأصوات وأكدت دعم المؤتمر لها. وبين المكالمات، سافرت بالأمس إلى ديلاوير لحضور أول اجتماع لفريق حملتها. جدول أعمالها مزدحم للغاية وهي لن تحضر خطاب نتنياهو في الكونغرس.

من سيحل مكانها في إدارة مجلس الشيوخ سيكون السناتور الديمقراطي اليهودي من فلوريدا، بن كاردين البالغ من العمر 80 عاما، والذي سيعتزل الحياة السياسية في يناير 2025. متى سيكون لها الوقت للقاء نتنياهو؟ يصعب معرفة ذلك. وينبغي أن يكون لها أيضا مصلحة في لقاءه لكي تظهر للرأي العام الأمريكي أنها تسيطر على جدول الأعمال وعلى المضمون وأنها قادرة على التعامل مع قضايا السياسة الخارجية.

المرشح لنائب الرئيس في الحزب الجمهوري، السناتور جيه دي فانس من ولاية أوهايو، لن يكون هو أيضا حاضرا في خطاب نتنياهو أمام الكونغرس. ليس لدية أي مشكلة مع نتنياهو، لكنه ملتزم بالحملة الانتخابية – يجب عليه تصوير مقاطع فيديو، وحضور تجمعات انتخابية، والظهور إلى جانب ترامب، وإبراز شخصيته العامة.

جيه دي فانس ودونالد ترامب في المؤتمر الجمهوري بعد تأكيد ترشحهما للانتخابات الرئاسية الأمريكية، 15 يوليو، 2024. (AP Photo/Paul Sancya)

ففي نهاية المطاف، هو شخص يقل عمره عن 40 عاما وهو أقل شهرة لدى عامة الناس من بايدن أو هاريس أو ترامب. وهو ليس بحاجة إلى ترك انطباع لدى مشاهدي التلفزيون الإسرائيليين. إن الجلوس لمدة أكثر من ساعة في الكونغرس والتصفيق بحرارة لنتنياهو ليست بالضبط المادة التي تصنع منها الحملات الانتخابية في الولايات المتأرجحة.

فريق نتنياهو معني جدا بلقاء مع الرئيس السابق ترامب، وقد ثبت أيضا صعوبة تحقيق هذا الهدف. بحسب تقرير في موقع “بوليتيكو” يوم الإثنين، قال فريق الحملة الانتخابية لترامب إن اللقاء بين الاثنين، إن حدث، سيكون فقط بعد التجمع الانتخابي لترامب في مدينة شارلوت بولاية كارولينا الشمالية.

يبدأ التجمع في الساعة 18:00 وينتهي في الساعة 21:00 (على الرغم من أن هذه الأحداث غالبا ما تستمر حتى ساعات متأخرة). ولم يؤكد ترامب إجراء اجتماع، لكن إذا تم عقده فلن يحدث إلا صباح الجمعة في فلوريدا.

مثل هذا التوقيت سيعقّد الرحلة – وسيكون على نتنياهو أن يقضي يوم السبت في ميامي، حتى لا يدنسه. لم ينجح “زمان يسرائيل”، الموقع الشقيق ل”تايمز أوف إسرائيل” باللغة العبرية، من الحصول على إجابة من مكتب نتنياهو بشأن الجدول الزمني المتوقع، ولكن من الواضح أن محطة أخرى ستعقّد الأمور بشكل كبير، خاصة وأن على متن الطائرة هناك عائلات المخطوفين وعشرات الموظفين في مكتب رئيس الوزراء. أين سيتم وضع كل هؤلاء؟

دونالد ترامب مع ضمادة على أذنه في مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلووكي. 15 يوليو، 2024 (AP Photo/Paul Sancya)

ما المتوقع في مضمون خطاب نتنياهو؟

من المقرر أن يلقي نتنياهو خطابه أمام مجلسي الكونغرس يوم الأربعاء، 24 يوليو، الساعة 21:00 بتوقيت إسرائيل. من المحتمل أن يتم بث أجزاء من الخطاب في الولايات المتحدة، لكن وسائل الإعلام هناك مشغولة كل دقيقة بمحاولة اغتيال ترامب وتغير الأجيال في الحزب الديمقراطي، والتقارير الواردة من غزة تكاد تكون معدومة على الشاشة.

في إسرائيل كان هناك من اعتقد في الأيام الأخيرة أن نتنياهو قد يستغل الوضع ليعلن قبول صفقة إطلاق سراح الرهائن. لكن ذلك سيكون غريبا، لأنه قبلها وعرضها من قبل. كيف تعلن عن شيء تم الإعلان عنه بالفعل؟

حتى أن الرئيس بايدن مرر التصديق على مبادئ الصفقة في الأمم المتحدة، لكن نتنياهو يضيف منذ ذلك الحين شروطا جديدة، خاصة في ضوء ما يراه الجيش الإسرائيلي انهيارا لقيادة حماس. إذا كانت هناك شروط جديدة، فهل يبدأ التفاوض برمته من البداية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما أهمية إعلان نتنياهو قبوله للصفقة؟ وقد ترفضها حركة حماس رفضا قاطعا على أساس أنها صفقة مختلفة عما تم الاتفاق عليه.

وفي حال التقى نتنياهو مع بايدن، فمن المتوقع أن يضغط الأخير على نتنياهو للالتزام بالصفقة، على النحو الذي تم تحديده منذ فترة طويلة. في المقابل، يريد نتنياهو بيانا مصورا من بايدن يعترف فيه بضرورة إنشاء آلية لمنع مرور المسلحين إلى شمال قطاع غزة، وموافقة على التواجد الإسرائيلي في محور فيلادلفيا.

لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزوجته سارة مع أهالي المختطفين في واشنطن، 23 يوليو، 2024. (Amos Ben Gershom/GPO)

كما ذكرنا سابقا، هاتان الإضافتان لم تكونا موجودتين في الصفقة الأصلية، مما قد يؤدي إلى إلغاء العملية بالكامل.

من الصعب التكهن بكيفية تطور اللقاء بين بايدن ونتنياهو، إن حدث أصلا. هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن لا أحد في واشنطن في مزاج لمناورات نتنياهو السياسية ولغة خطابه ومحاولاته لاستمالة للنفوس، ولا حتى تحركاته لإبقاء حكومته على قيد الحياة.

اقرأ المزيد عن