نتنياهو يشيد باغتيال نصر الله ويحذر إيران: إسرائيل قادرة على الوصول إلى أي مكان
رئيس الوزراء، الذي يبدو أنه استُهدف بإطلاق صاروخ من وكلاء إيران، يقول إن عملية الاغتيال ستغير ميزان القوى الإقليمي؛ الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع لحزب الله بينما يعقد غالانت اجتماعات لمناقشة توسيع الهجوم
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم السبت إن اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في غارة جوية يوم الجمعة سيعيد تشكيل هياكل القوة في الشرق الأوسط، محذرا إيران من أن الجيش الإسرائيلي قد يضرب في أي مكان يحتاج إلى ضربها في المنطقة.
جاءت أول تعليقات علنية لنتنياهو منذ غارة جوية إسرائيلية ضخمة قتلت زعيم حزب الله في مقره بجنوب بيروت يوم الجمعة، في الوقت الذي استمرت فيه الطائرات المقاتلة في قصف أهداف حزب الله، معلنة عن حصار يهدف إلى إحباط شحنات الأسلحة الإيرانية إلى لبنان وتهديد بتوسيع الضربات بعد ما يقرب من أسبوع من القتال المكثف.
على الرغم من تكبده خسائر فادحة من أيام من الغارات الجوية المكثفة على مخازن أسلحته وقيادته، واصل حزب الله استعراض ترسانته الصاروخية الواسعة طوال يوم السبت، حيث أطلق ما لا يقل عن 100 صاروخ على إسرائيل، بما في ذلك ما بدا أنه أول هجوم للمجموعة يستهدف القدس.
لقد كان اغتيال العدو القديم الذي وقف على رأس ما كان يُعتبر أقوى وكيل لإيران بمثابة تتويج لسلسلة من الضربات الإسرائيلية التي أودت بحياة الكثير من قيادات الجماعة، وأدت إلى حالة من عدم اليقين العميق بشأن ما إذا كان الاغتيال يمكن أن يكون بمثابة مقدمة لحرب أوسع نطاقا.
وفي حديثه من القدس بعد عودته من رحلة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قال نتنياهو إن استهداف إسرائيل لنصر الله كان ضروريا لتحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية، والسماح لسكان شمال إسرائيل النازحين بسبب ما يقرب من عام من إطلاق صواريخ حزب الله بالعودة إلى منازلهم.
وقال إن “نصر الله لم يكن مجرد إرهابي آخر، بل كان الإرهابي. إن القضاء على نصر الله كان شرطا ضروريا لتحقيق الأهداف التي وضعناها – إعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم وتغيير ميزان القوى في المنطقة لسنوات”.
وأضاف نتنياهو “طالما كان نصر الله على قيد الحياة، لكان سيعيد تأهيل قدرات حزب الله بسرعة”.
ومع انتقال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إلى مكان آمن، بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي وكأنه يوجه تحديا مباشرا لطهران، التي زودت حزب الله بالأموال والأسلحة والمعرفة، مما جعله فرعا لا يُستهان به للجمهورية الإسلامية على الحدود الشمالية لإسرائيل.
وقال نتنياهو “من يضربنا سنقوم بضربه. لا يوجد مكان في إيران أو الشرق الأوسط بعيد عن متناول الذراع الطويلة لإسرائيل، واليوم أنتم تعرفون مدى صحة هذا الكلام”.
كان نصر الله، الذي كان يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه هدف اغتيال رئيسي لإسرائيل، قد أمضى أكثر من عقد من الزمان في تجنب الظهور العلني للبقاء للبقاء بعيدا عن نطاق الخطر، ولكن في مساء يوم الجمعة، نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية ضربة كبيرة على معقل حزب الله في الضاحية جنوب لبيروت، مما أسفر عن مقتل نصر الله، إلى جانب العديد من كبار القادة الآخرين، في مقر الجماعة.
بحسب صحيفة “نيويورك تايمز“، أظهر تحليل لمقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي للطائرات وهي تقلع لتنفيذ الغارة أنها كانت تحمل ما لا يقل عن 15 قنبلة زنة 2000 رطل، بما في ذلك ذخائر من طراز BLU-109 أمريكية الصنع مع حزم من ذخائر الهجوم المباشر المشترك (JDAM) المثبتة عليها، مما يشير إلى أن إسرائيل استخدمت في الضربة أسلحة تخترق الأرض تُعرف باسم القنابل الخارقة للتحصينات.
وقال نتنياهو إنه قرر إصدار الأوامر بتنفيذ الضربة بعد أن خلص إلى استنتاج بأن هجمات إسرائيل على حزب الله حتى تلك اللحظة لم تكن كافية. بحسب تقارير فإن إسرائيل كانت تتعقب مكان نصر الله منذ أشهر، لكن نتنياهو صادق على العملية يوم الجمعة فقط، وسط مخاوف من احتمال أن تضيع إسرائيل الفرصة المتاحة لها للقضاء عليه.
بحسب الجيش، أسقطت طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 3500 ذخيرة على مواقع حزب الله في الأسبوع الماضي، مما أدى إلى تدمير العديد من قدرات الصواريخ والقذائف والمسيرات، إلى جانب مواقع الاستخبارات.
وقالت إسرائيل إنها نفذت أكثر من 140 ضربة في لبنان في وقت متأخر من يومي الجمعة والسبت، بما في ذلك منشآت تصنيع أو تجميع الصواريخ في جنوب لبنان ووادي البقاع، معقل حزب الله على الحدود السورية. كما أعلنت أن ضربة على بيروت في اليوم السابق دمرت العشرات من الصواريخ المضادة للسفن، التي كانت مخزنة في ستة مستودعات وجاهزة للاستخدام في غضون دقائق.
ومن المعروف أن حزب الله يمتلك صواريخ من طراز C-704 و C802 الصينية، وكذلك صواريخ “قدر” الإيرانية، التي يصل مداها إلى حوالي 200 كيلومتر.
وأشار الجيش يوم السبت إلى أنه نفذ غارات على ثمانية معابر برية من سوريا إلى لبنان يوم الخميس في سعيه إلى تكثيف حملته المستمرة منذ فترة طويلة لإحباط شحنات الأسلحة، لا سيما الصواريخ الدقيقة المتقدمة، من إيران إلى حزب الله عبر العراق وسوريا.
وأفادت تقارير في وقت مبكر من يوم الأحد بأن غارة جوية نُفذت بالقرب من بلدة البو كمال السورية على الحدود العراقية، وهي منطقة يُعتقد أنها تقع على طريق تهريب رئيسي تستخدمه الجمعة المدعومة من إيران.
كما قال الجيش الإسرائيلي إنه يقوم أيضا بمنع تهريب الأسلحة إلى داخل البلاد من إيران عبر مطار بيروت الدولي. في إشارة محتملة إلى فرض حصار، قامت طائرة إيرانية تابعة لشركة “قشم فارس للطيران” من طهران، كانت متوجهة كما يبدو إلى لبنان أو سوريا، بالعودة فوق المجال الجوي العراقي يوم السبت.
كما أسفرت الغارات التي شُنت يوم الجمعة وطوال يوم السبت عن مقتل عدد من الأعضاء الكبار في حزب الله، بما في ذلك هجوم في الضاحية الجنوبية بعد ظهر السبت الذي قال الجيش إنه أدى إلى مقتل حسن خليل ياسين. وبحسب الجيش الإسرائيلي فإن ياسين قاد وحدة في قسم الاستخبارات في حزب الله التي كانت مكلفة بتحديد المواقع العسكرية والمدنية التي سيتم استهدافها في إسرائيل.
وأفادت بعض وسائل الإعلام اللبنانية مساء السبت أن الجيش الإسرائيلي استهدف نبيل قاووق، نائب رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله.
كما قُتل أحد محمد فهد، قائد شبكة تابعة لحركة حماس في جنوب سوريا، في غارة جوية ليلا، حسبما أعلن الجيش الإسرائيلي.
صباح السبت، قال الجيش الإسرائيلي إن غارة جوية نُفذت مؤخرا أدت إلى مقتل محمد اسماعيل، وهو قائد وحدة الصواريخ لحزب الله في جنوب لبنان، إلى جانب نائبه حسين اسماعيل، وقادة آخرين. ولم يقدم الجيش التفاصيل بشأن متى وأين وقعت الضربة.
The IDF says it is continuing to strike Hezbollah targets in Lebanon.
In the past few hours, rocket launchers aimed at Israel, buildings where Hezbollah stored weapons, and other infrastructure were hit in airstrikes, according to the military. pic.twitter.com/0LGUNjxd4X
— Emanuel (Mannie) Fabian (@manniefabian) September 28, 2024
في وقت متأخر السبت، التقى وزير الدفاع يوآف غالانت برئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي وجنرالات آخرين للتخطيط لتوسيع الهجوم، حسبما أفاد مكتبه.
وأعلن الجيش الإسرائيلي يوم السبت عن تعبئة ثلاثة كتائب أخرى من جنود الاحتياط للخدمة في جميع أنحاء البلاد، بعد أن أرسل لوائين إلى شمال إسرائيل استعدادا لتوغل بري محتمل في الأسبوع الماضي.
وأفاد تقرير على شبكة ABC NEWS الأمريكية، نقلا عن مسؤل دفاعي أمريكي كبير يوم السبت، بأن إسرائيل تخطط لتوغل بري محدود في لبنان.
وقال هليفي يوم السبت إن اغتيال نصر الله “ليس نهاية صندوق أدواتنا” مشيرا إلى أن هناك المزيد من الضربات المخطط لها. ووصف غالانت عملية الاغتيال بأنها “الضربة المستهدفة الأكثر أهمية منذ تأسيس دولة إسرائيل”.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الغارات الإسرائيلية في لبنان أسفرت عن مقتل 33 شخصا وإصابة 195 آخرين يوم السبت. ولم تذكر الوزارة عدد غير المقاتلين منهم.
ودعت إسرائيل صباح السبت المدنيين في الضاحية أو وادي البقاع أو جنوب لبنان الذين يتواجدون بالقرب من مواقع تابعة لحزب الله إلى الإخلاء.
ورد حزب الله على الضربات الإسرائيلية بإطلاق عشرات الصواريخ على إسرائيل، بما في ذلك صاروخ واحد على الأقل استهدف القدس مساء السبت، وسقط في الضفة الغربية شمال العاصمة، مما أدى إلى اندلاع حريق وقطع الكهرباء عن العديد من المستوطنات القريبة. ويبدو أن الهجوم، الذي جاء بعد خطاب نتنياهو مباشرة، هو المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة القدس بصاروخ بعيد المدى.
وفي تطور قد يكون ذي صلة، قالت الأردن إن صاروخا سقط في منطقة غير مأهولة بالسكان جنوب شرق عمان، على بعد حوالي 160 كيلومترا من الحدود اللبنانية مع إسرائيل.
كما استهدفت صواريخ بعيدة المدى منطقة تل أبيب، إلا أن معظم النيران كانت موجهة إلى المناطق الشمالية من إسرائيل.
وقال الجيش الإسرائيلي في وقت متاخر من ساعات بعد الظهر إن نحو 90 صاروخا أطلقوا على إسرائيل من لبنان. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات أو أضرار في الهجمات.
كما أدى صاروخ أرض-أرض أطلق من اليمن إلى إطلاق صفارات الإنذار في وسط إسرائيل ومنطقة القدس. ولقد تم اعتراض الصاروخ، إلا أن قطعة كبيرة من الشظايا سقطت بالقرب من ضاحية تسور هداسا بالقدس. وزعم المتمردون الحوثيون في اليمن أنهم حاولوا ضرب مطار بن غوريون مع عودة نتنياهو إلى إسرائيل، بعد رحلة نادرة قام بها خلال يوم السبت اليهودي.
مع تحذير نتنياهو وآخرين من أيام صعبة قادمة، أصدرت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي إرشادات محدثة، وحظرت التجمعات التي تضم أكثر من 1000 شخص.
بدأت إسرائيل في شن هجمات مكثفة على حزب الله في 23 سبتمبر، بهدف وقف إطلاق الصواريخ شبه المتواصل على شمال إسرائيل. بدأ حزب الله في مهاجمة إسرائيل في 8 أكتوبر 2023 دعما لحماس في أعقاب هجوم الحركة المتمركزة في غزة على جنوب إسرائيل في اليوم السابق، والذي قُتل فيه حوالي 1200 شخص واختُطف 251 آخرين إلى غزة.
وأعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن دعمه لقرار إسرائيل تصفية نصر الله، قائلاً يوم السبت إن الاغتيال يمثل “قدرا من العدالة” بالنسبة لضحايا جماعة حزب الله.
لكنه أكد أيضا أنه يريد أن يرى وقفا لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله وفي غزة.
في حديث قصير مع الصحافيين أثناء مغادرته الكنيسة يوم السبت، لم يرد بايدن بشكل مباشر على أسئلة حول احتمال تصعيد الصراع أكثر.
وقال بايدن “لقد حان الوقت لوقف إطلاق النار”.
وفي القدس، قال نتنياهو إن القضاء على نصر الله من شأنه أن يساعد في تعزيز فرص التوصل إلى اتفاق من خلال دفع حماس إلى الزاوية.
وقال “كلما رأى [زعيم حماس يحيى] السنوار أن حزب الله لم يعد يأتي لإنقاذه، كلما زادت فرص عودة رهائننا”.