نتنياهو يراهن ضد هاريس، وقد يكلفه ذلك غاليا
هاريس ثبتت ترشيحها عن الحزب الديمقراطي بعد انسحاب بايدن، لكن ذلك لا يمنع نتنياهو من الاستخفاف بها والتملق لترامب، الذي يعبر عن مواقف مماثلة لهاريس: ضرورة إنهاء الحرب وعودة الرهائن إلى ديارهم
بدأت نتائج استطلاعات الرأي في الولايات الرئيسية في الولايات المتحدة تتوالى، ويبدو أن قرار الرئيس جو بايدن بالانسحاب من السباق والسماح لنائبته كامالا هاريس استبداله كمرشحة الحزب الديمقراطي كان القرار الصحيح.
في غضون أيام قليلة، تم جمع مبلغ غير مسبوق من التبرعات بقيمة 180 مليون دولار لحملة هاريس، وارتفعت نسبة التسجيل للتصويت في الانتخابات بنسبة 700%، وأيد جميع كبار أعضاء الحزب الديمقراطي تقريبًا نائبة الرئيس بطريقة مبهرة شهدت وحدة في الحزب لم نشهدها منذ وقت طويل.
وشمل أول فيديو لحملة هاريس أغنية Freedom لبيونسيه، التي أعطت موافقتها على استخدام الأغنية طوال حملة هاريس – مما يشير إلى دعم المغنية الشهيرة للمرشحة.
وبينما لا يزال ترامب يتقدم في استطلاعات الرأي، لكن في عدد من استطلاعات الرأي الجديدة في الولايات الرئيسية – ويسكونسن وأريزونا وميشيغان وبنسلفانيا وجورجيا – أغلقت هاريس الفجوة الكبيرة التي كانت موجودة بين بايدن وترامب حتى انسحابه، وهي قريبة الآن من ترامب بفارق 1-2%، وفي إحدى الولايات (ويسكونسن)، هاريس تساوي أو تفوق ترامب بنقطة مئوية واحدة. لن يراهن عليها أحد بالتأكيد، لكن على الأقل يبدو أن السباق قد بدأ من جديد.
ولكن في عالم كتابة خطابات رئيس وزراء إسرائيل، لا يزالون يعيشون في الماضي. في بيئة بنيامين نتنياهو، ترامب هو الرئيس القادم وكل ما تبقى لرئيس الوزراء هو تمضية الوقت حتى يناير 2025، على أمل أن تكون الإدارة القادمة ألطف معه.
لقد قالت هاريس بعض الأشياء المزعجة لآذان الإسرائيليين خلال الأشهر القليلة الماضية. وانتقدت عدم توفر المساعدات الإنسانية الكافية لسكان غزة وحذرت من شن عملية في رفح.
I’m Kamala Harris, and I’m running for President of the United States. pic.twitter.com/6qAM32btjj
— Kamala Harris (@KamalaHarris) July 25, 2024
ولم تكن نائبة الرئيس وحدها، فأصدر جميع قادة العالم تصريحات مماثلة. لكن ذلك كان كافيا لكي يتجاهل نتنياهو وجودها في خطابه أمام مجلسي الكونغرس، بل ويوجه لها انتقادات بشأن رفح، وهي ليست في القاعة على الإطلاق – ورغم إدراكه أنها على الأرجح أن تكون مرشحة الحزب الديمقراطي.
ولم تعد هاريس عضوًا في مجلس الشيوخ، لكنها تشغل منصب رئيسة مجلس الشيوخ بحكم دورها كنائبة للرئيس. وعادة ما يحضر نائب الرئيس الخطابات أمام مجلسي الكونجرس، لكن هاريس تواجه حملة انتخابية تاريخية وخاطفة.
أمام هاريس بالكاد مائة يوم حتى الانتخابات وحوالي ثلاثة أسابيع حتى انعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو. هل توقع أحد منها حقاً أن تتفرغ بالكامل لتكون مجرد خلفية لنتنياهو؟
صرخ أنصار نتنياهو أمس إن “هاريس تقاطع نتنياهو”، دون الإشارة إلى أن نائب الرئيس المرشح مع ترامب، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو جي دي فانس أيضا لم يحضر الخطاب. فلديه أيضًا أحداث انتخابية وأماكن أكثر أهمية ليتواجد فيها. لكن غيابه مقبول عليهم، لأنه في الجانب الصحيح من الخريطة السياسية، بالنسبة لهم.
هناك سبب آخر لغياب هاريس. آلة الحملة الانتخابية تعتمد على الصور. اعتبارًا من ليلة الأحد، عندما أعلن بايدن انسحابه، لن تبدو هاريس علنًا على أنها “واحدة من مجموعة”. ولن تظهر في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب لالتقاط صور جماعية. ولن تسترضي القادة.
كما أنها لم تنضم إلى بايدن في لقاء مجاملة مع نتنياهو، بل عقدت لقاءً منفصلاً معه، بما يليق بمنصبها الجديد. وعقد اللقاء في المبنى التنفيذي، وهو مبنى فاخر ملاصق للبيت الأبيض، في إحدى غرف الضيوف الرسمية.
وكان اللقاء مع نتنياهو الليلة الماضية أول مهمة لهاريس في مجال السياسة الخارجية بصفتها مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة.
دخلت هاريس ونتنياهو الغرفة، وتصافحا أمام الكاميرات، وأخرجا المصورين الرسميين من دون تقديم أي تصريحات علنية وجلسا حول الطاولة. بدا الأمر مهنيا، دون بوادر ودون ضحكاتها وابتساماتها الشهيرة.
ويجب أن نتذكر أن جدول أعمال هاريس الآن مكتظ للغاية، بينما تعمل على اختيار مرشحها لنائب الرئيس، وتسعى لإتمام إحصاء المندوبين وطرح الحزب حتى تحصل على الترشيح الحزب الديمقراطي في تصويت عبر الإنترنت في الأسبوع الأول من أغسطس – وليس خلال المؤتمر نفسه، الذي سيعقد في منتصف أغسطس في شيكاغو.
وظهرت هاريس أمام وسائل الإعلام مباشرة بعد اللقاء مع نتنياهو وشاركت محادثاتها مع رئيس الوزراء.
Earlier today, I delivered remarks to press about my meeting with Prime Minister Netanyahu of Israel. pic.twitter.com/lNLSaufIvK
— Vice President Kamala Harris (@VP) July 26, 2024
وقالت هاريس: “أخبرت رئيس الوزراء نتنياهو أنني قلقة بشأن حجم الضرر الذي لحق بالمدنيين الأبرياء في غزة، وأوضحت له أنني قلقة للغاية بشأن الوضع الإنساني في القطاع، مع معاناة أكثر من مليوني شخص من مستوى مرتفع من انعدام الأمن الغذائي ونصف مليون من مستوى كارثي من انعدام الأمن الغذائي”.
“ما يحدث في غزة مدمر. صور الأطفال القتلى والأشخاص اليائسين والجياع الذين يفرون ويبحثون عن مكان آمن. من المستحيل تجاهل ما يحدث هناك. ولن أبقى صامتة”.
وأضافت: “هناك مقترح مطروح على الطاولة لاتفاق وقف إطلاق نار وعودة الرهائن. لقد حان الوقت لتنتهي الحرب بشكل يضمن أمن إسرائيل، ويعود جميع الرهائن إلى ديارهم، وتنتهي المعاناة في غزة ويحصل الشعب الفلسطيني على الحرية والحق في تقرير المصير، قلت لنتنياهو إن الوقت قد حان للتوصل إلى اتفاق، دعونا نعيد الرهائن إلى ديارهم”.
وفي غضون ساعة واحدة، بدأت تظهر تصريحات معادية لهاريس مجهولة المصدر من محيط رئيس الوزراء. ونقل الصحفيون المرافقون لنتنياهو عن “مسؤول سياسي كبير” قوله “اللقاء مع بايدن كان إيجابيا – وهو ما لا يمكن قوله عن اللقاء مع هاريس. نأمل ألا تكون الأشياء التي قالتها بعد الاجتماع قد تسببت في تأخير الصفقة”.
تصريحات هاريس هي تكرار للتصريحات الأميركية المألوفة: وقف إطلاق النار، والاتفاق المطروح على الطاولة الذي وافق عليه الرئيس بايدن، وحل الدولتين، وأمن إسرائيل، وما إلى ذلك.
وحتى الرئيس السابق ترامب ذكر هذه الأمور في مقابلات أجريت معه بالأمس. لكن رغم ذلك، ينتهج نتنياهو نهجه المألوف: المواجهة مع الجانب الديمقراطي لمساعدته في تأجيج قاعدته السياسية في إسرائيل وكدليل للمرشح الجمهوري على أنه اختار جانبه.
ومن المفترض أن يلتقي نتنياهو اليوم (الجمعة) بترامب في فلوريدا، مما تطلب منه تمديد إقامته في الولايات المتحدة لمدة 48 ساعة إضافية.
وفي مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” أمس، عندما سُئل ترامب عن خطته لإنهاء الحرب، أجاب أنه يريد من نتنياهو “إنهاءها بسرعة لأنه يتم القضاء عليهم (إسرائيل) في الساحة العامة… على إسرائيل أن تعيد الرهائن، وكثيرون منهم ليسوا على قيد الحياة”. وأضاف “علاقات إسرائيل العامة ليست جيدة، يجب أن تنتهي (الحرب)، العالم لا يوافق عليها”.
FOX & FRIENDS: What is your plan to end the war in Gaza?
TRUMP: I want him to finish up, and get it done quickly. You gotta get it done quickly. pic.twitter.com/d5XbG2BMVI
— Aaron Rupar (@atrupar) July 25, 2024
التقى نتنياهو خلال يوم واحد في الولايات المتحدة بثلاثة زعماء مختلفين، لدى كل منهم الآن، أو سيكون لهم في المستقبل، تأثير كبير على إسرائيل. وعلى الرغم من الخلافات السياسية بينهم، فإن الثلاثة نقلوا نفس الرسالة إلى رئيس الوزراء: عليك التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب.
سيسافر نتنياهو مساء السبت إلى إسرائيل وسيعود إلى أحضان بتسلئيل سموتريتش (الذي سارع إلى انتقاد هاريس في اغريدة هذا الصباح) وإيتامار بن غفير (الذي غرد بدوره بعد وقت قصير من سموتريتش)، أهم شركائه في الائتلاف وأكثرهم تأثيرا عليه، واللذان يهددان يوميا تقريبا بحل الحكومة إذا اقترب نتنياهو من التقدم نحو نهاية الحرب.