نتنياهو يتهم مصر باحتجاز غزة “رهينة” برفضها التعاون بشأن معبر رفح
رئيس الوزراء يقول إنه يأمل في التوصل إلى تفاهم مع القاهرة بشأن نقطة دخول المساعدات وسط تدهور العلاقات؛ مسؤولون مصريون: القاهرة ترفض الخطة الإسرائيلية للتنسيق لإعادة فتح المعبر
حثّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء مصر على إعادة فتح معبر رفح الحدودي، معتبرا أن القاهرة تحتجز سكان غزة “رهينة” لرفضها التعاون مع إسرائيل بشأن المعبر الرئيسي للمساعدات.
وتأتي تصريحات نتنياهو غداة اتهام مصر إسرائيل بـ”التنصّل” من مسؤوليتها عن الأزمة الإنسانية في غزة. ومصر هي أول دولة عربية تبرم اتفاق سلام مع إسرائيل، فضلا عن استضافتها محادثات وقف إطلاق النار المتوقفة.
في مقابلة مع شبكة CNBC الأميركية، قال نتنياهو إن إسرائيل تدعم “تدفق المساعدات الإنسانية بأقصى حد” عبر معبر رفح.
وتابع: “نريد أن نراه مفتوحا… آمل أن نتمكن من التوصل إلى تفاهم” مع مصر.
وقال إن المعبر كان سيفتح “أمس” لو كان الأمر بيد إسرائيل، مشددا أن “المشكلة ليست منا، نحن لا نعطل فتح معبر رفح”.
وأضاف: “آمل أن تأخذ مصر في الاعتبار ما أقوله الآن”، مردفا “لا ينبغي لأحد أن يحتجز السكان الفلسطينيين رهائن بأي شكل من الأشكال، وأنا لا أحتجزهم رهائن. لا أعتقد أنه ينبغي لأحد أن يفعل ذلك”.
أغلق معبر رفح مع مصر والذي يعد البوابة الرئيسية للبضائع والأشخاص الذين يدخلون غزة، منذ أن أعلنت إسرائيل السيطرة عليه في 7 مايو.
ورفضت مصر التنسيق مع إسرائيل بشأن معبر رفح، خشية أن تكون السيطرة عليه جزءا من خطة نتنياهو لشن هجوم بري واسع النطاق على مدينة رفح التي لجأ إليها أكثر من مليون غزّي نزحوا من مناطق أخرى.
وأطلقت إسرائيل مؤخرا ما وصفته بعملية “دقيقة” لاقتلاع حماس مما يعتبر آخر معاقلها الكبرى في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
ولكن هناك معارضة دولية شديدة، بما في ذلك من الولايات المتحدة، لشن أي هجوم كبير في المدينة التي لجأ إليها والمناطق المحيطة بها نحو 1.5 مليون فلسطيني بعد نزوحهم نتيجة القتال من مناطق أخرى من القطاع. وقال نتنياهو أنه تم إجلاء نحو نصف مليون مدني من المدينة الجنوبية منذ بدء العملية العسكرية.
من جهته، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري الثلاثاء إن سيطرة إسرائيل على المعبر تعرض عمال الإغاثة وسائقي الشاحنات إلى “مخاطر محدقة”.
واعتبر شكري أن “إسرائيل هي المسؤولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة حاليا”، حيث حذرت الأمم المتحدة من خطر المجاعة.
وذكرت صحيفة “هآرتس” يوم الثلاثاء أن المسؤولين المصريين غضبوا بشكل خاص من رفع العلم الإسرائيلي في الموقع.
وحذرت الولايات المتحدة، أكبر حلفاء إسرائيل، من شن هجوم على رفح ودعت إلى إعادة فتح المعبر.
في هذا الصدد، قال المسؤول الرفيع في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية دان دياكهاوس إن الولايات المتحدة تطرح وجهة نظرها بشأن معبر رفح في محادثات مع حكومات المنطقة.
وقال للصحافيين إن “الاحتياجات في غزة هائلة لدرجة أننا لا نستطيع تحمل توقف أي معابر عن العمل”.
وأضاف: “إننا نضغط على جميع الأطراف للتوصل إلى نوع من الترتيبات التي يمكن أن تفتح معبر رفح على الفور وتؤدي إلى تدفق المساعدات من مصر”.
وفي غضون ذلك، قال مصدران أمنيان مصريان إن مصر رفضت اقتراحا إسرائيليا يقضي بالتنسيق بين البلدين لإعادة فتح معبر رفح.
وذكرت وسائل إعلام عبرية أن وفدا إسرائيليا زار القاهرة يوم الأربعاء في محاولة لحل الخلاف المتفاقم بين البلدين حول المعبر.
وقال المصدران الأمنيان إن الاقتراح الإسرائيلي يتضمن آلية لكيفية إدارة المعبر بعد الانسحاب الإسرائيلي.
وبحسب موقع “واينت” الإخباري، حاول الوفد الذي يقوده منسق أعمال الحكومة في الأراضي اللواء غسان عليان إقناع مصر بتوصيل شحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم.
وعاد الوفد، الذي ضم أيضا مسؤولين أمنيين كبار في الشاباك، إلى إسرائيل في يوم وصوله.
كما ورد أن إسرائيل درست منح السلطة الفلسطينية الحاكمة في الضفة الغربية السيطرة على المعبر، لكنها رفضت. ومن المتوقع أيضا أن تواجه مثل هذه الخطوة معارضة شديدة من الفصائل اليمينية المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية التي ترفض فكرة منح السلطة الفلسطينية موطئ قدم في غزة. وأفاد موقع “والا” الإخباري أن إسرائيل لا تزال تبحث مع السلطة الفلسطينية الاحتمال، ولكن لم تحقق المحادثات انفراجة.
وفي غضون ذلك، أفاد موقع “ذا ناشيونال” الإخباري الإماراتي، نقلا عن مصادر لم يسمها، يوم الخميس أن مصر شكلت لجنة من خبراء القانون الدولي ستنظر في الخطوات المحتملة التي تدرسها القاهرة ضد إسرائيل، في ظل غضب البلاد من الهجوم الذي شنه الجيش الإسرائيلي في رفح.
وبحسب التقرير، ستضم اللجنة أيضًا خبراء دستوريين وكبار ضباط المخابرات.
ولمن يذكر التقرير تفاصيل تشكيل اللجنة وتفويضها، لكنه أوضح أنها “تعكس عمق الغضب الذي تشعر به القاهرة بسبب استيلاء إسرائيل في 7 مايو على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة، وكذلك عملياتها البرية المتوسعة بسرعة في المدينة الحدودية”.
وأضافت أنه خلافا للتقارير السابقة، فإن مصر لن تعلق معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979.
وأفاد التقرير أن التحركات التي يجري بحثها تشمل خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي للبلاد في إسرائيل وسحب السفير المصري.
وجاء هذا التقرير بعد أن أعلنت القاهرة يوم الأحد أنها ستنضم إلى قضية “الإبادة الجماعية” التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وبعد أن هددت مصادر مصرية بأن الهجوم على رفح يعرض اتفاق السلام الموقع عام 1979 بين البلدين للخطر.
وتتوسط مصر، إلى جانب قطر والولايات المتحدة، في المفاوضات بين إسرائيل وحماس خلال الحرب، التي بدأت في 7 أكتوبر عندما قادت الحركة الفلسطينية هجوما واسع النطاق عبر الحدود على إسرائيل أدى إلى مقتل 1200 شخص واختطاف 252 شخصا إلى غزة.
وركزت المفاوضات على وقف إطلاق النار لعدة أسابيع لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة وإطلاق سراح الرهائن الذين لا يزال 128 منهم في الأسر ويعتقد أن بعضهم ليسوا على قيد الحياة. وتصر إسرائيل على أنها ستواصل الحرب، مهما حدث، حتى تحقق هدفها المتمثل في تدمير حماس.