نتنياهو وهرتسوغ يتصلان بأردوغان بعد فوزه في الانتخابات، ويتعهدان بتحسين العلاقات
قال القادة الإسرائيليون للرئيس التركي إنهم يريدون مواصلة بناء العلاقات بين الخصمين الإقليميين بعد احياء العلاقات الدبلوماسية العام الماضي

تحدث الرئيس الإسرائيلي مساء الإثنين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتهنئته بفوزه الانتخابي، وحثه على مواصلة تحسين العلاقات بين القوتين الإقليميتين.
وتحدث الرئيس إسحاق هرتسوغ، الذي كان له دور فعال في الجهود الأخيرة لإحياء العلاقات، مع أردوغان حول “أهمية العمل معًا لحماية الاستقرار، وتعزيز السلام الإقليمي، وتعزيز التعاون المثمر بين البلدين”، وفقًا لبيان صادر عن مكتب هرتسوغ.
وقال البيان إن هرتسوغ وأردوغان أعربا أيضا عن أملهما في أن يلتقيا قريبا.
كما تحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في وقت لاحق مع الرئيس التركي الذي يدخل العقد الثالث من حكمه لتهنئته بفوزه يوم الأحد.
وقال مكتب نتنياهو إن الزعيمين اتفقا على مواصلة العمل لتعزيز العلاقات بين البلدين والارتقاء بها إلى “آفاق جديدة”.
ووفقًا للبيان الصادر عن مكتب نتنياهو، شكر أردوغان إسرائيل مرة أخرى على جهود البحث والإنقاذ التي قدمتها في إعقاب الزلزال المدمر الأخير في تركيا.
في المقابل، قال نتنياهو لأردوغان إنه “ملتزم بتوسيع دائرة السلام” في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من التحسن الأخير، العلاقات بين نتنياهو وأردوغان متوترة منذ فترة طويلة.

وكانت إسرائيل حليفًا إقليميًا منذ فترة طويلة لتركيا قبل وصول أردوغان إلى السلطة، وانهارت العلاقات المتدهورة بعد مداهمة للكوماندوز الإسرائيلي في عام 2010 لسفينة “مافي مرمرة” المتوجهة إلى غزة، وهي جزء من أسطول هدف إلى خرق الحصار المفروض على غزة، وخلفت المداهمة 10 نشطاء أتراك قتلى في أعقاب اشتباك عنيف مع جنود إسرائيليين على متن السفينة.
على الرغم من الاعتذار الرسمي الذي قدمه نتنياهو، اتهم إردوغان الدولة اليهودية بـ “الحفاظ على روح هتلر حية” خلال عملية “الدرع الواقي” في يوليو 2014.
تعافت العلاقات في وقت لاحق إلى حد ما، لكن كلا البلدين سحبا سفيريهما بعد أن اتهم إردوغان في عام 2018 إسرائيل بـ”إرهاب الدولة” و”الإبادة الجماعية” عندما قُتل عشرات الفلسطينيين في احتجاجات عنيفة وقعت في غزة في مايو من ذلك العام، بعد قيام الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية في خطوة مثيرة للجدل من تل أبيب إلى القدس.
وسط مؤشرات دبلوماسية العام الماضي أشارت إلى أن إردوغان يسعى إلى انفراج في العلاقات مع إسرائيل، زار هرتسوغ أنقرة في رحلة رسمية في مارس وتم استقباله في العاصم أنقرة بموكب عسكري كامل.
وأعاد البلدان السفراء في وقت لاحق من ذلك العام.
وانضم نتنياهو وهرتسوغ إلى مجموعة من زعماء العالم الذين هنأوا أردوغان على فوزه الأخير في الانتخابات مساء الأحد، بعد جولة انتخابية تاريخية شكلت أكبر تحدٍ لحكمه الجاري منذ 20 عامًا.
ونجح أردوغان بإعادة انتخابه يوم الأحد، ليمدد حكمه الاستبدادي إلى العقد الثالث في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من ارتفاع التضخم وعواقب الزلزال الذي دمر مدنًا بأكملها.

وهنّأ الرئيس الأميركي جو بايدن إردوغان على إعادة انتخابه قائلا “أتطلع إلى مواصلة العمل معا بصفتنا حليفين في الناتو بشأن القضايا الثنائية والتحديات العالمية المشتركة”.
كما قدم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين تهنئته إلى أردوغان على تويتر، واصفًا تركيا “بحليف وشريك للناتو”.
وقال “إنني أتطلع إلى استمرار عملنا مع الحكومة التي يختارها الشعب التركي”. وأشاد بلينكين أيضًا بمستوى الإقبال المرتفع على التصويت يوم الأحد و”التقليد الديمقراطي الطويل” في البلاد.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن إعادة انتخاب إردوغان تظهر دعم الأتراك “لجهودكم في تعزيز سيادة الدولة واتباع سياسة خارجية مستقلة”.
وأبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تطلعه إلى “المضي قدما” في رفع التحديات العالمية المشتركة، فيما أمل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي “تعزيز الشراكة الاستراتيجية” مع تركيا.
وأصدرت حركة حماس الفلسطينية بيانا هنأت فيه الزعيم التركي وأعربت عن أملها في حقبة جديدة من “تعزيز العلاقات الإسلامية العربية ودعم القضية الفلسطينية”.
كما أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بيانًا أشاد فيه بفوز نظيره التركي، معربًا عن اعتقاده بأنه وحكومته “ستواصلون مسيرة التنمية وتحقيق الإنجازات العظيمة لتركيا ولشعبها الشقيق”.
وأظهرت النتائج شبه النهائية فوزه على منافسه العلماني كمال كليتشدار أوغلو بفارق أربع نقاط مئوية.
تعرض الزعيم التركي الأطول عهدا إلى اختبار غير مسبوق، ويُنظر إلى هذه الانتخابات على نطاق واسع على أنها الأكثر أهمية في تاريخ الجمهورية منذ إعلانها قبل قرن.
شكّل كيليتشدار أوغلو تحالفًا قويًا جمع حلفاء سابقين لإردوغان وقوميين علمانيين ومحافظين.

ونجح في 14 أيار/مايو في الوصول إلى الدورة الثانية لأول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية في تركيا.
لكن كيليتشدار أوغلو لم يقر رسميًا بالهزيمة أثناء تلاوته بيانا مقتضبا أمام الصحافيين في أنقرة.
وقال “إنني حزين للغاية في مواجهة الصعوبات التي تنتظر البلد”.
مناورة فاشلة
لا الرغبة في التغيير والانفتاح من جانب جزء من الناخبين، ولا التضخم المالي الحاد، ولا القيود المفروضة على الحريات والصلاحيات الرئاسية المفرطة، نجحت في تغيير المشهد السياسي.
لم تساهم أيضا تداعيات الزلزال المدمر في شباط/فبراير والذي أودى بما لا يقل عن 50 ألف قتيل وشرد ثلاثة ملايين شخص، في تراجع شعبية “الريّس” إردوغان الذي تصدر نتائج الانتخابات في المحافظات المتضررة التي تعهد إعادة إعمارها بسرعة.

أما حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ الذي يتزعمه إردوغان، فقد خسر مقاعد في البرلمان لكنه احتفظ بالغالبية مع حلفائه.
من جهته، عانى كمال كيليتشدار أوغلو هزيمة رغم محاولته استقطاب مزيد من الناخبين في حملته للدورة الثانية من الانتخابات.
فقد غيّر الموظف الحكومي السابق تركيزه من الحديث على الوحدة الاجتماعية والحريات إلى الحديث أكثر عن الحاجة إلى إخراج المهاجرين من البلد ومكافحة الإرهاب.
واستهدف بذلك استقطاب ناخبي اليمين القومي الذين حققوا مكاسب في الانتخابات البرلمانية.
لكن شكك محللون في نجاح مناورة كيليتشدار أوغلو، إذ إن تحالفه غير الرسمي مع حزب مؤيد لقضايا الأكراد يصوره إردوغان على أنه جناح لحزب العمال الكردستاني المحظور، تركه عرضة لاتهامات بالعمل مع “إرهابيين”.
كما لم تكن مغازلته لليمين التركي المتشدد مجدية بسبب التأييد الذي تلقاه إردوغان من المرشح القومي المتطرف سنان أوغان الذي احتل المركز الثالث في الدورة الأولى للانتخابات قبل أسبوعين.