نتنياهو ملأ جميع الخانات في رحلته إلى الولايات المتحدة – باستثناء خانة واحدة
رئيس الوزراء سجل رقما قياسيا بخطابه الرابع أمام الكونغرس وحظي بلقائين وديين مع بايدن وترامب، لكن مكتبه لا يزال غاضبا من نائبة الرئيس الأمريكي مما قد يلحق المزيد من الضرر بالعلاقات مع الديمقراطيين
واشنطن – كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيئته الطبيعية هذا الأسبوع في الولايات المتحدة.
فقد ألقى خطابا شبيها بخطاب حالة الاتحاد أمام جلسة مشتركة للكونغرس يوم الأربعاء، ومن الواضح أنه كان في ملعبه عندما عرض بقوة قضية إسرائيل، وسط رد فعل حماسي من العديد من الحاضرين. أحصى مكتبه كل واحدة من وقفات التصفيق الـ 44.
وكان للخطاب صدى طيب إلى حد كبير في البلاد، حيث كان العديد من الإسرائيليين سعداء برؤية جمهور في الخارج يدعم حربهم ضد حماس. حتى أن رئيس أحد أحزاب المعارضة، بيني غانتس، أشاد بالأداء، قائلا إن نتنياهو مثل البلاد بشكل جيد.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
في اليوم التالي، التقى نتنياهو بالرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته كامالا هارس، المرشحة الرئاسية المفترضة للحزب الديمقراطي. يوم الجمعة، سافر إلى منتجع مارالاغو في فلوريدا حيث التقى بالرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي للرئاسة دونالد ترامب.
لقاء نتنياهو مع بايدن مضى بسلاسة. ذكرت تقارير كثيرة أن العلاقات بين الإثنين شهدت توترات كبيرة في الأشهر الأخيرة وسط خلافات بشأن التعامل مع الحرب، لكن الابتسامات هي ما ظهر على وجهيهما عندما واجها وسائل الإعلام. أما بالنسبة لترامب، فإن عبارة “تبا له” كانت آخر ما قاله الرئيس السابق بشكل علني عن رئيس الوزراء بعد أن هنأ نتنياهو بايدن بمناسبة فوزه في انتخابات 2020. لكن يوم الجمعة، قال ترامب للصحفيين إن علاقتهما في الواقع لطالما كانت جيدة.
حتى عائلات الرهائن، التي انتقدت بشدة طريقة تعامل نتنياهو مع المفاوضات لإطلاق سراح أحبائهم، غادرت اجتماعها يوم الخميس مع رئيس الوزراء وبايدن وقالت للصحفيين أنها لم تكن متفائلة بهذا القدر بشأن فرص التوصل إلى اتفاق منذ تنفيذ آخر اتفاق في أواخر نوفمبر.
وهكذا يبدو أن نتنياهو قد قام بملء جميع الخانات الرئيسية قبل عودته إلى البلاد مساء السبت. ولكن تم تقديم رحلة العودة ببضع ساعات بعد أن أصاب صاروخ أطلقه حزب الله ملعبا لكرة القدم في قرية مجدل شمس الدرزية، مما أسفر عن مقتل 12 شخصا، تتراوح أعمار جميعهم بين 10-20 عاما. كان هذا الهجوم هو الأكبر على المدنيين منذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر، وأثار مخاوف من تصعيد أكبر أو حتى حرب شاملة في الشمال.
النقطة الوحيدة التي لطخت رحلة نتنياهو كانت لقاءه مع هارس، وهو ما قال مسؤول إسرائيلي كبير تحدث مع الصحفيين إنه جاء معاكسا للأجواء “الايجابية” التي شهدها اللقاء مع بايدن.
ولم يقدّر نتنياهو الطريقة التي عبرت فيها هاريس عن قلقها بشأن الأزمة الإنسانية في غزة – لأنه يعتقد أنها بالغت في تقدير الوضع ولأنها أشارت إلى أن إسرائيل مسؤولة جزئيا. لكن ما أساء استياء رئيس الوزراء أكثر كان البيان الصحفي الذي أدلت به هاريس بعد الاجتماع.
هاجم مسؤولون في مكتب نتنياهو “لهجة هاريس” بما وصفوه بمبالغتها بشأن القضية الإنسانية، والأهم من ذلك، دعوتها إلى إنهاء الحرب، بالنظر إلى أن إسرائيل تسعى إلى ضمان أن يسمح اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار الذي يجري التفاوض عليه للجيش الإسرائيلي باستئناف القتال ضد حماس بعد المرحلة الأولى التي تستمر ستة أسابيع.
لكن مسؤولين أمريكيين آخرين يطلقون منذ أشهر الدعوة التي أطلقتها هاريس، بما في ذلك بايدن نفسه عندما كشف النقاب عن اقتراح صفقة الرهائن الذي قدمته إسرائيل في أواخر مايو.
في ذلك الخطاب، قال بايدن، “حان الوقت لإنهاء هذه الحرب””.
وأضافت هاريس، في تصريحاتها يوم الخميس: “… وأن تنتهي بطريقة تكون فيها إسرائيل آمنة”.
صحيح أن الفجوة بين الأجيال بين بايدن وهاريس تجعل النظرة مختلفة تجاه إسرائيل.
خلال مقابلة أجريت معه في وقت سابق من هذا الشهر، سأل أحد المذيعين بايدن عما إذا كان يعتبر نفسه صهيونيا، وقدم السؤال على أنه سؤال محرج إلى حد ما، بالنظر إلى مدى تحول المصطلح إلى مصطح مشحون سياسيا في الدوائر التقدمية.
لكن بايدن أصر، كما يفعل منذ مدة طويلة، على أن المصطلح هو جزء من هويته.
أما بالنسبة لهاريس، فهي تتذكر في كثير من الأحيان أنها تبرعت بالمال عندما كانت طفلة لزراعة الأشجار في إسرائيل لصالح الصندوق القومي اليهودي (كاكال) – وهو مؤسسة خيرية صهيونية.
لكن في تصريحاتها يوم الخميس، رفضت الجهود الرامية إلى تأطير الصراع على أنه صراح ثنائي، في محاولة كما يبدو لإرساء رابط أكبر بين إسرائيل والفلسطينيين.
وأصبح بايدن أول رئيس منذ عقود لا يسعى إلى إجراء محادثات سلام، بدعوى أن الجانبين ليسا مستعدين بعد لمفاوضات الوضع النهائي ويجب عليهما بدلا من ذلك التركيز على اتخاذ خطوات تدريجية نحو إطار حل الدولتين في نهاية المطاف.
وغيرت الإدارة لهجتها منذ 7 أكتوبر، مع التركيز بشكل أكبر على الحاجة الوشيكة لحل على أساس الدولتين، لكن مسؤولا ديمقراطيا كبيرا قال إن هاريس ستضغط بقوة أكبر في هذا الشأن كرئيسة.
متحدثا لصحفيين مباشرة بعد خطاب نائبة الرئيس الأمريكي يوم السبت، اتهم مسؤول إسرائيلي كبير هاريس بخلق توتر بين إسرائيل والولايات المتحدة، الأمر الذي قد يدفع حركة حماس إلى تشديد مطالبها، وبالتالي الإضرار بفرص التوصل إلى اتفاق.
ومن خلال توجيه مثل هذا الاتهام ضد المرشحة الرئاسية المفترضة للحزب الديمقراطي في غرفة مليئة بالمراسلين، يبدو أن المسؤول الإسرائيلي الكبير يخاطر بخلق مزيد من الخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة.
لكن يبدو أن نتنياهو يعتمد على عودة ترامب إلى المكتب البيضاوي في يناير، أو على الأقل يستعد لذلك.
بدا الحماس الشديد عليه وعلى وزوجته سارة عند وصولهما إلى منتجع مارالاغو، حيث استقبلهما ترامب عند المدخل.
“اشتقنا لك!” قالت زوجة رئيس الوزراء بينما تبادل الثلاثة التحيات.
كثيرا ما واجه نتنياهو انتقادات لدعمه مرشحي الحزب الجمهوري للرئاسة في السابق – وهي مزاعم لطالما نفاها.
في عام 2016، التقى بترامب والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون قبل الانتخابات.
قراره الاجتماع مع هاريس وترامب يسمح له مرة أخرى رفض الاتهامات له بالتدخل في الانتخابات.
لكن يبدو أن عامة الديمقراطيين لا يتفقون مع هذا الرأي، إذ اختار نحو 100 عضو في مجلس النواب و28 عضوا في مجلس الشيوخ عدم حضور خطاب نتنياهو، وفقا لموقع “أكسيوس” الإخباري.
تمكنت هاريس أيضا من التواجد خارج واشنطن لتجنب حضور هذا الحدث، الأمر الذي كان سيضعها بشكل غير مريح خلف نتنياهو، حيث كانت ستترأس الجلسة بصفتها نائبة للرئيس، حيث انتقد نتنياهو الإدارة ضمنيا بسبب بطء تسليم الأسلحة إلى إسرائيل.
ووصفت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، التي لا تزال واحدة من أكثر الأعضاء نفوذا في الحزب الديمقراطي، الخطاب بأنه “أسوأ عرض تقديمي لأي شخصية أجنبية رفيعة المستوى تتم دعوتها وتكريمها بشرف مخاطبة الكونغرس الأمريكي”.
قد يختلف الكثيرون معها، لكن حقيقة أن ديمقراطية بارزة مثلها تشعر بالارتياح في توجيه مثل هذا النقد اللاذع لرئيس الوزراء الإسرائيلي هي شهادة مذهلة على الوضع الحالي للعلاقات بين اسرائيل وما أصبح الآن حزب هاريس.