نتنياهو متهم بتقويض مصداقية إسرائيل في محادثات التهدئة في غزة
مسؤولون يقولون إن التطمينات التي قدمها رؤساء الأمن الذين يمثلون القدس لقطر ومصر والولايات المتحدة تم التراجع عنها بمجرد التشاور مع رئيس الوزراء، مما أدى إلى تعقيد المفاوضات
الدوحة، قطر – يعاني فريق التفاوض الإسرائيلي من نقص في المصداقية في المحادثات غير المباشرة مع حركة حماس من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، حسب ما قال ثلاثة مسؤولين من الدول الوسيطة لـ”تايمز أوف إسرائيل” هذا الأسبوع.
في نقاط متعددة طوال المحادثات، قدم المفاوضون الإسرائيليون تطمينات للوسطاء القطريين والمصريين والأمريكيين بشأن عناصر الصفقة التي كانت القدس مستعدة لقبولها. لكن الإسرائيليين تراجعوا بعد ذلك عن تلك الالتزامات بعد التشاور مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كما قال أحد المسؤولين.
ويشارك فريق تفاوض إسرائيلي بقيادة رئيس الموساد دافيد برنياع، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، والرجل المكلف بملف الرهائن في الجيش الإسرائيلي نيتسان ألون، في أشهر من المحادثات المتقطعة في القاهرة والدوحة بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف القتال في غزة وإطلاق سراح أكثر من مائة رهينة اختُطفوا من إسرائيل في السابع من أكتوبر وما زالوا محتجزين في القطاع.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
وعلى الرغم من الضغوط المحلية والدولية المكثفة، وإصرار المسؤولين الأمريكيين على أن الجانبين على وشك التوصل إلى اتفاق، فإن إسرائيل وحماس فشلتا في التوصل إلى اتفاق، وحتى التقارير التي تحدثت عن إحراز تقدم اكتنفها ضباب من المزاعم المضادة.
وقال المسؤول إن الفريق الإسرائيلي قال للوسطاء لأسابيع إن الاتفاق سيكون مؤكدا تقريبا إذا وافقت حماس على التراجع عن مطلبها بالتزام إسرائيلي مسبق بوقف إطلاق النار الدائم عند بدء تنفيذ صفقة إطلاق سراح الرهائن على مراحل.
ولقد نجح الوسطاء في إقناع حماس بالتراجع عن مطلبها الشهر الماضي، ولم يتبق سوى قضايا هامشية للحل، وأشار فريق التفاوض الإسرائيلي إلى أنه سيكون من الممكن المضي قدما في التوصل إلى اتفاق، حسبما قال المسؤول.
ولكن نتنياهو طرح سلسلة من المطالب الجديدة في أواخر يوليو، مما أدى إلى تقويض التنازلات التي وافق عليها المفاوضون بالفعل، حسبما قال المسؤولون الثلاثة.
ويصر نتنياهو على أنه لم يتراجع عن الاقتراح لوقف إطلاق النار الذي وافق عليه في 27 مايو، إلا أن نص العرض الذي حصل عليه تايمز أوف إسرائيل يشير إلى خلاف ذلك.
وتشمل مطالب نتنياهو إصراره على بقاء القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفي على الحدود بين غزة ومصر لمنع التهريب، بما في ذلك عند معبر رفح. كما يسعى نتنياهو إلى إنشاء آلية جديدة لمنع المسلحين الفلسطينيين من الوصول إلى شمال غزة، والحصول على حق نقض إضافي بشأن الأسرى الفلسطينيين الذين تسعى حماس إلى إطلاق سراحهم مقابل الإفراج عن 115 رهينة المتبقين في غزة، حسبما قال المسؤولون.
وقال أحد المسؤولين، وهو دبلوماسي، أنه قبل أن يتم عرض المطالب الإسرائيلية الجديدة بشكل رسمي في روما في 27 يوليو، أجرى فريق التفاوض الإسرائيلي محادثات مع الوسطاء بشأن انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفي ووضع آلية أمنية لمنع تهريب الأسلحة من مصر إلى داخل غزة. ولذلك فوجئ الوسطاء بسماع نتنياهو يتحدث علنا عن الحاجة إلى بقاء الجيش الإسرائيلي إلى أجل غير مسمى في الممر.
وقال مسؤول ثان وهو دبلوماسي أيضا “كان المفاوضون الإسرائيليون يبلغون الوسطاء بشيء ما في الغرفة ثم يقول نتنياهو العكس علنا”.
وأضاف الدبلوماسي الثاني إن المفاوضين الإسرائيليين كانوا يقولون للوسطاء بعد ذلك أن تعليقات نتنياهو كانت للاستهلاك المحلي، “لكن هذا أثر على المحادثات”، مشيرا إلى أنه دفع حماس والوسطاء إلى الشك في نوايا إسرائيل.
وقالا الدبلوماسيان أنه في حين شعر الوسطاء في الربيع بأن حماس كانت العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق، فإن الإجماع الحالي هو أن نتنياهو أصبح العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى صفقة، مشيرين إلى المطالب الجديدة التي قدمها رئيس الوزراء إلى جانب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الأسبوع الماضي.
وقال الدبلوماسي الثاني: “من الواضح أن هذه كلها تكتيكات تهدف إلى التأخير؛ في كل مرة نقترب من صفقة، تحدث المزيد من الهجمات. كان هنية شخصا يريد التوصل إلى صفقة”.
وأضاف: “في الوقت الحالي، تأتي العقبات من نتنياهو. ومن المحتمل أن ترد حماس على الاغتيال بالمماطلة وأن تصبح هي العقبة كما فعلت في أبريل”.
ولم يرد نتنياهو على طلب للتعليق.
تحت ضغوط
قال مسؤولان آخران مطلعان على الأمر لتايمز أوف إسرائيل يوم الاثنين إن محادثات الرهائن معلقة إلى ما بعد رد إيران على اغتيال هنية وحتى بعد أن تختار الحركة بديلا لرئيس المكتب السياسي المقتول.
يوم الثلاثاء، أعلنت حماس أن قائد الحركة في غزة يحيى السنوار سيحل محل هنية.
وصرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي قال إن المحادثات مستمرة على الرغم من الأزمة المتصاعدة في أعقاب الاغتيال، للصحفيين إن السنوار “كان ولا يزال صاحب القرار الأساسي” فيما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار.
ويعتقد المحللون أن السنوار كان أكثر ترددا من هنية في الموافقة على اتفاق لوقف إطلاق النار.
متحدثين قبل الإعلان، أعرب الدبلوماسيان عن أسفهما لأن حماس من المرجح أن تزيد من مطالبها بعد اغتيال هنية – المنسوب على نطاق واسع إلى إسرائيل – مشيرين إلى أن هذا هو ما فعلته الحركة في مارس بعد أن شن الجيش الإسرائيلي عملية كبيرة في مجمع مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
كما رفض الدبلوماسيان التأكيد الإسرائيلي على أن الضغط العسكري يساعد في دفع حماس إلى تقديم المزيد من التنازلات.
وكشف أحد الدبلوماسيين أنه بعد أيام من الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، والذي قُتل فيه نحو 1200 إسرائيلي وتم اختطاف 251 آخرين، أبلغت حماس الوسطاء أنها مستعدة للإفراج عن جميع الرهائن المدنيين مقابل وقف إطلاق النار لمدة أسبوع.
وقال الدبلوماسي إن إسرائيل رفضت العرض وكثفت حملتها الجوية في غزة، مضيفا أن حماس استمرت في رفع سقف مطالبها، وأصرت على إطلاق سراح إسرائيل للأسرى الأمنيين مقابل إطلاق سراح رهائن مدنيين.
في نوفمبر، وافق الطرفان على هدنة استمرت لأسبوع أطلقت خلالها حماس سراح 105 من الرهائن المدنيين مقابل الافراج عن 240 أسيرا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.
وزعم أحد الدبلوماسيين أن قرار حماس في يوليو بالتنازل عن مطلبها الرئيسي المتمثل في التزام إسرائيلي مسبق بوقف إطلاق النار الدائم كان نتيجة لانخراط الوسطاء القطريين والمصريين، إلى جانب تركيا وإيران، الذين حثوا جميعهم الحركة على التنازل من أجل التوصل إلى اتفاق.
وذهب الدبلوماسي إلى أبعد من ذلك، مدعيا أن إيران تريد انتهاء الحرب حتى تتمكن من استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي، الذي خرج عن مساره بسبب هجوم حماس في السابع من أكتوبر.
وبينما أشار الدبلوماسي إلى “إلحاح” قطر ودول أخرى لعبت دورا في التأثير على حماس، فقد أصروا على أن الدوحة ليس لديها أي نفوذ على الحركة. النفوذ الذي كان لقطر على حماس جاءت في شكل المدفوعات الشهرية التي قدمتها الدوحة بناء على طلب إسرائيل والولايات المتحدة للمساعدة في استقرار الوضع الإنساني في غزة. لكن الدبلوماسي قال إن هذه التحويلات لم تتم منذ 7 أكتوبر.
وقال الدبلوماسيان إن المدفوعات البالغة 30 مليون دولار تتم منذ عام 2018، ولكن في السنوات الأخيرة، بدأت قطر في التعبير عن مخاوفها بشأن الاستمرار في تحويل الأموال في غياب مسار لحل الدولتين.
في أبريل 2023، أبلغت الدوحة إسرائيل إنها تعتزم خفض المساعدات الإنسانية لغزة بالنصف، وفقط بعد تدخل الولايات المتحدة وافقت قطر على الإبقاء على المبلغ كما هو.
وفي المقابل، وافقت إسرائيل على السعي إلى ترتيب بديل في الأشهر التالية، كما قال الدبلوماسي، مقرا بأن هذه العملية أيضا خرجت عن مسارها بسبب هجوم حماس في 7 أكتوبر. وأكد مسؤول أمريكي رواية الدبلوماسي.