نتنياهو: قطر ”تلعب على الحبلين“؛ الدوحة: إنه يحاول تبرير الجرائم ضد المدنيين
يأتي تبادل الانتقادات اللاذعة بعد أيام من اتهام قطر لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية خلال جلسة في محكمة العدل الدولية؛ متحدث باسم الدوحة يقول إن تصوير نتنياهو لعملية غزة على أنها "دفاع عن الحضارة" يعكس أنظمة مظلمة

اتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قطر يوم السبت بـ ”اللعب على الحبلين“، مما دفع متحدثا باسم الحكومة في الدوحة إلى الرد، مؤكدا أن تصوير رئيس الوزراء للحرب في غزة على أنها حرب بين ”الحضارة والهمجية“ يكرر خطاب الأنظمة الأكثر ظلمة في التاريخ.
جاءت المعركة على منصة X بعد يومين من اتهام قطر – التي تعمل كأحد الوسطاء الثلاثة في مفاوضات الرهائن التي لا تزال عالقة بين إسرائيل وحماس – القدس بالإبادة الجماعية خلال جلسة في محكمة العدل الدولية.
كما جاء التصعيد الجديد في التوترات بين إسرائيل وقطر بعد أسبوع من اتهام مسؤولين من البلدين بعضهم البعض بتخريب محادثات الرهائن، إلا أنهم أدلوا بهذه الاتهامات في إحاطات إعلامية شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.
يوم السبت، غرد نتنياهو على الحساب الرسمي لرئيس الوزراء على منصة X: ”إسرائيل تخوض حربا عادلة بوسائل عادلة. بعد الفظائع التي وقعت في 7 أكتوبر، عرّف رئيس الوزراء نتنياهو ’حرب الخلاص’ بأنها حرب بين الحضارة والهمجية“.
وأضاف رئيس الوزراء ”حان الوقت لقطر أن تتوقف عن اللعب على الحبلين بخطابها المزدوج وأن تقرر ما إذا كانت تقف إلى جانب التحضر أم إلى جانب بربرية حماس. إسرائيل ستنتصر في هذه الحرب العادلة بوسائل عادلة“.
بعد ساعتين، رد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري بتغريدة على منصة X قال فيها إن الدوحة ”ترفض بشدة التصريحات التحريضية الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي تفتقر إلى أبسط معايير المسؤولية السياسية والأخلاقية“.

وقال الأنصاري: ”إن تصوير العدوان المستمر على غزة على أنه دفاع عن ’الحضارة‘ هو صدى لخطاب الأنظمة على مر التاريخ التي استخدمت روايات كاذبة لتبرير جرائمها ضد المدنيين الأبرياء“.
وأكد أن قطر عملت منذ بداية الحرب للتوسط في وقف إطلاق النار وتأمين الإفراج عن الرهائن.
وتابع الأنصاري ”يجب طرح سؤال مشروع: هل تم الإفراج عن ما لا يقل عن 138 رهينة من خلال ما يسمى بـ’عمليات عسكرية عادلة’، أم من خلال الوساطة التي تتعرض الآن لانتقادات جائرة وتقويض؟“ وقد جادلت إسرائيل بأن ضغوطها العسكرية كانت حاسمة في إقناع حماس بالموافقة على صفقات الرهائن في نوفمبر 2023 ويناير 2025.
وقال المتحدث باسم الحكومة القطرية إن الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر تسبب في ”واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث“.
وانتقد الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ شهرين على المساعدات الإنسانية، والذي تزعم القدس أنه يهدف إلى إقناع حماس بالإفراج عن رهائن آخرين. وتساءل الأنصاري: ”هل هذا حقا نموذج ’التحضر‘ الذي يتم الترويج له؟“
وأكد المتحدث باسم الحكومة أن جهود الدوحة لمساءلة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بشأن الحصار ”لا تتعارض مع دورها كوسيط موثوق ونزيه“.

وقال إن قطر ستواصل العمل مع الوسطاء الآخرين لضمان وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن، مؤكدا أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة هو إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود ما قبل عام 1967.
وشكلت انتقادات نتنياهو الأولية تحولا صارخا عن نهجه تجاه قطر قبل شهر واحد فقط، عندما وصفها بأنها ”دولة معقدة… ولكنها ليست دولة معادية“، في محاولة للدفاع عن اثنين من مساعديه الذين يخضعون حاليا للتحقيق بتهمة تلقي أموال لتعزيز صورة قطر في وسائل الإعلام أثناء عملهما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.
شهدت الأسابيع التي تلت ذلك عقبات إضافية في مفاوضات الرهائن، حيث أصرت حماس على أنها لن تفرج عن الرهائن الـ 59 المتبقين إلا إذا وافقت إسرائيل على إنهاء الحرب، ورفض نتنياهو الصفقة، بحجة أنها ستبقي الحركة في السلطة.
في الأسبوع الماضي، بدأ مسؤولون إسرائيليون في اتهام قطر بمحاولة تخريب المفاوضات من خلال حث حماس على عدم الموافقة على أحدث اقتراح مطروح على الطاولة. وقال مسؤول عربي مطلع على المفاوضات – وهو ليس من قطر – لـ”تايمز أوف إسرائيل“ إن هذا الادعاء ”مفبرك“ من قبل القدس لزيادة الإضرار بالمفاوضات وتحويل اللوم عن فشل المفاوضات عن نتنياهو، الذي جعلت مطالبه التوصل إلى اتفاق شبه مستحيل.
كما أفادت القناة 12 أن نتنياهو أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مكالمة هاتفية أجراها مؤخرا أنه لا ينبغي له الاستماع إلى أي مقترحات بشأن صفقة الرهائن من رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وقد يؤدي الموقف ضد قطر إلى خلاف بين نتنياهو وترامب ومساعديه البارزين، الذين أشادوا مرارا بجهود قطر في الوساطة.

من المقرر أن يزور ترامب قطر خلال زيارته الأولى إلى المنطقة في وقت لاحق من هذا الشهر. ويشمل جدول رحلته أيضا زيارات إلى السعودية والإمارات، لكنها لا تشمل إسرائيل. وأفاد موقع ”أكسيوس“ الإخباري يوم السبت أن ترامب سيشارك في قمة تجمع قادة دول الخليج الأخرى خلال زيارته للرياض.
لطالما كانت علاقة إسرائيل مع قطر معقدة، حيث كانت قطر من أوائل الدول العربية التي أقامت علاقات تجارية مع القدس في عام 1996. وانقطعت هذه العلاقات بعد أكثر من عقدين في خضم حرب غزة عام 2009.
لكن في السنوات التي تلت ذلك، حثت إسرائيل قطر على التبرع بمئات الملايين من الدولارات لتمويل مشاريع إنسانية في غزة إلى جانب رواتب الموظفين الحكوميين في القطاع.
وحذر منتقدون من أن الأموال القطرية ساعدت في تقوية حماس، مما سمح للحركة بتعزيز قوتها العسكرية في الفترة التي سبقت الهجوم الذي شنته في 7 أكتوبر.