نتنياهو سيترشح لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة، وهو واثق من قدرته على الفوز
رئيس الوزراء واثق من أن عرضه الأخير في مفاوضات الرهائن سيرضي منتقديه بينما يزيل العناصر اليمينية المتطرفة من حكومته، مما سيمنحه طريقًا نحو الفوز في الانتخابات

أصبح من الواضح في الأسابيع الأخيرة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرر الترشح مرة أخرى لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة.
وعلى الرغم من أنه لم يعلن أي قرار بشأن هذه القضية منذ اندلاع الحرب في غزة، فقد بدأنا الآن نسمع تصريحات واضحة منه عن ضرورة أن يستمر في قيادة البلاد حتى بعد إجراء الانتخابات، على الرغم من – وربما بسبب – المأساة الوطنية والإخفاقات في 7 أكتوبر.
ويعتقد نتنياهو أن إسرائيل في خضم حرب ستستمر لسنوات عديدة، وأنه وحده القادر على مواجهة هذا التحدي. والأكثر من ذلك، فهو مقتنع بأنه سيفوز في الانتخابات – ربما في الأشهر المقبلة – إذا تم التصويت على اقتراح لصفقة الرهائن وفاز بالأغلبية المتوقعة التي يحتاجها.
افتراض نتنياهو هو أن التصويت سيؤدي إلى استقالة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير وحزبه عوتسما يهوديت من الحكومة، يليه بعد فترة وجيزة استقالة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وحزبه الصهيونية الدينية. وبمجرد حدوث ذلك، ستكون الانتخابات حتمية، وهو واثق من قدرته على التغلب على أي مرشح آخر في البلاد (بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية لحزب الليكود، في حال تحداه أي أحد في حزبه).
“لا يستطيع أي من المرشحين الآخرين أن ينافسه”، زعم مصدر مقرب من مكتب رئيس الوزراء.
سعد نتنياهو والمقربين منه بعد حصولهم على شهادة امتياز من إدارة بايدن في وقت سابق من هذا الأسبوع بعد أن أشاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بالعرض الذي قدمته إسرائيل للتهدئة وإطلاق سراح الرهائن ووصفه بأنه “سخي للغاية”.
بالنسبة لنتنياهو، إذا أعطت الولايات المتحدة شرعية واسعة للاقتراح الإسرائيلي، بل وأثنت عليه، فلا يمكنه أن يقدم أكثر من ذلك، ولا فائدة من تقديم الشكاوى إليه.
كما يعتقد أن الرد الأمريكي خفف السخط أو الغضب لدى عائلات الرهائن، بالإضافة إلى إسكان وزير كابينت الحرب بيني غانتس والمراقب غادي آيزنكوت، اللذين اتهما بن غفير وسموتريتش بابتزاز نتنياهو من أجل مصالحهما السياسية في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وقال آيزنكوت يوم الثلاثاء: “سأكون شريكا فقط في حكومة تتخذ قراراتها على أساس المصالح الوطنية لدولة إسرائيل، وليس على الاعتبارات السياسية”.
أي انه من ناحية نتنياهو، فهو لا يؤخر التوصل إلى اتفاق ولا يعرقل أي اتفاق. بل على العكس من ذلك، فكان بوسعه أن يعرقل الصفقة التي وصفتها الولايات المتحدة بأنها “سخية للغاية”.
ومن المتوقع أن يصدر رد حماس قريبا، وأشارت التقارير إلى إن الحركة لم تستبعد قبول الاقتراح.
موافقة حماس في بالغ الأهمية بالنسبة للرهائن وعائلاتهم، ولكنه سيؤثر أيضا على مستقبل إسرائيل وحكومتها.
يعتقد نتنياهو ورفاقه أن بن غفير لن يتمكن من قبول صفقة تتضمن إطلاق سراح مئات الأسرى الأمنيين الفلسطينيين وهدنة ممتدة في قطاع غزة. وسوف يصوت ضد الاقتراح ويسحب حزبه إلى المعارضة.
أما سموتريش، فرغم أن تصويت حزبه الصهيونية الدينية لصالح الهدنة في نوفمبر، فأصبح معارضا لأي اتفاق مستقبلي منذ ذلك الحين. فهو وحزبه يرون شعبية بن غفير وعوتسما يهوديت المتزايدة.

وإذا تم طرح الاتفاق للتصويت، فإنه سينص على أنه بعد انتهاء وقف إطلاق النار، ستستأنف إسرائيل القتال في غزة، وهي الطريقة التي يعتزم نتنياهو استرضاء شركائه اليمينيين المتطرفين بها. لكن ليس هناك ضمان بأن ذلك سينجح.
وقال مصدر في مكتب رئيس الوزراء “نتنياهو مستعد لتمرير هذه الصفقة ولن يستسلم”.
وكما كان متوقعا، زاد بن غفير الضغط خلال لقاء انفرادي مع رئيس الوزراء يوم الثلاثاء. وبعد الاجتماع، نشر مقطع فيديو أعلن فيه أن نتنياهو وعده بعدم التوصل إلى صفقة متهورة، وأن إسرائيل ستواصل الحرب وترسل قوات إلى رفح الواقعة في أقصى جنوب غزة، كما وعدت.
وحذر بن غفير: “أعتقد أن رئيس الوزراء يفهم جيدًا ما سيعنيه عدم حدوث هذه الأشياء”. ونتنياهو يفهم ذلك فعلا.
وبغض النظر عن صفقة الرهائن، فإن نتنياهو وبن غفير وسموتريتش وجميع المشرعين اليمينيين الآخرين متحدون في الرأي بأن الحرب لا يمكن أن تنتهي على هذا النحو.
بالنسبة لنتنياهو، فإن الحرب ضد حماس سوف تستمر عشر سنوات، وربما أكثر. الحرب ستستمر ولن تقتصر على رفح فحسب، بل على كامل القطاع.
وبحسب وثائق استخباراتية حصل عليها نتنياهو، فر آلاف المقاتلين واختبأوا بعد أن انهارت كتائب حماس في المدن ومخيمات اللاجئين، وهم لا يشاركون حاليا في القتال ضد إسرائيل.

سوف يستغرق الأمر من إسرائيل سنوات عديدة لاستئصالهم والقضاء عليهم، وإذا لم يحدث ذلك، فسوف يبنون قوتهم مرة أخرى، ويعيدون تسليح أنفسهم، ويعيدون بناء أنفاقهم، وينفذون هجمات أسوأ على إسرائيل.
قبل الحرب، كان هناك حوالي 40 ألف مقالت تابع للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، معظمهم من حماس، وبينما تعتقد إسرائيل أنها قضت على حوالي 15 ألف منهم، لا يزال هناك 25 ألفًا. (يقول الجيش الإسرائيلي إنه قتل أكثر من 13 ألف مقاتل داخل غزة و1000 آخرين في إسرائيل في 7 أكتوبر. كما أصيب أو اعتقل آلاف آخرين.)
“لا يمكننا القضاء عليهم جميعًا. كما أننا لا نستطيع القضاء على جميع الإرهابيين في الضفة الغربية. لكن علينا أن نقاتلهم حتى النهاية”، قال نتنياهو للمقربين منه.
وفي ظل هذا، يرفض مكتب نتنياهو المبادرات التي طرحتها الولايات المتحدة وأوروبا والتي يمكن من خلالها لإسرائيل تطبيع العلاقات مع السعودية وتشكيل تحالف لمواجهة إيران، مقابل وعد بوقف الحرب ضد حماس بالكامل والسماح بإقامة الدولة الفلسطينية.
وسأل أحد مساعدي نتنياهو: “هل سيوقف هذا التحالف الجديد المذبحة القادمة؟ هل سينقذنا السعوديون؟ سوف تشرع حماس في ارتكاب مجزرة أخرى، بمساندة عشرات الآلاف من [المسلحين]، وسوف تقتل المئات منا. ما الفائدة من إنهاء الحرب الآن؟ ألم نتعلم شيئا من 7 أكتوبر؟”
من الواضح إذن أن نتنياهو قد خفض مسألة التطبيع مع السعودية – وهي إحدى سياساته الرئيسية قبل 7 أكتوبر – إلى أسفل قائمة الأولويات الوطنية. وحتى التحالف ضد إيران، الفكرة التي عمل عليها لسنوات والتي أدت إلى اتفاقات أبراهام، أصبحت فجأة أقل أهمية من تحقيق أهداف الحرب – التي ليس من الواضح ما إذا كان يستطيع تحقيقها. ومن الواضح أيضاً أنه إذا تستمر حماس بالمطالبة بوقف الحرب، فلن تكون هناك صفقة رهائن.
في الوقت الحالي، لا يوجد لدى نتنياهو إستراتيجية واصحة للتعامل مع غزة بعد الحرب، الأمر الذي يعزز قبضة حماس على القطاع. فهو وجماعته يريدون من مصر أن تنشئ هيئة حكم في غزة إلى جانب الأردنيين والفلسطينيين المحليين، وحتى أعضاء فتح. ولكن ليس السلطة الفلسطينية.
“لا قيمة لهم. إنهم غير قادرين حتى على حكم جنين”، وقال مصدر مقرب من نتنياهو، مشيرا إلى السلطة الفلسطينية.
لكن ماذا سيحدث إذا تمت الموافقة على الصفقة، وانهارت الحكومة، وتوجهت إسرائيل إلى الانتخابات؟ نتنياهو والمقربون منه على يقين من أنه سيفوز بالانتخابات. وفي حين أن أكبر فشل كارثي في تاريخ إسرائيل حدث في عهده، فإنهم يعتقدون أن المرشحين الآخرين لا يشكلون تحدي له.

ويتوقع نتنياهو في استطلاعاته تحولاً قوياً نحو اليمين بين المواطنين الإسرائيليين في نهاية الحرب، على الرغم من أن استطلاعات الرأي تظهر باستمرار تقدم غانتس عليه. وأوضح مصدر مقرب من نتنياهو أن “الأغلبية اليمينية في هذا البلد لديها ثلاثة خيارات: بنيامين نتنياهو، وبيني غانتس، و[زعيم المعارضة] يائير لبيد. هذه ليست مواجهة بين نتنياهو وموسى”.
وأضاف المصدر “بالنسبة للناخبين، غانتس ينتمي إلى يسار الوسط ولبيد غير قادر على إدارة البلاد والوقوف في وجه الضغوط الدولية”.
نتنياهو، بطبيعة الحال، لا ينوي تحمل المسؤولية والاستقالة بعد سلسلة المآسي التي شهدتها إسرائيل خلال الأشهر الماضية. استقالة رئيس مديرية المخابرات العسكرية اللواء أهارون حاليفا الأسبوع الماضي فقط تعزز رواية نتنياهو. المسؤول عن الإخفاقات سيستقيل، والمسؤول ليس رئيس الوزراء.
ويرى نتنياهو المقربين منه أن بعض الاحتمالات الجديدة قد تظهر مع تشكيل أحزاب سياسية جديدة. على سبيل المثال، إذا دخل رئيس الموساد السابق يوسي كوهين السياسة وأقام حزبا مع جدعون ساعر ورئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، فسيحصل على أصوات العديد من الإسرائيليين اليمينيين غير الراغبين بالتصويت لليكود ونتنياهو.
لكن نتنياهو يعتقد أن هذا سيكون في صالحه. كوهين كان ولا يزال من محبيه، وسيقبل قيادته وينضم إليه في تشكيل الائتلاف دون تردد. أو على الأقل هذا ما يعتقده رئيس الوزراء ومكتبه، الذين يخططون لولايته المقبلة.