إسرائيل في حالة حرب - اليوم 371

بحث

نازحون فلسطينيون يقولون أن الجيش والشرطة الإسرائيلية يخالفون أمر المحكمة بالسماح لهم بالعودة إلى بيوتهم

أهالي قرية خربة زنوتة يبلغون المحكمة العليا بأن السلطات فشلت في تنفيذ حكمها بتسهيل عودتهم إلى ديارهم؛ خبراء قانونيون يحذرون من أن نزوحهم المستمر قد يرقى إلى جريمة حرب

مستوطن إسرائيلي يُزعم أنه من بؤرة مزرعة ميتاريم الاستيطانية غير القانونية، يصور فلسطينيين في منازلهم في قرية خربة زنوتة بالضفة الغربية، سبتمبر 2024 (Courtesy Haqel)
مستوطن إسرائيلي يُزعم أنه من بؤرة مزرعة ميتاريم الاستيطانية غير القانونية، يصور فلسطينيين في منازلهم في قرية خربة زنوتة بالضفة الغربية، سبتمبر 2024 (Courtesy Haqel)

قدم سكان قرية خربة زنوتة الفلسطينية في الضفة الغربية التماسا إلى محكمة العدل العليا يطلبون فيه إصدار حكم بازدراء المحكمة ضد الجيش الإسرائيلي وشرطة إسرائيل والإدارة المدنية التابعة لوزارة الدفاع، بسبب قيامهم بما وصفوه بالطرد الثاني لسكان القرية من منازلهم خلال عام.

نزح سكان خربة زنوتة من القرية في نهاية شهر أكتوبر 2023 بسبب الاعتداءات المتكررة ضدهم وضد البنية التحتية في القرية من قبل متطرفين يهود، وعادوا إلى منازلهم في 21 أغسطس بعد أن أمرت المحكمة العليا الجيش والشرطة بتمكينهم من العودة وحمايتهم من عنف المستوطنين.

لكنهم يقولون أن رفض الأجهزة الأمنية حماية أهالي القرية من الهجمات المتجددة، والخطوات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية لمنع الأهالي من جعل خربة زنوتة صالحة للسكن مرة أخرى، أدى إلى تهجير القرية.

منحت المحكمة العليا للمدعى عليهم مهلة حتى 29 سبتمبر للرد على طلب حكم ازدراء المحكمة.

وفي الطلب، قدم محامو القرية صورا لمستوطنين من بؤرة “مزرعة ميتاريم” الاستيطانية غير القانونية القريبة وهم يصورون القرويين داخل منازلهم ويعتدون على مواشيهم.

كما تضمن الطلب صورا لجنود إسرائيليين وهم يصادرون بطانيات استخدمها سكان القرية لتغطية منازلهم المدمرة، ويزيلون أسوارا أقيمت حول القرية، وهو ما زعم الطلب أنه يدل على أن أجهزة الأمن لا تفتقر إلى القوى البشرية في المنطقة، وهي قادرة على الامتثال لأمر المحكمة وحماية سكان القرية إذا كانت هناك إرادة للقيام بذلك.

وقد أرفق الطلب أيضا ورقة موقف قانونية كتبها خبراء قانونيون إسرائيليون محترمون دوليا، والذين قالوا للمحكمة إن سلوك الجيش والشرطة والإدارة المدنية يشكل نقلا قسريا لسكان خربة زنوتة، وهو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي وربما يشكل جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.

جنود إسرائيليون يصادرون بطانيات تابعة لأهالي قرية خربة زنوتو الفلسطينية لمنعهم من استخدامها كأسقف لمنازلهم، 30 أغسطس 2024. (Haqel)

نزح سكان خربة زنوتة من القرية في نهاية شهر أكتوبر بعد الارتفاع الحاد في عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في المنطقة C من الضفة الغربية – حيث تحتفظ إسرائيل بسيطرة عسكرية ومدنية – في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر. وأدت هذه الهجمات إلى تهجير أكثر من 1000 فلسطيني من القرى الريفية، وخاصة في تلال جنوب الخليل وغور الأردن.

وفي غياب السكان، دُمر أو تضررت العديد من المنازل الحجرية في زنوتة، كما هُدمت مدرسة بناها الاتحاد الأوروبي في القرية بالجرافات. ولم تتمكن سلطات إنفاذ القانون من تحديد هوية مرتكبي أعمال الهدم.

وفي 29 يوليو، أمرت المحكمة العليا الجيش والشرطة بتمكين السكان من العودة إلى منازلهم، وعاد بعض سكان خربة زنوتة إلى الإقامة في القرية في 21 أغسطس. ولكن بعد أقل من ثلاثة أسابيع، أبلغت الإدارة المدنية السكان بأنها ستنفذ أوامر هدم صدرت عام 2007 ضد منازلهم إذا لم يوافقوا على مغادرتها.

ونتيجة لاعتداءات المستوطنين المتكررة وتهديدهم بالهدم، غادر آخر سكان القرية بحلول 12 سبتمبر.

وبدأ سكان خربة زنوتة الفلسطينيين في بناء هذه المباني الحجرية في ثمانينيات القرن العشرين بعد أن بدأت الكهوف التي كانوا يعيشون فيها في الانهيار. ولكن هذه المنازل تعتبر غير قانونية، حيث لا توجد في القرية خطة تنظيمية أو تصاريح بناء، والتي يصعب بشكل عام على الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة C من الضفة الغربية الحصول عليها.

وبعد سنوات من الإجراءات القانونية في المحكمة العليا، وافقت الدولة في عام 2017 على عدم تنفيذ أوامر الهدم بينما وضعت معايير تخطيطية جديدة.

وفي طلبها لاستصدار أمر ازدراء المحكمة الذي قدمته في 18 سبتمبر، زعمت منظمة “حقل” للمساعدة القانونية، التي تمثل سكان خربة زنوتة، أن ما وصفته بـ”النقل الثاني” لسكان القرية تم تنفيذه “عمدا وبتخطيط مسبق” من قبل السلطات بالشراكة مع نحو ثمانية مستوطنين محليين.

“خلال الأسابيع التي حاول فيها سكان زنوتة العودة إلى منازلهم بعد قرار المحكمة العليا، تعرضوا للاضطهاد بلا رحمة من قبل المستوطنين والمدعى عليهم، وفي النهاية تم طردهم للمرة الثانية”، كتبت منظمة حقل.

وقالت المنظمة إن المستوطنين المسلحين اعتدوا على أراضي خربة زنوتا “ولم يتوقفوا عن تهديد الأهالي والاعتداء عليهم وإيذاء وقتل أغنامهم” منذ عودتهم في منتصف أغسطس الماضي.

أهالي قرية خربة زنوتة الفلسطينية يرعون أغنامهم على أرض مجاورة لمنازلهم بعد عودتهم إلى القرية، بعد نزوحهم من القرية نتيجة المستوطنين العام الماضي، 21 أغسطس 2024. (Hamdan Ballal / Haqel)

وجاء في طلب “حقل” أن الشرطة “رفضت بشكل قاطع” جميع طلبات سكان القرية بإبعاد المستوطنين، على الرغم من أمر المحكمة العليا للشرطة والجيش الإسرائيلي بحمايتهم.

وقالت أن الشرطة والجيش الإسرائيلي اعتبروا بدلا من ذلك لسكان القرية أن للمستوطنين الحق في التواجد في القرية، بما في ذلك في حادثة تم تصويرها بالكاميرا.

وقالت محامية منظمة “حقل” والمديرة المشاركة للمنظمة قمر مشرقي أسعد لصحيفة تايمز أوف إسرائيل أنه تم تجاهل الطلبات المكتوبة التي قدمت للشرطة للحصول على المساعدة.

وأضافت أنه “تم تسجيل أكثر من 100 حادثة مضايقة” خلال الأسابيع الثلاثة بين عودة السكان إلى القرية وطردهم الثاني، “في الوقت الفعلي وكذلك بعد وقوع الوحادث”، لكن الشرطة لم تستجب لأي منها.

وأشارت المنظمة أيضا إلى أن الإدارة المدنية، وهي وكالة تابعة لوزارة الدفاع تدير الشؤون المدنية في الضفة الغربية، رفضت مرارا وتكرارا السماح لسكان القرية بإصلاح المنازل التي تضررت في هجمات المستوطنين بعد نزوحهم من القرية في أكتوبر من العام الماضي.

وشمل ذلك قيام الجيش بمصادرة البطانيات التي استخدمها السكان كأسقف لمنازلهم. وكان السكان قد أزالوا الأسقف المعدنية الأصلية لمنازلهم عندما غادروها في البداية.

وقام الجيش أيضا بإزالة الشباك التي يستخدمها الأهالي للتظليل.

وقالت منظمة “حقل” إن هذا يشكل انتهاكا لتعهد قوات الجيش والشرطة أمام المحكمة العليا بالسماح لأهالي القرية بالعودة، وهو تعهد أصبح بلا معنى إذا أصبحت خربة زنوتا غير صالحة للسكن بسبب الأضرار التي لحقت بها في غيابهم.

مستوطن إسرائيلي يُزعم أنه من بؤرة مزرعة ميتاريم الاستيطانية غير القانونية، يصور فلسطينيين في منازلهم في قرية خربة زنوتة بالضفة الغربية، سبتمبر 2024 (Courtesy Haqel)

وأضافت المنظمة أن إشعار الإدارة المدنية بأنها ستنفذ أوامر الهدم إذا لم يوافق سكان القرية على الانتقال يدل على أن الدولة تسعى إلى “استكمال عملية التهجير التي بادر إليها المستوطنون”، ولم يكن لدى المدعى عليهم أي نية على الإطلاق للامتثال لأمر المحكمة.

وأضيف إلى الطلب موقف قانوني وضعه خبراء قانون إسرائيليون، أكدوا فيه أن تصرفات الدولة تشكل تهجيرا قسرياً بموجب القانون الدولي. وقد ألف هذا الموقف خمسة أكاديميين، من بينهم البروفيسور إيال بنفينستي والبروفيسور يوفال شاني.

وكان بنفينستي عضوًا في الفريق القانوني الذي يدافع عن إسرائيل ضد تهم الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية في لاهاي في يناير من هذا العام، بينما ألف شاني العديد من النصوص حول القانون الدولي وشغل منصب عميد كلية الحقوق في الجامعة العبرية.

“النقل القسري ليس مجرد نقل يتم فيه استخدام القوة الجسدية. خلق الظروف التي تجبر الناس على مغادرة مكان إقامتهم يندرج أيضًا ضمن تعريف ’النقل القسري’”، كتب الأكاديميون.

“في القضية الحالية، بعد الوفاء بتعهداتها أمام المحكمة بتمكين سكان زنوتا من العودة إلى قريتهم، قامت السلطات، من خلال الأفعال والامتناع، بخلق ظروف أجبرت السكان على مغادرة القرية”، تابعوا، قائلين إن هذا “ينتهك حظر النقل القسري” المنصوص عليه في المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة.

وأضافوا أن هناك “قلقا جديا” من أن هذا “النقل القسري” يشكل أيضا جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وقالوا إنه إذا رفضت المحكمة العليا اتخاذ إجراء ضد هذا النقل، فإن المحكمة الجنائية الدولية قد تحاكم بنفسها المسؤولين عنه.

اقرأ المزيد عن