وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني تحذر أن إسرائيل تواجه تداعيات اقتصادية سلبية ومخاطر كبيرة بسبب خطة الإصلاح القضائي
"مورجان ستانلي" يخفض الائتمان السيادي لإسرائيل إلى "مكانة سلبية"؛ "سيتي" يحذر المستثمرين من احتمال "أزمة دستورية" في أعقاب التشريع، الذي تمت الموافقة عليه رغم عدم وجود توافق في الآراء
حذرت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني يوم الثلاثاء من “عواقب سلبية” و”مخاطر كبيرة” على الاقتصاد الإسرائيلي والوضع الأمني في أعقاب إقرار القانون الأول للإصلاح القضائي المثير للجدل للحكومة.
وفي شهر أبريل، خفضت وكالة “موديز” التوقعات الائتمانية لإسرائيل من “إيجابية” إلى “مستقرة”، مشيرة إلى “تدهور الحكم في إسرائيل” والاضطراب الناتج عن محاولة الحكومة إجراء إصلاح جذري للقضاء.
وكتبت “موديز” في تقريرها في وقت متأخر من يوم الثلاثاء: “على وجه التحديد، نعتقد أن الطبيعة الواسعة النطاق لمقترحات الحكومة يمكن أن تضعف استقلال القضاء وتعطل الضوابط والتوازنات الفعالة بين مختلف فروع الحكومة، وهي جوانب مهمة للمؤسسات القوية. لا يوجد لإسرائيل دستور مكتوب ويعتمد هيكلها المؤسسي إلى حد كبير على الرقابة والمراجعة القضائية”.
وحذرت وكالة التصنيف من أن “المؤسسات التنفيذية والتشريعية أصبحت أقل متوقعة، وعلى إستعداد أكبر لخلق مخاطر كبيرة للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي”.
بالإضافة إلى ذلك، قالت وكالة “موديز” إن بعض مخاوفها السابقة بشأن تأثير الإصلاحات المقترحة على الاقتصاد الإسرائيلي بدأت تتحقق أيضًا.
وحذرت وكالة “موديز” من أن “الاستثمارات في شركات التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية تراجعت ماديًا، حيث جمع القطاع 3.7 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى من العام، وهو أدنى رقم منذ عام 2019. بينما يعكس التباطؤ الاتجاهات العالمية في القطاع الناجمة عن شروط تمويل أكثر صرامة ودرجة من التطبيع بعد الوباء، هناك مؤشرات أيضًا على أن إسرائيل تنشق عن الاتجاهات العالمية”.
في الوقت الحالي، لا تزال وكالة “موديز” تتوقع نمو اقتصاد البلاد بمعدل 3٪ هذا العام وعام 2024، لكنها حذرت من أن التوقعات لا “تشمل تأثيرات سلبية من فترة طويلة من التوترات الاجتماعية والسياسية”.
وردًا على تقرير “موديز” المنتظر، أصدرت الحكومة بيانًا رفضت فيه التقرير باعتباره “ردًا مؤقتًا”، مضيفة أنه عندما “تهدأ الأمور، سيتضح أن اقتصاد إسرائيل قوي جدًا”.
وجاء في البيان المشترك لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن “الاقتصاد الإسرائيلي يقوم على أسس قوية وسيستمر في النمو في ظل قيادة متمرسة تقوم بسن سياسة اقتصادية مسؤولة”.
وخفض بنك الاستثمار الأمريكي “مورجان ستانلي” يوم الثلاثاء الائتمان السيادي لإسرائيل إلى “مكانة سلبية”، مشيرا إلى “زيادة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية في الأشهر المقبلة”.
وقال بنك “سيتي” الأمريكي لعملائه المؤسسيين في مذكرة أن البيئة في إسرائيل “أكثر خطورة”، بعد أن أقرت الحكومة مشروع قانون يمنع المحاكم من ممارسة المراجعة القضائية بشأن “معقولية” قراراتها، ونصح المستثمرين يتجنب الإستثمار حتى إستقرار الأوضاع.
وكتب نائب رئيس “سيتي” مايكل فيسن في المذكرة إن “الأحداث الحالية في إسرائيل تمثل تحديًا… وتجعل المستثمرين قلقين بشكل متزايد فيما يتعلق بالأصول الإسرائيلية. نحث على توخي الحذر هنا وانتظار مستويات أفضل أو سوق أكثر هدوءًا”.
وقد تجنبت وكالات التصنيف الائتماني العالمية حتى الآن خفض تصنيف البلاد، نظرًا لقول الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو أنها ستبذل قصارى جهدها للتوصل إلى اتفاق واسع أو شكل من أشكال التوافق مع المعارضة، وأنها لن تقدم تشريعات أحادية الجانب ضمن الإصلاح القضائي.
وقالت ميراف ميخائيلي، رئيسة حزب العمل، إن “نتنياهو كذب على شركات التصنيف الائتماني عندما قال إن التشريع سيمر بإجماع واسع، وسندفع ثمنا باهظا بسبب هذه الكذبة. الثمن الذي ستدفعه كل أسرة في إسرائيل بسبب كذبة نتنياهو سيكون باهظًا ومؤلمًا”.
وحذرت وكالات التصنيف الائتماني الأخرى، بما في ذلك “ستاندرد آند بورز”، في الأشهر الأخيرة من تدهور الحكم في إسرائيل وإضعاف محتمل للسلطة القضائية والقوة المؤسسية في البلاد، وأثارت مخاوف بشأن التوترات الاجتماعية والسياسية المحلية المتزايدة.
وفي وقت سابق يوم الثلاثاء، واصلت الأسهم الإسرائيلية الانخفاض وتراجع الشيكل لليوم الثاني وسط مخاوف في السوق من تخفيض “موديز” المحتمل للتوقعات الائتمانية للبلاد بعد التصديق على أول قانون للإصلاح القضائي المثير للجدل دون إجماع واسع.
وانخفض الشيكل بحوالي 1.5٪، ليتداول حول 3.71 مقابل الدولار الأمريكي في التعاملات المسائية، وانخفض بنحو 2.6٪ عن سعر بنك إسرائيل النموذجي الذي تم تحديده يوم الإثنين، بينما أقر البرلمان الإسرائيلي مشروع قانون يمنع القضاة من إبطال قرارات الحكومة على أساس “معقوليتها”.
وانخفض مؤشر TA-125 القياسي لبورصة تل أبيب بنسبة 3.1٪ وانخفض مؤشر TA-35 للشركات القيادية بنسبة 3٪، بينما انخفض مؤشر TA-90 بنسبة 3.4٪ عند إغلاق السوق في تل أبيب. وانخفض مؤشر TA لأكبر خمسة بنوك بنسبة 4.8٪ وتراجع مؤشر TA-Insurance & Financial Services بنسبة 3.6٪.
وحذرت وكالة “موديز” في تقريرها الصادر في أبريل من أن التصنيفات الائتمانية لإسرائيل قد “تتعرض أيضًا لضغط هبوطي إذا تحولت التوترات الحالية إلى أزمة سياسية واجتماعية طويلة الأمد”، ولكن إذا تم التوصل إلى حل وسط ضمن المفاوضات مع المعارضة “دون تعزيز هذه التوترات، فإن الاتجاهات الاقتصادية والمالية الإيجابية التي حددتها وكالة موديز في السابق ستظل قائمة”. وقد أبقت الوكالة على التصنيف الائتماني الفعلي للبلاد عند A1، مستشهدة “بالنمو الاقتصادي القوي”.
وقال أوري غرينفيلد، كبير المحللين الاستراتيجيين في بيت الاستثمار “بساغوت”، لتايمز أوف إسرائيل قبل إصدار تقرير “موديز”: “أكدت الحكومة الإسرائيلية في الماضي لوكالات التصنيف الائتماني أن الإصلاح القضائي المقترح لن يتقدم دون إجماع واسع النطاق. مع إقرار القانون بالأمس، هناك احتمال كبير أن تصدر الوكالات تحديثات”.
وعلى الرغم من الاحتجاجات الكبيرة والمعارضة الجماهيرية المستمرة، صادق الكنيست يوم الإثنين على قانون يمنع المحاكم الإسرائيلية من مراجعة “معقولية” القرارات الحكومية والوزارية. ومر مشروع القانون بقراءته الثالثة والأخيرة بأغلبية 64 صوتًا ودون معارضة، حيث قاطعت المعارضة المكونة من 56 عضوًا بأكملها التصويت احتجاجًا.
وقال غرينفيلد إن “إقرار مشروع القانون يزيد من المشاعر حول تحقق التأثير السلبي للإصلاح القضائي على الاقتصاد، مما يعني أن المستثمرين سيرون مخاطر أعلى على الاقتصاد. على المدى القريب، من المحتمل أن نشهد تراجع العملة المحلية، والذي بدوره يغذي التضخم وقد يؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة”.
القلق الرئيسي في قطاع الأعمال والتكنولوجيا يتمثل في أن يؤدي الإصلاح القضائي المقترح إلى تآكل الديمقراطية وإضعاف الضوابط والتوازنات، مما سيثير مخاوف أصحاب رؤوس الأموال وغيرهم من صانعي الأموال من استثمار أموالهم في البلاد، مما يؤدي إلى تدفق الأموال إلى الخارج.
وكتبت عينات غويز، المؤسسة والرئيسة التنفيذي لمنصة الرواتب الإسرائيلية “بابايا غلوبال”، في رسالة عامة يوم الإثنين: “بعد هذا الإصلاح السياسي، سيؤسس رواد الأعمال الإسرائيليون كيانات في الخارج. تعريض المستثمرين لنظام قضائي مشبوه، بدون إشراف حقيقي، حيث لا يتمتعون بأي حماية ولا تعويض قانوني، ببساطة مخاطرة كبيرة”.
وحذرت غويز من أن “هذا خطر واضح وقائم وستكون العواقب وخيمة”.