’من أصدقاء إلى عائلة’: إسرائيل والبحرين توقّعان رسميا على إطلاق العلاقات الدبلوماسية بينهما
في مراسم أقيمت في المنامة، مئير بن شبان يرحب بالاتفاق مع دولة أخرى من ’عائلة إبراهيم’؛ بيان مشترك يؤسس ’علاقات دبلوماسية وسلمية وودية’
أعلنت إسرائيل والبحرين رسميا يوم الأحد عن توصلهما إلى اتفاق سلام وإطلاق علاقات دبلوماسية رسمية بينهما، وهي الاتفاقية الرابعة فقط من نوعها بين الدولة اليهودية ودولة عربية، والثانية خلال أسابيع.
في مراسم رسمية أقيمت في المنامة، وقّع مسؤولون من كلا البلدين على ثماني اتفاقيات ثنائية، بما في ذلك “بيان مشترك حول إقامة علاقات دبلوماسية وسلمية وودية”.
في تلك الوثيقة، التي وقعها مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مئير بن شبات، ووزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني، تعهد البلدان بعدم اتخاذ إجراءات عدائية ضد بعضهما البعض والتصرف ضد أعمال عدائية من بلدان ثالثة.
كما تنص الوثيقة على أن الطرفين “سيواصلان جهودهما للتوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، لكنها لم تذكر صراحة هدف الدولة الفلسطينية أو حل الدولتين.
وتناولت الاتفاقيات الأخرى – مذكرات التفاهم – التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما في ذلك الطيران المدني والاتصالات والزراعة والتكنولوجيا، ووقُع عليها المديرون العامون للوزارات المعنية من البلدين.
ولم يتم نشر النصوص الكاملة للاتفاقيات بشكل فوري.
في كلمة مطولة عقب مراسم التوقيع، أعرب الزياني عن أمله في “تعاون ثنائي مثمر في كل المجالات” وسلام إقليمي، بما في ذلك حل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
وقال الزياني إن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة “يؤمن بأهمية تعزيز قيم التسامح والتعايش والتفاهم المتبادل بين مختلف الثقافات والأديان”، خاصة في منطقة “عانت شعوبها العديد من النزاعات والصراعات”.
وأضاف الزياني “ينبغي حل القضية الفلسطينية من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين من أجل التوصل إلى حل يرضي الطرفين ويؤدي إلى حل الدولتين وفق مبادئ مبادرة السلام العربية والقانون الدولي ذي الصلة”.
وأردف قائلا: “نحيي الحكومة الإسرائيلية على تجاوبها في تحقيق هذه الخطوة التاريخية”.
وتحدث وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين، الذي يمثل إدارة الرئيس دونالد ترامب – التي ساعدت في التوسط في الصفقة – بإيجاز عن الفرص المتاحة لكلا البلدين والتي يمكن تحقيقها الآن.
وقال منوشين: “هذا إنجاز رائع حقا”، وأشار إلى أول رحلة طيران مباشرة بدون توقف من تل أبيب إلى المنامة والتي أجريت في وقت سابق يوم الأحد، وأضاف: “إنني أتطلع إلى أن تكون هذه الرحلة الأولى من بين العديد من الرحلات الجوية التجارية ذهابا وإيابا بين الدول”.
وأشاد بن شبات بالاتفاقات باعتبارها خطوة أولى في عملية السلام بين إسرائيل والبحرين، وشكر مضيفيه البحرينيين على الترحيب الحار وتعهد بأن يتلقى أي وفد بحريني إلى إسرائيل معاملة مماثلة.
وقال: “بدأنا اليوم كأصدقاء ونختتمه كأفراد عائله – أفراد عائلة إبراهيم”، في إشارة إلى “اتفاقيات إبراهيم” الموقعة في البيت الأبيض في الشهر الماضي.
البيان المشترك – محور الصداقة الإسرائيلية البحرينية الناشئة – ليس معاهدة من الناحية القانونية، بل بالأحرى “اتفاقية إطارية”، كما قال مسؤولون إسرائيليون، لكنهم أكدوا أنه بالتوقيع على المعاهدة أطلقت إسرائيل والبحرين العلاقات الدبلوماسية بينهما رسميا.
ومن غير الواضح حاليا ما إذا كانت الوثيقة ستُعرض على مجلس الوزراء الإسرائيلي و / أو الكنيست للموافقة عليها. يبدو من المرجح أن المستشار القانوني للحكومة أفيحاي ماندلبليت سيطلب الموافقة على الاتفاق من قبل الوزراء على الأقل، لأنه يحتوي على عدة التزامات من جانب إسرائيل.
قبل لحظات من حفل التوقيع، تحدث نتنياهو عبر الهاتف مع الزياني ومع منوشين، ورحب بالاتفاقيات التي سيتم التوقيع عليها وأشاد بحفل التوقيع التاريخي باعتباره “خطوة عملاقة” نحو السلام.
“كما رحب رئيس الوزراء بأول رحلة جوية من إسرائيل إلى البحرين، والتي هبطت اليوم، وقال إنها استمرار للتقدم نحو السلام”، بحسب بيان صادر عن ديوانه.
وقد وصل الوفد الأمريكي-الإسرائيلي المشترك إلى المملكة الخليجية الصغيرة في وقت سابق الأحد لوضع التفاصيل الأخيرة للاتفاقيات الثنائية. وهبطت رحلة “إل عال” رقم 973 – في إشارة إلى رمز دولة البحرين – في المنامة بعد إقلاعها من مطار “بن غوريون” في أول رحلة ركاب بدون توقف من إسرائيل إلى المملكة الخليجية.
وكان الزياني في استقبال الوفد الأمريكي-الإسرائيلي في المطار.
خلال احتفال أقيم على مدرج المطار، قال بن شبات باللغة العربية إن إسرائيل “تمد يدها من أجل سلام حقيقي مع الشعب البحريني”.
وقال “معا، سنغير الواقع في المنطقة لصالح دولنا. بمشيئة الله، سنستضيفكم في إسرائيل قريبا”.
منتقلا للتحدث باللغة العبرية، قال بن شبات إن الوفد، مثل وفد سابق إلى الإمارات العربية المتحدة، سافر دون توقف من تل أبيب، وأضاف أنه يأمل أن يصبح الطريق مسارا عاديا في المستقبل القريب.
واقتبس بن شبات من سفر التكوين قائلا: “’ليكن نور فكان نور . ورأى الله النور أنه حسن’. دعونا نجلب النور ونوسع الخير”، وقال إن للبحرين وإسرائيل الكثير من القواسم المشتركة – فكلاهما صغير من حيث المساحة وعدد السكان، لكن كلاهما يتمتع بروح ريادية.
وأعرب الزياني عن تفاؤله بأن “مثل هذا السلام سيجلب استقرارا وازدهارا جديدين في المنطقة، مما يسمح لشبابنا في جميع أنحاء الشرق الأوسط بتحقيق إمكاناتهم وطموحاتهم التي حرموا منها لفترة طويلة”.
وأضاف وزير الخارجية البحريني “وضعنا اليوم الأسس التي يمكننا من خلالها الوصول إلى هذا الهدف، ووضع إطار عملي لتعزيز تعاوننا الثنائي وشراكتنا المستمرة التي تتمتع بها بلادنا مع الولايات المتحدة الأمريكية”.
وتابع قائلا: “آمل أن تكون هذه الزيارة بمثابة خطوة أخرى إلى الأمام على طريق شرق أوسط ينعم بالسلام والأمن والاستقرار والازدهار حقا، حيث تعمل جميع الدول والأجناس والأديان على حل الخلافات من خلال الحوار وتطوير واقع جديد من التعايش والازدهار لأبنائنا”.
على متن الطائرة ، قال منوشين للصحفيين إن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الإسرائيلية يعملان على اتفاقيات تطبيع مع المزيد من الدول العربية.
وقال: “نأمل أن نتمكن من إعلان ذلك قريبا”.
من مدرج المطار، توجه المسؤولون إلى فندق “ريتز كارلتون” بالعاصمة البحرينية، حيث انقسموا إلى مجموعات عمل مختلفة لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقيات الثنائية.
كما استضاف نائب رئيس الوزراء البحريني محمد بن مبارك آل خليفة منوشين وبن شبات في مكتبه بقصر القضيبية. وجدد آل خليفة التزام العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى بالسلام مع إسرائيل، لكنه شدد على أن نهجه “يهدف أيضا إلى تعزيز الجهود لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين … باعتباره السبيل الأمثل لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة”، بحسب وزارة الخارجية البحرينية.
وأضاف آل خليفة أن البحرين تعتبر عملية السلام “خطوة أساسية لعلاقات أوسع تعود بالنفع على دول وشعوب المنطقة”.
وقال الزياني، خلال لقائه بن شبات، إن الاتفاقات الموقعة “ستؤسس لتعاون مثمر بين البحرين وإسرائيل يسهم في ترسيخ أسس السلام في المنطقة”، بحسب ما جاء في بيان عن الاجتماع صدر عن وزارة الخارجية البحرينية.
وأضاف الوزير أن “هذه الرؤى تهدف إلى دفع عملية السلام نحو آفاق أكثر إيجابية، بدءا بالمحافظة على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وفق القرارات القانونية الدولية”.
في غضون ذلك ، تمت دعوة عدد من الصحفيين الإسرائيليين الذين رافقوا الوفد لزيارة الكنيس في المنامة، حيث أقاموا صلاة مسائية وتحدثوا إلى كبار أعضاء الجالية اليهودية المحلية. في الكنيس الذي بني في ثلاثينيات القرن الماضي، التقوا أيضا بخالد بن خليفة آل خليفة، الذي يرأس “مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي”.
يرى المسؤولون في المملكة الخليجية الصغيرة أن الرحلة القصيرة – تواجد الإسرائيليون على أرض البحرين في فترة ما بعد الظهر والمساء فقط – هي النظير البحريني للزيارة التاريخية التي قام بها وفد أمريكي-إسرائيلي إلى أبو ظبي في 31 أغسطس، والتي وضع خلالها المسؤولون الأسس لمعاهدة السلام الإماراتية-الإسرائيلية التي تم التوقيع عليها بعد أسبوعين في البيت الأبيض.
مساء الأحد، واصل الوفد الأمريكي – برئاسة منوشين والمبعوث الخاص للبيت الأبيض للصراع الإسرائيلي الفلسطيني آفي بيركوفيتش – رحلته متوجها إلى الإمارات لعقد اجتماعات.
ولم ينضم أعضاء الوفد الإسرائيلي إلى زملائهم الأمريكيين في أبو ظبي، وعادوا إلى تل أبيب مساء الأحد.
يوم الثلاثاء، من المتوقع أن يصل وفد إماراتي رفيع، يضم اثنين من كبار الوزراء، إلى إسرائيل لإجراء محادثات ثنائية تهدف إلى تنفيذ اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل الموقعة في واشنطن الشهر الماضي.
سيكون هذا الوفد أول مرة يزور فيها وزراء إماراتيون الدولة اليهودية علنا منذ إعلان البلدين عن تطبيع العلاقات بينهما في 13 أغسطس.
ساهم في هذا التقرير آرون بوكسرمان وطاقم تايمز أوف إسرائيل.