مناورة نتنياهو في قضية قانون التجنيد انفجرت مثل فقاعة صابون وستتبدد في المحكمة العليا
تعكس المناورة الجديدة الوضع السياسي لمن يُوصف في إسرائيل بـ"الساحر": نتنياهو يقوم بمناورات سياسية ولا يوجد مشترون للبضاعة والسحر لا يدوم لأكثر من ساعة أو ساعتين؛ تحمس عدد صغير من المراسلين للحظة ووصفوا الخطوة بـأنها "مناورة عبقرية"، لكنهم لم يعتادوا بعد على وضع نتنياهو الجديد الذي أصبح فيه عبئا وليس كنزا
لم تدم المناورة السياسية التي قام بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مسألة قانون التجنيد هذا الأسبوع طويلا. بعد يوم من إحياء يوم الذكرى ويوم الإستقلال الأصعب في تاريخ البلاد، ألقى نتنياهو بالحيلة في فضاء تطبيق “واتساب” في بيان رسمي صدر عن مكتب رئيس الوزراء، وبعد ساعات تم اعتراض فقاعة الصابون هذه وتفجيرها.
يوم الخميس، أضاف المستشارون القضائيون للحكومة الطابع الرسمي على المناورة السياسية التي لم تدم طويلا. رغم أنه تم تمرير التشريع في اللجنة الوزارية للشؤون التشريعية، إلا أنه ثمة شك فيما إذا كانت هناك فرصة سياسية للدفع بالقانون قدما.
وقد أعلن رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولي إدلشتاين، معارضته للتشريع، وكذلك وزير الدفاع يوآف غالانت. وهناك ثلاثة أو أربعة أعضاء كنيست آخرين في الليكود يعارضون التشريع، ومن دون دعم المعارضة فإن فرص تمرير القانون تكاد تكون معدومة.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
خطط نتنياهو لمطالبة يائير لبيد وبيني غانتس وأفيغدور ليبرمان بدعم التشريع مع العلم أن الفصائل الحريدية – حلفائه الأبديين – ستصوت ضد القانون. ففي نهاية المطاف، إذا كان القانون الذي تم تمريره في قراءة أولى قبل عامين مناسبا للغاية ويهدف إلى “جسر الخلافات والتوصل إلى اتفاق واسع النطاق” كما أعلن المتحدث باسم نتنياهو، فلماذا لا يتفضل نتنياهو بتمرير هذا القانون من خلال دعم أعضاء الكنيست الـ 64 في إئتلافه الحكومي الرهيب؟
لماذا يحتاج إلى لبيد وغانتس وليبرمان؟ فليتكئ على أصابع “شاس” و”يهدوت هتوراه” في تمرير قانون التجنيد المخفف هذا، الذي من المفترض أن يكون بمثابة حل مؤقت لمدة عام واحد فقط حتى يتم إقرار قانون طبيعي.
الجواب على هذه الأسئلة واضح. لا يمكن لنتنياهو أن يعتمد على آرييه درعي ويتسحاق غولدكنوبف وموشيه غافني، ولذلك أراد تحقيق هدف سياسي يلحق الضرر بلبيد وغانتس وليبرمان . أي أنه إذا فشل في تمرير التشريع، فيمكنه على الأقل أن يدعي أن خصومه السياسيين هم الأشرار الذين يعيقون تجنيد طلاب المدارس الدينية.
لكن المناورة الجديدة تعكس الوضع السياسي لمن يلقب بـ”الساحر” في إسرائيل: يقوم نتنياهو بمناورات سياسية ولا يوجد مشترون للبضاعة والسحر لا يدوم لأكثر من ساعة أو ساعتين؛ تحمس عدد صغير من المراسلين للحظة ووصفوا الخطوة بـأنها “مناورة عبقرية”، لكنهم لم يعتادوا بعد على وضع نتنياهو الجديد الذي أصبح فيه عبئا وليس كنزا. وفي غضون ساعات قليلة، أدركوا هم أيضا أنه من الأفضل أحيانا الانتظار قبل نشر تغريدات وردود سريعة.
قانون التجنيد من عام 2022 (المسمى التعديل 26) كان مخصصا للأيام التي أرادت فيها الدولة تحسين الوضع الاقتصادي وإدخال أكبر عدد ممكن من الناس إلى سوق العمل، من خلال وقف مسار الإعفاءات الوهمية من الخدمة العسكرية. في عام 2024، لم يعد التعديل 26 مناسبا، حيث يقضي الشباب الإسرائيلي 200 يوم في الخدمة الاحتياطية، ويفقدون وظائفهم ومنازلهم في شمال البلاد وجنوبها.
هذا الأسبوع، عندما طرحت الحكومة التعديل رقم 26، تحدثنا مع أولئك الذين كانوا في قلب الحدث في فضح خدعة الجيش الإسرائيلي بشأن أرقام التجنيد الزائفة (العمل الذي استند إلى تقرير البريغادير جنرال احتياط روني نوما والذي أدى في النهاية إلى التعديل رقم 26)، والذين قالوا لـ”زمان يسرائيل”، الموقع الشقيق لـ”تايمز أوف إسرائيل” باللغة العبرية، بشكل لا لبس فيه: قانون 2022 ليس له أي صلة بأي شكل من الأشكال بأزمة القوى البشرية التي يواجهها الجيش الإسرائيلي في عام 2024 ونحو عام 2025.
لماذا ؟ لأنه كان من المفترض أن يجلب هذا القانون أكبر عدد ممكن من الأشخاص إلى سوق العمل، بدلا من أن يكونوا “طلاب توراة” لا يُسمح لهم بالعمل. أحد الجوانب الهامة للتعديل رقم 26 تناول دخول ما يقارب من 2000 من اليهود الحريديم للتدريب العسكري القصير لمدة تستمر ما بين ثلاثة أسابيع وثلاثة أشهر، وهو التدريب الذي من شأنه أن يضعهم في مواقع محدودة في الخدمة الاحتياطية أو في مهام منظمات الإنقاذ والإغاثة.
أي أنه، وفقا للتعديل رقم 26، سينفق الجيش الإسرائيلي ميزانيات ضخمة على تجنيد الجنود الذين لا يساعدون في المهمة، ووفقا لنفس المخطط، كان من الممكن أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من تجنيد بضعة آلاف فقط، وأن يدفع لهم قدرا كبيرا من المال دون إضافة ما هو ضروري للجيش، وهو موارد بشرية مقاتلة.
مسألة تخفيف العبء عن جنود الاحتياط المقاتلين هو المشكلة الأكبر التي لا يوجد لها حل في التعديل 26. التعديل ليس له أي معنى في الواقع الذي تشكل بالنسبة للجمهور الذي يقوم بالخدمة العسكرية في إسرائيل. رغم وجود حسن نية في إقرار تشريع اقتصادي يهدف إلى التسهيل على جنود الاحتياط، إلا أن ما يثقل كاهلهم هو عدد أيام خدمة الاحتياط والمخاطرة بحياتهم، وليس مبالغ التعويضات التي تُدفع لهم بأثر رجعي.
وهكذا، على الرغم من استمرار الترويج لهذا التشريع من قبل الائتلاف المكون من 64 عضوا، فإن اليهود الحريديم يعتزمون معارضة التشريع في جلسة الهيئة العامة للكنيست، في حين أن إدلشتاين سيناقشه فقط لكي يقوم بإدخال تغييرات كبيرة عليه، ووزير الدفاع وكذلك أعضاء كنيست صغار في الليكود يعارضونه. وبالإضافة إلى كل هذا، بعد أن أعلنت المستشارة القضائية للحكومة وجود عائق قانوني أمام تمرير القانون – ثمة شك كبير في أن تسمح المحكمة العليا للحكومة بالمضي قدما في تشريع القانون.
وسارع أعضاء كنيست من حزب “الوحدة الوطنية” – مثل أوريت فركش هكوهين وماتان كهانا – للإدلاء بمقابلات بعد نشر اقتراح نتنياهو وضحوا فيها أن حزبهم يعارض الاقتراح. كهانا قال في الأسابيع الأخيرة إنه يعتقد أن على حزبه الانسحاب الآن من الحكومة.
قد يختار بيني غانتس وغادي آيزنكوت الانتظار مع اتخاذ القرار بشأن الانسحاب من الحكومة إلى ما بعد الجلسة في المحكمة العليا، وكما هو معلوم، دعا غانتس مؤخرا إلى إجراء انتخابات الكنيست في سبتمبر 2024. ولتحقيق هذه الغاية، يجب إقرار قانون حل الكنيست في يونيو، مباشرة بعد جلسة المحكمة العليا بشأن قانون التجنيد.
ماذا لو لم يحدث ذلك ونجحت الحكومة في الصمود؟ سيتعين على الجيش الإسرائيلي البدء في تجنيد طلاب المدارس الدينية وفقا لقانون خدمات الأمن؛ وسيواصل سموتريش وبن غفير تشجيع الشباب على التسلل والمخاطرة داخل غزة وعلى مهاجمة شاحنات المساعدات وابتزاز نتنياهو في كل خطوة، وستستمر الحرب في التعثر، ولن يتم إطلاق سراح المختطفين، ولن يتم تدمير حماس – ولن يتمكن سوى نتنياهو من الاحتفاظ بمقعده من خلال الحيل والمناورات.