مكتب التحقيقات الفيدرالي: روسيا حاولت التأثير على الرأي العام في إسرائيل
كشف تصريح من موظف في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عن عملية ضخمة قامت بها روسيا في محاولة للتأثير على الرأي العام لصالحها في الحرب مع أوكرانيا، وللتأثير على الانتخابات الأمريكية - ولتعزيز حكومة اليمين في إسرائيل
منذ حوالي أسبوع، صادرت وزارة العدل الأمريكية بموجب أمر قانوني 32 نطاقا وأصول إنترنت ذات صلة مملوكة لكيانات روسية وتعمل في الولايات المتحدة بهدف التأثير على انتخابات 2024.
وصدر الأمر في المحكمة الفيدرالية في فيلادلفيا وكانت مصحوبة بإفادة خطية من عميل في مكتب التحقيقات الفيدرالي (تم حجب اسمه) يعمل في قسم مكافحة التجسس.
ومنذ انتخابات عام 2016، تعرض الجمهور الأمريكي – والجمهور في جميع أنحاء العالم – لمحاولات روسية للتأثير على نتائج الانتخابات الأمريكية. وتعرض إفادة وزارة العدل العمليات التي تشمل استخدام الشبكات الاجتماعية وإنشاء مواقع وهمية واستهداف الجماهير لمحاولة التأثير على الرأي العام.
وقد أطلق الروس على هذه العملية تحديدا اسم “Doppelganger” وتجري منذ عام 2022 بناءً على طلب من الكرملين وبإدارة رئيس الوزراء الروسي السابق سيرجي كيرينكو، الذي يخضع بالفعل لعقوبات أمريكية. أسس كيرينكو العديد من الشركات، بما في ذلك SDA وDSA – وقد تم بالفعل تحديدها جميعها في عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية. وعمل كيرينكو بشكل وثيق مع عميل روسي آخر يدعى إيليا غامباشيدزه، وهو يخضع أيضا لعقوبات.
وتتضمن إفادة عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي وثيقة مكونة من 277 صفحة تكشف على نطاق واسع أساليب عمل كيرينكو وغامباشيدزه، بما في ذلك ملحق طويل يتناول طموح الاثنين لتنفيذ عمليات التأثير على رأي الجمهور الإسرائيلي.
تم اكتشاف العملية المذكورة خلال العام الماضي، وتمت إدارتها وقيادتها من الأراضي الروسية وكشفتها السلطات الفرنسية. وكان الهدف هو التأثير على الرأي العام في الولايات المتحدة فيما يتعلق بموضوع حرب روسيا ضد أوكرانيا.
واستعدادا للانتخابات الأمريكية لعام 2024، جرت محاولة للتأثير على الجماهير المحافظة/المتأرجحة، والأقليات اللاتينية في الولايات الرئيسية التي تميل إلى اختيار المرشح الجمهوري دونالد ترامب (إفادة عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي تحجب أسماء المرشحين والأحزاب). ووفقا للإفادة، العملية استهدفت أيضا مستخدمي ألعاب الفيديو ومتصفحي موقع “Reddit”).
واستخدمت عملية Doppelgänger على نطاق واسع المحتوى الذي تم انتاجه بمساعدة الذكاء الاصطناعي لإنشاء مواقع ويب تنتحل صفحات وسائل الإعلام الكبرى، وكذلك لفتح حسابات مزيفة على الشبكات الاجتماعية من أجل نشر الدعاية الروسية لجماهير مستهدفة.
وكما ذكر، تم إرفاق العديد من الوثائق للإفادة، بما في ذلك ملخصات اجتماعات جامباشيدزه التي توضح بالتفصيل الأهداف والتكتيكات – بما في ذلك ما يتعلق بسكان إسرائيل.
تم شراء النطاق “HolyLand Herald” من قبل الروس من أجل عرضه كموقع إسرائيلي باللغة الإنجليزية، وهو موقع كان من المفترض أن يتناول العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، والحرب في غزة والشرق الأوسط. ولكن تم أيضا نشر مقالات تتعلق بأوكرانيا على الموقع، على سبيل المثال تحت عنوان “أوكرانيا تتدخل في النظام الانتخابي في روسيا”.
وكان هذا النطاق نشطًا حتى يوليو 2024، ويعدها فقد الروس السيطرة عليه على ما يبدو.
وكان من المفترض أن يؤثر الجزء الإسرائيلي من المشروع على الناخبين الأميركيين أيضاً. أي على الإسرائيليين الذين لهم الحق في التصويت في الولايات المتحدة (هناك مئات الآلاف منهم) وعلى اليهود الأمريكيين.
وأصدرت شركة SDA وثيقة بعنوان “مشروع المناصرة الشامل في إسرائيل (والجالية اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية). وجاء في الوثيقة: “إقامة عملية إعلامية بثلاث لغات تهدف إلى استهداف الجاليات اليهودية في جميع أنحاء العالم، ولكن في المقام الأول داخل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية”.
وبحسب الوثيقة فإن “المشروع يشمل: التأثير عبر الإنترنت، والعمل مع مؤثرين إسرائيليين، وإنشاء منتديات على تويتر، وفيسبوك، وإنستغرام، وياندكس، ويوتيوب، وتيليغرام، ونشر التعليقات على الشبكات والإعلانات المستهدفة. يبدو أن الوضع الحالي في إسرائيل هو الأنسب لإطلاق مشروع التأثير على الرأي العام”.
“الهدف من المشروع هو فصل الإسرائيليين عن النفوذ العام للدول الغربية المناهضة لروسيا، وخلق رأي عام دائم يحدد الديكتاتورية الأوكرانية على أنها نازية جديدة. من الممكن تحقيق هذه الأهداف في إسرائيل في على المدى القصير، مع الاعتماد على القوى الموجودة داخل إسرائيل، وكذلك على يهود الشتات الذين يعيشون في الولايات المتحدة. وستكون فعالية المشروع زيادة في عدد الإسرائيليين الذين يدعمون الروس في حربهم ضد النازية”.
كما ذكرت وثيقة النفوذ الروسي وصول الأحزاب الدينية اليمينية إلى السلطة في الحملة الانتخابية في نوفمبر 2022، “مما أدى إلى رد فعل من اليسار ورغبة في قيادة ’انقلاب ليبرالي’. خرج عشرات الآلاف من الأشخاص في مظاهرات ضد (نتنياهو) وضد إصلاحاته في تل أبيب والقدس”.
كما جاء في الوثيقة الروسية كما ترجمت إلى الإنجليزية في الإفادة الأمريكية “المتحدثون في هذه المظاهرات يهددون بالانتقام من (نتنياهو) وحياة أنصاره. ’الديمقراطيون’ يهددون إسرائيل بحرب أهلية مفتوحة. التهديد خطير”.
كما ذكرت الوثيقة الروسية أيضًا أن المتظاهرين في إسرائيل يؤيدون الحزب الديمقراطي الأمريكي، وبالتالي فهم يؤيدون دعم الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة لأوكرانيا – وأنهم يعارضون روسيا. وفي المقابل، أنصار الحكومة الإسرائيلية في اليمين يعتقدون أنه لا ينبغي زيادة المساعدات لأوكرانيا ويريدون حكومة تركز على المشاكل الداخلية وليس حكومة تفتح أبواب الهجرة.
وتشير الوثيقة إلى “بند الأحفاد” في قانون العودة كمثال على سبب رغبة اليمنيين في الحد من الهجرة من أوكرانيا و/أو روسيا. “من الواضح لنا أنه يجب علينا دعم الحكومة الإسرائيلية الشرعية ضد كل اليساريين الذين يدعمهم الحزب الديمقراطي الأمريكي”، ورد في الملحق المرفق بإفادة عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وجاء لاحقاً أن “التأثير على الرأي العام في إسرائيل سيؤثر على الجمهور اليهودي الأميركي في الفترة التي تسبق انتخابات عام 2024”.
وتشمل وثيقة تأثير أخرى كتبتها شركة DSA وأرفقت بالإفادة (الملحق 13A) مثالا على كيفية انتحال شخصية شخص إسرائيلي وكيفية نشر التعليقات من حسابات مزيفة على شبكات التواصل الاجتماعي للترويج للرواية الروسية، بأن الولايات المتحدة تواجه حرباً أهلية ولا تملك القدرة على قيادة العالم وإدارة السياسة الخارجية.
وأحد الأمثلة كان سيناريو تخلي الولايات المتحدة عن حليفتها إسرائيل، والذي جاء في نهايته: “يرجى كتابة رد يصل إلى 200 حرف باسم مواطن إسرائيلي مندهش من الاحتمال الموصوف أعلاه (تخلي الولايات المتحدة عن حليفتها إسرائيل). هذا الإسرائيلي يعتقد أن الاحتمال ليس الأسوأ، ومن الممكن أن يكون له فائدة أيضًا”.
وفي يوم نشر الإفادة، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على وكالة الأنباء الحكومية الروسية RT (“روسيا اليوم”) لأنها استخدمت كيانات وأفراد أمريكيين لنشر معلومات كاذبة والتأثير بشكل غير مشروع على الحملة الانتخابية. ودفعت هذه الخطوة شركة “ميتا” – المالكة لمواقع فيسبوك وواتساب وإنستغرام – إلى الإعلان عن تقييد حضور RT على جميع منصاتها يوم الإثنين من هذا الأسبوع.
هناك تقارير عن هذه العمليات في وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، ولكن يبدو أنها ليس في مركز اهتمام وسائل الإعلام في الولايات المتحدة. يمكن الافتراض أنه في حالة فوز ترامب بالانتخابات، سوف تعود وسائل الإعلام إلى هذه التقارير لمحاولة كشف تفاصيل عمليات التأثير الروسية.