إسرائيل في حالة حرب - اليوم 562

بحث

مكالمة “صريحة وبناءة” بين بايدن ونتنياهو في أعقاب الهجوم الإيراني

مساعد كبير يقول إن الولايات المتحدة ملتزمة بمحاسبة طهران؛ غالانت: ضربتنا لإيران ستكون "قاتلة ودقيقة ومفاجئة"؛ الإدارة تريد أن تظل عملية الجيش الإسرائيلي في لبنان محدودة

الرئيس الأمريكي جو بايدن (يمين)، يلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن، 25 يوليو، 2024. (AP Photo/Susan Walsh)
الرئيس الأمريكي جو بايدن (يمين)، يلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن، 25 يوليو، 2024. (AP Photo/Susan Walsh)

أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي جو بايدن للمرة الأولى منذ نحو 50 يوما، حيث تهدف اسرائيل إلى تنسيق ردها على الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني الأسبوع الماضي مع واشنطن.

وتعهدت إسرائيل برد مدمر، لكن بايدن – الذي أمر القوات الأمريكية بالمساعدة في إحباط الهجوم – أعرب عن معارضته لاستهداف المواقع النووية أو مواقع إنتاج النفط الإيرانية. ومنع نتنياهو وزير دفاعه يوآف غالانت من السفر إلى الولايات المتحدة لعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين في الإدارة حتى يتحدث مع بايدن.

ولطالما أعرب الرئيس الأميركي عن إحباطه من إدارة نتنياهو للحرب في غزة والقتال الذي تشنه إسرائيل في لبنان، إضافة إلى عدم وجود استراتيجية لإنهاء الصراع.

لكن البيت الأبيض وصف المكالمة التي جرت يوم الأربعاء بأنها “صريحة وبناءة”، وقال مكتب رئيس الوزراء إنها أجريت “بروح إيجابية”. واستمعت نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس إلى المكالمة.

ولم يقدم بيان البيت الأبيض أي معلومات جديدة بشأن موقف الولايات المتحدة من هجوم إسرائيلي محتمل ضد إيران، وقال إن بايدن “أكد التزامه القوي بأمن إسرائيل [و] أدان بشكل لا لبس فيه” الضربة الصاروخية التي شنتها طهران في الأول من أكتوبر.

وقال بايدن لمجموعة من الحاخامات الأميركيين في مكالمة هاتفية لاحقة بمناسبة الأعياد اليهودية، أشار فيها إلى اعتراض الولايات المتحدة للصواريخ المتجهة نحو إسرائيل، “كما رأيتم الأسبوع الماضي، الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران وجميع وكلائها، [بما في ذلك] حزب الله وحماس والحوثيين”.

متظاهرون إيرانيون يحرقون العلمين الإسرائيلي والأمريكي في تجمع مناهض لإسرائيل في ساحة فلسطين في طهران، إيران، 8 أكتوبر 2024. (AP Photo/Vahid Salemi)

وقال بريت ماكغورك مبعوث البيت الأبيض للشرق الأوسط للمشاركين في المكالمة الذين بلغ عددهم نحو 5 آلاف شخص، إن الولايات المتحدة “ملتزمة بمحاسبة إيران بشكل كامل على هذا الهجوم، وسنستمر في القيام بذلك”.

وسلط ماكغورك الضوء على الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، وقال: “الأشياء تأتي وتذهب، لكننا نتأكد من أن لدينا موقف رادع قوي للغاية لأننا نعلم أن إيران تقف وراء هذه الشبكة الإرهابية التي تركز بشكل كبير، ليس فقط على الأفراد الأميركيين، ولكن بشكل خاص على إسرائيل”.

وفي غضون ذلك، تعهد غالانت يوم الخميس بأن تكون الضربة الإسرائيلية على إيران “قاتلة ودقيقة ومفاجئة بشكل خاص”. وفي حديثه خلال زيارة لوحدة استخبارات الجيش الإسرائيلي 9900 – وهي الوحدة التي تجمع المعلومات الاستخباراتية في مسارح الحرب – قال غالانت إن إيران “لن تفهم ما حدث لها، أو كيف”.

وأضاف أن الضربة التي وجهتها إيران الأسبوع الماضي كانت “عدوانية، لكنها فشلت لأنها كانت غير دقيقة”. كما قال إن النظام الأمني ​​الإسرائيلي بأكمله، من الجندي على الأرض وحتى رئيس الوزراء، متفقين حول الضربة على إيران، “سلسلة القيادة بأكملها متسقة وتركز حول هذه القضية”.

وزير الدفاع يوآف غالانت يزور وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية 9900 في 9 أكتوبر 2024. (Elad Malka/Defense Ministry)

وخلال مكالمة الرئيس مع نتنياهو، قال البيان الأمريكي إن بايدن أكد أيضا “حق إسرائيل في حماية مواطنيها من جماعة حزب الله الإرهابية، مع التأكيد على الحاجة إلى اتفاق دبلوماسي بين إسرائيل وحزب الله يسمح للمدنيين على جانبي الخط الأزرق بالعودة إلى منازلهم”.

وفي الأيام الأخيرة، تراجعت إدارة بايدن تدريجيا عن مبادرتها لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوما على طول الخط الأزرق، بينما كثفت دعمها للمداهمات الإسرائيلية المحدودة التي تهدف إلى تفكيك مواقع حزب الله على طول الحدود، والتي أطلقت بعد ساعات من طرح البيت الأبيض لمقترح وقف إطلاق النار في 25 سبتمبر.

وبحسب بيان البيت الأبيض، شدد بايدن على “ضرورة تقليل الأذى الذي يلحق بالمدنيين، وخاصة في المناطق المكتظة بالسكان في بيروت”، حيث تنفذ إسرائيل غارات جوية تستهدف معظمها معقل حزب الله في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية.

وفي مؤتمر صحفي عقد في وقت لاحق من يوم الأربعاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إنه في حين تدعم الولايات المتحدة التوغلات البرية المحدودة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي حاليا داخل لبنان، فإنها لا تريد أن تمتد إلى عمق أكبر في لبنان أو أن يصبح الوجود الإسرائيلي طويل الأمد كما كان بعد حرب عام 1982.

وقال ميلر: “نحن ندرك التاريخ الطويل لإسرائيل، بدءاً من العمليات البرية المحدودة في لبنان، وتحويلها إلى عمليات برية أكثر شمولاً، وتحويلها إلى احتلال، وهو شيء نعارضه بوضوح شديد”.

وفي حين تحدث المسؤولون الأميركيون عن قلقهم من “توسع العمليات” الإسرائيلية سابقا، لكن هذه كانت على ما يبدو إحدى المرات الأولى التي يوضح فيها أحدهم علناً ما يعنيه ذلك.

وأضاف ميلر: “نريد أن نراهم يحدون من عملياتهم بما رأيناه حتى الآن… هذا يشير إلى مقدار الأراضي التي يدخلونها في لبنان، وليس عدد القوات التي ينشرونها”.

وقال إنه “في نهاية المطاف نريد العودة إلى تنفيذ القرار 1701، وهو ما يعني انسحاب حكومة إسرائيل إلى ما وراء الحدود”، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي انتهكه حزب الله منذ فترة طويلة بعدم نزع سلاحه وسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود الإسرائيلية اللبنانية.

ولكن أكد أن الولايات المتحدة تعارض شن غارات جوية واسعة النطاق في لبنان على غرار تلك التي نفذتها إسرائيل في غزة. وقال: “لا يمكننا ولا ينبغي لنا أن نرى الوضع في لبنان يتحول إلى ما يشبه الوضع في غزة”.

وناقش بايدن ونتنياهو أيضا الوضع في غزة خلال مكالمتهما الهاتفية، واتفقا على “الحاجة الملحة لتجديد الجهود الدبلوماسية للإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس”.

الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة في 8 أكتوبر 2024 (Eyad BABA / AFP)

وتعثرت المحادثات منذ أكثر من شهر، حيث ألقت واشنطن اللوم في المقام الأول على زعيم حماس يحيى السنوار، قائلة إنه رفض المشاركة في الجهود على الإطلاق.

لكن بايدن أثار أيضا مع نتنياهو “الوضع الإنساني في غزة والحاجة الملحة لاستعادة الوصول إلى الشمال، بما في ذلك احياء الممر من الأردن على الفور”.

وشهدت الأيام الأخيرة تقارير من الوكالات الإنسانية عن عدم قدرتها على الوصول إلى شمال غزة وتقديم المساعدات هناك، بينما تكثف إسرائيل عملياتها العسكرية من جديد في المنطقة.

وأضاف البيان الأمريكي أن بايدن ونتنياهو “اتفقا على البقاء على اتصال وثيق خلال الأيام المقبلة، سواء بشكل مباشر أو من خلال فرق الأمن القومي الخاصة بهما”، مشيرا إلى التخطيط لإجراء مكالمة أخرى، بعد عدم حديث الزعيمان منذ 21 أغسطس. وأشارت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير إلى أن الزعيمين تحدثا أكثر من اثنتي عشرة مرة منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر من العام الماضي.

وقال بايدن في وقت لاحق إن المكالمة التي جرت يوم الأربعاء مع نتنياهو استمرت لمدة ساعة تقريبا، لكن جان بيير قالت إنها استمرت 30 دقيقة، وقال مكتب نتنياهو إنها استمرت لمدة 50 دقيقة.

ولا يصدر مكتب نتنياهو بيانات حول هذه المكالمات عادة، ولم يفعل ذلك هذه المرة أيضا.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومستشاروه يجرون مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في 9 أكتوبر 2024. (Prime Minister’s Office)

وخلال المكالمة الهاتفية التي أجراها مع الحاخامات الأميركيين بمناسبة الأعياد اليهودية، بدا بايدن وكأنه ينتقد الطبيعة المتشددة للحكومة الإسرائيلية الحالية.

وأكد بايدن مجددا هويته كصهيوني واعتقاده بأن اليهود في جميع أنحاء العالم سيكونون أقل أمانا بدون دولة إسرائيل.

وقال بايدن: “هذا لا يعني أن القيادة اليهودية لا يجب أن تكون أكثر تقدمية مما هي عليه، لكنه يعني أنها يجب أن تكون موجودة، وهذا ما يقلقني أكثر بشأن ما يحدث الآن”.

وخلال المؤتمر الصحفي يوم الأربعاء، تجنبت جان بيير إنكار أن بايدن وصف نتنياهو بأنه “كذاب” و”رجل سيء” في وقت سابق من هذا العام، كما كشف أمس كتاب الصحفي بوب وودوارد الجديد.

وقالت عندما سُئلت عن التصريحات المزعومة “هذا ليس شيئا يمكنني تأكيده. سيكون هناك العديد من الكتب التي ستُكتب عن هذه الإدارة والعديد من الإدارات … لن أعلق على التفاصيل في كل كتاب من هذه الكتب”.

وأصدر البيت الأبيض نفيا قاطعا عندما ذكرت صحيفة “بوليتيكو” لأول مرة أن بايدن وصف نتنياهو بأنه “رجل سيء” في فبراير.

متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين ومناهضون لإسرائيل يتظاهرون في حرم جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك لإحياء ذكرى مرور عام على هجوم حماس على جنوب إسرائيل والحرب اللاحقة في غزة، 7 أكتوبر 2024. (Alex Kent/Getty Images/AFP)

وتحدث بايدن مطولا خلال مكالمته مع الحاخامات الأميركيين عن الارتفاع “المشين” في معاداة السامية في الداخل والخارج منذ هجوم السابع من أكتوبر، موضحاً الخطوات التي اتخذتها إدارته لمكافحة هذه الظاهرة.

وحث الرئيس المشاركين في المكالمة على الإبلاغ عن حوادث معاداة السامية إلى إدارته، حيث تتخذ وزارتا التعليم والأمن الداخلي إجراءات لمقاضاة مثل هذه الأعمال.

كما انتقد بايدن المضايقات المعادية للسامية “الشنيعة” التي تعرض لها بعض مساعديه اليهود المشاركين في جهود الاستجابة للأعاصير. وقال “يجب أن تنتهي الآن”، مضيفًا أن إدارته “تدعو شركات وسائل التواصل الاجتماعي إلى تبني سياسة عدم التسامح مطلقًا مع معاداة السامية وغيرها من المحتوى البغيض”.

وأضاف الرئيس الأمريكي أن الأعياد اليهودية الكبرى تمثل “توازنا دقيقا وعميقا بين الفرح والألم”، وهو ما يجسد روح الشعب اليهودي على نطاق أوسع.

وقال بايدن إن تعاطف والده مع اليهود أثناء المحرقة ومع إسرائيل كان له تأثير على نظرته السياسية. وقال للمستمعين، كما فعل في الماضي، إنه يرسل أبناءه وأحفاده لزيارة معسكر الاعتقال النازي داخاو لاستيعاب أهوال هذا المعسكر. وقال بايدن إن ما شاهده عندما زار إسرائيل في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس والذي قتل فيه المسلحون الفلسطينيون 1200 شخص واختطفوا 251 آخرين كان “هولوكوست ثاني أصغر”.

وقال “أردت أن أجعل العالم يعرف أين أقف وأين تقف أمريكا”.

احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين خارج جامعة كولومبيا، 3 سبتمبر 2024، في نيويورك. (AP/Yuki Iwamura)

وطرح الحاخامات خلال المكالمة أسئلة حول العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ومعاداة السامية وحقوق الإنجاب. وكان التركيز على انتشار الاحتجاجات الطلابية ضد دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، والتي شهدت في بعض الأحيان العداء تجاه الطلاب اليهود. وقالت نيرا تاندن، مستشارة بايدن العليا للسياسة الداخلية، إن الإدارة ملتزمة بمنع الهجمات.

وقالت تاندن، التي شجعت المشاركين في المكالمة على الإبلاغ عن أي مضايقات، “لقد وافقت وزارة الأمن الداخلي على توفير الموارد لتدريب مسؤولي إنفاذ القانون في الحرم الجامعي على كيفية ضمان سلامة الطلاب اليهود في الحرم الجامعي، وسنواصل العمل لضمان حصول الطلاب اليهود على تعليمهم دون الترهيب والمضايقة”.

ساهمت وكالة جي تي إيه في إعداد هذا التقرير

اقرأ المزيد عن