مقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في غارة إسرائيلية مزعومة في بيروت
إسرائيل تلتزم الصمت بشأن الانفجار في مكتب حماس في الضاحية والتي ورد أنها أسفرت عن مقتل 7 أشخاص من ضمنهم القيادي في الحركة؛ الأنظار كلها تتجه إلى حزب الله، الذي سبق وأن قال إنه سيرد على اي استهداف لحماس في لبنان
قُتل نائب مدير المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج صالح العاروري، المطلوب منذ سنوات من قبل إسرائيل والذي يُنظر إليه على أنه المنسق الرئيسي لأنشطة الحركة في الضفة الغربية، مساء الثلاثاء في غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية في بيروت، حسبما قال مسؤولون في حماس ومنظمة حزب الله اللبنانية.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية إن الانفجار نفذته طائرة مسيرة إسرائيلية.
ورفضت إسرائيل التعليق. وقال مسؤولون أمريكيون لم تذكر أسماؤهم لصحيفتي “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” إن إسرائيل تقف وراء الانفجار.
وهز الانفجار الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، التي تعد معقلا لحزب الله، حليف حماس، وأسفر عن اندلاع حريق في شارع “هادي نصر الله” جنوب بيروت.
وأكدت حماس مقتل سبعة أشخاص في الانفجار، وهو هجوم دقيق على شقة في الطابق الثالث التي ورد أنها استُخدمت كمكتب للحركة الفلسطينية. وقالت حماس إن القتلى الآخرين إلى جانب العاروري هم القياديين العسكريين سمير أفندي وعزام الأقرع، بالإضافة إلى أربعة من كواد الحركة وهم: محمود شاهين ومحمود بشاشة ومحمد الريس وأحمد حمود.
بحسب التقارير فإن أفندي أشرف على الأنشطة العسكرية لحركة حماس في لبنان – بما في ذلك إطلاق صواريخ على إسرائيل – واعتبر الرجل المكلف في الحركة بملف المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. وبحسب تقارير، فإن الأقرع نسق أنشطة الحركة في الضفة الغربية من الخارج.
ولقد توعدت إسرائيل باستهداف جميع قادة حماس بعد الهجوم الذي نفذته الحركة في 7 أكتوبر والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، واختطاف أكثر من 240 آخرين.
وإذا كانت إسرائيل هي من يقف وراء الهجوم فقد يمثل ذلك تصعيدا في الصراع الإقليمي. وينفذ حزب الله هجمات ضد شمال إسرائيل منذ بدء الحرب في غزة، بحجة دعمه لحركة حماس، مما أدى إلى اشتباكات محدودة ولكن يومية على طول الحدود وسط مخاوف من نشوب حرب أوسع.
توعد زعيم حزب الله حسن نصر الله بالرد على أي استهداف إسرائيلي لمسؤولين فلسطينيين في لبنان. ويُعتبر العاروري مقربا من نصر الله، وكان من المقرر أن يجتمع مع الأمين العام لحزب الله يوم الأربعاء.
العاروري (57 عاما)، المقيم في لبنان، هو أحد مؤسسي الجناح العسكري لحركة حماس، ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة ويُعتبر القائد الفعلي للجناح العسكري في الضفة الغربية، على الرغم من أنه يقيم منذ فترة طويلة في بلد آخر. وكان يُنظر إليه على أنه من أبرز الشخصيات في الحركة في تنسيق الأنشطة العسكرية لحماس في الضفة الغربية.
وقال عزت الرشق، المسؤول الكبير في حماس، في بيان، إن “الاغتيالات الجبانة التي ينفذها الاحتلال الصهيوني بحق قادة ورموز شعبنا الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها لن تنجح في كسر إرادة شعبنا وصموده أو في تقويض استمرار مقاومته الباسلة”، وزعم أن الغارة “تثبت مرة أخرى الفشل الذريع للعدو في تحقيق أي من أهدافه العدوانية في قطاع غزة”.
وأعلن فرع رام الله لحركة فتح التي يتزعمها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إضرابا عاما يوم الأربعاء ردا على الانفجار الدامي.
وكتب عضو الكنيست داني دانون (الليكود) على منصة “إكس” أنه يهنئ “جيش الدفاع والشاباك والموساد وجميع قوات الأمن” على مقتل العاروري. كما غرد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ولكن بطريقة أكثر غموضا، واقتبس جملة من سفر القضاة: “هكذا يبيد جميع أعدائك يا رب”.
وذكرت القناة 12 أن سكرتير مجلس الوزراء يوسي فوكس أرسل توجيهات للوزراء يأمرهم بعدم التحدث علنا عن الغارة الإسرائيلية المزعومة. لكن لم يحذف أي من دانون أو سموتريش تغريدتيهما.
وفي مؤتمر صحفي عُقد في تل أبيب يوم 22 نوفمبر إلى جانب أعضاء كابينت الحرب، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه “أصدر تعليماته بالفعل” لجهاز التجسس الإسرائيلي “الموساد” باستهداف قادة حماس “أينما كانوا”.
وفي المؤتمر الصحفي ذاته الذي عُقد في نوفمبر، قال وزير الدفاع يوآف غالانت إن جميع قادة حماس هم موتى سائرون. وقال غالانت “إنهم يعيشون في وقت ضائع”، مضيفا أن “إن النضال عالمي: من المسلحين في الميدان إلى أولئك الذين يستمتعون بالطائرات الفاخرة بينما يعمل مبعوثوهم ضد النساء والأطفال – محكوم عليهم بالموت”.
تاريخ طويل من النشاط المعادي لإسرائيل
يعتقد مسؤولو المخابرات الإسرائيلية أنه من بين العديد من الهجمات الأخرى، ساعد العاروري في التخطيط لعملية اختطاف وقتل ثلاثة فتية إسرائيليين في يونيو 2014 – غيل-عاد شاعر وإيال يفراح ونفتالي فرانكل.
ولقد قضى عدة فترات في السجون الإسرائيلية، وتم إطلاق سراحه في مارس 2010 كجزء من الجهود المبذولة للتوصل إلى صفقة أكبر للإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل إطلاق سراح الجندي غلعاد شاليط، الذي اختطفته حماس في عام 2006. واستمر العاروري في المشاركة في إبرام الصفقة التي نصت على الافراج عن أكثر من 1000 أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح شاليط عام 2011.
وانتقل للعيش إلى إسطنبول، لكنه اضطر لاحقا إلى الانتقال منها عندما أصلحت إسرائيل علاقاتها مع تركيا لفترة وجيزة وسط سنوات من التوتر (تدهورت العلاقات مرة أخرى وسط الحرب الأخيرة في غزة).
وبعد قضاء بعض الوقت في سوريا، انتقل العاروري في النهاية إلى بيروت. ومن هناك أدار عمليات حماس في الضفة الغربية، ودفع بأنشطتها العسكرية ورتب تحويل الأموال لتمويل الهجمات.
وكان أيضا أحد مسؤولي حماس الأكثر ارتباطا بإيران ومنظمة حزب الله في لبنان. وهناك، يُعتقد أن العاروري قد أنشأ قوة محلية تابعة لحماس من نشطاء في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
في 7 أكتوبر، بينما كان يشاهد مسلحو حماس وهو يبثون في بث حي هجومهم الوحشي على إسرائيل، ظهر العاروري، إلى جانب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وأعضاء آخرون في قيادة حماس في مقطع فيديو “يسجدون امتنانا”، على ما يبدو في قطر.
The head of the Hamas Political Bureau, Ismail Haniyeh, his deputy, Saleh Al-Arouri, and other members of the Hamas leadership "prostrate in gratitude" for the ongoing attacks against Israel. pic.twitter.com/ACuajF4PTf
— Gianluca Pacchiani (@GLucaPacchiani) October 7, 2023
في مقابلة أجرتها معه قناة “الجزيرة” في 8 أكتوبر، وصف العاروري الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة على إسرائيل في اليوم السابق بأنه “معركة مفتوحة” تهدف إلى “تحرير” الشعب الفلسطيني ومقدساته. وادعى أن ذلك كان رد فعل على “التدنيس” من قبل اليهود للمسجد الأقصى في القدس خلال عطلة عيد العرش اليهودي، وزعم أن إسرائيل تخطط لفرض “واقع جديد” غير محدد في الموقع بعد العيد.
وقال العاروري حينها: “لدينا خطة لجميع مراحل هذا الصراع، سواء في حالة طلب إسرائيلي بوقف إطلاق النار أو في حالة استمرار تصعيد العنف. نحن مستعدون لجميع الخيارات”، وأضاف أن الاجتياح البري الإسرائيلي سيكون “السيناريو الأفضل” لحماس.
“لقد دخلنا هذه المعركة ليس فقط لبضع ساعات. لقد دخلناها ونحن نعلم أنه ستكون هناك عواقب، وليس أمامنا سوى محاربتها لتحقيق أهدافنا السامية”.
وفي أواخر أكتوبر، ردا على الهجوم، بدأت إسرائيل اجتياحا واسع النطاق لقطاع غزة بهدف معلن هو تدمير حماس. ولا يزال القتال مستمرا، حيث يقع شمال القطاع تحت السيطرة الإسرائيلية إلى حد كبير، في حين تستمر المعارك العنيفة في جنوب ووسط القطاع.
ولعب العاروري دورا فعالا في المفاوضات من أجل إطلاق سراح بعض الرهائن في نوفمبر، عندما تم إطلاق سراح نحو 100 منهم خلال هدنة استمرت أسبوعا. وفي أوائل ديسمبر، قال في مقابلة مع قناة الجزيرة إن المفاوضات مع إسرائيل بشأن إطلاق سراح المزيد من الرهائن مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين توقفت، وأنه لن يكون هناك أي صفقات تبادل أخرى حتى تنهي إسرائيل حربها في غزة.
في 31 أكتوبر، هدم الجيش الإسرائيلي منزل العاروري في بلدة عارورة في الضفة الغربية، بالقرب من رام الله. بعد تدمير المبنى، علق الجيش الإسرائيلي لافتة على أنقاض المبنى تصور مزيجا من رايتي حركة حماس وتنظيم داعش بالإضافة إلى شعار باللغة العربية “حماس=داعش”.