مع توجه المفاوضين إلى الدوحة، نتنياهو يؤكد لشركاءه في الائتلاف أن إسرائيل لن تُنهي حرب غزة
نتنياهو يؤكد أن إسرائيل لن تقبل سوى هدنة مؤقتة لإطلاق سراح بعض الرهائن ما لم توافق حماس على نزع سلاحها، مما يزيد من احتمال استمرار الجمود

عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الإثنين مكالمة مع رؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي، في محاولة لطمأنتهم بأن إسرائيل لن توافق على إنهاء الحرب قبل القضاء على حماس، وذلك بعد موافقته على طلب من إدارة ترامب بإرسال فريق تفاوضي إلى الدوحة لإحياء مفاوضات الرهائن المتعثرة.
وجاءت موافقة نتنياهو على الطلب الأمريكي بعد لقائه المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، واتصاله الهاتفي القصير مع الرئيس دونالد ترامب، إثر الإفراج عن الرهينة الأمريكي-الإسرائيلي عيدان ألكسندر، الذي قضى 584 يوما في أسر حماس. وأفرجت حماس عن ألكسندر في خطوة وُصفت بأنها بادرة حسن نية تجاه الرئيس ترامب، بعد أن تلقت الحركة ضمانات من وسيط طرف ثالث بأن هذه الخطوة سيكون لها وقع إيجابي كبير لدى واشنطن، وقد تفتح الباب أمام ضغط الإدارة الأمريكية على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة.
ولكن أفادت تقارير في وسائل الإعلام العبرية إن نتنياهو أكد لشركائه في الائتلاف أنه لن يتراجع عن رفضه لإنهاء الحرب قبل تفكيك قدرات حماس العسكرية والإدارية.
هذا الموقف قد يضعه في مواجهة ليس فقط مع حماس، بل مع الولايات المتحدة أيضًا، التي بدأ مسؤولوها لأول مرة منذ أشهر باستخدام مصطلحات تتعلق بـ”إنهاء الحرب” في غزة، في وقت تهدد فيه إسرائيل بتوسيع عملياتها العسكرية بشكل كبير من أجل إعادة احتلال القطاع بالكامل.
ووصف ترامب قرار حماس بالإفراج عن ألكسندر بأنه “خطوة تم اتخاذها بحسن نية تجاه الولايات المتحدة وجهود الوسطاء… لإنهاء هذه الحرب الوحشية وإعادة جميع الرهائن الأحياء والجثامين إلى أحبائهم”.
وأعرب سفيره لدى إسرائيل مايك هاكابي عن أمل الإدارة بأن يشكل الإفراج عن ألكسندر “بداية لنهاية هذه الحرب الرهيبة”، التي اندلعت قبل أكثر من 19 شهرا في أعقاب هجوم حماس على جنوب إسرائيل الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر 253 رهينة. ولا يزال 58 شخصا محتجزين في غزة، يُعتقد أن 23 منهم على الأقل أحياء.

وقد قُتل أكثر من 52 ألف فلسطيني منذ بدء الحرب، بحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس، التي لا يمكن التحقق من أرقامها بشكل مستقل ولا تميز بين المدنيين والمقاتلين. ومنذ 2 مارس، منعت إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مدعية أن ما دخل خلال الهدنة كافٍ، وأن حماس تستولي على تلك المساعدات. لكن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي أقروا، في جلسات خاصة، بأن القطاع على شفا مجاعة، والخطة الإسرائيلية لاستئناف تقديم المساعدات تواجه عراقيل كبيرة.
ورغم أن استطلاعات الرأي المتكررة أظهرت أن غالبية الإسرائيليين تؤيد إنهاء الحرب مقابل إعادة الرهائن، فقد رفض نتنياهو ذلك، بحجة أن الصفقة ستُبقي حماس في الحكم. كما هدد شركاؤه من اليمين المتطرف في الائتلاف بإسقاط الحكومة إن وافق على مثل هذا الترتيب.
كل ذلك يرفع من حدة التوترات قبيل مغادرة وفد إسرائيلي إلى الدوحة يوم الثلاثاء، لإجراء جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة مع حماس بوساطة مشتركة من قطر ومصر والولايات المتحدة. ويضم الوفد الإسرائيلي الذي أرسله نتنياهو إلى الدوحة مستشاره الدبلوماسي أوفير فالك، ومنسق ملف الرهائن في الحكومة غال هيرش، ونائباً سابقاً لرئيس الشاباك — يُحظر نشر اسمه.
ومن المقرر أن يصل ترامب إلى المنطقة الثلاثاء لجولة تبدأ في السعودية، يتوجه بعدها إلى قطر والإمارات — مع توقعات بأن تُطرح قضية حرب غزة خلال اجتماعاته مع قادة الخليج، رغم أن التركيز الرئيسي لرحلته سيكون مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية في المنطقة.
وقد هددت إسرائيل بإطلاق عمليتها العسكرية الموسعة في غزة بعد مغادرة ترامب المنطقة يوم الجمعة، إذا لم توافق حماس على صفقة رهائن قبل ذلك.
وأكد نتنياهو لرؤساء أحزاب الائتلاف أن موقفه لم يتغير رغم إرسال فريق تفاوضي إلى الدوحة، المفوض فقط بمناقشة ما يُعرف بـ”مقترح ويتكوف”، الذي يتضمن هدنة لعدة أسابيع تُفرج خلالها حماس عن ما يصل إلى نصف الرهائن. وخلال الهدنة، ستكون إسرائيل مستعدة لمناقشة إنهاء دائم للحرب، لكنها لن تقبل بذلك إلا إذا وافقت حماس على نزع سلاحها والتخلي عن الحكم.
من جانبها، أعلنت حماس استعدادها للتخلي عن الحكم والموافقة على هدنة طويلة الأمد تتضمن ضمانات أمنية، لكنها ترفض نزع سلاحها نهائيًا.
كما طالبت الحركة بضمانات من الوسطاء — ربما على شكل قرار ملزم من مجلس الأمن — لمنع إسرائيل من استئناف الحرب بعد إطلاق سراح الرهائن. ويقول الوسطاء العرب إنهم يواجهون معركة شاقة في إقناع حماس بالإفراج عن الرهائن دون الحصول على ضمانات بأن إسرائيل ستُنهي الحرب، لأن الاتفاق السابق كان من المفترض أن يؤدي إلى دخول الطرفين في مفاوضات حول شروط وقف دائم لإطلاق النار، لكن نتنياهو رفض إلى حد كبير الانخراط في تلك المحادثات، ما أدى إلى انهيار الهدنة بعد المرحلة الأولى من أصل ثلاث مراحل.
وأكد نتنياهو في مكالمته الإثنين مع قادة أحزاب الائتلاف أن إسرائيل لن تقبل أي ضمانات لإنهاء الحرب دون تفكيك حماس بالكامل.

وقد دعمت الولايات المتحدة هذا الهدف في السابق، وهو يحظى بدعم مبدئي من الأطراف العربية المعنية، إلا أن هذه الأطراف شددت على أن تحقيقه سيكون عملية تدريجية تتطلب من إسرائيل السماح بوجود بديل سياسي واقعي في غزة، على أن يكون أساسه السلطة الفلسطينية يعد إصلاحها. لكن نتنياهو رفض منح السلطة الفلسطينية موطئ قدم فعلي في القطاع، ما أعاق انخراط عدة دول عربية في إدارة غزة بعد الحرب، نظرا لربطها هذا الدعم بوجود أفق سياسي نحو حل الدولتين.
وقد طالت الحرب في ظل غياب بديل لحماس، حيث واصلت الحركة تجنيد مقاتلين والعودة إلى مناطق سبق أن طهرها الجيش الإسرائيلي مؤقتًا. وبعد أن نفى قادة إسرائيل في الأشهر الأولى نية إعادة احتلال غزة، أصبح هذا السيناريو مرجحًا، بل ويتم الترويج له صراحة الآن من قبل نتنياهو وشركائه في الائتلاف.