مع اقتراب الجرافات، سكان بؤرة استيطانية يتعهدون بالرجوع إليها، وقد يكونون محقين
15 عائلة في حي نتيف هأفوت في كتلة استيطانية قريبة من القدس يعتقدون بأن الهدم الوشيك سيعزز من أحقيتهم بالأرض الواقعة على قمة التلة

مع انتظار تنفيذ أمر محكمة بهدم منازلهم بعد ساعات قليلة، يقول سكان نتيف هأفوت إنهم سيعودون إلى البؤرة الاسيتطانية الواقعة على قمة تلة في الضفة الغربية. هذه لازمة تُسمع عادة بين سكان البؤر الاستيطانية الذين يتم هدم منازلهم اقتراب الجرافات.
يوم الإثنين قال إيتان حاي: “إن فقدان المرء لمنزله هو أمر صعب للغاية… لكننا نعتقد بأننا سنكون قادرين على العودة إلى المنازل في الموقع نفسه. لا يهم إذا كانت هناك بضع أمتار لليمين أو اليسار”.
ولكن خلافا للبؤر الاستيطانية الأخرى، التي عادة ما يتم هدمها إلى الأبد، فقد تكون للعائلات الـ 15 في نتيف هأفوت ما تستند عليه في اعتقادها هذا، وذلك بفضل قرارات محاكم إلى جانب سلسلة من الخطوات التي اتخذتها الحكومة بهدف شرعنة مطالباتهم على قطعة الأرض المتاخمة لمستوطنة إلعازار في جنوب القدس.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
قرار محكمة العدل العليا من سبتمبر 2016، الذي نص في البداية على أن تشمل عملية الهدم يوم الثلاثاء نصف الحي، خلُص إلى أن المنازل بنيت من دون التصاريح اللازمة على قطع أرض لا تُعتبر “أرض دولة”.

إلا أن القرار استند على مسح للأرض، الذي وجد أن المساحة المتبقية حيث تعيش أكثر من 20 عائلة تُعتبر أرض دولة – باستثناء قطعتي أرض ضيقتين بُني عليها 15 منزلا.
مقرة بأنه لن يكون بالإمكان إنقاذ المنازل التي يشملها أمر المحكمة بالهدم، صادقت الحكومة في شهر فبراير على اقتراح للبدء بإجراءات شرعنة ما تبقى من نتيف هأفوت. ويخطط السكان للاستفادة من خطة البناء الرسمية للدفع قدما ببناء 350 منزلا إضافيا في الحي.
وقال هاي مفتخرا: “على كل منزل سيتم هدمه، سنبني 30 منزلا آخر مكانه”.
وقد زعمت مجموعة تضم 7 فلسطينيين ملكيتها للأرض التي تم تأسيس نتيف هأفوت عليها في عام 2001، وأكدوا على قيام المستوطنين الإسرائيليين بطردهم. الالتماس الذي قاموا بتقديمه هو الذي دفع المحكمة العليا إلى إصدار قرار الهدم.

في حين أن بحوزتهم العديد من الوثائق التي تظهر ملكية جزئية للأرض من الفترة العثمانية، لكن المحكمة العليا لم تمنحهم حتى الآن الملكية لأي من الأراضي قيد النظر.
ودعمت حركة “سلام الآن” الإسرائيلية المناهضة للمستوطنات مقدمي الالتماس الفلسطينيين، مؤكدة يوم الإثنين في بيان لها على أن الهدم سيبرهن أن “كل من يقوم بالبناء على أرض من دون تصريح أو حتى شرائها أولا سيضطر في النهاية إلى الرحيل”.
ودعت المنظمة غير الحكومية اليسارية الحكومة إلى السماح للفلسطينيين بالعودة إلى مزارعهم.
لكن حاي يزعم إن الأرض المتاخمة لإلعازار كانت غير مستغلة حتى بداية القرن الـ 21، وقال إنه “تم تأسيس المجتمع المحلي في ضوء المحاولات العربية للإستيلاء على الأرض. لقد كان هذا قرار أيديولوجيا من جانبنا”.
حاي أقر بأن الإدارة المدنية – الهيئة التابعة لوزارة العدل المسؤولة عن المصادقة على مشاريع البناء في الضفة الغربية – أصدرت أوامر هدم ضد المنازل الأولى التي تم بناؤها في الحي منذ اللحظة التي بدأ فيها العمل في الأرض، إلا أنه أضاف أن “هذه هي الطريقة التي بُنيت بها المجتمعات المحلية (في الضفة الغربية) في الماضي. قم بالبناء أولا واحصل على التصريح في وقت لاحق”.

وعلاوة على ذلك، أشار حاي إلى أن المجلس الإقليمي غوش عتصيون – السلطة المحلية – دفع أموالا على البنى التحتية للمنازل وأبلغ السكان بأنه سيتم شرعنتها في النهاية.
بالنسبة للرجل البالغ من العمر 37 والأب لثلاثة أطفال، فإن الهدم يوم الثلاثاء هو نتيجة لمحكمة “يسارية… تعارض ببساطة الاستيطان في يهودا والسامرة”.

وقال “هناك شعور عميق بالظلم”، منتقدا رفض القضاة قبول حلول بديلة اقترحها السكان، والتي تضمنت هدم الأجزاء الإشكالية في المنازل التي تم بناء جزء بسيط منها على القطعتين الضيقتين من المساحة التي لا تُعتبر أرض دولة.
لكن حاي وضح بأنه لا يوجد هناك شعور بأن حكومة رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو، التي لم تمنع الهدم، خانت ثقة السكان.

وقال: “لم يكن هناك [للحكومة] ما تفعله بسبب أخطاء تم ارتكابها في الماضي”، وقال إنه كان هناك افتقار في الإلحاح من جانب الحكومة على شرعنة البؤرة الاستيطانية قبل تقديم الالتماس للمحكمة العليا، لكنه أقر بالدعم الذي تلقاه من كل الوزراء تقريبا الذين تحدثوا ضد القرار النهائي.
تفسير الأمر للأطفال
زوجة حاي، أولي، كانت من بين السكان الأوائل في نتتف هأفوت. والداها ساعدا في تأسيس الحي، وانتقلا معها ومع إخوتها إلى المكان عندما كانت في الـ 15 من عمرها.
وقالت أولي: “إنه مزيج من خيبة الأمل الشخصية والمجتمعية. أفكر في والديّ اللذين ساعدا في بناء هذا المكان والآن يشاهدان منزل ابنتهما يُهدم”.
وأضافت أنها واجهت صعوبة في تفسير الهدم لأطفالها الذين تبلغ أعمارهم 8 و6 أعوام وسنة واحدة. “من الصعب أن تشرح للطفل، ’انظر كيف أنه بسبب تضحياتنا، ستكون الحركة الاستيطانية أقوى’”.

إلى جانب عدد كبير من الأطفال الأصغر سنا في الحي، خضع الإبن الأكبر للزوجين حاي لعلاج نفسي لتجهيزه للهدم المقرر يوم الثلاثاء.
وقد أصر الطفل البالغ من العمر 8 أعوام على التواجد في المكان في اليوم الذي ستصل فيه الجرافات، وهو ما شجعته طبيبته النفسية. وقالت أولي “لقد عملت مع أطفال خلال إخلاء غوش قطيف وقالت إن الأطفال الذين لم يُسمح لهم بالبقاء تُركوا مع ندوب”.
وأضافت إنها تقوم بأخذ أطفالها يوميا لزيارة منزل مسبق الصنع حيث سيعيشون ابتداء من مساء الثلاثاء.

وقد قامت الدولة ببناء حي مؤقت متاخم لقمة التلة للعائلات الـ 15 من نتنيف هأفوت، التي من المتوقع أن تعيش هناك في السنتين أو السنوات الثلاث القادمة بينما يتم إعادة بناء منازلهم على قمة التلة الأصلية حيت تم تأسيس المستوطنة.
وقال إيتان حاي “نحاول أن نظهر لأطفالنا بأن الأمور ستكون على ما يرام وبأننا ناضلنا من أجل أرض إسرائيل، وبأننا محظوظنين بتوطين الأرض وسنقوم بذلك مرة أخرى بطاقة أكبر”.

“لقد أخبرناهم بأن العائلة هي أهم شيء في نهاية المطاف وأن البيت هو مجرد حجارة”.
ومع ذلك، يقر حاي بأن هناك فرق بين ما يقوله هو وزوجته لأطفالهما وبين ما يشعرنان به حقا.
وقال إيتان إن “كل غرفة في منزلنا مليئة بالذكريات التي سيتم هدمها أمام أعيننا”.
ودعا الزوجان الإسرائيليين إلى الحضور إلى البؤرة الاستيطانية ودعمهما في صباح يوم الهدم، على الرغم من أنه على خلاف آخر عملية هدم كبرى في بؤرة عامونا الاستيطانية، فإن سكان نتيف هأفوت يتعهدون بأن يكون احتجاجهم سلميا.
وقال إيتان: “نحن لا ندعو إلى العنف”، مستخدما خطا غالبا ما يستخدمه سكان غوش عتصيون خلال العام المنصرم في محاولة لكسب تعاطف الرأي العام.
وقالت أولي: “سيكون الأمر صعبا جدا في الغد، ولكن أريد أن يرى الناس ان تفانينا هو نحو المستقبل ونحو تعزيز الحركة الاستيطانية”.