معبر المشاة في غزة لا يزال مغلقا لليوم السابع، وقد يبقى مغلقا حتى بعد يوم الغفران اليهودي
معبر "إيريز"، الذي تم إغلاقه بمناسبة رأس السنة اليهودية في نهاية الأسبوع الماضي، يبقى مغلقًا ردا على أعمال الشغب شبه اليومية على حدود إسرائيل
أبقت إسرائيل المعبر الوحيد للمشاة مع قطاع غزة مغلقا خلال الأيام السبعة الماضية ردا على المظاهرات على الحدود، ومن المتوقع إعادة فتحه فقط بعد يوم الغفران الأسبوع المقبل.
تم إغلاق معبر “إيريز” – إلى جانب الحواجز في الضفة الغربية – أمام الفلسطينيين صباح الجمعة 15 سبتمبر، قبل عطلة رأس السنة اليهودية.
وتعد عمليات الإغلاق هذه ممارسة شائعة خلال الأعياد اليهودية، فيما يقول الجيش إنه إجراء وقائي ضد الهجمات في تلك الأوقات، والتي يُنظر إليها على أنها فترات توتر متزايد.
وقبل وأثناء رأس السنة العبرية، قام مئات الفلسطينيين باحتجاجات على حدود غزة، وفجروا عبوات ناسفة، أشعلوا النار في الإطارات، حاولوا اختراق الجدار الأمني، وأطلقوا النار على القوات في عدد من الحالات.
وقال الجيش الإسرائيلي إن القوات تستخدم وسائل تفريق الحشود والذخيرة الحية في بعض الحالات ضد المتظاهرين.
وردا على المتظاهرين، وكتحذير، ضرب الجيش موقع مراقبة تابع لحركة حماس التي تحكم غزة بالقرب من الحدود يوم الجمعة.
بعد استمرار الاحتجاجات خلال الأعياد اليهودية، أعلن مكتب الاتصال العسكري مع الفلسطينيين – منسق الأنشطة الحكومية في الأراضي(كوغات) – مساء الأحد أن معبر “إيريز” لن يُفتح في صباح اليوم التالي كما كان مخطط له في البداية. وأعيد فتح الحواجز في الضفة الغربية صباح الاثنين.
واستمرت الاحتجاجات على حدود غزة خلال الأيام التالية على الرغم من العقوبات الإسرائيلية.
وأعلن كوغات صباح الخميس أن المعبر سيظل مغلقا، في أعقاب تقييم للوضع أجراه مسؤولون أمنيون وتعليمات صدرت عن وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي.
ومن المرجح أن يظل المعبر مغلقا حتى صباح الثلاثاء على أقرب تقدير، بعد يوم الغفران، الذي يبدأ مساء الأحد. وسيتم إغلاق جميع المعابر الأخرى، بما في ذلك مطار بن غوريون، خلال يوم الغفران.
ويتم إغلاق معبر “إيريز” دائما في أيام السبت، ويكون الوصول إليه محدودًا في أيام الجمعة. ولا يمكن لسكان غزة مغادرة القطاع عن طريق المعبر أيام الجمعة، ولكن يمكنهم العودة إلى القطاع خلال ساعات الصباح.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن المعبر سيظل مغلقا طالما استمرت الإحتجاجات.
ويؤثر الإغلاق على 17 ألف فلسطيني من سكان غزة الذين لديهم تصاريح لدخول إسرائيل للعمل. ومنع العمال من الدخول إلى إسرائيل يضر اقتصاد القطاع.
وأدت الإحتجاجات في الأسابيع الأخيرة إلى مقتل سبعة فلسطينيين على الأقل، بحسب وزارة الصحة في غزة. وقُتل ستة منهم نتيجة التعامل مع قنبلة بدائية الصنع كان من المفترض أن تكون مزروعة على الحدود، بينما أصيب السابع برصاص جنود إسرائيليين.
وتأتي الإحتجاجات، وفقا للتقييمات العسكرية، في الوقت الذي تسعى فيه حماس إلى حل الخلاف بينها وبين قطر بشأن التمويل الشهري الذي تقدمه الدولة الخليجية للقطاع الفلسطيني.
قطر هي داعم رئيسي لحركة حماس، وتزود حكام قطاع غزة بملايين الدولارات كل شهر في السنوات الأخيرة، ضمن ترتيبات غير رسمية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة. وتستخدم الأموال لتغطية تكاليف وقود المنطقة وموظفي حماس والسكان المحتاجين.
وتستخدم حماس عائدات بيع الوقود الذي تحصل عليه لدفع رواتب موظفيها المدنيين. لكن في أعقاب ارتفاع أسعار البنزين، فإن المبلغ الشهري البالغ 30 مليون دولار الذي تم تحويله مؤخرا إلى حماس حقق أرباحا أقل من المعتاد، حسبما ذكرت لإذاعة “كان”.
وبحسب ما ورد، طلبت حماس من قطر زيادة المبلغ الشهري لموازنة التضخم، لكنها لم توافق حتى الآن على الطلب.
ويبدو أن حماس أطلقت الإحتجاجات على حدود غزة للضغط على إسرائيل، والتي بدورها ستضغط على قطر لحل القضية.
وفقا للتقييمات العسكرية التي تمت مشاركتها مع “تايمز أوف إسرائيل”، يخشى الجيش الإسرائيلي من أن تؤدي الإحتجاجات إلى تصعيد مع حماس.
وفي حين يعتقد الجيش أن حماس غير معنية بالحرب مع إسرائيل، لكن أي خطأ ترتكبه الحركة وسط الاحتجاجات على الحدود قد يؤدي إلى رد إسرائيلي، وبالتالي إطلاق صواريخ على إسرائيل.
وتشير الإضطرابات الأخيرة إلى احتمال عودة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في قطاع غزة إلى سياسة الاحتجاجات الجماهيرية والعنيفة المنتظمة على طول الحدود.
بدأت الاحتجاجات الأسبوعية على طول الحدود في نهاية مارس 2018 واستمرت كل يوم جمعة تقريبا حتى نهاية عام 2019، حيث طالب المحتجون إسرائيل برفع قيودها على حركة الأشخاص والبضائع من وإلى القطاع الساحلي وبعودة اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم إلى الأراضي التي أصبحت الآن جزءا من إسرائيل.
وشملت الاحتجاجات الحدودية في عامي 2018 و2019 اشتباكات في كثير من الأحيان، بما في ذلك إلقاء المتفجرات والحجارة والزجاجات الحارقة على جنود الجيش الإسرائيلي، ومحاولات اقتحام وخرق السياج الحدودي، وفي بعض الحالات إطلاق الرصاص الحي تجاه الجنود الإسرائيليين. وردت القوات في كثير من الأحيان باستخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع وكذلك الذخيرة الحية. وقُتل في المظاهرات أكثر من 200 فلسطيني وجُرح الآلاف.
بالإضافة إلى ذلك، أطلق الفلسطينيون بانتظام بالونات تحمل عبوات ناسفة وأجهزة حارقة باتجاه إسرائيل، مما أدى إلى اندلاع حرائق دمرت مساحات كبيرة من الأحراش.
ويقول الجيش أنه على الرغم من أن عددا أقل بكثير من الأشخاص شاركوا في الإحتجاجات الأخيرة – مئات على الأكثر مقارنة بعشرات الآلاف في عامي 2018 و2019 – إلا أن مستوى العنف كان مرتفعا بنفس القدر.
ولم تتسبب العبوات الناسفة التي انفجرت على الحدود في أي أضرار كبيرة للجدار الحدودي، حيث وقعت الإحتجاجات على طول السياج الإسرائيلي القديم، وليس بالقرب من الجدار الأمني المتطور، والذي تم بناؤه على بعد عدة أمتار داخل الأراضي الإسرائيلية.
ووفقا لتقديرات الجيش، تستبعد عودة الإحتجاجات الحالية إلى شكل الاحتجاجات الحدودية في عامي 2018 و2019، ولكن خطر التصعيد لا يزال قائما.
وتخضع غزة لحصار من قبل كل من إسرائيل ومصر منذ أكثر من 15 عاما في محاولة لاحتواء حكام حماس في القطاع. وتقول إسرائيل إن القيود المشددة على حركة البضائع والأشخاص ضرورية بسبب جهود الحركة لتسليح نفسها على نطاق واسع لشن هجمات ضد اسرائئيل.
ويأسف المنتقدون لتأثير الحصار على سكان غزة العاديين، الذين يعاني حوالي 50% منهم من البطالة، وفقا لمكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني. ومعدلات الفقر المرتفعة تجعل العمل في إسرائيل خيارا جذابا للغاية لأولئك المحظوظين بما يكفي للحصول على تصاريح.
وفي غزة، يمكن للعمال الفلسطينيين أن يتوقعوا متوسط أجر يومي يبلغ حوالي 60 شيكل (17.35 دولار). بينما قد يحصل القليلون المسموح لهم بالعبور إلى إسرائيل للعمل على ما يصل إلى 400 شيكل (115.66 دولار) في اليوم، وفقا لتقرير صدر في العام الماضي عن موقع “زمان يسرائيل” التابع لتايمز أوف إسرائيل.