إسرائيل في حالة حرب - اليوم 534

بحث

مصادر: إسرائيل تضغط على أمريكا لإبقاء سوريا “ضعيفة” من خلال استمرار القاعدتين الروسيتين

ورد إن القدس أبلغت واشنطن بأن الحكام الإسلاميين الجدد في دمشق، المدعومين من تركيا، يشكلون تهديدا لحدود إسرائيل

جنود إسرائيليون في موقع سابق للجيش السوري في تل كودنة، سوريا، 11 ديسمبر 2024. (Emanuel Fabian/Times of Israel)
جنود إسرائيليون في موقع سابق للجيش السوري في تل كودنة، سوريا، 11 ديسمبر 2024. (Emanuel Fabian/Times of Israel)

(رويترز) – قالت أربعة مصادر مطلعة إن إسرائيل تضغط على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا ضعيفة ومفككة من خلال السماح لروسيا بالاحتفاظ بقاعدتيها العسكريتين هناك لمواجهة النفوذ التركي المتزايد في البلاد.

وأضافت المصادر أن العلاقات التركية المتوترة في الغالب مع إسرائيل تعرضت لضغوط شديدة خلال حرب غزة، وأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا واشنطن بأن الحكام الإسلاميين الجدد في سوريا، الذين تدعمهم أنقرة، يشكلون تهديدا لحدود إسرائيل.

وتشير هذه الضغوط إلى حملة إسرائيلية منسقة للتأثير على السياسة الأمريكية في منعطف حرج بالنسبة لسوريا، حيث يحاول الإسلاميون الذين أطاحوا ببشار الأسد توطيد الاستقرار وحمل واشنطن على رفع العقوبات.

وذكرت ثلاثة مصادر أمريكية وشخص آخر مطلع على الاتصالات أن إسرائيل نقلت وجهات نظرها إلى كبار المسؤولين الأمريكيين خلال اجتماعات في واشنطن في فبراير، واجتماعات لاحقة في إسرائيل مع ممثلين في الكونغرس الأمريكي.

وقال اثنان من المصادر إن وثيقة إسرائيلية تتضمن البنود الرئيسية جرى توزيعها أيضا على مسؤولين أمريكيين كبار.

وطلبت جميع المصادر عدم ذكر اسمها نظرا للحساسية الدبلوماسية.

وقال آرون لوند، وهو زميل في مؤسسة سينشري إنترناشونال البحثية ومقرها الولايات المتحدة “الخوف الأكبر لدى إسرائيل هو أن تتدخل تركيا لحماية الإدارة الإسلامية الجديدة في سوريا، فيما قد يفضي إلى تحولها لمعقل لحماس وغيرها من الجماعات المسلحة”.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (يمين) والرئيس السوري للفترة الانتقالية أحمد الشرع يعقدان مؤتمرا صحفيا مشتركا عقب اجتماعهما في القصر الرئاسي في أنقرة، 4 فبراير 2025. (OZAN KOSE / AFP)

ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية ولا مجلس الأمن القومي الأمريكي ولا مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ولا وزارة الخارجية السورية أو التركية على طلبات للتعليق بعد.

وقالت المصادر إنه لم يتضح حتى الآن مدى قبول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمقترحات إسرائيل.

ولم تتطرق الإدارة الأمريكية الجديدة كثيرا إلى الشأن السوري، مما تسبب في حالة من عدم اليقين تجاه مستقبل العقوبات المفروضة على دمشق ووضع القوات الأمريكية المنتشرة في شمال شرق البلاد.

وقال لوند إن إسرائيل لديها فرصة جيدة للتأثير على الولايات المتحدة، ووصف الإدارة الأمريكية الجديدة بأنها مؤيدة لإسرائيل بقوة.

وأضاف “سوريا ليست ضمن أولويات ترامب حاليا. لها أولوية منخفضة وهناك فراغ في السياسات يتعين ملؤه”.

هجمات إسرائيلية

أشارت إسرائيل علنا إلى أنها لا تثق في جماعة هيئة تحرير الشام التي قادت هجوما أطاح بالأسد وكانت تتبع تنظيم القاعدة قبل فك الارتباط معه في 2016.

وقال نتنياهو يوم الأحد إن إسرائيل لن تتهاون مع وجود هيئة تحرير الشام أو أي قوات أخرى مرتبطة بالإدارة الجديدة في جنوب سوريا، وطالب بنزع السلاح من المنطقة.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يزور قمة جبل الشيخ على الجانب السوري، برفقة رئيس أركان جيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (على يمين الصورة) وقوات أخرى، 17 ديسمبر، 2024. (Maayan Toaf/GPO)

وعقب الإطاحة بالأسد نفذت إسرائيل غارات جوية كثيفة على قواعد عسكرية سورية ونقلت قواتها إلى منطقة منزوعة السلاح تراقبها الأمم المتحدة داخل سوريا. كما استهدفت في وقت سابق من الأسبوع الجاري مواقع عسكرية جنوبي دمشق.

وفي إشارة إلى رسائل نقلها مسؤولون إسرائيليون قالت المصادر الأمريكية الثلاثة إن إسرائيل تشعر حاليا بقلق بالغ إزاء الدور الذي تلعبه تركيا بصفتها حليفا مقربا من الإدارة الجديدة في سوريا.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العام الماضي إن الدول الإسلامية يجب أن تشكل تحالفا ضد ما أسماه “التهديد المتزايد للتوسع” الإسرائيلي.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن إسرائيل تشعر بالقلق من دعم أنقرة لجهود إيران في إعادة بناء جماعة حزب الله اللبنانية وإن الجماعات الإسلامية في سوريا تشكل جبهة جديدة ضد إسرائيل.

وتقول أنقرة إنها ترغب في أن تصبح سوريا مستقرة ولا تشكل تهديدا لجيرانها. كما أشارت مرارا إلى أن عمليات إسرائيل في جنوب سوريا هي جزء من سياستها التوسعية وتظهر أن إسرائيل لا تريد إحلال السلام في المنطقة.

وذكرت المصادر أن مسؤولين إسرائيليين سعوا إلى إقناع نظرائهم الأمريكيين بأنه يتعين أن تُبقي روسيا على قاعدتها البحرية في طرطوس السورية المطلة على البحر المتوسط وقاعدتها الجوية في حميميم باللاذقية من أجل السيطرة على الدور التركي.

وقال اثنان من المصادر الأمريكية إن المسؤولين الإسرائيليين حينما عرضوا استمرار الوجود الروسي في اجتماعهم مع المسؤولين الأمريكيين، فوجئ بعض الحاضرين وأشاروا إلى أن تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، ستكون ضامنا أفضل لأمن إسرائيل.

وأضاف المصدران أن المسؤولين الإسرائيليين “صمموا” على أن الوضع ليس كذلك.

وتجري القيادة السورية الجديدة محادثات مع روسيا بشأن مصير القاعدتين العسكريتين.

مجندون لقوات الشرطة التابعة للحكومة السورية الجديدة خلال جلسة تدريب وتخرج في كلية الشرطة في دمشق، سوريا، 14 يناير 2025. (AP Photo/Omar Albam)

تهديدات خطيرة

تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والغربية بشأن نواياها، ووعدت بأن تكون سوريا شاملة لكل الأطياف مع استعادة العلاقات الدبلوماسية مع الحكومات التي نأت بنفسها عن الأسد.

وقال الرئيس السوري أحمد الشرع لصحفيين أجانب في ديسمبر إن دمشق لا ترغب في خوض صراع مع إسرائيل أو أي دولة أخرى.

لكن المصادر قالت إن مسؤولين إسرائيليين عبروا لمسؤولين أمريكيين عن قلقهم من أن الحكومة الجديدة قد تشكل تهديدا خطيرا وأن الجيش السوري الجديد قد يهاجم إسرائيل في المستقبل.

وأبقى الأسد الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل هادئة لسنوات رغم تحالفه مع إيران العدو اللدود لإسرائيل، والتي كان لها الدور المهيمن في سوريا حتى سقوط الأسد الذي أدي إلى قلب موازين القوى في الشرق الأوسط.

مركبة تمر قرب نقطة تفتيش قديمة في الغوطة الشرقية، على مشارف دمشق، 9 فبراير 2025. (AP Photo/Omara Sanadiki)

وقال مصدران إن إدارة الرئيس جو بايدن خلال الأسابيع الأخيرة من ولايته درست تخفيف العقوبات على القادة الجدد في سوريا مقابل إغلاق القاعدتين العسكريتين الروسيتين.

ولم يرد مسؤولان أمريكيان سابقان في إدارة بايدن على طلبات للتعليق بعد.

وقالت المصادر إن فريق بايدن لم ينجح في التوصل إلى اتفاق قبل تولي ترامب منصبه في 20 يناير، كما توقعت أن يكون الرئيس الأمريكي الجديد أكثر انفتاحا على بقاء موسكو وسط تقاربه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتشير الضغوط الإسرائيلية لإبقاء سوريا ضعيفة إلى نهج مختلف تماما عما تتبناه دول أخرى حليفة للولايات المتحدة في المنطقة، ولا سيما السعودية التي قالت الشهر الماضي إنها تجري محادثات مع واشنطن وبروكسل للمساعدة في رفع العقوبات الغربية.

وقال مصدر في حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان إن استضافة أنقرة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الثلاثاء كانت تهدف جزئيا إلى التحوط من حالة عدم اليقين بشأن السياسة الأمريكية الجديدة تجاه دمشق، ولموازنة أي إجراءات إسرائيلية، بما في ذلك مع الولايات المتحدة، قد تهدد المصالح التركية في سوريا.

اقرأ المزيد عن