مستشار الأمن القومي: عملية رفح أمر مؤكد، والسنوار “يعيش في الوقت الضائع”
"نحن لا نتوسل من أجل التوصل إلى اتفاق"، يقول هنغبي، المقرب من رئيس الوزراء للقناة 12؛ ويضيف إن الانتفاضة الثانية وحرب يوم الغفران كانتا أسوأ من الوضع الحالي
أشار مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي يوم السبت إلى أن الجيش الإسرائيلي كاد في الأشهر الأخيرة أن يلقي القبض على زعيم حماس في غزة يحيى السنوار.
وفي الوقت نفسه، قال هنغبي إن السنوار يؤجل صفقة الرهائن والهدنة لأنه “في محنة”.
في مقابلة أجرتها معه القناة 12، شدد هنغبي – وهو عضو كنيست ووزير سابق عن حزب “الليكود” قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتعيينه في بداية الدورة البرلمانية الحالية لقيادة مجلس الأمن القومي – على أن إسرائيل ستمضي قدما في عمليتها المخطط لها في رفح. كما أنه رفض الحجة القائلة بأن شركاء نتنياهو من اليمين المتطرف، وليس السنوار، هم من يحبطون مصادقة الحكومة على صفقة من شأنها أن تؤدي إلى وقف لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح بعض الرهائن.
وقال هنغبي: “يبدو أنه من الصعب على السنوار أن يتخذ قرارا [بشأن صفقة الرهائن] التي من المرجح أن تعني نهاية حكم حماس، لأنه في اللحظة التي يتخلى فيها عن البطاقة المهمة للغاية لبقائه، رهائننا، الأمر ليس سهلا عليه، ولهذا السبب تأخرت الأمور”.
مضيفا أن السنوار “يعيش في وقت ضائع”، وأن إسرائيل كانت قريبة من القضاء عليه في الأشهر الأخيرة، وأنه “لن يخرج حيا من هذه المواجهة” – وهو احتمال أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” مؤخرا أنه لا يزعج زعيم حماس، الذي يظن أنه انتصر بالفعل في الحرب.
وقال للقناة 12 “مصيره [السنوار] محسوم. لكن علينا أن نتحلى بالصبر”، مشيرا إلى أن القضاء على العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، أسامه بن لادن، استغرق للولايات المتحدة عقدا من الزمن.
وعندما قيل لهنغبي إن السنوار، العقل المدبر لهجوم السابع من أكتوبر، ألحق أضرارا بإسرائيل أكثر من أي فرد آخر على الإطلاق، وأن أتباعه يعتبرونه صلاح الدين الأيوبي، ردا هنغبي أنه لا ينبغي تضخيم “هذا القاتل النازي”.
في السابع من أكتوبر، اقتحم آلاف المسلحين بقيادة حماس جنوب إسرائيل وقتلوا حوالي 1200 شخص، واختطفوا أكثر من 250 آخرين.
وقال هنغبي إن السنوار “تسبب بمقتل أكثر من 40 ألف شخص من أبناء شعبه، ولم يبال”، مشيرا إلى رقم أعلى بـ 6000 قتيل من الأرقام غير المؤكدة التي تنشرها حماس.
وأضاف: “قُتل 14 ألف إرهابي – وهو ما يؤلمه أكثر”.
وقال هنغبي مرتين في المقابلة إن إسرائيل مرت بأوقات أصعب من الفترة الحالية، مشيرا إلى حرب “يوم الغفران” في عام 1973 والانتفاضة الثانية. وادعى أن إسرائيل تحقق الأهداف “الطموحة” في حربها ضد حماس – وهي إعادة الرهائن، وتدمير قدرات حماس العسكرية والحكومية، و”قبل كل شيء” ضمان عدم وجود تهديد مستقبلي من غزة.
وقال هنغبي إن مناقشة الحكم في غزة – “في اليوم التالي” للحرب – “مهمة ولكنها افتراضية” في هذه المرحلة.
وتساءل: “هل تمكن الأميركيون، عندما كانوا يقاتلون النازيين لمدة أربع سنوات، من تحديد ما سيحدث في اليوم التالي؟ كان عليهم أولا هزيمة النازيين. علينا أن نهزم النازيين الجدد – حماس. لن يدخل أي مسؤول سعودي أو إماراتي أو أردني أو من فتح ويسيطر على غزة طالما أن حماس موجودة هناك… بكتائب عاملة… يمكنها إطلاق النار على رؤوسهم”.
وأضاف أن الإدارة المدنية الإسرائيلية لغزة “ليس الشيء الصحيح؛ لا ينبغي علينا أن ندير أنظمة الصرف الصحي في غزة” لكن ينبغي على إسرائيل الاحتفاظ بسيطرتها الأمنية على القطاع قائلا: “لن يقاتل أحد غيرنا لتدمير ما تبقى من حماس” عندما يكتمل الزخم الرئيسي للحرب.
وقد ظل نتنياهو يقاوم رسم خطة محددة لحكم غزة بعد الحرب. واقترح بعض المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين نقل السلطة المدنية في القطاع إلى العشائر المحلية، وهو ما قال محللون إنه غير واقعي. وقالت الولايات المتحدة إن سلطة فلسطينية “متجددة” يجب أن تتولى مسؤولية القطاع، وهو ما يعارضه نتنياهو بشدة. ودعا شركاء نتنياهو من اليمين المتطرف في الائتلاف إلى إعادة توطين اليهود في القطاع المحاصر الذي انسحبت منه إسرائيل من جانب واحد في عام 2005.
وردا على سؤال حول التقدم الذي تم إحرازه في الحرب، نفى هنغبي أن يكون الجيش الإسرائيلي يراوح مكانه، قائلا: “إنها حقيقة” أن إسرائيل قررت تنفيذ عمليتها المخطط لها في رفح. وأضاف أن “رئيس الوزراء، بدعم من جميع الوزراء، أمر جيش الدفاع بتنفيذ العملية في رفح، وقد يتم ذلك قريبا جدا”.
وأضاف أنه كان هناك موعد محدد، لكن تم تأجيله بسبب المواجهة المباشرة غير المسبوقة بين إيران وإسرائيل في أبريل.
أثار الهجوم الإسرائيلي الوشيك على رفح – المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، حيث لجأ أكثر من مليون فلسطيني بعد أن طردتهم إسرائيل من شمال القطاع ووسطه – معارضة حتى من أقوى حلفاء إسرائيل، الولايات المتحدة، التي تشعر بالقلق من أن تؤدي المناورة البرية إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، وهي غير مقتنعة بقدرة إسرائيل على تنفيذ عملية إجلاء مناسبة للمدنيين.
وتصر مصر، المتاخمة لرفح، على معارضتها للعملية التي طال الحديث عنها، وتخشى من فرار النازحين الفلسطينيين بأعداد كبيرة إلى شبه جزيرة سيناء.
ويتوسط البلدان، إلى جانب قطر، حيث يتمركز بعض قادة حماس، منذ أشهر في محادثات للتوصل إلى اتفاق هدنة-رهائن بين إسرائيل والحركة الفلسطينية. وفي نوفمبر، نجح الطرفان في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة أسبوع، أفرجت حماس خلاله عن 105 رهائن مقابل إطلاق سراح نحو 240 أسيرا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية.
ستتطلب صفقة الرهائن هدنة يمكن أن تؤثر على توقيت عملية رفح، وأقر هنغبي: “إذا كانت هناك صفقة، فإن الصفقة ستتطلب هدنة انسانية في شمال وجنوب ووسط [غزة]”.
وأضاف مقتبسا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن “إذا تم التوصل إلى اتفاق على ما أسماه الأمريكيون ’شروط سخية للغاية’، فلن يكون من السهل على أي وزير التصويت لصالح هذه الصفقة، لكنها تحرر أناسا أحياء”.
وتابع هنغبي “وبالتالي، إذا وافقت حماس على الصفقة كما هي – وهذا لا يشمل إنهاء الحرب، لأن سياسة الحكومة هي استكمال الحرب من أجل تحقيق أهدافها – ستكون هناك هدنة انسانية للفترة المحددة”.
وقال إن بلينكن يدرك أن إسرائيل ستدخل رفح قريبا، لأن الوزير مر من أمام الدبابات “في طريقه إلى كيريم شالوم” خلال زيارته لإسرائيل في الأسبوع الماضي.
وأضاف أن الوزير الأمريكي “لن يتفاجأ”.
ونفى هنغبي تأكيدات محاوريه بأن نتنياهو لن يمضي قدما في اتفاق هدنة وتبادل أسرى مع حماس خوفا من أن ينسحب الجناح الأيمن في حكومته برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، من الحكومة احتجاجا.
وتساءل بشكل بلاغي “هل أعطى رئيس الوزراء الضوء الأخضر للفريق المفاوض للمضي قدما في الاتفاق، مع العلم أنه قد تكون له تداعيات سياسية؟ نحن نعلم أن الجواب هو نعم”.
وقال سموتريش في بيان له السبت إن “اتفاق الاستسلام الذي سينهي الحرب هو كارثة”، في حين حذر بن غفير من أن نتنياهو “يدرك جيدا ثمن الفشل في الوفاء بوعوده” بعدم الموافقة على “صفقة متهورة”.
ونفى هنغبي أيضا أن يكون إصرار إسرائيل على اجتياح رفح مع اتفاق أو بدونه يشجع السنوار على رفض أي صفقة، وهو ما كرره مكتب رئيس الوزراء في بيان نادر يوم السبت.
وقال: “أحد أهداف عملية رفح هو تعزيز فرص التوصل إلى اتفاق، لأنه عندما يسمع السنوار أن بإمكانه منع جيش الدفاع من دخول رفح من خلال قول نعم للصفقة، فإن هذه هي الوسيلة الرئيسية الوحيدة التي لدينا تقريبا للضغط عليه”.
وأوضح أن عملية رفح ضرورية لعزل حماس عن الحدود المصرية – التي قال إنها “أوكسجينها” لإمدادات الأسلحة. وأضاف أنه يجب أيضا تدمير كتائب حماس الأربع العاملة في رفح.
ردا على سؤال عما إذا كان الإقتراح الإسرائيلي الأخير لحماس سخي بشكل مفرط – حتى في الوقت الذي تشير تقارير إلى أن السنوار يعارضه – قال هنغبي “نحن لا نتوسل من أجل صفقة” و”هناك شروط لن نقبلها”.
وأشار إلى أن الصفقة المطروحة تنص على عودة المدنيين العزل فقط إلى شمال غزة.
وقال هنغبي إن مجلس الوزراء قرر أن الجيش الإسرائيلي يحتاج حاليا إلى التركيز على غزة، ولكن سيتعين على إسرائيل أيضا التعامل مع الحدود الشمالية، حيث يشن حزب الله هجمات شبه يومية منذ بداية الصراع، مما أدى إلى إخلاء عشرات الآلاف.
ورفض فكرة إعادة الناس إلى منازلهم بالقرب من الحدود الشمالية وتحدي حزب الله على إطلاق النار، مع التهديد بشن هجوم عسكري كبير إذا فعلت المنظمة ذلك، معتبرا أن ذلك سيكون مخاطرة غير معقولة.
وقال هنغبي: “نحن [الإسرائيليون] نقاتل على حياتنا منذ 75 عاما”، مضيفا أنه “كانت هناك فترات أسوأ بكثير من هذه الأيام”، وأن “الناس ذُبحوا في إسرائيل ليس فقط في 7 أكتوبر”.
وأضاف أنه خلال الانتفاضة الثانية، التي تميزت بهجمات انتحارية فلسطينية هزت إسرائيل لمدة خمس سنوات في أعقاب انهيار محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية في كامب ديفيد في عام 2000، “لم أتمكن من وضع أطفالي على متن حافلة إلى المدرسة لأن الحافلات كانت تتفجر”.