مساعد نتنياهو سرب وثيقة مسروقة في محاولة لـ”تحريف النقاش بشأن صفقة الرهائن” لصالح رئيس الوزراء
المعلومات التي سمحت المحكمة بنشرها تكشف أنه تم تسريب الوثيقة لرفع الضغط عن رئيس الوزراء بعد أن قتلت حماس 6 رهائن؛ الجهود المبذولة لتحرير الرهائن تضررت، وكذلك عمليات الجيش الإسرائيلي والشاباك
أظهرت معلومات نشرتها محكمة الصلح في ريشون لتسيون يوم الأحد أن الدافع كما يبدو وراء تسريب وثيقة استخباراتية عسكرية سرية للغاية لصحيفة “بيلد” الألمانية في سبتمبر كان تخفيف الضغط العام والانتقادات ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أعقاب مقتل ست رهائن على يد حماس في أواخر أغسطس.
بحسب التفاصيل التي نشرتها المحكمة فإن إيلي فيدلشتاين، وهو مساعد لنتنياهو والمشتبه به المركزي في القضية، سرب الوثيقة لصحيفة “بيلد” من أجل تغيير الخطاب العام حول مصير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس في غزة؛ وتحميل زعيم حماس السنوار مسؤولية الجمود في مفاوضات إطلاق سراح الرهائن؛ والتلميح إلى أن الاحتجاجات التي تطالب بالإفراج عن الرهائن تساعد حماس.
حصل فيلدشتاين في الأصل على الوثيقة السرية في أبريل من هذا العام، بعد أن سربها له ضابط صف في قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي بشكل غير قانوني من تلقاء نفسه.
ولم يسرب فيلدشتاين الوثيقة إلى صحيفة “بيلد” إلا بعد مقتل الرهائن الست في نهاية شهر أغسطس، وهو الحدث الذي أحدث صدمة في البلاد وأثار انتقادات شديدة لنتنياهو بسبب ما قال المنتقدون إنها جهود من جانب رئيس الوزراء لعرقلة صفقة إطلاق سراح الرهائن لأغراض سياسية.
ويعتقد المحققون أن تسريب الوثيقة كان من شأنه أن يلحق أضرارا جسيمة بأمن إسرائيل، كما كشفت المحكمة، في حين توصل الجيش الإسرائيلي إلى استنتاج مفاده أن التسريب أضر بهدف الحرب المتمثل في تحرير الرهائن، فضلا عن عمليات الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) في غزة.
في وقت سابق الأحد، أبلغت النيابة العامة المحكمة أنها تعتزم مقاضاة فيدلشتاين ومشتبه به رئيسي آخر في القضية، لكنها طلبت تمديد اعتقالهما لخمسة أيام من أجل استكمال عملية صياغة لائحة الاتهام وتقديمها.
ويُشتبه في أن فيدلشتاين والمشتبه به الآخر، الذي لم يتم نشر اسمه، قاما بنقل معلومات سرية لإلحاق الضرر بالدولة، وجمع مواد سرية للمس بالدولة، والتآمر لارتكاب جريمة، وتهم اخرى.
بحسب تقرير في أخبار القناة 13 يوم الأحد، تم التحقيق مع يوناتان أوريخ، وهو مسؤول إعلامي سابق لنتنياهو ولاحقا لحزب “الليكود”، كمشتبه به محتمل في القضية.
وسُئل أوريخ، من بين أمور أخرى، عن علاقته بيسرائيل إينهورن، وهو ناشط آخر في الليكود له علاقات بصحيفة بيلد، حسبما ذكرت القناة.
وفقا للتقرير، امتنع إينهورن، الذي يتواجد حاليا في الخارج، عن العودة إلى إسرائيل لتجنب استجوابه من قبل السلطات.
ولقد كان هو وأوريخ متورطين في العديد من الفضائح في الماضي، بما في ذلك مضايقة شاهد دولة في محاكمة نتنياهو في قضايا الفساد.
بحسب المعلومات التي نشرتها المحكمة، فقد بادر الجيش الإسرائيلي إلى التحقيق في تسريب محتمل بعد نشر التقرير في صحيفة بيلد بسبب الطبيعة الحساسة للغاية للوثيقة التي تم تسريبها.
وبعد عمليات الفحص الأولية التي أجراها قسم أمن المعلومات في الجيش، طلب رئيس أركان جيش الإسرائيلي هرتسي هليفي بنفسه من الشاباك فتح تحقيق سري خاص به بالتوازي للمساعدة في تحديد هوية المسؤولين عن التسريب.
وقاد تحديد هوية الجاني الرئيسي، ضابط الصف الاحتياطي، المحققين إلى ثلاثة مشتبه بهم آخرين متورطين في التسريب، بما في ذلك ضابطي احتياط في الجيش الإسرائيلي، وضابط صف محترف، وفي النهاية إلى فيلدشتاين أيضا.
وعلى مدار التحقيق، تم الكشف عن “محور تسريب خطير” بدأ بضابط الصف الاحتياطي، “الذي قرر من تلقاء نفسه نقل وثيقة سرية وحساسة للغاية من سلطة جيش الدفاع من أجل تمريرها إلى الرتبة السياسية”، كما قالت المحكمة.
وقام ضابط الصف الاحتياطي بتمرير الوثيقة إلى فيدلشتاين في شهر أبريل عبر حساب على وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يفعل المتحدث شيئا حيالها حتى شهر سبتمبر.
أثار مقتل الرهائن الست على يد حماس موجة من الحزن في البلاد، واندلعت احتجاجات ضد نتنياهو، متهمة إياه بعرقلة صفقة الرهائن، مع انضمام أقارب الرهائن القتلى إلى الانتقادات.
عندئذ، في السادس من سبتمبر، نشرت صحيفة بيلد تقريرا استند على الوثيقة المسربة، حيث أفادت أن حماس غير مبالية بانتهاء الحرب بسرعة، وأنها تولي الأولوية لقدرات الحركة العسكرية و”إرهاق” الأجهزة العسكرية والسياسية الإسرائيلية في المفاوضات.
كما جاء في التقرير أن حماس وضعت استراتيجية للحرب النفسية من خلال الرهائن، وكانت تسعى إلى “الاستمرار في ممارسة الضغط النفسي على عائلات [الرهائن]، سواء الآن أو في المرحلة الأولى [من وقف إطلاق النار المقترح] حتى يزداد الضغط العام على حكومة العدو”.
وأشارت المحكمة إلى أن التقرير في بيلد جاء مباشرة بعد مقتل الرهائن والاحتجاجات التي تلت ذلك ضد الحكومة “وكجزء من الرغبة في تغيير الخطاب العام وتوجيه أصابع الاتهام إلى [زعيم حماس] يحيى السنوار”.
في البداية، سعى فيدلشتاين إلى نشر الوثيقة التي حصل عليها في أبريل في الصحافة الإسرائيلية بعد مقتل الرهائن، وقام بتسريبها إلى عدد من الصحافيين الإسرائيليين.
ولكن عندما منعت الرقابة العسكرية نشر التقارير بسبب حساسية المواد ومصدرها، سعى فيدلشتاين إلى نشرها في الصحافة الأجنبية، وهو ما لا يمكن للرقابة أن تمنعه، وفعل ذلك بمساعدة “طرف إضافي”.
وبمجرد نشر الوثيقة في بليد، قام بالاتصال بعدد من الصحافيين الإسرائيليين لإخبارهم بالتقرير بهدف حثهم على كتابة مقالات لمتابعته.
لكن بعض هؤلاء الصحفيين شككوا في صحة الوثيقة، لذا طلب فيلدشتاين من ضابط الصف الاحتياطي أن يزوده بالنسخة الورقية.
عندها التقى الضابط بفيدلشتاين وفي ذلك الاجتماع أعطاه الضابط نسخة ورقية من الوثيقة الأصلية، إلى جانب وثيقتين أخريين “سريتين للغاية”.
وأشارت المحكمة إلى أن التحقيق، الذي أجراه الجيش الإسرائيلي والشاباك والشرطة الإسرائيلية بشكل مشترك، نجح في إحباط “محور التسريب” ومنع إلحاق المزيد من الضرر بأمن الدولة.
وقالت النيابة العامة في بيانها الذي أعلنت فيه عن نيتها توجيه لائحة اتهام إلى فيلدشتاين والمشتبه به الثاني، إنها ستطلب في الوقت نفسه من المحكمة إبقاء المشتبه بهما قيد الاحتجاز حتى انتهاء الإجراءات القانونية ضدهما.
ولم يستجب محامي فيلدشتاين على الفور لطلب التعليق على المعلومات التي نشرتها المحكمة.