إسرائيل في حالة حرب - اليوم 646

بحث

مسؤول: إسرائيل في خضم “محادثات متقدمة” لاتفاق ينهي الأعمال العدائية مع سوريا

الاتفاق لن يصل إلى مستوى السلام الكامل، حيث يفضل السوريون اتفاقاً محدوداً؛ وزير الخارجية ساعر يؤكد أن الجولان سيبقى إسرائيلياً حتى في حال تطبيع العلاقات

لافتة من مبادرة "التحالف من أجل الأمن الإقليمي" تعرض قادة الشرق الأوسط إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع شعار عبري يدعو إلى "اتفاق أبراهام" جديد، في تل أبيب، 26 يونيو 2025. (Jack Guez/AFP)
لافتة من مبادرة "التحالف من أجل الأمن الإقليمي" تعرض قادة الشرق الأوسط إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع شعار عبري يدعو إلى "اتفاق أبراهام" جديد، في تل أبيب، 26 يونيو 2025. (Jack Guez/AFP)

تجري إسرائيل وسوريا “محادثات متقدمة” حول اتفاق ثنائي لوقف الأعمال العدائية بين البلدين، وفقاً لما ذكره مسؤول إسرائيلي كبير لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” يوم الإثنين.

وتركز الاتصالات على التنسيق حول المسائل الأمنية، بحسب المسؤول الذي رفض التكهن بموعد تحقيق اتفاق سلام كامل بين الدولتين العدوتين.

وتساءل المسؤول: “هل يمكن أن يتطور الأمر إلى ما هو أبعد من [ترتيبات أمنية]؟ سننتظر ونرى. في الوقت الحالي، لا يوجد شيء ملموس”.

وأضاف: “هناك بالتأكيد طموح لتوسيع اتفاقيات إبراهيم، وليس سراً أننا نرغب في رؤية سوريا ضمنها”.

“وقد تكون هناك فرصة.”

وكانت الدولتان الجارتان على طرفي نقيض في صراعات الشرق الأوسط لعقود، بما في ذلك قتال مباشر ومرير منذ حرب الاستقلال عام 1948 وحتى حرب لبنان الأولى عام 1982.

دبابتان إسرائيليتان تمر خلف دبابة سورية مدمرة (في المقدمة) خلال القتال في مرتفعات الجولان، 9 أكتوبر 1973. (AP Photo)

ولكن فر الرئيس السوري السابق المدعوم من إيران بشار الأسد من البلاد في ديسمبر، ويسعى الحكام الإسلاميون الجدد في دمشق إلى تقديم وجه معتدل للغرب.

وقال دبلوماسي أوروبي لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن مسؤولين سوريين أرسلوا مؤشرات إلى إسرائيل في أبريل عبر عدة دول أوروبية، بينها سويسرا. إلا أن الولايات المتحدة تولت قيادة الوساطة.

اعتمدت إسرائيل في البداية موقفاً عدائيا تجاه النظام السوري الجديد. لكن في الأسابيع الأخيرة، تغير الخطاب وسط جهود أمريكية للتوصل إلى اتفاق بين البلدين.

صورة مقصوصة وزعها القصر الملكي السعودي تُظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (يمين) يصافح الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع (يسار) في الرياض، 14 مايو 2025. (Bandar AL-JALOUD / Saudi Royal Palace / AFP)

وأفاد مسؤولون إسرائيليون أن مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي يقود المفاوضات من الجانب الإسرائيلي. وأكد هنغبي الأسبوع الماضي أن إسرائيل والنظام السوري على اتصال مباشر يومي ويناقشان إمكانية التطبيع.

كما قال وزير الخارجية جدعون ساعر الإثنين إنه في أي اتفاق سلام محتمل مع سوريا “ستبقى مرتفعات الجولان جزءاً من دولة إسرائيل”.

وقد احتلت إسرائيل الهضبة الاستراتيجية من سوريا عام 1967، وأقرت قانونا بضمها فعليا عام 1981.

وقال ساعر في مؤتمر صحفي إن إسرائيل ترى في لبنان، وهو جار آخر ما زال رسمياً في حالة حرب مع اسرائيل، مرشحاً أيضا للتطبيع.

وزير الخارجية جدعون ساعر (يمين) يتحدث في مؤتمر صحفي مع وزيرة الخارجية النمساوية بيت ميينل-ريسينغر في القدس في 30 يونيو 2025 (Lazar Berman/Times of Israel)

وصفت إسرائيل في البداية حكام سوريا الجدد بـ”الإرهابيين” بسبب ارتباطهم السابق بتنظيم القاعدة، وشن سلاح الجو الإسرائيلي حملة جوية عنيفة على ما قالت إنه أهداف عسكرية في مختلف أنحاء البلاد. وتراجعت الأعمال العدائية منذ منتصف مايو، عندما قلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوداً من السياسة الأمريكية رأساً على عقب برفع العقوبات عن سوريا ولقائه الرئيس أحمد الشرع في الرياض.

ورغم سلسلة من التقارير التي تشير إلى حماسة سورية لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، قال مصدر سوري لم يُكشف اسمه لقناة “الأخبار” اللبنانية الإثنين إنه لا يوجد إجماع راسخ داخل النظام السوري بشأن محادثات السلام الأخيرة التي تتوسط فيها الولايات المتحدة.

وبحسب المصدر، وعلى عكس مزاعم المبعوثين الدوليين بأن الشرع “رحب” بفكرة العلاقات مع إسرائيل، فإن النقاشات الجارية “تشير إلى أن مثل هذه الخطوة لا تحظى بإجماع حقيقي، حتى داخل الفريق الموالي للشرع”.

جنود إسرائيليون في جنوب سوريا، في صورة وزعها الجيش الإسرائيلي بتاريخ 5 مايو 2025. (IDF)

بدلا من ذلك، طلب مقربون من الشرع من الوسطاء الأمريكيين النظر في اتفاق محدود يعلن نهاية الأعمال العدائية مع إسرائيل دون التقدم نحو سلام كامل.

ويعود سبب رفض اتفاق السلام إلى عاملين، بحسب المصادر. أولاً، سيواجه النظام صعوبة في تبرير مثل هذا الاتفاق بينما تستمر الحرب في غزة وفي ظل الإدانة العربية الواسعة للإجراءات العسكرية الإسرائيلية. ثانياً، يخشى المقربون من تركيا ضمن دائرة الشرع أن يؤدي التطبيع إلى إخضاع سوريا لنفوذ إسرائيلي وسعودي كبير، مما يهمش دور أنقرة في المنطقة.

وفي تقرير منفصل يشير إلى انفتاح أكبر في المحادثات الجارية، ذكرت قناة LBCI اللبنانية أن سوريا لا تطالب باستعادة مرتفعات الجولان في أي اتفاق سلام محتمل. وبدلا من ذلك، تسعى دمشق إلى اعتراف إسرائيلي بالنظام الجديد، وانسحاب من المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي في جنوب سوريا منذ يناير، وترتيبات أمنية محددة في الجنوب، ودعم أمريكي لم يتضح طبيعته بعد.

وبالإضافة إلى المطالبة ببقاء القوات السورية خارج جنوب سوريا، تعهدت إسرائيل بحماية الطائفة الدرزية السورية، حيث نفذ الجيش الإسرائيلي ضربات في البلاد كـ”تحذير” للنظام الجديد. كما افتتح الجيش منشأة طبية مؤقتة في جنوب سوريا لعلاج الجرحى الدروز بعد نقل أكثر من 30 مصابا إلى مستشفيات إسرائيلية.

رجال دين ومواطنون دروز ويرحبون بنظرائهم القادمين من سوريا على متن حافلة عبر حاجز حدودي يحرسه جنود إسرائيليون، بالقرب من قرية مجدل شمس في مرتفعات الجولان، في 25 أبريل 2025. (Photo by Jalaa MAREY / AFP)

وقال مسؤول سوري لهيئة البث العامة “كان” يوم الأحد إن سوريا لم تطرح مسألة مرتفعات الجولان في المفاوضات مع إسرائيل، وأن اهتمامها الرئيسي ينصب على انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من المنطقة العازلة التي أُنشئت في جنوب البلاد بعد انهيار نظام الأسد.

وأوضح المسؤول أن “الاتصال بين إسرائيل وسوريا قد يكون ذا مغزى كبير”، وأن الحكومة الحالية في دمشق “تعارض إيران ووكلاءها من الجماعات الإرهابية، حزب الله وحماس”.

وأضاف المسؤول: “مسألة الجولان لم تُطرح حتى الآن في المناقشات. لا يزال الوقت مبكراً. لكن الأمريكيين هم العامل الأساسي هنا”.

تشير المنطقة العازلة إلى منطقة محددة تخضع لدوريات الأمم المتحدة وكان الهدف منها الفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية، وقد سيطرت عليها إسرائيل بعد أن تخلت عنها قوات موالية لنظام الأسد قبل أن تصل فصائل المعارضة إلى دمشق في ديسمبر.

وتعتبر الأمم المتحدة سيطرة إسرائيل على المنطقة العازلة انتهاكاً لاتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 بين إسرائيل وسوريا. وتقول إسرائيل إن الاتفاقية انهارت لأن أحد الطرفين لم يعد قادراً على تنفيذها، وأن السيطرة على المنطقة كانت خطوة دفاعية لحماية البلاد من قوى معادية كان بإمكانها استغلال الفراغ.

امرأة من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان تلوح لقريبتها عبر السياج في المنطقة العازلة التي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في 17 ديسمبر 2024. (Photo by Jalaa MAREY / AFP)

أفاد كبار المسؤولين الأمنيين لقضاة ينظرون في محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مغلق الأحد أن هناك فرصة لتغيير وجه الشرق الأوسط ولإسرائيل لتوسيع دائرة السلام، بما في ذلك مع سوريا، بحسب ما أفادت هيئة البث العامة “كان”.

وحضر الجلسة رئيسا شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي والموساد، وكلاهما شرحا للقضاة أسباب ضرورة تأجيل أيام الشهادة المقررة لرئيس الوزراء هذا الأسبوع.

وفي مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” يوم الأحد، بدا أن ترامب يردد تفاؤل نتنياهو بشأن توسيع إمكانيات السلام في المنطقة، مؤكداً أن المزيد من الدول ستصنع السلام مع إسرائيل نتيجة الحملة الأمريكية والإسرائيلية ضد إيران.

وقال: “لدينا الآن بعض الدول الرائعة بالفعل، وأعتقد أننا سنبدأ في إضافة المزيد لأن إيران كانت المشكلة الأساسية. في فترة ما اعتقدت أن إيران… كان لدينا وقت اعتقدت فيه أن إيران ستنضم إلى اتفاقيات إبراهيم مع الجميع”.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدث إلى ماريا بارتورومو من قناة “فوكس نيوز” في مقابلة بثت في 29 يونيو 2025. (Screen capture via YouTube)

وقال أبراهام كوبر، الحاخام الأمريكي الذي أجرى محادثات هذا الشهر مع الشرع، لقناة “كان” الإخبارية أنه بمساعدة ترامب يمكن عقد لقاء بين نتنياهو والرئيس السوري الجديد.

وأضاف: “إذا أعطى ترامب إشارة بأنه سيواصل الانخراط وأبلغ الشرع بأنه سيساعد في إعادة إعمار بلاده، فكل شيء ممكن. وبدون ذلك، ستسير الأمور ببطء، خطوة بخطوة”.

ساهمت نافا فرايبرغ في إعداد هذا التقرير

اقرأ المزيد عن