مسؤولون سابقون في وزارة المالية: خطة الإصلاح القضائي ستضر “بشدة وبشكل لا رجعة فيه” بالاقتصاد الإسرائيلي
الموظفون السابقون في قسم الميزانيات يطالبون بوقف فوري للحملة التشريعية، ويحذرون من فرار رأس المال وانخفاض قيمة الشيكل، مما سيؤدي إلى انخفاض عائدات الدولة وخفض الإنفاق
دعت مجموعة من المسؤولين السابقين في وزارة المالية يوم الأحد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى وقف خطة الإصلاح المثيرة للجدل التي تقترحها الحكومة، محذرين من أنها “ستضر بشدة وبشكل لا رجعة فيه بالاقتصاد الإسرائيلي”.
الموقعون على الرسالة عملوا في السابق في قسم الميزانيات في الوزارة، الذي يعمل عبر الحكومة لإعداد خطة الإنفاق الوطني.
وحذر المسؤولون السابقون في الرسالة، “نتوقع حدوث أضرار جسيمة للاقتصاد الإسرائيلي، مع ظهور المؤشرات الأولى بالفعل اليوم”.
وكتبوا “سوف تتجلى آثار الإصلاح على الاقتصاد الإسرائيلي، من بين أمور أخرى، في هروب رأس المال إلى الخارج، وفقدان الثقة في صفوف المستثمرين المحليين والأجانب، وانخفاض قيمة الشيكل، وزيادة التضخم، وخفض التصنيف الائتماني (كما حذرت وكالتا فيتش وموديز قبل أيام قليلة فقط)، وزيادة سعر الفائدة، وإعاقة النمو الاقتصادي”.
في الأسبوع الماضي، قالت وكالة التصنيف “موديز” إن مقترحات الحكومة قد تضعف القوة المؤسسية للبلاد وتؤثر سلبا على توقعاتها الاقتصادية. قبل ذلك، حذرت “فيتش” من أن الإصلاح القضائي يمكن أن يضعف الضوابط المؤسسية، مما يؤدي إلى “نتائج سياسية أسوأ أو استمرار معنويات المستثمرين السلبية”.
كان تحذير الوكالات بمثابة إشارات إضافية من قطاع الأعمال بأن خطط الحكومة قد تعرقل الاستثمار المستمر في البلاد، حيث قام بعض المستثمرين والشركات بالفعل بوقف أو تجميد تدفق الأموال إلى إسرائيل بشكل كامل.
كتب الموقعون على الرسالة أن هذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض في إيرادات الدولة، الأمر الذي سيتطلب بدوره تخفيضات في الإنفاق الحكومي “من شأنها أن تسبب ضررا عميقا للرفاهية الاجتماعية والاقتصادية”.
وأضافوا “نتوقع أن تتأثر الأهداف الاجتماعية مثل الحد من الفقر وبناء الأمن الوظيفي والرعاية الصحية والتعليم بشكل سلبي. لن تتحقق إمكانات نمو الاقتصاد وسيتم تأجيل الاستثمارات الضرورية في البنية التحتية”.
وجاء في الرسالة أنه “بدون نظام قضائي قوي ومستقر ومستقل، لن يكون من الممكن التمسك بمبادئ اقتصاد حر وفعال وتنافسي ومنصف ومتنامي”، وأشار الموقعون عليها إلى أنه لن يكون هناك ضمان للحماية بعد الآن لحقوق الملكية والحريات الفردية، أو ضمانات ضد الفساد السياسي والحكومي.
وحذر المسؤولون السابقون من أنه “بدون حماية المراجعة القضائية المستقلة والفعالة لأعمال الحكومة والكنيست، لن يكون من الممكن ضمان التخصيص الفعال والمتكافئ والعادل للموارد في الاقتصاد”.
ورد في الرسالة أن المستثمرين الأجانب “يسعون إلى أنظمة قضائية قوية ومستقلة كشرط أساسي لاستثمارهم”، مما يعني أنه يمكن أن يكون هناك تحرك سريع لرأس المال إلى خارج البلاد بالإضافة إلى خطر على التدفق النقدي المستقبلي إلى إسرائيل.
وقال الموقعون على الرسالة إنه في حين أن “تآكل مرونة الاقتصاد الإسرائيلي قد بدأ بالفعل”، يمكن عكس العملية إذا تم وقف الإصلاح على الفور.
أشار المسؤولون السابقون الذين وقّعوا على الرسالة إلى أن تحذيرهم “استثنائي للغاية، وربما لم يسبق له مثيل”، لكنهم قالوا إن هذا يظهر حقيقة أن “الاقتصاد الإسرائيلي يدخل منطقة خطر متزايد”.
وجاء في الرسالة “نخشى أن يتسبب هذا التغيير بضرر لا رجعة فيه للاقتصاد الإسرائيلي ولبنية المجتمع في إسرائيل”، مشيرة إلى أنه في حين أن الأنظمة القديمة تحتاج إلى إصلاح، فإن التغييرات بحاجة إلى المناقشة والتفاوض.
وقال الموقعون على الرسالة للحكومة، “لا يمكن تنفيذ أي إصلاح، لا سيما الإصلاح الذي يتناول أساسيات الحكم والتوازن بين فروع الحكومة، بهذه الطريقة المتطرفة من خلال استغلال فرصة سياسية، دون فحص مناسب ودون تحقيق توافق واسع في الآراء”.
واختتمت الرسالة بمناشدة وُجهت إلى سموتريتش شخصيا، حيث طلب منه الموقعون عليها وقف الإصلاح مشيرين إلى أن “مسؤولية آثار الإصلاح على الاقتصاد الإسرائيلي تقع على عاتقك وحدك”.
أثارت الخطط التشريعية للحكومة اليمينية-الدينية، الأكثر تشددا في إسرائيل في تاريخ إسرائيل، احتجاجات عامة جماهيرية مستمرة منذ أكثر من شهرين، بالإضافة إلى ردود فعل عنيفة من السياسيين في المعارضة وتحذيرات رهيبة من اقتصاديين وقادة أعمال وخبراء قانونيين ومسؤولين الأمنيين.
ولقد حذر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي السابق بن برنانكي من أن الإصلاح المخطط له “سوف يتسبب في أضرار جسيمة”، في اقتباسات بثتها أخبار القناة 13 يوم السبت. وقال برنانكي للشبكة التلفزيونية إن”إسرائيل بحاجة إلى بناء إجماع فيما يتعلق بأي تغيير مهم في النظام القانوني”.
ولم يعرض التقرير تعليقات برنانكي باللغة الإنجليزية، واكتفى ببث اقتباسات نصية من تصريحاته مترجمة إلى العبرية.
ونقل التقرير عن برنانكي قوله إن “إسرائيل اقتصاد صغير ومنفتح يعتمد على التجارة الدولية والاستثمارات الدولية لتحقيق النمو الاقتصادي والازدهار. سيكون هناك ضرر هائل لأمن المستثمرين الأجانب والشركاء التجاريين ورجال الأعمال الإسرائيليين نتيجة للتغييرات المؤسسية المفاجئة التي ستزيد من عدم اليقين، وتخلق مخاطر قانونية وسياسية جديدة، وتهدد حقوق الأقليات”.
وأضاف “لضمان استمرار النجاح الاقتصادي الاستثنائي لإسرائيل، تحتاج إسرائيل إلى التحرك ببطء وبناء إجماع واسع بشأن أي تغيير مهم في نظامها القانوني أو شكل حكومتها”.
برنانكي، الحائز على جائزة نوبل التذكارية لعام 2022 في العلوم الاقتصادية، شغل منصب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال الأزمة المالية في عام 2008.
في الأسبوع الماضي، قال وزير الخزانة الأمريكي الأسبق لورانس سامرز إن إسرائيل “تقترب أكثر من اللازم من الحافة” مع خطة الإصلاح القضائي المقترحة.
جاءت تعليقات سامرز بعد ساعات من إعلان شركة التكنولوجيا الإسرائيلية Riskified عن نقل 500 مليون دولار إلى خارج البلاد وتقديم حزم تغيير محل إقامة لبعض الموظفين المعنيين بذلك.
في الشهر الماضي، أعلن توم ليفني، مؤسس شركة أخرى من أنجح شركات التكنولوجيا في إسرائيل – Verbit – عن نيته ترك البلاد والتوقف عن دفع الضرائب احتجاجا على خطة الحكومة المتشددة للإصلاح القضائي.
وقال ليفني، الذي قُدرت قيمة شركته بـ2 مليار دولار في آخر جولة تمويل في أواخر عام 2021، إنه شجع المديرين التنفيذيين البارزين الآخرين في مجال التكنولوجيا على اتباع خطواته.
وقالت شركة Wiz الإسرائيلية الناشئة في مجال الأمن السيبراني، والتي جمعت 300 مليون دولار بتقييم قدره 10 مليارات دولار في أحدث جولة تمويل لها، الشهر الماضي أن رأس المال لن يُستثمر في إسرائيل بالنظر إلى حالة عدم اليقين بشأن النظام القضائي في البلاد.
في وقت سابق من هذا الشهر، أصدرت مجموعة ضمت مئات الاقتصاديين الإسرائيليين تحذيرا جديدا مفاده أن الانهيار المالي يمكن أن يحدث “بشكل أقوى وأسرع” مما توقعوه في الأصل عندما صاغوا “خطاب طارئ” يحذرون فيه من أن التغيير القضائي بعيد المدى الذي تدفع به الحكومة يمكن أن يكون لها تداعيات خطيرة.
ويقول منتقدو خطة الحكومة إنها ستضعف الطابع الديمقراطي لإسرائيل، وتزيل عنصرا رئيسيا من ضوابطها وتوازناتها، وستترك الأقليات دون حماية، في حين وصفها المؤيدون بأنها إصلاح مطلوب بشدة لكبح جماح محكمة “ناشطة”.
وأشار عدد من استطلاعات الرأي إلى أن التشريع لا يحظى بشعبية كبيرة لدى الجمهور.