إسرائيل في حالة حرب - اليوم 349

بحث

مسؤولون سابقون في الشرطة: “يصعب تصديق” أن كاميرات المراقبة لم تصور حادثة إطلاق النار المثيرة للجدل في القدس

قائد سابق لمنطقة القدس في الشرطة يقول إنه أشرف على الكاميرات حيث قُتل محمد العصيبي؛ شهادة الشرطيون: "حياتنا كانت في خطر حقيقي"؛ منصور عباس: "لا أصدق أنه لا توجد لقطات فيديو"

الشرطة الإسرائيلية في البلدة القديمة بالقدس بعد حادثة إطلاق نار في 1 أبريل، 2023. (Ahmad Gharabli / AFP)
الشرطة الإسرائيلية في البلدة القديمة بالقدس بعد حادثة إطلاق نار في 1 أبريل، 2023. (Ahmad Gharabli / AFP)

قال مسؤولون سابقون في الشرطة يوم السبت إنه يبدو من غير المرجح أنه لم تكن هناك لقطات فيديو لحادثة إطلاق النار على شاب على أيدي قوات الأمن في البلدة القديمة بالقدس، ما أسفر عن مقتله. ووصفت الشرطة الحادث بأنه “هجوم إرهابي”، فيما نفى شهود عيان وأقارب الرجل الرواية الرسمية.

بحسب رواية الشرطة فإن محمد العصيبي (26 عاما) – وهو من سكان بلدة الحورة البدوية في جنوب إسرائيل، حاول انتزاع سلاح شرطي وأطلق النار مرتين قبل إن يتم إطلاق النار عليه وقتله.

وقالت الشرطة بعد ظهر السبت إن إطلاق النار حدث في منطقة لا تغطيها كاميرات الأمن، وهي مزاعم وصفتها القناة 13 بأنها “محيرة”.

كما زعمت الشرطة “للأسف لم يتم تسجيل الهجوم الإرهابي نفسه على كاميرات جسد الشرطيين المشاركين” في الحادثة.

وتنظر وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة في وزارة العدل في الحادثة، وستقرر ما إذا كانت تستدعي فتح تحقيق.

وقال قائد شرطة منطقة القدس سابقا، يائير يتسحاقي، في وقت سابق في حدث ثقافي في ريشون لتسيون إنه من غير المرجح أنه لم تكن هناك لقطات توثق الحادثة.

وقال يتسحاقي “لا أرى احتمال عدم وجود توثيق للشرطة. أنا شخصيا وضعت مجموعة من الكاميرات الأمنية هناك”.

محمد العصيبي (Social media used in accordance with Clause 27a of the Copyright Law)

أعرب قائد شرطة كبير سابق لم يذكر اسمه عن شعور مماثل بشأن عدم نشر تسجيلات فيديو في حديث مع موقع “واينت” الإخباري.

وقال القائد السابق “المكان مليء بالكاميرات، لذا ما لم يكن هناك عطل في النظام، أجد صعوبة في تصديق أنهم لم يسجلوا إطلاق النار”.

وأضاف “الطريق المؤدي إلى الباب يتم تصويره أيضا، لذا فليس من المنطقي أن الحادث لم يتم تصويره”.

ولقد أصرت الشرطة على روايتها للأحداث، وأصدرت عدة بيانات شجبت فيها “المنشورات الكاذبة” حول الحادثة، بما في ذلك الادعاءات بأن المنطقة مغطاة بكاميرات المراقبة.

وجاء في البيان الأخير أيضا أن العصيبي أصبح مؤخرا أكثر تدينا، دون تقديم مزيد من السياق.

كما أصدرت القوة إفادات مأخوذة من عدد من عناصر الشرطة  المتورطين في الحادثة.

وقال شرطي تم التعريف عنه بالحرف “م”: “كنت أقوم بتفتيش المشتبه به، وسألته من أين أتى وطلبت منه المغادرة لأن المنطقة كانت مغلقة في ذلك الوقت. أخذ يجادلني واصطحبته باتجاه المخرج. في مرحلة معينة استدار المهاجم نحوي وأمسك سلاحا ونجح بإطلاق بضع رصاصات باتجاه عناصر [شرطة حرس الحدود]. نجحت في السيطرة عليه في غضون ثوان واخراج السلاح من بين يديه وقمت بتحييده مع شرطي ثان كان معي”.

وقال شريكه “ي”: “شعرت أن حياتنا في خطر حقيقي. لو لم أواجهه وأطلق النار عليه وقمت بإبعاده، لكان قد أطلق النار عليّ أنا وشريكي وعناصر حرس الحدود”.

ودعمت شرطية حرس الحدود “ل” شهادتهما قائلة إن المشتبه به “صوب البندقية إلى رأسي” وإنها اختبأت خلف عمود إسمنتي أثناء إطلاقه النيران. وقال آخر، “م”: “لو لم يقم الشرطي بإطلاق النار عليه وتحييده ، لما كنا هنا”.

في وقت سابق دعت عائلة العصيبي إلى نشر تسجيلات الفيديو لحادثة إطلاق النار بالقرب من باب السلسلة، أحد المداخل إلى الحرم القدسي.

وقال فهد العصيبي لصحيفة “هآرتس”: “نعلم أن كل متر في أزقة البلدة القديمة في القدس مسجّل ومن المفترض أن تكون الشرطة مجهزة بكاميرات”، متسائلا عن عدم سبب نشر لقطات الفيديو.

وقال إن الحالة تذكر بـ “قصة يعقوب أبو القيعان التي لم تنكشف الحقيقة فيها إلا بعد سنوات”.

قُتل أبو القيعان برصاص الشرطة في يناير 2017 بعد أن اصطدمت سيارته برجال الشرطة الذين أتوا لهدم منازل في قريته غير المعترف بها، مما أسفر عن مقتل الشرطي إيرز ليفي. بعد ثلاث سنوات ونصف، اعتذر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لأسرة أبو القيعان، قائلا إنه بينما أصرت الشرطة على أنه إرهابي، “اتضح أنه لم يكن كذلك”.

وقال أحد أقارب العصيبي، الذي لم يذكر اسمه، لموقع “واللا” الإخباري إنه يجب إجراء تحقيق شامل في حادثة إطلاق النار: “في كل لحظة لا يتم فيها نشر مقاطع الفيديو، ينخفض مستوى مصداقية الشرطة”.

كما طالب رئيس حزب “القائمة العربية الموحدة” منصور عباس بالعرض الفوري لتسجيلات كاميرات المراقبة “لا أصدق رواية الشرطة بعدم وجود توثيق من الكاميرات الأمنية. هناك محاولة للتستر على الحقيقة وإخفائها”.

رئيس حزب “القائمة العربية الموحدة” عضو الكنيست منصور عباس في مؤتمر مركز السلطات المحلية في تل أبيب، 7 ديسمبر، 2022. (Tomer Neuberg / Flash90)

وقالت النائبة في الكنيست عايدة توما سليمان في تغريدة على تويتر “وفقا لشهود عيان – كانت هذه جريمة قتل بدم بارد، الشرطة تكذب وتخفي شيئا”.

وأضافت “كما فعلوا في جريمتي قتل إياد الحلاق ويعقوب أبو القيعان وآخرين. هناك أيضا زعموا أن الفلسطيني القتيل كان ’إرهابيا’ من أجل تبييض جرائمهم”، في إشارة إلى جريمة قتل شاب يعاني من التوحد بنيران شرطي إسرائيلي في مايو 2020.

الشرطة تقول إن قوات الأمن أطلقت النار على العصيبي وقتلته في البلدة القديمة بالقدس ليل الجمعة بعد أن سرق سلاح شرطي.

وقالت الشرطة إن عناصرها أوقفت العصيبي لاستجوابه عندما هاجم أحدهم، وانتزع سلاحه، وتمكن من إطلاق رصاصتين خلال عراك، وأضافت أن الشرطيين شعروا بالتهديد وردوا بإطلاق النار “مما أدى إلى تحييده على الفور”.

الشرطة الإسرائيلية في البلدة القديمة بالقدس بعد حادثة إطلاق نار في 1 أبريل، 2023. (AP Photo/Mahmoud Illean)

لكن شهود عيان وأقارب نفوا رواية الشرطة للأحداث، قائلين إن العصيبي لم يكن إرهابيا وإنه “قُتل بدم بارد”.

وقال شهود عيان لموقع “واينت” الإخباري إن العصيبي، الذي كان من المقرر أن يخضع للامتحانات النهائية بعد دراسته للطب في رومانيا، لم يشكل خطرا على الشرطيين.

وقال شاهد عيان لم يذكر اسمه إن “الشرطيين تعاملوا مع امرأة بصورة غير لائقة وهو (العصيبي) تدخل وحاول مساعدتها – ثم أطلقوا النار عليه. لم يكن هناك أي داعي لإطلاق النار”، مشيرا إلى أن العصيبي لم يكن مسلحا.

وقال أشخاص تواجدوا في المكان لصحيفة “هآرتس” إن الرجل تعرض لإطلاق النار من مسافة قريبة، حوالي عشر مرات.

وقال أقارب الشاب في بيان لموقع “واينت”: “محمد قُتل بدم بارد دون أن يشكل خطرا. إنه شخص ناجح درس الطب ولم يفكر أبدا في إيذاء أحد”.

يوم السبت أعلنت بلدة العصيبي، الحورة، عن يوم حداد وإضراب لمدة يومين.

وقعت الحادثة بالقرب من الحرم القدسي حيث تم وضع قوات الأمن في حالة تأهب خلال فترة شهر رمضان الحساسة.

وأجرى مسؤولون في الشرطة تقييما بعد الحادثة ونشروا تعزيزات في المنطقة.

وقالت الشرطة إنه على عكس التقارير التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، لم تحدث اضطرابات كبيرة في الحرم القدسي أو البلدة القديمة.

تورط بعض حرس الحدود في اشتباكات خفيفة، حيث ظهر في شريط فيديو شرطيون يحملون الهراوات ويتصارعون مع المارة في ما بدا أنه أحد شوارع المدينة القديمة.

بالنسبة للمسلمين الفلسطينيين فإن الصلاة في الأقصى – ثالث أقدس المواقع في الإسلام – هي جزء مركزي من الشهر المبارك. المكان نفسه هو الأقدس في اليهودية باعتباره موقع الهيكلين اليهوديين القديمين ويطلق عليه اليهود اسم “جبل الهيكل”.

كانت قوات الأمن في حالة تأهب بالفعل في القدس وفي الضفة الغربية يوم الجمعة مع مشاركة عشرات آلاف المسلمين في صلاة الجمعة الثانية من رمضان في الموقع.

فلسطينيون يشاركون في صلاة الجمعة في المسجد الأقصى في القدس خلال شهر رمضان المبارك، 31 مارس، 2023. (AP Photo / Mahmoud Illean)

غالبا ما يشهد شهر رمضان المبارك، الذي بدأ يوم الخميس الماضي وينتهي في 21 أبريل، توترات إسرائيلية-فلسطينية متصاعدة، في وقت يشهد أصلا احتكاكات شديدة هذا العام في القدس وفي الضفة الغربية بعد أشهر من العنف الدامي.

وخفف الجيش من بعض القيود المفروضة على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة للسماح للنساء والأطفال وبعض الرجال للصلاة دون تصاريح.

يوم الجمعة الماضي، انتهت الصلاة في القدس دون أحداث تُذكر. لكت الشرطة اعتقلت رجلا بشبهة التحريض لقيامة بتعليق لافتة لفصيل فلسطيني في المجمع.

ولقد حذر بعض المسؤولين من أن رمضان هذا العام قد يكون الأكثر صعوبة في التعامل معه منذ سنوات، حيث لا تزال التوترات شديدة في خضم حلقة من العمليات الإسرائيلية الدامية في الضفة الغربية والهجمات الفلسطينية الدامية، فضلا عن تصاعد عنف المستوطنين.

أدت هجمات فلسطينية في إسرائيل والضفة الغربية في الأشهر الأخيرة إلى مقتل 15 إسرائيليا وإصابة عدد آخر بجروح خطيرة.

وقُتل 86 فلسطينيا على الأقل منذ مطلع العام، معظمهم خلال تنفيذهم لهجمات أو في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، إلا أن بعضهم كانوا مدنيين غير متورطين في القتال وقُتل آخرون في ظروف قيد التحقيق.

اقرأ المزيد عن