مسؤولون إسرائيليون للصحافة: صفقة الرهائن قريبة، وتنتظر موافقة حماس النهائية
أفادت تقارير أنه تم تقديم مسودة "نهائية" إلى الجانبين، وورد إن إسرائيل تقبلها مبدئيا؛ الوسطاء يؤكدون تحقيق تقدم كبير؛ سموتريتش يصف الاتفاق الناشئ بأنه "كارثة"
أشارت تقارير متعددة يوم الاثنين إلى أن المحادثات في قطر بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة حققت اختراقًا كبيرًا بين عشية وضحاها، حيث قال مسؤولون إسرائيليون تحدثوا إلى العديد من وسائل الإعلام العبرية إن الاتفاق قد يكون قريبًا، بينما حث آخرون على الحذر.
وبينما أعرب بعض الوسطاء والمسؤولين المشاركين في المفاوضات عن تفاؤلهم بأن الاتفاق في متناول اليد، حذر آخرون من أنه لا يزال هناك عدد من العقبات التي يتعين حلها، وشاركت وسائل الإعلام ما قالت إنها تفاصيل الاتفاق المطروح حاليا على الطاولة.
قال مسؤول مطلع على المفاوضات لرويترز اليوم الاثنين إن الوسطاء سلموا إسرائيل وحركة حماس مسودة “نهائية” لوقف الحرب في قطاع غزة إثر “انفراجة” تحققت بعد منتصف الليل في محادثات حضرها مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
وقال المسؤول إن قطر قدمت للجانبين مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن خلال محادثات في الدوحة جرت بمشاركة رئيسي الموساد والشاباك ورئيس وزراء قطر.
وفي تقرير لاحق في اليوم نفسه، قال مسؤول إسرائيلي لرويترز إن القدس لم تتلق بعد مسودة اقتراح من قطر.
لكن القناة 12 الإسرائيلية ذكرت بعد ظهر الاثنين أن إسرائيل تسلمت المسودة خلال الليل وأنها تحظى بقبول واسع في إسرائيل. وقالت إن قادة حماس في الخارج وافقوا على المسودة، وأن “كل شيء” يعتمد الآن على موافقة محمد السنوار زعيم حماس في غزة.
وقال مصدر مطلع على المحادثات لوكالة أسوشيتد برس إن الوسطاء القطريين مارسوا ضغوطا على حماس لقبول الاتفاق، فيما فعل مبعوث ترامب ستيف ويتكوف الشيء نفسه في محادثات موازية مع الفريق الإسرائيلي.
وفي زيادة للمعلومات المتناقضة الصادرة في تقارير عديدة، قال مسؤولون إسرائيليون لم يتم الكشف عن أسمائهم لبعض منافذ الأخبار، بما في ذلك القناتين 12 و13، أن الاتفاق جاهز فعليا، وينتظر الموافقة النهائية من حماس.

“تقدم حذر”
وأشارت القناة 12 إلى أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية وافقت على تقاريرها، وأكدت أن التطورات كانت “دراماتيكية”.
وأفادت القناة أن المقترح المطروح على الطاولة يشبه الاتفاق المرحلي الذي تمت مناقشته في مايو الماضي، لكن تعثر تحقيقه.
وتدور المحادثات إلى حد كبير حول اتفاق مقترح من ثلاث مراحل يتم بموجبه إطلاق سراح الحالات “الإنسانية” أولاً، بما في ذلك النساء والأطفال والرجال فوق سن الخمسين والمرضى.
وفي اليوم السادس عشر من وقف إطلاق النار، ستبدأ المحادثات بشأن إطلاق سراح الرجال في سن الخدمة العسكرية، تليها مرحلة ثالثة تشهد مناقشات حول حكم القطاع وإعادة إعماره.
وقال مسؤول مشارك في المفاوضات في الدوحة لإذاعة الجيش الإسرائيلي: “هناك تقدم حذر، ويبدو أن الاتجاه إيجابي”.
وقال آخر للقناة 13 إنه “إذا استجابت حماس قريبًا، فيمكن الانتهاء من جميع التفاصيل في غضون أيام”. وأضاف المسؤول أن “إسرائيل قطعت شوطًا طويلاً” في جهودها لمراعاة مطالب حماس في المفاوضات.

في غضون ذلك، ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن الوسطاء الأميركيين والعرب أحرزوا تقدما كبيرا خلال الليل نحو التوسط في التوصل إلى الاتفاق، لكن المسؤولين قالوا إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد.
واعترف ثلاثة مسؤولين بإحراز تقدم، وقالوا إن الأيام المقبلة ستكون حاسمة لإنهاء أكثر من 15 شهرًا من الحرب، التي اندلعت بعد الهجوم المدمر الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. وتحدث المسؤولون بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بمناقشة المحادثات.
واعترف أحد المسؤولين الثلاثة ومسؤول من حماس بأن هناك عددا من العقبات. وقد أعلن مسؤولون أميركيون في عدة مناسبات على مدار العام الماضي عن اقتراب الجانبين من التوصل إلى اتفاق، لتتعثر المحادثات بعد ذلك.
وفي الوقت نفسه، قال مسؤول مصري إنه تم احراز تقدما بين عشية وضحاها، لكنه أقر أيضا بأن الأمر قد يستغرق بضعة أيام أخرى على الأرجح، على الرغم من سعي الجانبان إلى التوصل إلى اتفاق قبل تنصيب ترامب في 20 يناير. كما قدر مسؤول ثالث أن التوصل إلى اتفاق ممكن قبل دخول ترامب البيت الأبيض، وقال إن المحادثات في وضع جيد رغم أنها لم تحقق اتفاق بعد.
وقال مسؤول في حماس إنه لا يزال هناك عددا من القضايا العالقة، بما في ذلك التزام إسرائيل بإنهاء الحرب وتفاصيل انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة وإطلاق سراح الرهائن والأسرى الفلسطينيين. ولم يكن المسؤول مخولا بالحديث إلى وسائل الإعلام وتحدث دون الكشف عن هويته. وأكد المسؤول المصري أن هذه القضايا لا تزال قيد المناقشة.
وكانت إسرائيل قد أصرت في السابق على أن لا يمنعها أي وقف لإطلاق النار من مواصلة الحرب في مرحلة لاحقة، وكانت هذه المسألة تشكل نقطة خلاف رئيسية بين الجانبين. وقد جعلت إسرائيل تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس أحد أهداف حربها.
تم حل بعض القضايا، ولكن لا تزال هناك أمور ملحة
ذكرت صحيفة القدس العربي القطرية التي مقرها لندن يوم الاثنين أن إسرائيل قدمت خطة إلى الوسطاء في الدوحة توضح شكل وجودها في قطاع غزة أثناء وبعد كل مرحلة من مراحل الصفقة المحتملة.
وبحسب التقرير، سعت إسرائيل إلى إقامة منطقة عازلة عمقها كيلومتر ونصف على طول حدود غزة، والتي ستظل تحت السيطرة الإسرائيلية. وقبل السابع من أكتوبر 2023، كانت منطقة عرضها 300 متر تقع بجوار السياج تعتبر منطقة عازلة. ورغم عدم وجود جنود إسرائيليين هناك، كان هناك تفاهم على أن القوات يمكنها إطلاق النار على أي شخص يدخلها.
وزعم التقرير أنه تم التوصل إلى اتفاقات بشأن المناطق المختلفة التي سيُطلب من الجيش الإسرائيلي الانسحاب منها خلال المرحلتين الأولى والثانية من الصفقة. وأشار التقرير إلى أن التفاؤل الحذر من جانب الولايات المتحدة بشأن نجاح الصفقة نابع من أن الصيغة الحالية للاتفاق تنص على إطلاق سراح جميع الرهائن والأسرى الفلسطينيين المتفق عليهم في المرحلتين الأوليين.
ولا يزال النقاش جاريا حول عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، والمكان الذي سيتم فيه إطلاق سراح الأسرى المتهمون بتهم خطيرة. وأضاف التقرير أن إسرائيل قالت إنها بحاجة إلى معرفة عدد الرهائن المحتجزين في غزة الذين ما زالوا على قيد الحياة قبل أن توافق على أي رقم.
وقالت صحيفة القدس العربي إن الجانبين اتفقا على إدارة المساعدات الإنسانية في القطاع.
وفي إشارة على ما يبدو إلى إحراز تقدم بشأن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، قال مسؤول في السلطة الفلسطينية لموقع “واينت” إن وزيرا سابقا سافر إلى قطر لإعداد قائمة الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم بموجب اتفاق.
وقال المصدر إن رئيس جمعية نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس “توجه إلى قطر للقاء فريق التفاوض وإعداد قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم ضمن صفقة الأسرى”.
جمعية نادي الأسير الفلسطيني هي منظمة فلسطينية تدافع عن حقوق الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وفي حين كانت المنظمة تتلقى الدعم المالي من السلطة الفلسطينية في الماضي، فقد أفادت التقارير أن رام الله أوقفت تمويلها على مدى السنوات الخمس الماضية.
وقال فارس الأحد إن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل مع حماس ستتضمن إطلاق سراح 25 رهينة إسرائيليا مقابل 48 أسيراً أمنياً فلسطينياً أطلق سراحهم في صفقة شاليط عام 2011 وأعيد اعتقالهم منذ ذلك الحين، إلى جانب 200 أسير يقضون أحكاما بالسجن المؤبد، وألف أسير آخر بينهم نساء وأطفال وأسرى جرحى.
وأضاف أنه من المرجح أن يتم ترحيل من يقضون أحكاما بالسجن المؤبد إلى قطر أو مصر أو تركيا.

وفي ظل التقارير المتضاربة في وسائل الإعلام العبرية والعربية والإنجليزية، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر يوم الاثنين إحراز تقدما في المفاوضات في الدوحة.
وقال ساعر في مؤتمر صحفي عقده في القدس مع نظيره الدنماركي لارس لوك راسموسن: “لقد تم تحقيق تقدم، ونرى بعض التقدم في المفاوضات”. وأضاف: “إسرائيل تريد صفقة رهائن. تعمل إسرائيل مع أصدقائنا الأميركيين من أجل التوصل إلى صفقة رهائن، وسنعرف قريبًا ما إذا كان الجانب الآخر يريد الشيء نفسه”.
وردا على سؤال عن متى يتوقع التوصل إلى اتفاق محتمل، قال ساعر: “هناك تقدم، وقلت إنه يبدو أفضل بكثير من السابق… لكنني لا أريد أن أقول أكثر من ذلك، لأنني أدرك أن هناك عائلات حساسة لكل كلمة وكل جملة”.
وقال إن إسرائيل تعمل مع إدارة بايدن المنتهية ولايتها وإدارة ترامب القادمة في الولايات المتحدة، وأعرب عن أمله “أن نرى أشياء تحدث في غضون فترة قصيرة، لكن لا يزال يتعين إثبات ذلك”.
ولكن في حين بدا ساعر متفائلا بشأن التوصل إلى اتفاق، أصدر شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف تحذيرات.
“كارثة”
حذر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يرأس حزب “الصهيونية الدينية” في بيان يوم الاثنين من أن حزبه “لن يكون جزءا” من الصفقة الناشئة، والتي أعلن أنها ستكون “كارثة على الأمن القومي الإسرائيلي”.
وقال سموتريتش “لن نكون جزءا من صفقة استسلام تشمل إطلاق سراح الإرهابيين ووقف الحرب وحل الإنجازات التي دفعنا ثمنها بالكثير من الدماء والتخلي عن العديد من الرهائن”.
وتعارض بعض عائلات الرهائن أي اتفاق على مراحل، قائلين إن الرهائن الذين من المقرر إطلاق سراحهم في مراحل لاحقة قد لا يعودون على الإطلاق إذا انهار الاتفاق أو استؤنفت الحرب.

وادعى سموتريتش أن “الآن هو الوقت المناسب لمواصلة احتلال وتطهير القطاع بأكمله بكل قوتنا، والسيطرة أخيرا على المساعدات الإنسانية من حماس، وفتح أبواب الجحيم على غزة حتى تستسلم حماس تماما ويعود جميع الرهائن”.
وجاء تصريح الوزير اليميني المتطرف بعد أن قال مصدر سياسي لوكالة “واللا” الإخبارية يوم الأحد إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحاول تقييم ما إذا كان سموتريتش سيستقيل من الحكومة في حالة توقيع اتفاق.
وقال التقرير إن رئيس الوزراء يعتقد أن هناك احتمالا كبيرا بأن يستقيل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير من الحكومة إذا تم التوصل إلى اتفاق، ولذلك كان يأمل في إقناع سموتريتش بالتصويت ضد الاتفاق (من المرجح أن يحظى بدعم الأغلبية في مجلس الوزراء حتى بدون دعم الوزيرين) ولكن ليس مغادرة الائتلاف.
وبعد تصريح سموتريتش، قال زعيم حزب “الوحدة الوطنية” بيني غانتس إن حزبه سيعطي دعمه الكامل للاتفاق، وأضاف أنه “قيمة عليا وضرورة استراتيجية” لإعادة الرهائن.
وقال ردا على سموتريتش إن “الفشل في إعادتهم والتخلي عنهم سيكون كارثة وطنية”.
ولا يزال 94 من أصل 251 رهينة اختطفتهم حماس في السابع من أكتوبر في غزة، بما في ذلك جثث ما لا يقل عن 34 شخصاً أكد الجيش الإسرائيلي مقتلهم.
أطلقت حماس سراح 105 مدنيين خلال هدنة استمرت أسبوعاً في أواخر نوفمبر، كما أطلقت سراح أربعة رهائن قبل ذلك. وأنقذت القوات ثمانية رهائن أحياء، كما تم انتشال جثث أربعين رهينة، بما في ذلك ثلاثة قتلهم الجيش الإسرائيلي بالخطأ أثناء محاولتهم الفرار من خاطفيهم.
وتحتجز حماس أيضًا مدنيين إسرائيليين اثنين دخلا القطاع في عامي 2014 و2015، بالإضافة إلى جثتي جنديين إسرائيليين قتلا في عام 2014.
ساهمت إيمي سبيرو في إعداد هذا التقرير.