مرض يقضي على قنافذ خليج إيلات ما يعرض الشعاب المرجانية للاختناق بسبب الطحالب
يسارع علماء البحار لمحاولة فهم سبب النفوق الجماعي للحيوان الأساسي الذي يتغذى على الطحالب، بينما ينتشر المرض الطفيلي بسرعة، ويقتل المخلوقات في غضون 48 ساعة
تم القضاء على جميع قنافذ البحر السوداء التي تعيش على الشعاب المرجانية قبالة مدينة إيلات الجنوبية في غضون أسابيع فقط بسبب ما يشتبه في انه مرض طفيلي، فيما حذر أحد الخبراء الأربعاء من أنه قد يتسبب في أضرار لا رجعة فيها للشعاب المرجانية.
توقع الدكتور عمري برونشتاين من جامعة تل أبيب، الذي يتابع فريق بحثه هذه الظاهرة، أنه في غضون فترة قصيرة، ستمرض جميع قنافذ البحر هذه، في كل من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وتموت.
كما وردت تقارير عن حالات وفاة جماعية من دول أخرى مطلة على البحر الأحمر، مثل مصر والمملكة العربية السعودية.
وتشير الملاحظات الأولية إلى أن فصيلة أخرى من قنافذ البحر (Echinothrix calamaris) أيضًا تشهد وفيات جماعية.
وتؤدي قنافذ البحر بشكل عام، والقنافذ السوداء (Diadema setosum) على وجه الخصوص، دورًا حاسمًا في الشعاب المرجانية. وتتغذى على الطحالب وتمنعها من الاستيلاء وخنق الشعاب المرجانية التي تتنافس معها على ضوء الشمس.
وأرسل فريق برونشتاين البحثي من كلية علم الحيوان بجامعة تل أبيب ومتحف شتاينهاردت للتاريخ الطبيعي تقريرا عاجلا إلى هيئة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية، حيث يتم حاليًا النظر في خطوات طالائة لإنقاذ الشعاب المرجانية.
اقترح برونشتاين، الذي شبه تفشي المرض بالأيام الأولى من جائحة كوفيد-19 عندما لم يفهم أحد ما كان يحدث، التأسيس الفوري لبرنامج تربية قنافذ البحر السوداء بحيث يمكن إعادة الكائنات إلى الطبيعة إذا ومتى لزم الأمر.
وقال الدكتور أساف زفولوني، عالم البيئة في هيئة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية في إيلات، “هذا تحذير لضعف وحساسية النظام البيئي في خليج إيلات للتغيرات البيئية، التي يتسبب فيها البشر حاليًا”.
ودعا جميع الهيئات التي تتعامل مع خليج إيلات إلى الاجتماع لمناقشة كيفية تقييد تدفق العناصر الغذائية، مثل تسرب الأسمدة، إلى البحر. هذه الأسمدة تشجع على نمو الطحالب.
وقال خبير المرجان البروفيسور ماعوز فاين، من الجامعة العبرية في القدس ومعهد إيلات الدولي لعلوم البحار، إن القنافذ في أحواضه التجريبية ماتت أيضًا.
وقال إنه من الضروري أن تقوم الأردن ومصر، إضافة إلى إسرائيل، بالحد من تدفق العناصر الغذائية إلى البحر، وربما حتى حظر أنواع صيد أنواع السمك التي تأكل الطحالب مؤقتًا.
ومن حيث الثروة والتنوع البيولوجي، تعتبر الشعاب المرجانية “غابات استوائية” مائية على كوكب الأرض.
لكن الكثير من الأنواع تنفق مع ارتفاع درجات حرارة البحر.
ولدى الشعاب المرجانية في إيلات أهمية عالمية لأنها أثبتت صمودها بشكل استثنائي، ولم تظهر عليها بعد علامات التبييض القاتل التي شوهدت في الشعاب المرجانية في أماكن أخرى من العالم.
لكنها ما زالت تواجه تهديدات متعددة، من التنمية السياحية إلى جريان الأسمدة والمبيدات الحشرية والتلوث النفطي.
وتعود أصول قنافذ البحر السوداء إلى منطقة استوائية شاسعة تمتد من شرق إفريقيا والبحر الأحمر عبر المحيط الهندي إلى اليابان وجزر جنوب المحيط الهادئ.
ومنذ عام 2006، بدأت في الانتشار أيضًا في البحر الأبيض المتوسط، حيث تعتبر من الأنواع الغازية. ويُعتقد أنها وصلت إلى هناك عبر قناة السويس التي تربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر.
ومن تركيا، انتشر هذا النوع على طول سواحل اليونان ولبنان وإسرائيل وصولًا إلى مصر وليبيا.
وتركز مجموعة برونشتاين البحثية على قنافذ البحر المتوسط الغازية. ولأسباب لا تزال غير واضحة، قد نمت أعداها في اليونان وتركيا بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية، وحالات النفوق الجماعي لأنواع أخرى من قنافذ البحر تحدث هناك.
وكان برونشتاين وفريقه أول من حدد هذا النفوق الجماعي، وقد حذر في ورقة أكاديمية من المقرر نشرها هذا الأسبوع من أن هذه الظاهرة يمكن أن تنتشر إلى البحر الأحمر.
وتسارع مجموعة برونشتاين لتحديد ما إذا كان الطفيل الذي يؤثر على القنافذ في خليج إيلات هو نفسه الذي قضى على قنافذ البحر في منطقة البحر الكاريبي، حيث ازدهرت الشعاب المرجانية المشابهة لتلك الموجودة في إيلات في الماضي.
وقال برونشتاين أنه “بمجرد اختفاء قنافذ البحر هناك، تكاثرت الطحالب دون سيطرة، ومنعت ضوء الشمس من الوصول إلى الشعاب المرجانية، وتغيرت المنطقة بالكامل بشكل لا رجعة فيه – من الشعاب المرجانية إلى حقل طحالب. تفشى المرض مرة أخرى في منطقة البحر الكاريبي في العام الماضي، مما أدى إلى مقتل قنافذ البحر الباقين هناك”.
وجاءت التقارير الأولى عن الوفيات الجماعية في خليج إيلات في ديسمبر.
وقال برونشتاين: “اعتقدنا في البداية أنه نوع من التلوث أو التسمم أو تسرب كيماوي محلي من الصناعة والفنادق في شمال خليج إيلات”.
مهما كان يقتلهم، إنه يفعل ذلك بشكل عنيف وشامل
“لكن عندما فحصنا مواقع إضافية في إيلات والأردن وسيناء، أدركنا بسرعة أن هذا لم يكن حادثًا محليًا. أشارت جميع النتائج إلى انتشار وباء سريع. وتأتي تقارير مماثلة من زملاء في المملكة العربية السعودية”، قال برونشتاين.
“حتى قنافذ البحر التي نزرعها لأغراض البحث في أحواضنا المائية في معهد Interuniversity، وقنافذ البحر في منتزه المرصد البحري تحت المائي في إيلات، أصيبت بالمرض وماتت، ربما بسبب دخول العامل الممرض عبر أنظمة الضخ”.
“مهما كان يقتلهم، إنه يفعل ذلك بشكل عنيف وشامل. يمكن أن يسافر لمسافات شاسعة في فترات قصيرة للغاية، ويقتل قنافذ البحر البالغة السليمة في غضون 48 ساعة”، قال.
“بينما تنجرف بعض الجثث على الشاطئ، يتم افتراس معظم قنافذ البحر أثناء احتضارها وعدم قدرتها على الدفاع عن نفسها، مما قد يؤدي إلى تسريع انتقال العدوى عن طريق الأسماك التي تتغذى عليها”.
وأضاف أن حالات الوفاة الجماعية كانت غير مسبوقة من ثلاث نواحٍ. إنها كانت الأولى لهذه الأنواع عامة، للقنافذ في البحر الأبيض المتوسط، وللك الموجودة في البحر الأحمر.
وقال برونشتاين إنه لا يوجد دليل على حدوث وفيات في البحر المتوسط الإسرائيلي حتى الآن.
وقد أتاح ذلك “فرصة ضيقة جدًا” للعمل – ومن المفارقات – استخدام القنافذ الغازية من أجل احتمال إعادة إدخالها إلى موطنها الأصلي في البحر الأحمر في المستقبل. كلا النوعان منشقان عن نفس المجموعة الجينية.
“يجب أن نفهم خطورة الوضع: في البحر الأحمر، تنتشر الوفيات بمعدل مذهل، وهي تشمل بالفعل مساحة أكبر بكثير مما نراه في البحر الأبيض المتوسط”.
“كما كان الحال مع كوفيد-19، في هذه المرحلة لا أحد يعرف ماذا سيحدث. هل سيختفي هذا الوباء من تلقاء نفسه، أم سيبقى معنا لسنوات عديدة ويسبب تغيرًا جذريًا في الشعاب المرجانية؟” قال.
“من الواضح أن هذا العامل الممرض ينتشر عبر الماء، ونتوقع أنه في غضون فترة قصيرة، ستمرض جميع قنافذ البحر هذه، في كل من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وستموت”.
وأشار فاين إلى أنه نظرًا لأن قنافذ البحر تميل إلى الانتقال بين سنوات “ازدهار وانهيار”، فيمكنها أن تتعافى، لكنه قال إن مصدر القلق هو ما سيحدث للشعاب المرجانية في هذه الأثناء فيما يتعلق بغطاء الطحالب.
وقال أنه بدون حيوانات تأكل الطحالب، وحتى عودة أعداد القنافذ، فمن الضروري التحكم في تدفق العناصر الغذائية القادمة إلى البحر الأحمر من مصادر مثل محطات الصرف الصحي وتحلية المياه والزراعة البحرية والبرية.
وردا على سؤال حول أسوأ سيناريو بالنسبة لخليج إيلات، قال فاين إن الطحالب قد تستولي على الشعاب المرجانية وتقتلها لبضع سنوات حتى تعود قنافذ البحر.
ولم يستطع فاين ولا برونشتاين تحديد ما إذا كان ارتفاع درجة حرارة المحيطات مرتبطًا بمعدلات النفوق الجماعي. وأشار فاين إلى أنها لم تحدث في الصيف.
وتمت الدراسات بقيادة برونشتاين وطلاب الدكتوراة روتم زيرلير، ليزا-ماريا شميدت، غال إيفياتار، ولاشان روت من كلية علم الحيوان، كلية وايز لعلوم الحياة، ومتحف شتاينهاردت للتاريخ الطبيعي في جامعة تل أبيب. ويتم نشر الأوراق البحثية في مجلتي Frontiers in Marine Science وRoyal Society Open Science.