مراجعة للأونروا: إسرائيل لم تقدم أي دليل على عضوية موظفي الوكالة في فصائل مسلحة
لجنة مستقلة تقول إن وكالة اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة لديها آليات حياد "قوية" لكن لا تزال هناك مشاكل قائمة؛ إسرائيل: من المستحيل تحديد أين تنتهي الأونروا وأين تبدأ حماس
قالت مراجعة مستقلة نشرت يوم الاثنين لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين إن إسرائيل لم تقدم بعد أدلة داعمة لادعاءاتها بأن عددا كبيرا من موظفي الوكالة هم أعضاء في فصائل مسلحة، وقالت إن الأونروا لديها سياسات “قوية” لضمان حياد الموظفين.
ورفضت إسرائيل النتائج، قائلة إنها قدمت فقط “إصلاحات تجميلية”، مؤكدة موقفها بأن الوكالة متشابكة مع حماس ولا يمكنها تولي أي دور مستقبلي في غزة. كما وصفت مجموعة مراقبة للأمم المتحدة التقرير بأنه “تبييض”.
وعينت الأمم المتحدة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا لقيادة مراجعة لحياد الأونروا في فبراير بعد أن زعمت إسرائيل أن 12 من موظفي الوكالة شاركوا في الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر والذي قُتل فيه 1200 شخص واحتجز 253 آخرين كرهائن.
وأدى الهجوم على جنوب إسرائيل إلى اندلاع الحرب الإسرائيلية ضد الحركة في غزة.
وزعمت إسرائيل في وقت لاحق أن 30 موظفا آخرين في الأونروا ساعدوا أو ساهموا في هجمات 7 أكتوبر، وأن ما يصل إلى 12% من موظفي المنظمة ينتمون إلى فصائل مسلحة.
وفي تحقيق منفصل، تنظر هيئة رقابية تابعة للأمم المتحدة في الادعاءات الإسرائيلية ضد موظفي الأونروا الـ 12.
وقد حدد التقرير النهائي للمراجعة التي قادتها كولونا أن الأونروا لديها أطر عمل قوية لضمان الامتثال لمبادئ الحياد الإنساني، على الرغم من استمرار وجود بعض المشاكل.
ولم ينتظر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حتى الإصدار الرسمي، حيث أصدر بيانا صباح يوم الاثنين أعلن فيه أنه قبل توصيات اللجنة ودعا جميع الدول إلى دعم الأونروا بشكل فعال لأنها “شريان حياة للاجئين الفلسطينيين في المنطقة”.
وفي الفترة من 2017 إلى 2022، ذكر التقرير أن العدد السنوي لمزاعم انتهاك الحياد في الأونروا تراوح من 7 إلى 55 حالة. لكن بين يناير 2022 وفبراير 2024، تلقى محققو الأمم المتحدة 151 ادعاء، معظمها يتعلق بمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي “تم نشرها من قبل مصادر خارجية”.
وفي قسم رئيسي حول حياد الموظفين، قالت اللجنة إن الأونروا تقدم قوائم الموظفين مع البلدان المضيفة لموظفيها البالغ عددهم 32 ألف، بما في ذلك حوالي 13 ألف في غزة. لكنها قالت إن المسؤولين الإسرائيليين لم يعبروا قط عن قلقهم بشأن أي موظف وأبلغوا أعضاء اللجنة أنهم لا يعتبرون القائمة “عملية فحص أو تدقيق” بل إجراء لتسجيل الدبلوماسيين.
وقال التقرير إن وزارة الخارجية الإسرائيلية أبلغت اللجنة أنه حتى مارس 2024، لم تتضمن قوائم الموظفين أرقام الهوية الفلسطينية.
وقالت اللجنة أنه بناء على هذه الأرقام على ما يبدو، “أصدرت إسرائيل ادعاءات علنية بأن عددا كبيرا من موظفي الأونروا هم أعضاء في منظمات إرهابية. لكن لم تقدم إسرائيل بعد أدلة داعمة على ذلك”.
وأدت مزاعم إسرائيل ضد موظفي الأونروا العشرة إلى قيام 16 دولة بإيقاف أو تعليق تمويل بقيمة 450 مليون دولار للأونروا، وهو ما يمثل ضربة للوكالة التي تتعامل مع الأزمة الإنسانية التي اجتاحت غزة منذ أن شنت إسرائيل هجومها هناك.
ولطالما اشتكت إسرائيل من الوكالة التي تأسست عام 1949 لغوث اللاجئين الفلسطينيين. وقد دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إغلاق الوكالة، قائلا إنها مخترقة من العناصر الإرهابية وتسعى إلى إدامة أزمة اللاجئين الفلسطينيين.
وحذر مدير الأونروا فيليب لازاريني في مارس من “حملة متعمدة ومنسقة” لإنهاء عملياتها.
وتقول الأونروا إنها أنهت عقود 10 من أصل 12 موظفا تتهمهم إسرائيل بالتورط في هجوم 7 أكتوبر، وأن الاثنين الآخرين قُتلا.
المواقف السياسية والكتب المدرسية
قالت المراجعة إن الأونروا تقدم قوائم موظفيها سنويا إلى لبنان والأردن والسلطة الفلسطينية وسوريا وإسرائيل.
وأشار التقرير إلى أن الأونروا لديها “نهج أكثر تطورا” تجاه الحياد من منظمات الأمم المتحدة أو منظمات الإغاثة المماثلة. ووجدت أنه “على الرغم من هذا الإطار القوي، فإن القضايا المتعلقة بالحياد لا تزال قائمة”.
وقالت إن ذلك يشمل بعض الموظفين الذين يعبرون علنا عن آراء سياسية، والكتب المدرسية ذات المحتوى الإشكالي المستخدمة في بعض مدارس الأونروا، ونقابات الموظفين المسيسة التي تهدد إدارة الأونروا وتعطل العمليات.
وفي غزة، تحديات الحياد التي تواجهها الأونروا تشمل حجم العملية، وتعيين معظم الموظفين من السكان المحليين الذين يستفيدون أيضًا من خدمات الأونروا، حسبما ذكرت المراجعة. وتخضع غزة لحكم حماس منذ عام 2007.
وقد استأنفت بعض الدول تمويل الأونروا ولكنها طلبت “تعزيز آليات وإجراءات الحياد القائمة في الأونروا، بما في ذلك فحص الموظفين والرقابة”.
وأوصى التقرير بإنشاء “عملية تدقيق مستمرة، خاصة في حالة ترقية الموظفين”.
ووصف الأونروا بأنها “لا يمكن الاستغناء عنها ولا غنى عنها للتنمية البشرية والاقتصادية للفلسطينيين”.
وفي أعقاب الاتهامات الإسرائيلية ضد موظفي الأونروا، أوقفت الولايات المتحدة، أكبر مانح للأونروا تمويلها السنوي الذي يصل 300-400 مليون دولار، ثم علق الكونغرس الأمريكي المساهمات حتى مارس 2025 على الأقل.
“هذه ليست مسألة بعض الأشخاص الفاسدين”
في ردها على المراجعة، قالت وزارة الخارجية إن اختراق حماس لوكالة الأمم المتحدة عميق لدرجة أنه “من المستحيل تحديد أين تنتهي الأونروا وأين تبدأ حماس”.
وقالت وزارة الخارجية في بيان يرفض استنتاجات المراجعة “إذا كان أكثر من 2135 موظفا في الأونروا أعضاء في حماس والجهاد الإسلامي، وخمسة من مديري مدارس الأونروا هم من نشطاء حماس، فإن مشكلة الأونروا في غزة ليست مسألة بعض الأشخاص الفاسدين. إنها شجرة مسمومة ومتعفنة جذورها حماس”.
وزعمت وزارة الخارجية أن التقرير “يتجاهل خطورة المشكلة ويقدم إصلاحات تجميلية”.
وقال البيان “هذا ليس تحقيق حقيقي وشامل. هذه رغبة في تجنب المشكلة وعدم تسميتها باسمها”.
كما انتقدت مجموعة ضغط بارزة مؤيدة لإسرائيل في الأمم المتحدة، “يو ان ووتش”، التقرير ووصفته بأنه “تبرئة”.
وقال رئيس المنظمة هيليل نوير إن تقرير كولونا كان “تبييضًا تاما، حيث تجاهل مئات الصفحات وآلاف لقطات الشاشة ومقاطع الفيديو في تقريرنا إلى التحقيق، والذي تضمن أدلة على الترويج واسع النطاق للإرهاب من قبل موظفي الأونروا، ورفضها المنهجي لقمعه”.
كما أشارت المنظمة إلى أن هدف كولونا في بداية التحقيق لم يكن العثور على الحقيقة، بل “طمأنة المانحين”.
وتؤكد إسرائيل على أن الأونروا ليست جزءًا من الحل في غزة ولن تكون كذلك أبدًا، وأنه يجب على الدول المانحة توجيه أموالها إلى منظمات إنسانية مختلفة.
وفي فبراير، أظهر مقطع فيديو تم بثه في 7 أكتوبر رجلين، من بينهم شخص تم تحديده على أنه العامل الاجتماعي في الأونروا فيصل علي مسلم النعمي، خارج كيبوتس بئيري، يأخذان جثة يوناتان سميرانو، الذي قُتل على يد فلسطينيين، ويضعونها في سيارة لأخذها إلى غزة.
كما عثرت قوات الجيش الإسرائيلي في شهر فبراير على مركز بيانات تحت الأرض – يشمل غرفة كهرباء، وبطاريات صناعية وأماكن إقامة لعناصر حماس الذين شغلوا خوادم الكمبيوتر – تحت مقر الأونروا في مدينة غزة.
وقد وجدت العديد من التقارير السابقة أن مدارس ومعلمي الأونروا يواصلون تدريس كراهية اليهود وتمجيد الإرهاب، بما في ذلك تقرير صادر عن منظمة IMPACT-SE عام 2022 قال أن الكتب المدرسية للأونروا لا تزال تحتوي على التحريض. واستشهد تقرير صدر عام 2023 عن نفس المنظمة إلى جانب منظمة “يو ان ووتش” بعشرات الأمثلة على منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لموظفي الأونروا التي “تمجد الإرهاب، وتشجع على الاستشهاد، وشيطنة الإسرائيليين، وتحرض على معاداة السامية”.
وأُجريت المراجعة بقيادة كولونا وبالتعاون مع ثلاث منظمات بحثية: معهد راؤول والنبرغ في السويد؛ معهد ميشيلسن في النرويج؛ والمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان، والتي اتهمتها منظمة “يو ان ووتش” المؤيدة لإسرائيل بالسعي إلى تبرئة الأونروا من أجل الحفاظ على تمويلها الدولي.