مدير الـ”سي آي إيه” يعود إلى المنطقة لدفع صفقة الرهائن، بينما تتعهد إسرائيل بعدم تقديم تنازلات إضافية
حماس تطالب بأن يوضح المقترح أن الصفقة ستؤدي إلى نهاية الحرب؛ الولايات المتحدة تقول "إننا بحاجة فقط للتوصل إلى وقف لإطلاق النار" ويمكن تحديد دور الحركة في غزة بعد الحرب في وقت لاحق
عاد مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز ومبعوث البيت الأبيض إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك إلى الشرق الأوسط يوم الثلاثاء لعقد اجتماعات في الدوحة والقاهرة تهدف إلى دفع الاقتراح الإسرائيلي لاتفاق رهائن الذي تم تقديمه الأسبوع الماضي، حسبما أكد مسؤولان أمريكيان لصحيفة التايمز أوف إسرائيل.
وأفاد التلفزيون الرسمي المصري في وقت لاحق أن وفدا أمنيا مصريا من المقرر أن يجتمع مع نظراء قطريين وأمريكيين في الدوحة يوم الأربعاء.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين إن بيرنز وماكغورك قد يتوقفان أيضًا في إسرائيل بعد اجتماعاتهما في قطر ومصر اللتين تتوسط حكومتاهما في المحادثات بين إسرائيل وحماس إلى جانب الولايات المتحدة.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية بشكل منفصل يوم الثلاثاء أن الدوحة سلمت حماس اقتراح وقف إطلاق النار الإسرائيلي، مضيفًا أنه يعكس بدقة الصفقة التي عرضها الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي. وقالت الولايات المتحدة إن حماس تلقت الاقتراح الإسرائيلي من قطر يوم الخميس الماضي.
وقال ماجد الأنصاري إن الدوحة لم تحصل بعد على “موافقات ملموسة” من أي من الجانبين، لكن يبدو أن الفجوة بينهما تقلصت.
وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية على الحاجة إلى مواقف واضحة من كلا الطرفين، بعد تهديد بعض أعضاء حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإسقاط الحكومة بسبب الاقتراح.
وقال الأنصاري في مؤتمر صحفي: “ننتظر موقفا إسرائيليا واضحا يمثل الحكومة بأكملها ردا على الاقتراح الأمريكي بشأن غزة”.
وأضاف: “لقد رأينا بالفعل تصريحات صادرة عن وزراء إسرائيليين لا تمنحنا ثقة كبيرة بوجود موقف موحد في إسرائيل بشأن هذا الاقتراح الحالي المطروح على الطاولة”. ومع ذلك، “يمكننا أن نرى أيضًا أن هناك زخمًا إيجابيًا يتراكم في كلا الجانبين”.
وتمثل رحلة الوفد الأمريكي أحدث جهود تبذلها إدارة بايدن لدفع الاقتراح الذي يهدف إلى إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس مع إطلاق سراح الرهائن على مراحل.
ودعا بايدن حماس إلى قبول الاقتراح الإسرائيلي، وطرح عددا من عناصره الرئيسية في خطاب يوم الجمعة الماضي. وأحدث إعلانه صدمة في الحكومة، التي هددت أحزابها اليمينية المتطرفة بإسقاط الائتلاف إذا وافق نتنياهو على تنفيذه.
وينص الاتفاق على إطلاق سراح بقية الرهائن الأحياء من النساء والمسنين والمرضى الذين تم اختطافهم خلال الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر، خلال مرحلة أولى مدتها ستة أسابيع. وستشهد المرحلة الثانية من الصفقة نهاية دائمة للحرب. وقال بايدن إن حماس لن تبقى في السلطة في غزة، لكنه لم يوضح كيف سيتم تحقيق ذلك.
وأضاف أنه خلال المرحلة الأولى أيضًا، ستعقد إسرائيل وحماس مفاوضات بشأن شروط وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الأحياء المتبقين في المرحلة الثانية. وستشهد المرحلة الثالثة تسليم جثث الرهائن وبدء خطة إعادة إعمار غزة بدعم دولي.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير لم يذكر اسمه للقناة 12 ليلة الثلاثاء إنه “لن يكون هناك عرض أفضل” من العرض الذي قدمته القدس الأسبوع الماضي.
وأضاف: “لقد ذهبنا إلى أقصى حد ممكن”.
ولم ترد حماس رسميا بعد على الاقتراح الإسرائيلي، الذي أشار مسؤول حماس أسامة حمدان يوم الثلاثاء إلى أن الحركة لديها اعتراضات عليه، لأنه لا ينص صراحة على أن الصفقة ستؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وقال حمدان في مؤتمر صحافي في بيروت: “نطالب الوسطاء الحصول على موقف واضح من الاحتلال الإسرائيلي، بالتزامه بهذا الأمر، بالوقف الدائم لإطلاق النار والانسحاب الشامل”.
وهناك بالفعل غموض بشأن هذه النقطة في التسريبات من الصفقة، وقد يكون ذلك متعمدا، لجعلها أكثر مقبولة على الجانبين.
واتهم مسؤولون إسرائيليون يوم الاثنين نتنياهو بتعقيد هذه الجهود للحفاظ على الغموض بشأن رفض انهاء إسرائيل الحرب قبل القضاء على حماس.
“في موعد أقصاه اليوم السادس عشر [من المرحلة الأولى]، تبدأ المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين للاتفاق على شروط تنفيذ المرحلة الثانية من هذا الاتفاق، بما في ذلك تلك المتعلقة بتبادل الرهائن والأسرى (الجنود والرجال المتبقين)، ويجب أن يتم الانتهاء من ذلك والاتفاق عليه قبل نهاية الأسبوع الخامس من هذه المرحلة [الأولى]”، جاء في البند الثامن من الاقتراح الإسرائيلي الذي تسرب إلى الصحافة.
“جميع الإجراءات في هذه المرحلة، بما في ذلك الوقف المؤقت للعمليات العسكرية من قبل الجانبين، وجهود الإغاثة والإيواء، وانسحاب القوات، وما إلى ذلك، ستستمر في المرحلة الثانية طالما أن المفاوضات حول شروط تنفيذ المرحلة الثانية من هذا الاتفاق مستمرة. ويتعين على ضامني هذا الاتفاق بذل كل جهد لضمان استمرار هذه المفاوضات غير المباشرة حتى يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق حول شروط تنفيذ المرحلة الثانية من هذا الاتفاق”، جاء في البند الرابع عشر.
وطلب من المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر خلال مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء تفسير التناقض بين الاقتراح الأخير، الذي يبدو أنه يسمح لحماس بالاستمرار بعد الحرب، والتعهدات المتكررة للقادة الإسرائيليين بالقضاء على الحركة.
وقال ميلر إنه سيتعين سد العديد من هذه الفجوات خلال المفاوضات التي ستعقد خلال المرحلة الأولى من الصفقة، والتي تهدف إلى وضع شروط المرحلة الثانية، والتي تهدف بدورها إلى إنهاء الحرب بشكل دائم.
وأضاف: “سيتعين التفاوض على تفاصيل كيفية الوصول إلى المرحلة الثانية”.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت الصفقة تتطلب إزالة حماس من السلطة، أشار ميلر إلى أن الاقتراح لا ينص صراحة على مثل هذا الشرط. “هذه كلها تفاصيل يجب التفاوض عليها عند الانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية، وبينما ننفذ المرحلة الثالثة”.
وأضاف ميلر: “لقد أوضحنا أن حماس لا يمكنها الاستمرار في حكم غزة [بعد الحرب]. كما أننا لا نعتقد أنه يمكن القضاء على حماس بمجرد حملة عسكرية. يمكن للحملة العسكرية أن تقتل مقاتلين، ويمكن أن تحتجز مقاتلين، لكن هؤلاء المقاتلين في كثير من الحالات سيتم استبدالهم بمجندين آخرين. لذلك نحن بحاجة إلى مسار سياسي للمستقبل، وهذا ما نريد أن نحاول التفاوض بشأنه”.
وردا على سؤال عما قد يدفع حماس للموافقة على صفقة تؤدي إلى دمارها، قال ميلر بنفاذ صبر “نحن بحاجة فقط إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار”، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة تركز أولاً على الوصول إلى المرحلة الأولى من الصفقة وسوف تعمل على التفاصيل اللاحقة بعد ذلك.
وردا على سؤال متكرر عما قد يدفع حماس لقبول صفقة من شأنها أن تعجل بزوالها، قال ميلر “لأنهم لا يريدون استمرار الصراع، واستمرار موت الشعب الفلسطيني، واستمرار الحرب في غزة وإعادة إعمار غزة”.
واعترف ميلر بأن زعيم حماس يحيى السنوار قد يقرر “أنه آمن في نفق وأن مصالحه انفصلت عن شعب غزة”، مما قد يدفعه إلى رفض اقتراح وقف إطلاق النار الإسرائيلي.
“ولكن إذا نظرت إلى الصفقة المطروحة على الطاولة، فستجد أنها تصب بشكل واضح في مصلحة الشعب الفلسطيني، وتصب بشكل واضح في مصلحة الشعب الإسرائيلي، وتصب بشكل واضح في مصلحة العالم. ولهذا السبب سنواصل الضغط من أجلها. إذا كانت حماس تمثل بالفعل مصالح الشعب الفلسطيني – كما يقولون بشكل متكرر – فلا شك أنهم سيقبلون هذه الصفقة”.
وأكد مسؤولون أمريكيون لتايمز أوف إسرائيل في الشهر الماضي أنه في حين أن الصفقة التي تدفع من أجلها قد تسمح لحماس بالاستمرار بشكل ما، فإن المبادرة الدبلوماسية الأوسع التي تتقدم بها واشنطن ستشهد تهميش الحركة في غزة واستبدالها بقوى بديلة مدعومة من حلفاء أمريكا العرب.
كما قال ميلر في مؤتمر إن الولايات المتحدة “واثقة” من أن قطر تمارس أكبر قدر ممكن من الضغط على حماس في المفاوضات.
وقال: “نحن نقدر بشدة الدور الذي لعبته قطر، بما في ذلك إرسال المستوى المناسب من الرسائل إلى حماس”.
وفي مكالمته مع أمير قطر، حث بايدن الدوحة على “استخدام جميع التدابير المناسبة لضمان قبول حماس للاتفاق”.
وقال مسؤول أمريكي إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أبلغ رئيس الوزراء القطري محمد آل ثاني سرا في أبريل أنه يتعين على الدوحة طرد قادة حماس إذا استمروا في رفض المقترحات.
وبعد عدة أسابيع، أمرت قطر بهدوء قادة حماس بمغادرة الدوحة، ثم سمحت لهم بالعودة عندما استؤنفت المفاوضات في مايو، حسبما قال مسؤولان لتايمز أوف إسرائيل.
وبقي مسؤولو حماس في قطر منذ انهيار تلك المفاوضات، لكن قال مصدر مطلع لتايمز أوف إسرائيل إن الدوحة لا تزال مستعدة لطرد قادة حماس رسميًا وعلنيًا إذا قدمت إدارة بايدن طلبًا رسميًا للقيام بذلك.
وقال المصدر إن الولايات المتحدة تحاول الموازنة بين رغبتها في الضغط على حماس للموافقة على الصفقة ومخاوفها من أن الحركة قد تنتقل إلى دولة أخرى أقل تأثرا بنفوذ واشنطن.